حزب الدولة ودولة الحزب في تونس

حتى نفهم أكثر ما حدث ويحدث في تونس يجب أن نحدد معالم الصورة الشاملة. ومن مكونات هذه الصورة ما كان يسمى بـ "الحزب الحاكم" و"حزب الدولة" "والحزب المهيمن" وكان، لا رحمه الله، يطلق عليه "التجمع الدستوري الديمقراطي"
هو ليس تجمعا، لأن أعضاءه لم يتجمّعوا حول فكرة كلية سياسية أو عقائدية أو برنامج اصلاحي أو غيره، إنما اجتمعوا على عصبية مصلحية ضيقة مهيمنة، ترفع شعار الوطنية وإحقاق الحق واحترام الإنسان ودولة القانون والمؤسسات، وتضمر حقدا دفينا على من ليس معهم ولم يتبعهم ويكثر سوادهم، أو من تصدى لهم ومن لم يغترّ بزيفهم وحقارتهم وكشف عوارهم وشنارهم. 
بل يصدق فيهم قوله تعالى: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}. 

وهو ليس دستوريا البتة، لأنهم وضعوا الدستور تحت أقدامهم، فداسوه ودنسوه وعدّلوه بحسب شهواتهم، وبدّلوه وفصّلوه على مقاس سيدهم ورب نعمتهم وحامي جرائمهم، وخرقوه منذ تأسس حزبهم، ويشهد على ذلك فقهاء القانون وشرفاء القضاة ونشطاء المحامين ممن لم ينتمي الى بطانة بن علي وشركاءه. 

وهو ليس ديمقراطيا بالمرة، لأنه لم يبنى، ابتداءا، على عقيدة سياسية ناهيك أن يكون مبنيا على أسس ديمقراطية. فلا وجود لآليات الديقراطية في قاموسهم ولا ثقافتهم، بل لم تمارس الديمقراطية يوما من الأيام في حياتهم الحزبية ، إنما هي وصاية وهيمنة عمودية متدرجة، يسود فيها الكبير من هو أدنى منه رتبة. ثقافتهم الوشاية وديدنهم الإزدراء والتحقبر، والإذلال والتدجيل، والكذب وإضمار السوء بين يعضهم البعض وتجاه ضعفاء الشعب. 

وبهذه العقلية السافلة دنسوا مساجد الله بوشاتهم ومخبريهم، وسجنوا المصلين ضلما وعدوانا لأنهم يعمرون مساجد الله، واشتروا ذمم الناس بأبخس الأثمان، وقتلوا الحياة السياسية بأخس المبررات، وسفهوا أحلام الحقوقيين، بجميع أطيافهم، بأبشع الصور، وأهانوا الشرفاء وقيادات المجتمع بأوضع الطرق. 

بل يخرج علينا اليوم قوم كانوا الى الأمس أعضاء في هذا الحزب، ينسلخون منه بكل جرأة ويتبرؤون من جرائم ارتكبت باسمهم بمرءا ومسمع منهم، ويدّعون أنهم أول من تضرر من سياسة حزبهم، ونسوا الضرر الأعظم الذي وقع على من لم يكن يوما منهم من أفراد شعب تونس المسكين. 

ولهذا السبب نحن نطالب، وبإصرار لا يخالجه شك، ليس فقط أن يحل هذا الحزب بكل هياكله بشكل قانوني، بل يجب أن يحاكم مسؤولوه وقيادييه علنيا أمام القضاء التونسي كشخصية اعتبارية، تصادرُ أمواله ومقراته وممتلكاته ومخصصاته الحكومية، وكل الإمتيازات التي اغتصبها من الوطن تردّ الى مالكها الشرعي وهو الشعب. 

يجب أن تمنع بالقانون تسمية حزب آخر باسمه - ولا أضن أن حزبا ساسته محنكين، يخاطرون بوجودهم السياسي ويختارون هذا الإسم بل سنجدهم ينقسمون الى عدة احزاب مختلفي القيادات لكن يوحدهم انتمائهم السابق ومسؤولياتهم التي تراسوها  في حزب التجمع لذلك ستختلف اسماء احزابهم لكن توحدهم مبادئ التجمع لذلك يجب محاسبة قياديه بنية رد اعتبار شعب روّع وأذلّ فقط بذكر هذا إسم هذا الحزب اللعين. والغاية من هذا ليست التشفي من جبار سقط أو حرمان فئة سياسية من حق يكفله العقل وكل دستور محترم. 

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...