الألقاب ليست سوى وسام للحمقى, أما العظماء من الناس فليسوا بحاجة لغير أسمائهم .



الناس من حولنا صنفان:صنف يعيش وكل همه البحث عن( المكان ): الزعامة والصدارة والرئاسة والسلطة بشتى الوسائل , وصنف آخر غايته البحث عن ( المكانة ) عند الله وعند الناس. و شتان بين المكانة و المكان في أدبيات الأحرار من أبناء هذه الأمة .
منذ عشرين عامًا، وبعد خروجه من جريدة الأهرام بسنوات قليلة، سُئل الصحفي المصري الشهير محمد حسنين هيكل: هل تشعر بالحزن لفقدك هذا المنصب الكبير والقريب من دائرة النفوذ والسلطة؟! فردّ بقوله: " تستطيع السلطة أن تمنحك مكانًا، ولكنها لا تستطيع أن تمنحك مكانة".وهذا صحيح.


" المنصبُ قدْ يصنعُ بطلاً بينَ الأقْزامْ
ويضيعُ المنصبُ في يوْمْ
وتدوسُ عليْهِ الأقْدامْ "
وهذا صحيح .
وفي يوم تزامن وجود العالم الفقيه المجاهد عبد الله بن المبارك في مدينة " الرقة " ( 200كيلو شرق مدينة حلب ) مع تواجد الخليفة العباسي هارون الرشيد بها, فلما دخل ابن المبارك المدينة احتفل الناس به احتفالا, وازدحموا حوله حتى تقطعت النعال, وارتفعت الغبرة. فأشرفت أحدى زوجات هارون الرشيد من برج قصرها فلما رأت الناس سألت: ما للناس ؟ فقيل لها قدم عالم من علماء خراسان يقال له عبد الله بن المبارك , فانجفل الناس إليه . فقالت المرأة:
هذا والله هو الملك... لا ملك هارون الرشيد
الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان.

هذا يجرنا أن نذكر هؤلاء الذي يسعون إلى تزوير إرادة الناخبين , ويقبلون على أنفسهم سرقة إرادة الأمة , ويرضون أن يجلسوا على كراسي مغتصبة ليست من حقهم ,نقول لهؤلاء : إن السلطة قد تعطيكم " مكانا " بالتزوير, أو بالبلطجة , أو بلي ذراع القانون , لكنها أبدا لا يمكن أن تعطيكم " مكانة" في قلوب الناس ولو أنفقتم ما في الأرض جميعا
إن المكان بطبيعته مؤقت، كما أن الذي يمنحك المكان يستطيع أن يسترده منك في أية لحظة..أما المكانة فأنت الذي تصنعها لنفسك في قلوب و وعقول وذاكرة الناس من حولك من خلال تقديرهم واحترامهم لأعمالك ومواقفك في هذه الحياة؛ فالمكان زائل والمكانة لا تزول.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...