أطفالنا أسرى في السجون الصهيونية و حقوقهم المنسية


مر أيام العيد بكل ما فيها من فرح أو حسن أو غير ذلك ، ففرحنا أنفسنا وأولادنا بما نستطيع رغم ضيق الحال ، وكثرة الديون ، والظروف الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الدعوية الصعبة ، بيد أن أطفالنا في فلسطين كثير منهم قابع في سجون الاحتلال ذلك أن القوات الصهيونية قد أسرت منذ عام 1967 م أكثر من 8000 طفل ،
و طفلة مازال منهم قابع في الأسر أكثر من 283 طفل أسير منتهكة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية .
عرف الفقه الإسلامي الأسير بأنه : الذي يقع في يد العدو من أهل البلاد الإسلامية أو من بذمتهم بحرب أو بغيرها .
و يدخل اسم الأسير و أحكامه الصغار و الكبار النساء ، و الرجال بل المسلمين ، ومن يعيش تحت رايتهم من أهل الذمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى : وقد عرفت النصارى كلهم أني لما خاطبت التتار في إطلاق الأسرى و أطلقهم ( غازان ) … فسمح بإطلاق المسلمين – قال لي : لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس ، فهؤلاء لا يطلقون ! فقلت له بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذي هم أهل ذمتنا ، فإنا نفتكهم ، ولا ندع أسيراً ، ولا من أهل الملة و لا من أهل الذمة ! وأطلقنا من النصارى ما شاء الله ) .


رحم الله تلك الأيام التي كنا نستطيع فيها فك أسرانا وأسرى أهل ذمتنا ، أما الآن فقد انقلبت الموازين ووقعنا كلنا في الأسر والعبودية ، فكيف بغريق يستطيع أن ينقذ غريق .



وهذا ما عبر عنه الإمام القرطبي عليه رحمة الله تعالى ، من إهمال المسلمين في عصره من تخليص الأسرى من أيدي الكفار بسبب الصراع القائم بين أهل القبلة أنفسهم ، وكان بحالهم كحالنا اليوم مع الفارق طبعاً.
قال عليه رحمة الله : ( تظاهر بعضنا على بعض ! ليت بالمسلمين ! بل بالكافرين ! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين ) .
وكان الواجب على المسلمين في كل العصور والأحوال استنقاذ الأسرى من الكفار ومن يدور بفلكهم بالقتال أو ما يقوم مقامه ويؤدي غايته ، وإلا وقع جميع أهل القبلة تحت غضب الله وسخطه لتقاعسهم عن هذا الأمر الجليل .
قال ابن الجزي عليه رحمة الله : ( يجب استنقاذهم من يد الكفار بالقتال فإن عجز المسلمون وجب عليهم الفداء بالمال ، فيجب على الغني فداء نفسه ، وعلى الإمام فداء الفقراء من بيت المال فما نقص تعين في جميع أموال المسلمين ولو أتى عليها ).
وكل ما أوردت وقلت من نقول وأقوال العلماء يخص عموم المسلمين ، ومن يعيش بذمتهم فما بالك إذا خص الأمر طفل بريء مسكين لا شك أن الواجب أعظم و أثقل على عموم الأمة و خصوص حكامها وولاة أمورها .
لذلك أحببت أن أكتب هذا المقال لتذكير الرؤساء و ملوك أمراء العالم العربي ، و الإسلامي بهذا الواجب المعين عليهم ، لبذل كل غال ورخيص لتخليص أطفالنا من الأسر و أغلاله و أثقاله .



فأطفالنا الذين يأسرون يخضعون خلال فترة اعتقالهم لأشكال متنوعة كما ونوعا من التعذيب والإهانة بدءا من لحظة اعتقالهم مرورا بمراكز التحقيق إلى أماكن اعتقالهم . و الله المستعان .
فالجيش الصهيوني و أجهزته الأمنية اتبعت مع الأطفال أساليب متنوعة يمكن تصنيفها إلى الطرق التالية :
أ‌- اختطاف الطفل من الشارع : إذ يتم اختطاف الطفل لمجرد شبهة إلقاء الحجارة على القوات الصهيونية و دورياتها .
ب‌- اختطاف الطفل من بيت ذويه : وهي الأكثر شيوعا في المناطق المحتلة إذ تقوم أجهزة المخابرات الصهيونية بالتنسيق مع وحدات جيش الاحتلال بمداهمة المنازل الآمنة في ساعات متأخرة من الليل ثم خطف الأطفال بطريقة وحشية تثير الذعر في نفوس أفراد أسرة المختطف ويجري اقتياده إلى جهة مجهولة وفي معظم هذه الاعتقالات يستخدم الصهاينة الكلاب الضخمة المدربة مهاجمة الأسرى كائن من كان طفل أو امرأة صغيرا أو كبيرا.
ت‌- اعتقال الأطفال عند مرورهم بالحواجز الصهيونية : فإذا مر الطفل بأي حاجز من الحواجز الصهيونية يتم اعتقال الأطفال بسبب ورود أسماء أحد إخوتهم ، أو حتى أحد أفراد عائلتهم على لائحة المطلوبين .
وبعد الأسر يتم اقتياد الأطفال مكبلي الأيدي ، و معصوبي الأعين إلى مراكز التحقيق و الاعتقال . و أثناء نقلهم يتم وضعهم على أرضية المركبة ثم يشرع الجنود بركلهم بأرجلهم و أحذيتهم الحديدية بشكل وحشي إضافة إلى إطلاق أقذر الشتائم و العبارات و الوعد والوعيد بالضرب و القتل بل التهديد بالاعتداء عليهم جنسيا .



وسوف أسرد للقارئ الكريم بعض أساليب الصهاينة في تعذيب أطفال أسرى المسلمين في السجون الصهيونية :
1- الضرب المبرح : ويكون الضرب على جميع أنحاء الجسم مع التركيز على الرأس ، لكي يخلف هذا الضرب آثارا مرضية تخرجه من صف المجاهدين والمقاومين ، فيما لو خرج من الأسر .
2- الهز العنيف : إذ يقول المحقق المجرم بهز الطفل الأسير بشكل عنيف ، ومتكرر إلى أن يغمى عليه .
3- ربط الأرجل و الأيدي : حيث يقوم الصهاينة على ربط الطفل الأسير بشكل محكم و يجبرونه على الوقوف أو الجلوس لساعات طويلة على كرسي حديد صغير جدا ، و مائل حتى يصل التعذيب إلى جميع أنامل الطفل الأسير بشكل لا يطاق و لا يوصف .
4- التعذيب المعنوي : بالإذلال و الإهانة و الشتم و التهديد بالاعتداء الجنسي عليه و على أحد أفراد أسرته المأسورين و تهديده بتشويه سمعته في بلدته بنشر صوره أثناء التعذيب .
5- الحرمان من النوم و الطعام و الشراب لفترات طويلة .



فهذه بعض من أساليب التنكيل التي يتعرض لها طفلنا الأسير في سجون الصهاينة أرفعها إلى من يهمه الأمر من أمتنا حكاما و محكومين بل أرفعها إلى كل حر و مدافع عن حقوق الإنسان و حقوق الطفل .
فالمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل تكفل :
1- ألا يتعرض أي طفل للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية .
2- يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية و احترام للكرامة المتأصلة في الإنسان و بطريقة تراعى احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه ..



فكل هذه الأساليب التي بينتها ، و أظهرتها انتهاكا فاضحا لاتفاقية حقوق الطفل و خصوصا المادة التي بينتها و اتفاقية مناهضة التعذيب و تحديدا المادتين 2 و 16 من ، وكذلك تعتبر هذه المعاملة انتهاكا فاضحا لبنود القانون الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و تحديدا المواد 7 -10- 31 -32- 37 من اتفاقية جنيف و الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب و كذلك تعتبر أساليب الصهاينة في معاملة أطفالنا الأسرى انتهاك لأحكام المادة الخامسة لإعلان حقوق الإنسان .



بعد كل ما بينا ، وقلنا نطالب الحكومات العربية ، و الإسلامية ، والمؤسسات الحقوقية العربية والإسلامية و العالمية الحكومية والأهلية ، وجميع أحرار العالم بالسعي الحثيث لتخليص أطفالنا الأسرى ، من هذا الظلم الواقع عليهم و على ذويهم كما نطالبهم :
1- بتوفير العلاج المناسب لجميع الأسرى وخصوصا الأطفال منهم ، و توفير الأطباء بجميع الاختصاصات وتوفير الدواء ، والعلاج المناسب .
2- التعليم والألعاب و الطعام المناسب لأطفالنا الأسرى .
3- الاهتمام بطعام الأطفال الأسرى بحيث يكون مناسب لسنهم و متنوع ، و موافق للشريعة الإسلامية .
4- إيجاد الحلول المناسبة لمسألة الزيارات ، و التعرض لأهل الطفل الأسير، و زواره بالأذى المادي و المعنوي .
5- توفير جميع مستلزمات الأسرى بسهولة ، ويسر عن طريق إحدى المنظمات الدولية التي تعنى بشؤون الأسرى و المسجونين .



و أخيرا أهمس بصوت خافت فيه كثير من الألم بأذن الذين لهم علاقات سرية ، أو علنية مع الكيان الصهيوني بأن يستغلوا تلك العلاقات لجلب المصالح ، و دفع المكاره ، و المفاسد عن الأسرى عموما ، و أطفالنا بشكل خاص و هم واقعين في قبضة من لا يرحم ، أفلا تستطيعوا فك أسر طفل أسير ، أو التخفيف عنه و توفير احتياجاته الأساسية ، و الضرورية من التعليم و الطعام والشراب و العلاج ثم تأهيله لحياة كريمة حتى يستطيع متابعة حياته عندما يفك أسره بشكل قانوني – إن صح التعبير أو عن طريق أولو العزم من المجاهدين و المقاومين الذي يحاربون أعداء الله تعالى و أعداء هؤلاء المساكين ليخلصونهم من الأسر و العذاب الأليم، حين يأذن الله تعالى .
( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (سورة البقرة: الآية 286)

بقلم
المحامي الدكتور مسلم اليوسف

خاص بموقع
الحملة العالمية لمقاومة العدوان
.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...