مجرد غربة




عندما يختم لك تأشيرة الدخول على صفحة الغربة في جواز ضياعك
تشعر لوهلة إنك بدأت الخطوة الأولى في عالم الحرية,, ترتسم ابتسامة المنتصر على الإخفاقات المتكررة في قسوة الوطن عليك ,, تستلم حقيبة تقول لك :املأها
بأفراحك هنا ضع فيها كل ما يفرحك ,, لا تنسى أحزانك ,,شقاءك وإخفاقاتك ,, هوامش حياتك ضع فيها ما استطعت ,, ستحتاج لها في غربتك ,,تأخذ كلمات وداع
الأحبة ,, فرحتهم بك ,, حزنهم عليك.. تجمع دموع والدتك في لحظة الفراق , ابتسامة والدك المكابرة بالفرحة المخبأة بالحسرة,, قبلات إخوتك على وجهك وتتمنى أن
لا تمسحها دهرا ,,

وتغادر 
مع وصولك تفتح حقيبتك لتكتشف ماذا فعلت بنفسك , أي جنون هذا ما أتيت به إنها تشارك الغربة في تعذيبك ,, تقفل عليها مسرعا ,, وترميها جانبا ,,لكنها تتسلل
هاربة لتهاجمك في أي لحظة ,, تعانقك وتداعبك,, وتقتلك في النهاية كل أمور حياتك الصغيرة كبرت في هذه الحقيبة لتحن إليها ,,تحارب ما أتيت به من جنون ,,
بحقيبة الأمل التي بدأت تملأها مع مجيئك وتتغذى بها لحين رحيلك ,, معرفة جديدة وشعب مغاير ومستقبل قد يكون آخر ,, تركت اللعب مع عالم الذكريات وأقنعت
نفسك بالمسلمات

وفي الغد ربما ما قد يكون أفضل ..
الغربة ليست محطة _ إنها قاطرة أركبها
حتى الوصول الأخير , قصاص الغربة
يكمن في كونها تنقص منك ما جئت تأخذ منها
بلد كلما احتضنك , ازداد الصقيع في داخلك
لأنها في كل ما تعطيك تعيدك إلى حرمانك الأول
ولذا تذهب نحو الغربة لتكتشف شيئا ……
فتنكشف باغترابك
الناس تحسدك دائما على شيء لا يستحق الحسد , لأن متاعهم هو سقوط متاعك حتى على الغربة يحسدونك , كأنما التشرد مكسب وعليك أن تدفع ضريبته نقدا وحقدا.

فالغربة يا رجل فاجعة يتم إدراكها على مراحل , ولا يستكمل الوعي بها إلا بانغلاق ذلك التابوت على أسئلتك التي بقيت مفتوحة عمرا بأكمله ولن تكون هنا يومها
لتعرف كم كنت غريبا قبل ذلك ولا كم ستصبح منفيا بعد الآن ؟

بقلم احلام مستغانمي
من رواية عابر سرير  
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...