انترنت+ نظام دكتاتوري قمعي= شعبا يفتك حريته (تونس نموذجا

حملت التطورات الحالية في تونس العديد من المفاجآت كان البعد الرقمي أو (التطور التقني) هو الحاسم والعامل المشترك في تفاعلها وولادتها. ففي الوقت الذي تمكن فيه المجتمع من تحقيق معدلات فائقة التطور تقنيا عربيا وعالميا، فان هذا المحتمع كان يعاني من قيود شديدة على حرية التعبير وغياب الشفافية.
كما ساهم التطور التقني في حسم كثير من الأحداث والتطورات بشكل سريع لم يتوقعه المراقبون، فضلا عن أصحابه أوالمشاركون فيه، فبعد ان كانت التحضيرات للتغيير والقيام بالثورات التقليدية يستغرق سنوات، بات مع هذا التطور التقني لايستغرق سوي ساعات. 
ماحدث في تونس يظهر حجم التباين الذي يصل الي حد التناقض في التجرية برمتها، فقد تصدرت الحالة الرقمية والحراك التكنولوجي في تونس التجارب العربية، بعد أن بدأت مبكرا في إنشاء مجتمع المعلوماتية. واحتلت المركز الأول علي القارة الافريقية في هذا المجال، كما صنفها التقرير العالمي حول تكنولوجيات الاتصال والمعلومات الاخير الصادر عن "منتدى دافوس الاقتصادي العالمي" في المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا و39 عالميا من بين 133 دولة شملها التقرير. 



بالرغم من أن مجتمع المعلومات التونسي يوازي بامكاناته دولا متقدمة تقنيا، مثل ايطاليا والهند واندونيسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا‏ ‏وروسيا. كما يتفوق على المكسيك ورومانيا، إلا انه صنف ضمن قائمة "اعداء الانترنت" في العالم كما ذكر تقريرمنظمة "مراسلون بلا حدود" للعام 2010. والسبب هو أن السلطات التونسية كانت تحجب المواقع الاجتماعية كـ"اليوتيوب" و"الفيس بوك" و"تويتر"، و"الدايلي موشن" ومواقع إخبارية شهيرة مثل "ايلاف" و"الجزيرة نت"، ومواقع المنظمات الحقوقية الدوليّة والمحلية وبعض مواقع أحزاب المعارضة الرسمية وغير الرسمية والعديد من المدونات الشخصية، حتي مدونات تهتم بالثقافة والفنّ وايضا اخري تتخصص في الطبخ لم تنجو من المنع، إلا أن نشطاء الانترنت وحقوق الإنسان والمدافعين عن حرية التعبير يتهمون "الوكالة التونسية للإنترنت" الحكومية في السابق، وهي مؤسسة حكومية تمثّل دور المشرف على خدمات الانترنت وتعميم استعمالها في البلاد، بالوقوف وراء حجب المواقع الالكترونيّة وتدميرها. 

إذا كانت هناك حزمة من العوامل شكلت مادة مهمة للتغيير، مثل البطالة والفساد وزيادة الأسعار وأشعل فتيلها الشاب محمد البوعزيزي، لمن ماحدث في الفضاء الافتراضي كان ملموسا ولم يعد افتراضيا، واعطي طاقة عالية لتغيير الواقع علي الارض، كما كشفت تقارير "ويكيليكس" التي نقلت عن مسئولين أمريكيين أن تونس تحكمها "مافيا" من الشخصيات المقربة من النظام، بالاضافة الى ما تحدثت عنه تلك التقارير من حياة فخمة لأسرة الرئيس التونسي، في الوقت الذي يعاني فيه عشرات الآلاف من الشباب التونسي من البطالة والياس من العثو علي فرص عمل.



من البديهي أن تقارير "ويكيليكس" التي حسمها التطور التقني لم تكن لتحقق تأثيرها لولا الأدوات التقنية لشبكة المعلومات الدولية "الانترنت" سواء من تسريبات أو من تفاعلات لمرحلة ما بعد التسريبات، حتي احتل إسم هذا الموقع ،الذي يدافع عن حقوق الانسان، مكانا ثابتا ومساحة شبه دائمة في الاصدارات الاعلامية التقليدية والرقمية علي حد سواء. وبدون التطور الرقمي لم يكن لهذا الموقع ان يحدث هذا التأثير المذهل، ولم يكن بالتالي للتونسيين ان يشعروا بهذا التحول لأول ثورة رقمية في العالم العربي والخارجي. 

بالرغم من حالة التضييق والرقابة والاغلاق للمدونات والمواقع الاجتماعية، فان حماس المدونين والمشاركين في المواقع الإجتماعية مثل Facebook و Twitter لم يتوقف، فقد انتشرت العديد من المجموعات المساندة للمظاهرات ودعوات إلى الاحتجاج وروابط لمقالات جديدة وصور ومشاهد فيديو للاحتجاجات، ودعوات للتظاهر والتضامن، كما ولدت داخل شبكة الانترنت عشرات بل مئات المواقع الايجابية ومجموعات وعناوين لمدونين جدد شجعهم التطور الذي أفرزته الثورة الرقمية التي شهتها تونس وقدرة أدوات التواصل الاجتماعي علي التغيير والتوحد.



التساؤل الرئيسى هو.. هل سيستمر هذا التأثير الرقمي الايجابي الذي أحدث التغيير في الوصول بالمجتمع التونسي الي بر الأمان بعد الثورة الرقمية، أم أنه لابد من الانتظار حتي يظهر "بوعزيزي" جديد فى ؟.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...