مايحدث في تونس يحدث في مصر

بعد هروب الرئيس التونسي السابق زين العابدين الى السعودية يوم 14 من هذا الشهر تخيل البعض من ابناء شعب مصر المتعطشين الى التغيير والحرية الحقيقية ان سيناريو ماحدث في تونس يمكن تكراره في مصر بنفس السرعة والبساطة والســــهولة .. وســـــــارع بعض المعارضين للنظام بنصح الرئيس مبارك الذي تــجاوز الثلاثيـــــــن عاما في مقعد الحكم باخذ الدرس مما حدث لزين العابدين والتخـــــلى طواعـــية عن الحكم واعطاء الفرصة للشعب لاختيار من يريده عن طريق الانتخابات النزيهة.
وجاء رد النظام المصري سريعا على لسان وزير الخارجية ابو الغيط صادما للبعض ولكنه لم يكن مفاجئا لي شخصيا حيث قال الرجل بثقة عمياء وغرور عجيب ردا على سؤال من صحافي عن امكانية حدوث التغيير قريبا في مصر بنفس الطريقة التي حدثت في تونس قال: كلام فارغ.. كلام فارغ!! يعني يقصد يقول من سابع المستحيلات ان يحدث التغيير الذي يطالب ويحلم به الشعب المصري حتى لو خرجوا كلهم عن بكرة ابيهم وامهم وجدودهم الى الشوارع يطالبون بالتغيير. 
انني اتفق مع الوزير ابو الغيط فيما قال وارى انه من السذاجة ان يتصور بعض المعارضين وغير المعارضين من الناس الطيبين المحبين لبلدهم مثلي ان النظام المصري سوف ينهار ويسلم اوراقه ببساطة مثلما فعل ابن الزين اذا خرج الى الشوارع مليون او اثنين او حتى ثلاثة ملايين مصري. 
كلام فارغ بكل تأكيد اذا تصور البعض من المصريين او العرب ان الرئيس مبارك، او حتى الرئيس الليبي القذافي او غيرهما، تحت اي ظرف من الظروف سوف يأخذ افراد اسرته ويهرب بهم الى السعودية او اي بلد اخر، الا اذا انقلب عليه وزير الدفاع والداخلية معا لانهما وحدهما يملكان السلاح والعتاد واكثر من 2 مليون رجل وامرأة ينتظرون الاشارة لتنفيذ اي اوامر تعطى لهم بطاعة عمياء، ولكن للأسف هذا الافتراض او السيناريو يستبعد حدوثه حاليا في مصر لان وزير الداخلية والدفاع معروف عنهما اخلاصهما الشديد الاعمى للرئيس مبارك حتى اخر نبض في صدره واخر لحظة في عمره.
على اي حال ورغم استبعاد تكرار نفس سيناريو تونس في مصر، الا ان التغيير سوف يأتي على مصر قريبا بطرق شتى لانه جزء من تكوين الطبيعة والحياة والوجود.. التغيير القادم المتوقع حدوثه في مصر لن يكون بنفس بساطة ما حدث في تونس، ولكنه سوف يكون عنيفا قويا مثل الزلزال والفيضانات وحرائق الغابات المدمرة.. سوف يترتب عليه الكثير من الدمار والخراب وخسائر كبيرة في ارواح المصريين والاملاك العامة.. سوف يأتي التغيير ولكن قبل حدوثه من المتوقع ان تشهد مصر صراعات كبيرة على السلطة بين رجال العادلي وقادة الجيش المصري وسوف تكون الغلبة في نهاية المطاف لصالح الجيش المصري الذي سوف يتولى احد قادته ادارة البلد وليس جمال مبارك او صفوت الشريف او عز او زكريا عزمي او الاخوان المسلمين او غيرهم.
والحقيقة ان الرئيس مبارك ولا احد غيره يمكنه في الوقت الراهن اعطاء الفرصة الوحيدة والاخيرة لحدوث التغيير المطلوب في مصر بطريقة سلمية متحضرة وانتقال السلطة الى رجل اخر بدون صراعات او ثورات او انقلابات وسفك دماء اذا تنازل طواعية عن الحكم ودعا الى اجراء انتخابات عامة تحت اشراف دولي لضمان سلامة نتائجها وعدم تزويرها والتلاعب فيها واذا قام ايضا بتغيير الدستور المصري الحالي الذي قنن التعصب والتطرف والكراهية والجرائم الطائفية وسمم العقول وتسبب في تراجع وتخلف مصر وتمزيق وحدة شعبها بدستور اخر علماني يجمع ابناء شعب مصر ولا يفرقهم ويؤكد على مفاهيم العدل والرحمة والمساواة والمواطنة الكاملة وحقوق الانسان والعمل والابتكار.. ترى هل يعملها الرئيس مبارك قبل فوات الاوان لكي يريح الكل ويستريح و يجنب مصر كثيرا من الصراعات والمصاعب والويلات التي تنتظرها ام انه سوف يعاند ويكابر مثلما فعل اخر فراعنة مصر وليكن ما يكن من بعده؟

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...