رسالة من سنية الى شيعية:رسالة 2:التوحيـــد أولاً




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرِّ الميامين.. وبعد:
إليكِ أيتها الأخت العاقلة.. أيتها الفتاة الراشدة.. أيتها المؤمنة بالله رباً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، والمتخذة شرعة الإسلام منهجاً وسلوكاً قويماً


أخيتي الغالية: لا شك أنك قد اطلعتِ على صفحاتٍ من كتب المذهب عندكم.. ولكن هل وجدتِ التوحيد الذي قرره القرآن الكريم أم وجدتِ غير ذلك؟
دعيني أخية أذكر لك بعض ما وجدته أنا فيها.. ولن أُطيل بل سأكتفي بذكر أنموذجين فقط!!


مناقب آل أبي طالب ابن شهر آشوب (3/35) الفردوس، طاووس، عن ابن عباس، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خبر: (يا بن عباس! والذي بعثني بالحق نبياً إن النار لأشد غضباً على مبغضي علي منها على من زعم أن لله ولداً).
جاء في كتاب عيون أخبار الرضا (1/287): حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام: (أبلغ شيعتنا أن زيارتي تعدل عند الله ألف حجة، قال: فقلت لأبي جعفر عليه السلام ابنه: ألف حجة؟! قال: إي والله، ألف ألف حجة لمن زاره عارفاً بحقه).
فالرواية الأولى: هدمت كل معاني التوحيد والفطرة في قلب كل مؤمن! وعليٌ وبنوه رضوان الله عليهم في غنىً عن هذا الغلو المفضي إلى الإشراك بالله تعالى وتقدس.
والرواية الثانية: هدمت مقدسات الله ومعانيها السامية، وتوحيد الله في أعمال وأقوال المؤمن لتصرفه إلى تقديس قبور الأولياء والصالحين والحج إليها من دون شعائر الله، والله يقول: ((كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)) [الحج:22].
نعم.. إنكِ في القرآن تجدين سورة للحج ولا تجدين فيه سورة للقبور والمشاهد
!!
أختاه! تذكري حال الأمة قبل مبعث إمام الموحدين عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ لقد كانوا في جاهلية جهلاء وظلمات ظلماء، وتيه في مفازات الهلاك، وانغماس في جهالات الضلال! عقائد متهافتة.. فذاك يعبد إلهاً من حجارة، وآخر يصنعه بيده من العجوة!! يدعون غير الله، ويأتمرون بأوامر الشيطان زيّن لهم أعمالهم!
ومن أوساط هذا الزخم الشركي وهذه الظلمات: يخرج الله دعوة الحق على أيدي أنبيائه عليهم السلام بنداء عبادة الله وحده واجتناب الطاغوت: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)) [النحل:36].
والتوحيد -أختاه- هو الغاية من الخلق، وعليه نصب الله الجنة والنار، قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56] أي: ليوحدون، فجعل الله جلّ في عُلاه سر الخلق وسببه هو العبودية لله وحده لا شريك له، فهذا نداء الله لأصفيائه الكرام الذين اختارهم الله لحمل رسالاته يناديهم ويصفهم بهذا الوصف الدال على التوحيد الخالص وهو العبودية لله تعالى، فيقول سبحانه: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)) [الإسراء:1].
وقال جلّ شأنه: ((وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ)) [ص:45].
وقال عن سليمان عليه السلام: ((وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) [ص:44].
وقال عز وجل: ((فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ)) [مريم:65].
وقال عن ملائكته: ((بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ)) [الأنبياء:26].
أرأيتِ -أخيتي الغالية- كيف هي منزلة العبودية وحصرُها لله جلّ في عُلاه؟ فهي معنى لا إله إلا الله التي أفادت النفي والإثبات.. نفي الألوهية عما سوى الله، وإثباتها حصراً لله وحده.. فكان معناها: لا معبود بحقٍ إلا الله.
فالعبادة هي: الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة التي يحبها الله ويرضاها؛ والظاهر من الأعمال كالدعاء والذبح، والباطن من الأعمال كالخوف والرجاء والاستغاثة والتوكل.. وغيرها من العبادات العظيمة التي لا يجوز صرف شيءٍ منها إلا لله مع الإخلاص والبعد عن الرياء، قال سبحانه: ((أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)) [الزمر:3].
وقال عز وجل: ((فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ)) [الزمر:2].
وقال تعالى: ((هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) [غافر:65].
فأين من يدعو غير الله من الأموات والأحياء عن هذا في كتاب الله؟ أليس بعد هذا إلا الضلال المبين؟ قال سبحانه: ((وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)) [الأحقاف:5].
وقال تعالى: ((يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)) [الحج:12].
فإن قال قائل جاهل بالتوحيد مُتلبس ببدعة الشرك: إنما أوردَ هنا في عبادة غير الله من الأصنام والحجارة؛ أما نحن فندعو من يسمع ويقرب إلى الله، مع كون أصل العبادة لله!
قلنا له: هذا كلامٌ غير رشيد! ألم تقرأ وتتمعن في كتاب الله جل وعلا؟
ألم تعلم أن النهي عن دعاء غير الله جاء صريحاً على وجه العموم والتوضيح الصريح، فقال تعالى: ((فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)) [الجن:18].
وكلمة (أَحَداً) نكرة، ومعلوم عند العلماء العقلاء أهل العربية أن النكرة إذا جاءت في سياق النفي أو النهي لا تفيد إلا العموم، قال جل شأنه: ((قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِي الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) [غافر:66].
كما أن الله عز وجل أنكر على المشركين التوسط بالأولياء والصالحين موضحاً أنهم عباد أمثالهم لا يملكون لأنفسهم جلب نفع أو دفع ضر! فضلاً أن يكشفوا عنهم ضراً أو يحوّلوا عنهم سوءاً!! بل إنهم مع قربهم منه جل وعلا يتقربون إليه بالخوف منه والرجاء لرحمته، قال تعالى في شأن الأنبياء والملائكة والصالحين: ((قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)) [الإسراء:56-57].
فهل هؤلاء أصنام؟
وقال سبحانه: ((أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)) [الزمر:3].
فما أشبه الليلة بالبارحة! فإن عامة الناس اليوم إذا أمرتهم بإخلاص الدعاء والعبادة لله وحده وترك دعاء الأولياء والصالحين، يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى!!
فهذا -أختاه- بيان قد أبان لكل ذي بصر وعقل أن دعاء غير الله الواحد الأحد منافٍ لدين الإسلام وهو عين الشرك برب العالمين، قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً)) [الجن:20].
وقال سبحانه: ((وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)) [القصص:87]
وقال تعالى: ((ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا)) [غافر:12].
فما هو مشهد هؤلاء المشركين عندما تتجلى الأمور يوم الدين؟
اقرئي معي قوله تعالى: ((وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمْ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ)) [النحل:86].
ثم أتبع ذلك بتبرئهم من شركهم؛ فيقول سبحانه عنهم: ((تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ)) [القصص:63].
فيا حسرة من أشرك بالله معه غيره يومئذٍ! وصدق الله العظيم: ((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ)) [الأعراف:
37].
أخيتي: ماذا عن واقعنا الذي نعيشه الآن؟ هل يُحقق فيه إخلاص التوحيد لله تعالى؟
فهذه عند المصيبة تندب وتصرخ بدعاء غير الله؛ فتقول: يا فاطمة! يا زهراء! يا معصومة!
وهذه عند الولادة تدعو علياً وكأنه معها ويسمعها!
وهذه كادت أن تتعثر، فتقول: يا علي!
وهذه تُعبّدُ أسماء أبنائها لغير الله؛ فتسمي: عبد الحسين! وعبد الزهراء! وعبد الرضا!
أُختاه: هل هذا من التوحيد؟ والسؤال هنا: إذا أصابك الكرب.. هل يقدر الله على كشفه أم لا يقدر؟ وهل يعلم حالكِ ويسمع صوتك ويجيب صرختكِ أم لا؟ فكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً، قال تعالى: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)) [النمل:62].
فالله هو القريب المجيب، وغيره لا يسمع ولا يجيب: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) [البقرة:186].
فتأملي معي قوله سبحانه: ((لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ)) [الرعد:14]، وقوله عز وجل: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)) [الزمر:38].
ومن يدعو من دون الله من الأموات، ألم يقرأ قوله تعالى: ((وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ)) [فاطر:14] وقوله عز وجل: ((وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)) [الأحقاف:5] وقوله جلَّ شأنه: ((وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوْا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ)) [القصص:64] وقوله تعالى: ((وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ)) [الأعراف:197].
أختاه: هل يستوي الأحياء والأموات؟
أجاب الله عز وجل عن ذلك بقوله: ((وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)) [فاطر:22] وبقوله سبحانه: ((وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) [النحل:20-21].
وهذه الآيات البينات تكشف أختاه شبهة من يقول من أهل الإشراك: إن هذه الآيات هي في الحجارة والأصنام بالذات!! فهل الحجارة تُبعث من القبور؟! فإن هذه الحجارة إنما هي تماثيل الصالحين وصورهم، وفي قولـه تعالى: ((وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)) [نوح:23] دليلٌ واضح على ذلك؛ فهؤلاء أُناسٌ صالحون لما ماتوا جاء الشيطان بهذا الشرك لقوم نوح فمثلوا تماثيل بصورهم وعبدوهم من دون الله!!
تأملي معي رعاكِ الله هذه الآيات، قال الله تعالى: ((قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) [الأعراف:188] وقال تعالى: ((وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً)) [المائدة:41] وقال تعالى عن الأولياء: ((فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً)) [الإسراء:56] وقال سبحانه: ((وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ)) [فاطر:13].
بل اقرئي الآيات التي بيَّن الله عز وجل فيها الفرق بين الخالق والمخلوق، وأن الدعاء لا يكون إلا للخالق، كما قال سبحانه: ((وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ)) [النحل:20]
وفي هذا إشارة إلى أن الذي لا يخلق شيئاً وهو مخلوق، لا ينبغي دعاؤه حتى لو كان نبياً أو ولياً أو صالحاً، وإنما ينبغي دعاء الخالق الذي لم يُخلق وهو الله سبحانه وتعالى.
وقال سبحانه مشيراً إلى دعاء رب العباد وترك دعاء العباد أيَّاً كانوا: ((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ)) :.
وهذا يدلكِ دلالة واضحة على أن الشرع إنما يأمر بدعاء الله وحده، وهذا هو المنهج القرآني وسبيل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
وبعد:
فقد حرّم الله الجنة على المشركين حتى يتوبوا إلى الله بالتوحيد، قال تبارك وتعالى: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) [المائدة:72].
وكتب على أهله أن لا يغفر الله لهم إذا ماتوا عليه، فقال عز وجل: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً)) [النساء:48].
فحذارِ حذارِ أُختي الغالية من هذا الذنب الكبير والظلم العظيم: ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان:13].
طهِّري قلبكِ من علائق الشرك ودنس العبودية لغير الله، ومحبة الله إنما هي باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه وتعالى: ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [آل عمران:31].
وإياكِ إياكِ أن تكوني في زمرة الأشقياء الذين ورثوا الضلال والشقاء عن الأجداد والآباء الذين يقولون عن حسرة الاقتداء: (( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)) [الزخرف:23].
وعليكِ غاليتي بالقرآن الكريم، والنور المُبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد، هل ترين فيه قبور أنبياء وأولياء؟ هل ترين دعاء غير الله؟ هل ترين الحث على المزارات والعكوف عندها؟ هل ترين طلب الحاجات من الأولياء؟ هل ترين الاستغاثة بالمعصومة وبزينب وبالحسين و.. و
...
فيا صاحبة العقل الكبير: ألا من توبة وأوبة ورجعة إلى الله الواحد القهار؛ قال تعالى وهو أرحم الراحمين: ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) [الفرقان:68-70].
فبادري بالتوبة من الشرك والبدع والتوجه لغير الله.
عجلي بتوحيد الله.. فلا غفران مع الشرك، قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)) [النساء:48]
((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)) [الطلاق:2-3].


وقفة تأمل:
أختاه! تأملي في الآيات الآتية؛ ورددي تلاوتها، وتدبري في معانيها.
قال الله تعالى: ((إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ)) [الأنبياء:98].
((لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ)) [الأنبياء:99].
((لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ)) [الأنبياء:100].
((إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ)) [الأنبياء:101].
((لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ)) [الأنبياء:102].
أختاه! من هم الذين سبقت لهم الحسنى؟
أختاه! هنا ذكر الله حقائق ثابتة بنص القرآن، والواقع يشهد أن طوائف من البشر تعبد الأنبياء والصالحين! تعبدهم من دون الله ومع الله عز وجل، وقد حكم الله سبحانه بدخول من أشرك به النار مع آلهته المزعومة، ولما كان في المعبودين من لا يرضى أن يعبد مع الله وينهى عن الشرك كله.. وهم أئمة التوحيد الداعين إليه: بَيَّن الله سبحانه نجاتهم وإبعادهم عن النار، وهؤلاء هم الذين سبقت لهم الحسنى.
أختاه! الآيات صريحة الدلالة! فأين التدبر لمعانيها؟!
علينا أن نسأل الله التوفيق والسداد وأن يهدينا سبيل الرشاد

يتبع.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...