محاربو الهوية يقررون مستقبل تونس: نموذج هيئة تحقيق أهداف الثورة


إنه لأمر غريب فعلا ما يحصل بتونس، لايكفي أن يقع السكوت على من جاهر بمحاربة الإسلام، بل إنه يقع تعيين هؤلاء كأوصياء على مستقبل تونس، من خلال لجان ستقرر القوانين والتشريعات المستقبلية.



إنه لأمر يثير التساؤلات حقا، حيث لايكفي أن يغض الطرف عمن سخر وقته وجهده فأنشأ الجمعيات المسفهة للإسلام والرافضة له، وتحالف لأجل ذلك مع أطراف أجنبية مولته تارة ومنحته الجوائز تارة أخرى، لايكفي ذلك بل يقع مجازات هؤلاء بتعيينهم أعضاء ب"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة" (1)، بل وإنه يقع منحهم صلاحيات أكثر من أي طرف تونسي آخر،
حيث تساوي قوة تمثيل جمعية النساء الديموقراطيات لوحدها قوة جمعية القضاة والهيئة الوطنية للمحامين ونقابة الصحافيين و الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة مجتمعين كلهم، حيث مثلت النساء الديموقراطيات أربع مرات مرة كجمعية وثلاث مرات من خلال بند الشخصيات الوطنية، بل وتوجد جمعية نسوية أخرى مشابهة لها ممثلة أيضا
.
ولو عدّدنا الرموز المعروفة برفضها للإسلام ومحاربتها له، فإنها تكاد تتجاوز النصف من عديد اللجنة المعنية، فبالإضافة للنساء الديموقراطيات، فإن هذه اللجنة تحوي ثلة أخرى خطيرة من الرموز اليسارية المتطرفة التي عرفت بمحاربتها للإسلام بتونس، كل من منصبه، أساتذة جامعيون، عاملون بالفن والأدب كما يقولون، منظمات مدنية وغيرها.

إن مايقع بتونس مثير لحد الشبهة، أن يقع تتبع ومحاسبة مسئولي النظام السابق، بحيث لم يسلم الوزراء وحزب التجمع نفسه، ويقع طردهم من مسؤولياتهم، ويحالون على المحاكم، في حين لايقع مجرد المساس بشراذم كانت أشد الأطراف أذية للتونسيين، وأكثرهم تحالفا مع النظام السابق، بل إن هؤلاء يعلى من شأنهم، بل إنهم ليجازون فيعينون كأوصياء على مستقبل تونس.

إذا كان مسؤولو النظام السابق يحاسبون لسرقتهم الأموال، فلماذا لايحاسب من سرق عقيدة البلاد فأعد الدراسات وأنتج الأفلام لضربها، أو استغل منصبه الجامعي للتشكيك في الإسلام؟ فأيها أخطر أن يقع سرقة أموال التونسيين أم يقع سرقة عقيدتهم ولغتهم؟ فضلا على أن يصور هؤلاء كقدوات لها الحق أن تقرر مستقبل تونس. 

إذا كان مسئولو النظام السابق يحاسبون لأنهم أضروا بالتونسيين، فلماذا لايحاسب بالمثل من جاهر بدعم إرهاب النظام السابق ضد التونسيين، أولم يقف هؤلاء مع تنكيل بن علي بالآلاف لأن ذلك يدعم أفكارهم. فكيف يعتبر هؤلاء رغم ذلك شخصيات وطنية طبيعية لها الحق بتحديد مستقبل تونس؟ 

لماذا لايحاسب من كان الذراع الفكري لبن علي والمنظر لإرهابه ضد الآلاف من الأبرياء من النساء والشباب بل والأطفال، أولم يطالب "نساء ديموقراطيات" من النظام البائد أن يشدد عمليات الاقتلاع الثقافي، حيث قالت إحداهن في ما معناه: إن نجاح الحرب الأمنية ضد الإسلاميين لا يكفي، بل يجب أن تستتبعها حرب ضد أفكارهم. فكيف يستدعى هؤلاء رغم ذلك كأطراف طبيعية لوضع أسس التشريع لتونس المستقبل؟ 

أليس هؤلاء شركاء في جرائم قتل وتشريد الآلاف من التونسيين؟ أليس هؤلاء شركاء من حيث أنهم محرضون بل ومبررون لعمليات الإرهاب تلك؟ فكيف يستدعون رغم ذلك كأطراف طبيعية لمراقبة مستقبل تونس؟ فليستدعى السرياطي إذن لهذه اللجنة.

إذا كانت الشعوب السوية ومنهم التونسيون تحرم التعامل مع الأجنبي ضد بلدانها، وتعتبر من يفعل ذلك خائنا وتصدر الأحكام العالية ضده، فلماذا يستثنى من يتعامل مع الأطراف الأجنبية لضرب عقيدة التونسيين، فيعد الدراسات المحاربة للإسلام الممولة من أطراف الأجنبية، وينتج الأفلام المحاربة لثقافة التونسيين الممولة من منظمات وسفارات أجنبية، ويحورون البرامج التعليمية بحيث يقع إلحاقها بفرنسا؟ فضلا على أن يصور هؤلاء كشخصيات وطنية لها الحق أن تكون مستأمنة على التشريع لمستقبل تونس. 

إذا كان لسبب ما يصعب في الوقت الحالي محاكمة هؤلاء المتعدين على هوية التونسيين، أولم يكن من الأليق على الأقل أن لايقع دعوتهم أساسا، لأن دعوتهم استفزاز للتونسيين. 

إذا كان لسبب ما يصعب في الوقت الحالي محاسبة من أجرم في حق الإسلام وحاربه، أولم يكن من دواعي احترام هذا الشعب الأبي، أن لا يقع الالتفات لهؤلاء، فضلا على أن يقع دعوتهم لأي لجنة، فضلا على أن يمثلوا كأقوى طرف.

على التونسيين أن يحددوا الخطوط الحمر



التونسيون أثبتوا للعالم أنهم قدوة إذ اقتلعوا أعتى الانظمة المتسلطة، وليس يفهم كيف يعجز هؤلاء التونسيون أمام بقايا ذلك النظام، ممثلة في أذرعه الثقافية والفكرية؟

التونسيون قرروا أن من أخطأ في حقهم زمن النظام السابق، فإن مكانه يجب أن يكون غرفات التحقيق وعنابر السجون، لم يستثنى من ذلك كبار الوزراء، ولا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من سجله ملوث بجرائم أين منها سرقة مال أو اعتداء على شخص؟ لا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من حرض على ضرب وتشريد الآلاف من التونسيين لأنهم يخالفونه الفكر؟ لا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من عمل لسنوات مع أطراف أجنبية لمحاربة الإسلام؟ لايفهم كيف يستثنى من هذا المصير من تلقى الأموال الأجنبية لإنتاج الأفلام المشبوهة المدمرة لهوية البلاد؟ لا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من استغل منصبه العلمي بالجامعات لفرض رؤيته الفكرية المحاربة للإسلام، بل وإنهم ليعينون كقيّمين على مستقبل تونس؟

على التونسيين أن يحددوا خطوطهم الحمر في وجه عصابات الإلحاق الثقافي، على التونسيين أن تكون خطوطهم الحمراء هي هويتهم ممثلة في دينهم ولغتهم.

على التونسيين أن يبرهنوا فعلا أن من يتجاوز خطوطهم الحمر، فإن مصيره التدمير المعنوي السياسي والجمعياتي، ولن يكون هذا التحذير فعالا إلا بإنجاز ذلك التهديد واقعا.

على التونسيين أن يحركوا قواهم ضد هؤلاء، يجب أن تفعّل خطب الجمعة نصرة لدين الله في تونس، يجب أن تنظم المسيرات المكثفة ضد هؤلاء، يجب أن تطلق مواقع الويب وأن تؤسس الجمعيات في هذا الاتجاه، يجب أن يقع الانتفاض ضد وسائل الإعلام التونسية المشبوهة المخترقة من قبل هذه الشراذم، كما يجب أن تقدم قضايا ضد هؤلاء لإجرامهم في حق التونسيين وتحالفهم مع النظام السابق.

يجب أن نجعل حياة من يفكر في التجرؤ على استبعاد الإسلام من تونس، جحيما، فضلا على أن يجاهر بذلك، فضلا على أن يقع تقديم هؤلاء على العموم كشخصيات وطنية.

--------------
(1) – من حيث الصيغة، هذه اللجنة لاشرعية لها، إذ بأي حق يعطي احدهم لنفسه تكوين اللجان واختيار الأعضاء، ولماذا اختار هؤلاء دون غيرهم.
ثم إن الغريب أن حزب العمال الشيوعي اعترض على هذه اللجنة من حيث طريقة تكوينها، بينما حركة النهضة الإسلامية لم تعترض لا من حيث طريقة التكوين ولامبدئيا بما أن جل عناصرها متطرفون يساريون.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...