جهاد الظلم والفساد

فقد أمرنا الله عز و جل وفرض علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال
)) ولتكن منكم امة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكروأولئك هم المفلحون((آل عمران ** وجعل الهدف الأول لهذا الأمر ولهذاالنهي هو الإصلاح ودفع الفساد ، قال الله عز وجل)) ولولا دفعالله بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل علي العالمين(( البقرة** وفي الحديث عنالنعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي  قالمثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا
على سفينةفصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرواعلى من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وماأرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)) رواه البخاريوالترمذي .
*ولأن الذينيصلحون في الأرض ويدفعون الفساد ويواجهون المفسدون ، معرضون للبطش والسجن وللقتلأحيانا     ، فإن الله عز وجل زجر المفسدين  والظالمين و حذرهم من التعرض للمصلحين، فقال جل وعلا
((إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذينيأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب اليم))آل عمران** ومن ناحية أخري يحضالمسلمينالمصلحين علي عدم الخوف وتذكر عظيم الأجر فقال النبيفي الحديث الذيرواه جابر رض الله عنه  \" سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه فقتله\" .
والمفسدون لنيتركوا المصلحين وإن تركهم المصلحون ولم ينكروا عليهم ما داموا حاملين لمنهجالإصلاح ،والمصلحون لن يتركوا المفسدين وإن تركهم المفسدون ما داموا حاملين لمنهجالإفساد ويسعون في الأرض فساداً
ونحن المسلمون .
 أخذنا علي أنفسنا عهداً ألا نترك الظالمين والمفسدين وإن تركونا حتىينتهوا عن ظلمهم وفسادهم ، وذلك طاعة لله ورسوله وحباًلأوطاننا.
*وللذين يسعونللإصلاح ويدفعون الظلم ، أخلاق وآداب حريٌ بنا أن نتأدب بها ، وأن نجعلها نصبأعيننا ، ومن أهم هذه الآداب :
أولا : الله غايتنا
إننا ونحن نسعىللإصلاح ورفع الظلم ، إنما نقوم بذلك ابتغاء وجه الله  ، وليس لنا فيه مصلحة شخصيةضيقه    ، ولا مصلحة خارجية ، ولا نقوم به من أجل شرق أو غرب ، أو من أجل عرب أوفرس أو عجم  ، وإنما الله غايتنا في كل ما نقوم به ، و هذا أمر الله عز وجل لنا((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)))) الأنعام)) ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاةويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)))) البينة))
وأمر رسول اللهلنا \" إن الله يقول : أنا خير شريك ، فمن أشركبي أحدا فهو لشريكي ! يا أيها الناس أخلصوا الأعمال لله ، فإن الله عز وجل لا يقبلمن العمل إلا ما خلص له ، و لا تقولوا : هذا لله و للرحم و ليس لله منه شيء ! و لاتقولوا : هذا لله و لوجوهكم  فإنه لوجوهكم ، و ليس لله منه شيء\" .قالالألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 6 / 624 :
*ونحن المسلمون في أعناقنا بيعة رأسها الفهم الصحيح ، وقلبها الإخلاص لله رب العالمينيقول الإمام البنا ( أركان بيعتنا عشر فاحفظوها الفهم…. والإخلاص و أريد بالإخلاص :
أن يقصد الأخ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه الله ، وابتغاء مرضاته وحسنمثوبته من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر ، وبذلك يكونجندي فكرة وعقيدة ، لا جندي غرض و منفعة))قل إن صلاتي ونسكيومحياي ومماتي لله رب العالمين))الأنعامو بذلك يفهم الأخ المسلم معنى هتافهالدائم (الله غايتنا) و (الله أكبر ولله الحمد(.
ثانيا : أهدافنا من الإصلاح
1-   إصلاححال الوطن
*إننا ونحن نسعىللإصلاح ورفع الظلم نضع نصب أعيننا أهدافا كي لا نحيد بعيدا عنها ، وأول أهدافنا منالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( الإصلاح ورفع الظلم ) هو أن ينصلح حال وطننا  ،فلا نجد فيه ظالم ولا نجد فيه مظلوم ، ولا نجد فيه فقيرا يموت جوعا  ، ولا نجد فيهمن يدعي أن الحرية سب الله وسب الرسول ، ولا نجد فيه انحطاطا أخلاقيا ولا تفككااسريا ، وطن أمن فيه الجميع علي دينه وعلي عرضه وعلي نفسه وعلي ماله .
*وان بلادنا لاتستحق ما هي فيه من ذل ومهانة وفقر ، بل تستحق أن تعيش بكرامة وحرية ، فبلادناتستحق منا أن نضحي بكل شيء من أجل تكون لها السيادة والأستاذية علي العالم كله .
وقد تعلمنا منقراننا أن نسعى لإصلاح أوطاننا فهاهو شعيب عليه السلام ينادي قومه إن أريد إلاالإصلاح
وقد تعلمنا مننبينا حبه لوطنه فقاللمكة((ما أطيبك من بلدواحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك))رواه الترمذي وصححهالألباني
*ونحن المسلمون أحرص الناس علي أوطاننا وأكثرهم هما به حتي أن الهدف الأول للإخوان هوتحرير الأوطان يقول الإمام البنا رحمه الله في رسالة بين الأمس واليوم ((ماذا نريدأيها الإخوان ؟ أنريد جمع المال وهو ظل زائل ؟ أم سعة الجاه وهو عرض حائل ؟ أم نريدالجبروت في الأرض :  إن الأرض لله يورثهامن يشاء من عباده  الأعراف . ونحن نقرأقول الله تبارك وتعالي(تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَالِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُلِلْمُتَّقِينَ)القصص
شهد الله أننا لانريد شيئاً من هذا وما لهذا عملنا ولا إليه دعونا ، ولكن اذكروا دائما أن لكم هدفينأساسيين :
1-أن يتحررالوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي وذلك حق طبيعي لكل إنسان ، لا ينكره إلا ظالمجائر أو مستبد قاهر .
2-أن تقوم فيهذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتعلنمبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة الناس  ، وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمينجميعاً آثمون مسئولون بين يدي الله العلي الكبير عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عنإيجادهم . ومن العقوق للإنسانية في هذه الظروف الحائرة أن تقوم فيها دولة تهتفبالمبادئ الظالمة وتنادي بالدعوات الغاشمة ولا يكون في الناس من يعمل لتقوم دولةالحق والعدالة والسلام
 نريد تحقيق هذينالهدفين في  بلاد العر وفي كل أرض أسعدها الله بعقيدة الإسلام : دين وجنسية وعقيدة توحد بين جميع المسلمين .
*ونحن المسلمون نحب وطننا ونعتز به .
إنناتلقينا الإسلام تلقياًكريماً وذاد عنه العدوان في كثير من أدوار التاريخ وأخلص في اعتناقه و طوى عليهأعطف المشاعر وأنبل العواطف ، وهو لا يصلح إلا بالإسلام ولا يداوى إلا بعقاقيره ولايطب له إلا بعلاجه . وقد انتهت إليه بحكم الظروف الكثيرة حضانة الفكرة الإسلاميةوالقيام عليها  وكيف لا ندفع  بكل ما نستطيع ،وكيف يقال إن الإيمان لا يتفق مع ما يجب أن يدعو إليه رجل ينادي بالإسلامويهتف بالإسلام! إننا نعتز بأننا مخلصون لهذا الوطن الحبيب عاملون له مجاهدون فيسبيل خيره ، وسنظل كذلك ما حيينا معتقدين أن هذه هي الحلقة الأولي في سلسلة النهضةالمنشودة ، وأنها جزء من الوطن العربي العام ، وأننا حين نعمل للعروبةوالشرق والإسلام .
وليس يضيرنا فيهذا كله أن نعني بتاريخنا القديم , وبما سبق إليه قدماء الناس منالمعارف والعلوم . فنحن نرحب كتاريخ فيه مجد وفيه علم ومعرفة . ونحاربهذه النظرية بكل قوانا كمنهاج عملي يراد صبغ  به ودعوتها إليه بعد أن هداها اللهبتعاليم الإسلام وشرح لها صدرها وأنار به بصيرتها وزادها به شرفاً ومجداً فوق مجدها، وخلصها بذلك مما لاحق هذا التاريخ من أوضار الوثنية وأدران الشرك وعادات الجاهلية .)) دعوتنا في طور جديد
2-    إصلاحالمفسدين
*وهذا الخلق خلقرفيع من أخلاق المصلحين إذ أننا نريد في المقام الأول أن ينصلح حال المفسدين ، لاأن يزالوا أو يهلكوا ، والله عز وجل علمنا ذلك فقال لموسى عليه السلام))اذهبا الي فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يذكر أويخشى((.
وليس لنا من هدفإلا أن يرفع الظلم ويندحر الفساد ، فإذا حصل المراد وانتهي الظالم عن ظلمه والفاسدعن إفساده كان أخ لنا نعينه علي الصلاح والإصلاح .
وقديما قالوا لوكانت لي دعوة مستجابة لجعلتها لولي الأمر وهي دعوة إصلاح وليست دعوة ولاء تقال عليالمنابر وفي الفضائيات ، وإنما دعوة يبتهل بها في الخلوات والسجدات .
*ونحن المسلمون ليس بيننا وبين احد عداء شخصي ولا تضارب مصالح ، وإنما بيننا مصلحة هذاالوطن ولذلك نمد أيدينا للجميع ، نمد أيدينا للمصلحين فنعينهم علي إصلاحهم ، ونمدأيدينا للمفسدين والظالمين فنعينهم علي ترك الظلم والفساد.
*ونحن المسلمون نمد أيدينا للجميع حتى لمن يحاولون أن يقطعوا هذه اليد الممدودة لهمبالخير  ، وقديما ذهب موسى إلي فرعون يدعوه إلي الخير ويأمره بالإصلاح وهو يعلم أنفرعون يريد أن يقتله.
ثالثا : الصبر علي الأذى
*فما دمنا نريدالإصلاح فسنبتلي وهذه هي طبيعة الدعوات والله عز وجل يقول))وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(( فما دام هناك حق فلابد أنيكون صبر ، صبر علي الإيذاء في سبيل هذا الحق ، وصبر علي الالتزام بهذاالحق.
*وصبرنا يجب أنيكون صبر جميل يملاه اليقين بأن الضر والنفع بيد الله عز وجل  ، وان ما أصابك لميكن ليخطئك ، وان الله عز وجل لا يضيع اجر المصلحين ، وإنما نصبر علي الأذى ابتغاءالأجر والثواب والله عز وجل يقول))فالذين هاجروا واخرجوا منديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقوتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجريمن تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب((
*وصبرنا علي الأذىليس ضعف ما دمنا ثابتون علي مبادئنا ، وإنما الضعف أن نفرط في مبادئنا ، أو نتركالإصلاح مخافة الأذى ، وليس القوة بان يرد الصاع بصاعين ، وإنما القوة بأن نعلو عليجراحنا مادام ذلك يرضي ربنا ويصلح أوطاننا
وفي الختام يقولالإمام البنا في رسالة بين الأمس واليوم  :
العقبات فيطريقنا : أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لا زالت مجهولة عند كثير من الناس ، ويوميعرفونها ويدركون مراميها ستلتقي منهم خصومه شديدة وعداوة قاسية ، و ستجدون أمامكمكثيراً من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات ، وفي هذا الوقت وحده تكونون قد بدأتمتسلكون سبيل أصحاب الدعوات . أما الآن فلا زلتم مجهولين تمهدون للدعوة وتستعدون لماتتطلبه من كفاح وجهاد . سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم ، وستجدون منأهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم فيسبيله ، وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان ، وستقف في وجهكم كلالحكومات علي السواء ، وستحاول كل حكومة أن تجد من نشاطكم وأن تضع العراقيل فيطريقكم .
وسيتذرع الغاصبونبكل طرق لمناهضتكم وإطفاء نور دعوتكم ، وسيستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفةوالأيدي الممتدة إليهم بالسؤال وإليكم بالإساءة والعدوان . وسيثير الجميع حولدعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات ، وسيحاولون أن يبصقوا بها كل نقيصة ، وأنيظهروها للناس في أبشع صورة ، معتمدين علي قوتهم وسلطانهم ، ومعتدين بأموالهمونفوذهم))  (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِبِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَالْكَافِرُونَ)( (التوبة:32)  . وستدخلون بذلكولا شك في دور التجربة والامتحان ، فستجنون وتعتقلون ، وتنقلون وتشردون ، وتصادرمصالحكم وتعطل أعمالكم وتفتش بيوتكم ، وقد يطول بكم مدي هذا الامتحان))  (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لايُفْتَنُونَ( (العنكبوتولكن الله وعدكم منبعد ذلك كله نصرة المجاهدين ومثوبة العاملين المحسنين.
 فهلأنتم مصرون علي أن تكونوا أنصار الله ؟

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...