اذا لم يبتليك الله في الدار الدنيا... فاحذر

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

الابتلاء 

اعلم يا أخي أن الله لا يبتليك ليعذبك
وأن الله لا يبتلي العبد إلا إذا أحبه
ليطهرك الله ويقربك ليرى مدى صبرك واحتسابك
فعندما تُحسن الظن في الله توقن بأن الله يحبك فيبتليك ليرفع درجاتك
فكن مؤمنا قوياً صابراً حتى تسعد فى الدارين
فقد خلق الله تعالى الدنيا وجعلها دار ممرٍ وليست بدار مقر وغمرها بالمصائب والفتن وحفّها بالمحن والابتلاءات لحكمة جليلة ذكرها الله تعالى في قوله 
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)
الملك 2

فانظر إلى قدر الابتلاء تعرف منزلتك عند الله
فالدنيا هي دار التكليف والعمل وليست بدار النعيم والأمل
ومع ذلك فقد غفل كثير من المسلمين عن تلك الحقيقة
فإذا أقبلت المصائب والابتلاءات (والدنيا لا تخلو منها) ترى الناس يفزعون، بل ويتسخّطون على قدر الله، وذلك لأنهم لم يتحصنوا بالإيمان عامة، وبالإيمان بالقضاء والقدر خاصة الذي هو أصل من أصول الإيمان
ومن تأمل في أحوال الخلائق علم علم اليقين أنه ما من مخلوق إلا وكان له نصيب من آلام الدنيا وأحزانها


فالمؤمن يعلم أن الدنيا مزرعة للآخرة، وأن ما يزرعه هنا فسوف يحصده هناك 
و المؤمن عندما يصل إلى تلك الحقيقة ويوقن أنه موقوف بين يدي الله عز و جل في يوم مقداره خمسون ألف سنة فإن الدنيا لو سجدت بين يديه لركلها برجليه طامعاً في ساعة واحدة يناجي فيها ربّه لعل الله يكتب له بها النجاة من تلك النار التي أُوقد عليها ألف عام حتى ابيضت وألف عامٍ حتى احمرّت وألف عامٍ حتى اسودّت، فهي الآن سوداء قاتمة
فيعلم المؤمن أن كل نعيم دون الجنة سراب وكل عذاب دون النار عافية
هنا تهون المصائب كلها على المؤمن 
إن المؤمن عندما يعرف الخير الذي ادّخره الله لأهل الصبر على البلاء الراضين بقضائه فإنه يشتهي، بل ويتمنّى البلاء لينال الأجر العظيم من الوهّاب الكريم
لكن الصبر يكون بلا ظهور للشكوى أوالشكوى للخلق


وفى هذا المعنى يُروى ان أحد الصالحين وجد رجلا يشكى بلواه للناس فقال له كلمات تكتب بماء الذهب لما تحمل فى طياتها من عظات وحكم لقد قال"ياهذا ما زدت أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك وإذا شكوت إلى ابن آدم فإنما تشكى الرحيم إلى الذى لا يرحم"
ولا يتعارض هذا بحال من الأحوال مع الشكوى للعزيز الجبار


فلقد قال أيوب عليه السلام 
" وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "(83)الأنبياء
فاشتكى إلى الله مابه ففرج الله عنه


وكذلك نبى الله يعقوب اذ قال
" قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (86)يوسف
فأعاد الله الله له ابنيه سالمين
فلا تعارض بين الصبر على المصاب والبلاء وبين الشكوى إلى الله
بل إن هذا من أعظم الفوائد التى تكون فى البلوى والمصيبه أنه حينها يتقرب الإنسان إلى ربه ويدعوه ليفرج عنه 
وكذلك لابد أن تنتبه لأمر غاية فى الأهمية ألا وهو عدم ادعاء الصبر بحولك وقوتك فمن ادعى الصبر وكل إلى نفسه بل تتبرأ من كل حولك وقوتك


فالله هو الذى يهبنا نعمة الصبر فلتسأل الله دائما أن يثبتك عند المصاب وأن يرزقك الصبر بحوله وقوته إنه هو الرحمن الرحيم
وهناك أمور من شأنها أن تخفف عنك البلاء وتسكن حزنك
وترفع همك وتربط على قلبك 

(1) الدعاء

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة. 

(2) الصلاة

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. رواه أحمد.


(3) الصدقة

وفى الأثر "داوو مرضاكم بالصدقة" 

(4) تلاوة القرآن

" وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين"

(5) ترديد قوله سبحانه وتعالى

"إنا لله وإنا اليه راجعون" 
وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها


والآن .............

أى الفريقين أنت بعد أن أنقسم الناس فريقين:
ففريق واسع أفقه , يريد أن يرضي ربه ويخاف من عذاب يوم عسير عليه يناجي ربهم أن "اتنا فى الدنيا حسنه وفى الأخره حسنه وقنا عذاب النار" ويطلب الحسنة من الله فى الدارين ولا يحدد نوع الحسنة لأنه يثق بالله ويرجع أموره كلها له سبحانه ويترك اختيار الحسنة لله والله يختار له ما يراه وهو راض باختياره
ثم يقول " ربنا افرغ علينا صبرا, وثبت اقدامنا ,وانصرنا على القوم الكافرين"
وأما الفريق الأخر ليس له هما إلا الدنيا فهو حريص عليها مشغول بها
ولا يذكر الله إلا عند دعائه لله بتيسير أمر له من أمور الدنيا فهو كل همه الدنيا بما رحبت من متاع وعندما يدعوا الله تعالى قد يعطيه الله تعالى نصيبه من الدنيا ولا نصيب له في الأخرة


ياعبد الله ..ويا أمة الرحمن ادعوكم للتوكل على الحى القيوم في كل الأوقات والأحوال فنحن لا حول ولا قوه لنا
الابتلاءات كثيرة وواقعية لأناس صبروا واحتسبوا لما قد أصابهم

أروع الأمثلة في الصبر والرضا


"عروة بن الزبير " وهذه قصة التابعى

أصابت عروة بن الزبير في رجله الأكلة فأراد قطعها فعرضوا عليه أن يشرب شيئاً يغيب عقله حتى لا يحس بالألم ويتمكنوا من قطعها فقال ما ظننت أن أحداً يؤمن بالله يشرب شيئاً يغيب عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل ولكن هلموا فاقطعوها - فقطعوها من ركبته وهو صامت لا يتكلم إلى أن سقط مغشيا عليه وروى أنهم قطعوها وهو في الصلاة فلم يشعر لشدة خشوعه 
ووقع في هذه الليلة التي قطعت فيها رجله ولد له يسمى محمداً كان أحب أولاده من سطح فمات
فدخلوا عليه فعزوه فيه
فقال اللهم لك الحمد كان لي أربعة أطراف فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة وكان لي سبعة أولاد فأخذت واحداً وأبقيت ستة فلئن كنت قد أخذت فقد أعطيت
ولئن كنت قد ابتليت فقد عافيت
وقالوا ما سمعناه ذكر رجله ولا ولده ولا شكا ذلك إلى أحد حتى دخل وادي القرى فلما كان في المكان الذي أصابته " الأكلة" فيه قال
"لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً "
فلما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في رجله وولده
فبلغه أن بعض الناس قال إنما أصابه هذا بذنب عظيم أحدثه
فأنشد عروة في ذلك
ولست بماش ما حييت لمنكر ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي ولا حملتني رجلي ولا قادني سمعي ولا بصري لها

لم يتجرأ على الله بالمعاصى ولم يمشى برجله خطوة واحدة إلى معصية الله
فما بالنا بمن يغدو ويروح إلى معصية الله ناسياً المولى عزوجل

وهذه قصة اعرابية 
اسمها أم غسان


فقدت جميع أبنائها في إحدى المعارك مصيبة وأي مصيبة وفوق ذلك كُفَّ بصرها فأصبحت تعيش بمفردها وكانت تقول الحمد لله على ما قضى رضيت من الله ما رضي لي وأستعين بالله على بيت ضيق الفناء قليل الإيواء
ثم تُصاب مصيبة أخرى بموت جارة لها كانت تبثُّها أشجانها وأحزانها
فيقال لها: أين فلانة ؟ فتقول الحمد لله على قضاء الله والرجعة إلى الله

فما أجمله من اختيار أن نختار الصبر في دنيا مهما طالت أيامنا فيها فهى قصيرة

أفلا نصبر.. على بلاء حلّ بجسد مصيره إلى التراب ويكون لنا الصبر باب إلى جنات خلد عند مليك مقتدر
أخيرا أقول لمن ابتلاه الله بمرض 
هذا هو اختبارك 



ماذا أنت فاعل ؟

هل ستثبت على دينك..؟؟ وتشكر الله على فضله؟؟ 

أم تتخبط وتسخط؟؟ .. وتقع فى براثن اليأس

تذكر

أن من رضي بقضاء الله فله الرضا 
ومن سخط فله السخط وأمر الله نافذ
فــأصبـــــر و اثــــبــت
وتــذكـــر أن الــجنـــــة غـالــيـــــــة

قال الله تعالى 

"وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ"35 فصلت


فكن صــابـــرا محتسـبــا
راضِ غير غضبان 


---اللهم اجعلنا راضين مرضيين وارض عنا يا أرحم الراحمين ---

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...