مللت ثقافة التصفيق

يقال بأن التصفيق بدأ مع اليونانيين ، وقد كان للتعبير عن حب الناس وإعجابهم في العرض المسرحي الذي يشاهدونه ، وهناك من يقول أيضاً عن اليونان بأنها أول دولة وجد فيها مهنة التصفيق ، وهم مجموعة من المأجورين الذين يمتهنون التصفيق في العروض المسرحية والمسابقات الفنية والعروض الرياضية الأخرى ، كيما يوجهوا أنظار الجمهور والحكام لتلك الفعالية .

والفرق واضح بين التصفيق الصادق للأبداعات والمغشوش مقابل أجر .
والمُصَفِّقْ والمُصفَّق له أنواع ، فهناك من يستحق ، وأعزّي ذلك لسبب إبداعي وغالباً مايكون إبداع فنّي مميز لايمكن إلا للندرة القليلة التميُّز به ، وهناك من يرغم الحضور على التصفيق سواء بالعصا أو بالإيحاءات ، وعن ذلك حديثنا .
يوجد نكتة قالتها الشعوب العربية عن حكامها بتغيير إسم الحاكم لكل دولة ، وهي عن رأس الدولة الذي تنكر وذهب إلى السينما ، وقبل بدء الفلم كانت السياسة تستغل هذه الفرصة لتعرض فلم مصوّر عن إنجازات القائد ، ويبدأ الكل بالتصفيق إلا القائد المتنكّر ، ليلتفت له الذي بجانبه ويقول ( صفق ترى يودّون جلدك للدباغ ) . سردّت هذه النكتة مستعيضاً عن الشتيمة ذات العيار الثقيل بجلدك للدباغ ، وقلت في نفسي قد يوجد شخصاً لايعرف تلك النكتة وهذا من المستحيلات . فكم من مرة إحمَّرَّت الكفوف من شدة التصفيق وذلك أفضل من إحمرار المؤخرات بـ ( صوندات ) الأمن .
وهناك من يصفَّق له إحتراماً لمكانته أو لحكم روتيني تقليدي أو مجاملةً أو تملّق ، وذلك مايحدث في الصالات التي تحتوي على منصّات يتعلّق بها ويعلّق الحضور لفترة من الوقت لإلقاء خطبة سياسية أو دينية ، أو إمتداح شخصاً له جاه أو لإحياء ذكرى فقيد له منجَزٍ ما . 
الخطب السياسية أثبتت عدم جدواها ، وما التصفيق لها إلا نوع من إلإذلال والإنصياع لشخص سيسعى أو يسعى جاهداً لسحق من هم بمعيته .
نحن أكثر الأمم تصفيقا ... البعض يقول أننا ظاهرة صوتية .. نحن نصفق في يقظتنا 

وفي منامنا للزعيم والمسؤؤل والوزير ..ثقافة يعيش .. يعيش.. بالروح .. بالدم ..
ثقافة التصفيق .. صفقنا لعبد الناصر وعرفات وصدام ... وهذه الأيام لـأردوغان ...
المحاصرون في غزة لايحتاجون إلى تصفيق .. والشهداء والأحرار الذين انحازوا للمضطهدين
لايحتاجون للزعيق .. عرفنا التصفيق لـأم كلثوم عندما نريد إعادة المقطع الذي أعجبنا وأثار
عواطفنا في الاستمتاع .. وفي عالم السياسة نصفق حتى نثبت للزعيم الفلتة أننا موالون
ولكي ننفي عنّا تهمة العمالة .. 
عندما هجرت الأمم التصفيق وتبويس الأيدي انتقلت نوعيا إلى عالم العمل والمشاركة..
وتطورت ونهضت وعظم شأنها ...
كان هتلر يسوق القطيع الجماهيري إلى أتون الموت في الحرب الثانية وكان القطيع 
يصفق له بحماس منقطع النظير ..وكذلك الأمر مع موسوليني زعيم الفاشية الإيطالية 
وصدام في حروبه العبثية ... في حين قاد تشرشل بريطانيا إلى شاطىء النصر المؤزر
دون كلام ولاخطب عصماء ولابتراء ... بل كان يتابع أثناء الحرب مع ألمانيا النازية
حتى القضايا الصغيرة .. وجد مرة أنبوبا للمياه مكسورا في شارع ما من شوارع لندن
فــ طلب إصلاحه فورا حتى لوكانت الطائرات تقصف لندن ...
الوطن الذي تكون أولوياته ثقافة التصفيق والسمع والطاعة العمياء والزعيق اللاواعي
وطن لاينهض ولايتطور ... وهو أشبه بـ زنزانة كبيرة وحظيرة للأغنام ...
الوطن ينهض بــثقافة المشاركة .. الرئيس مع المرؤوس.. ثقافة النقد البنّاء ...

ومأسسة كل شيء... لاثقافة الزعيق والتصفيق
أعجبني هذا التعريف وهو ينطبق على الكثيرين ، " التصفيق هو مغسلة من مغاسل غسل دماغ الشعب وهي مغسلة اليد لتلويث العقل ، وهي مغسلة تخترع مصطلحات جديدة في الكذب والغش

متى ما كان التصـفيق في محلّه و بأسـتحقاق و جدارة وجب .. التصفيق للحق للعدالة والإنصاف الحقيقيين لسيادة القانون والنظام للمـساواة للرفاة لكل إبداع و إنجاز يخدم المجتمع والقائمة تطول ؛ لا للصفاقة و أهلها في كل زمان و مكان فـهي ثقافة مفروضـة غالبـا ً مرفوضـة الى غير رجـعـة ثقافة المهزوزين الخانعين الخاضعين المتسولين المتلونين والوصوليين معاً .

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...