كي لاننسى زنادقة تونس


من اليسير على كل متتبع للموضوع، أن يلحظ حقيقة تنامي عمليات التهجم على الإسلام ورموزه وحضارته في عالم التدوين ومواقع الويب التونسية، ممثلة بكل أنواع التسفيه من سخرية وتشكيك وتهجمات وتنظير فكري، تأتيها جماعات تونسية تنتمي لما يسمى باليسار أو ما يمكن أن نطلق عليهم جماعات الزندقة حسب المصطلح الإسلامي.ومن الأمور الجديرة بالملاحظة في هذه المسالة، هي فاعلية تحرك هؤلاء نسبة لعددهم القليل على أية حال، وكثافة نشاطاتهم، وسرعة حضورهم كلما دعا داع وتنادوا للفزع حينما يلاحظون ادني موضوع يعنيهم
ولعل هذه العوامل هي التي ولدت الظاهرة الشاذة التي تشهدها تونس دون غيرها من البلدان الإسلامية تقريبا، وهي تواجد أطراف تعمل بكل حرية على محاربة عقائد التونسيين وتشكك فيها وتنظّر لذلك من خلال الجامعات التونسية ووسائل الإعلام و المنظمات المدنية، مقابل عدم وجود أي رادع جدي ضدهم، سواء أكان رادعا رسميا أو رادعا شعبيا، فيما يمكن تفسيره على الأرجح بالعجز على مواجهة سطوة هؤلاء، نظرا لما يحوزونه من عوامل قوة تتغذى ابتداء من اللوبي الذي يجمعهم ذي القوة المؤثرة، ووصولا لعلاقات تجمع بعضهم بأطراف أجنبية، يستمدون منها الإسناد الإعلامي تارة، والتمويل المادي تارة أخرى، من ذلك أن جهات أوروبية تمول إحدى المنظمات النسوية التونسية المشبوهة ذات الاتجاهات اليسارية، كما تمول جهات أمريكية إحدى المراكز التونسية التي تساهم في نشر "الإسلام المعتدل" أو كما يعرف ب"الإسلام الأمريكي" (1 ) 

دفاع عن "إسرائيل " ومساندة لعمليات التبشير المسيحي بتونس: 
يمكن ملاحظة أن تحركات الزنادقة بتونس، اتخذت أخيرا خطوات تتسم بالجرأة في الإعلان عن حقيقة توجهاتهم الشاذة، رغم مصادمتها للتونسيين عموما: 
- إذ أعلن الكثير من هؤلاء عن مساندتهم لإسرائيل في مجازرها الأخيرة بغزة، وحمل هؤلاء حركة "حماس" المسؤولية في الإعمال التي وقعت، بل وذهب بعضهم حد التندر والتهجم على الشهداء الفلسطينيين ويصل التهافت والهزيمة النفسية لديهم حد التمني بزيارة "إسرائيل" والاطلاع علي مدنها. 
- كما عبر بعض هؤلاء عن مساندتهم لعمليات الدعوة للمسيحية بتونس واستهجنوا رفض تلك العمليات ، وردد بعضهم الطرح المسيحي نفسه، قائلين إن الأصول المسيحية بتونس أقدم من الإسلام (2)، وان الإسلام بتونس دين غير أصيل، وانه إذا كان يجب منع المنظمات المسيحية من أن تقوم بأعمال دعوة تستهدف التونسيين، فانه يجب كذل ك منع المسلمين من الدعوة لدينهم أيضا. 
- واتخذ بعضهم الآخر حرية التعبير مطية، للقول بأنه لا يجب أصلا منع المنظمات المسيحية من القيام بالدعوة للمسيحية بين التونسيين او غيرهم. 
- ويصرح هؤلاء بحبهم الإلحاق بالغرب وفرنسا بالتحديد، وقد لاموا تخلي فرنسا عنهم، ودعوها لإنقاذهم مما تشهده تونس من انتشار مظاهر المد الإسلامي مجسمة بالإقبال على الكتب الإسلامية . 

دفاع ودعوات للانحرافات الأخلاقية: 
ومن بوادر الإحساس بالحرية التي يستشعرها هؤلاء الزنادقة بتونس، ولعلها من بوادر الشعور بالقوة أيضا، أنهم أبانوا صراحة عن مواقفهم المطالبة بالحرية الجنسية، كما رفض بعضهم عمليات المنع التي يلقاها جماعات عبدة الشيطان وغيرها. 
كما يرى هؤلاء انه لا فرق بين من يعبد إلها وبين من يعبد أي شيء أخر ولو كان صنما أو كان ملحدا، وانه من منطلق حرية التعبير فانه لا يجوز تغليب رأي ضد رأي آخر، في إشارة منهم لرفضهم لأن تسود المفاهيم والقيم الإسلامية بالمجتمع وأن تكون هي الإطار المرجعي 
بالمقابل فان مدونات هؤلاء تحفل بالافتخار والتغني بكل الانحرافات، فالتحدث عن العلاقات الجنسية المحرمة شيء طبيعي لدى هؤلاء يستدعي التفاخر به وسرد تفاصيله، أما وصف جلسات الخمر والفرح بتزايد نسب استهلاكها لدى التونسيين، فهو أيضا موضوع يكتب لدى هؤلاء بكامل التلقائية ومن دون اي أدنى قدر من الخجل أو الإحساس بالإثم، وهي مما يؤشر على درجات متقدمة من العزة بالإثم المقرونة بالإحساس بالقوة وبالمنعة من المتابعات القانونية ماداموا بهذا البلد تونس، يصاحبه ما يشبه الاستهزاء بعموم التونسيين من الذين لا يأتون ما يأتي هؤلاء من انحرافات. 

تهجمات على الإسلام وعلى رموزه: 
لا يكتفي هؤلاء بإعلانهم الكفر البواح بالإسلام وعدم قناعتهم به كدين كما يصرحون بذلك، ولكنهم يأبون إلا أن يتهجموا على دين الله وعلى رموزه بكل أنواع التهجم وأكثرها دونية . 
فهؤلاء يرون الإسلام مثله مثل الأساطير وهو يتحول لديهم لمجرد خرافات تشابه خرافات الدجالين من الذين يحترفون معالجة الناس بالتمائم، ونبي الإسلام صلى الله عليهم –حاشاه مما يقول هؤلاء السفهاء- كان مخادعا ماكرا عرف كيف يمضي حيله ليتحكم في رقاب الناس . 
وفي حين يتحرك منظرو الزنادقة المتواجدون بالجامعات التونسية بشيء من حذر، إذ يسبغون مواقفهم ضد الإسلام في ثوب البحوث الأكاديمية حينما يروجون لكل ما يتهجم على الإسلام ويشكك فيه، فإنهم من خلال عالم الويب يعبرون عن مواقفهم الحقيقة صراحة، متخذين من أسمائهم المستعارة غطاء لهم من أن تقع مسائلتهم ومحاسبتهم، اذ نراهم يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم، ويشككون في القران ويزعمون انه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم. 

بعض من آليات التحرك: 
لم يصل زنادقة تونس لهذه المرحلة من القوة والنفوذ إلا من خلال عدة عوامل، منها قوة اللوبي الذي يجمعهم، ومنها اعتبارات كفاءتهم في التحرك ومنها عوامل أخرى موضوعية، ولكن بالمقابل، فانه يمكن أن نذكر بعض آليات التحرك التي ينطلق منها هؤلاء، من ذلك: 

- الترهيب: 
يتقن هؤلاء استعمال أسلوب ترهيب كل من ينتقدهم، وترتكز عمليات ترهيب خصومهم على خليط من عمليات إلصاق التهم الباطلة بالخصم، مع تضخيمها، إضافة للإيحاءات الخطيرة التي تستبطنها تلك التهم. 
من ذلك أن هؤلاء الزنادقة، سرعان ما يصنفون من ينتقدهم على انه ظلامي، وانه متطرف وانه تكفيري، كما يقولون أحيانا ان من ينتقدهم يعمل على التشجيع على الكراهية وبالتالي على الدعوة لقتلهم – هكذا مرة واحدة- ، مما يعني أن منتقدهم يصبح قاب قوسين او ادنى من الصاق تهمة خطيرة به قد تكلفه سنوات من السجن. 
وقد أحسن هؤلاء استغلال هذا الأسلوب حينما تنادوا للتضييق على الصحفي محمد الحمروني، الذي كتب مقالا حول إحداهن عرفت بتشكيكها في مما هو ثابت من الاسلام، وقد اتهمت كتابات الزنادقة التونسيين الصحفي ، بتهم التطرف وبالتشجيع على استهداف تلك المرأة والدعوة لتكفيرها وتشريع قتلها (أنظر هنا)، مما يجعل اي احد يفكر مستقبلا مليا قبل ان يكتب مقالا يتناولهم، هذا على افتراض انه سيجد الجرأة ويكتب حولهم. 

- المغالطات:
وهو أسلوب يجعل من هؤلاء يمررون انحرافاتهم بشكل ملطف يعمل على ستر حقيقتهم المخزية من أن ينتبه الناس لها، من ذلك أنهم يروجون مواقفهم الداعية لكل أصناف الانحرافات الفكرية والأخلاقية على أنها مجرد اختلاف في الرأي وبالتالي فإن كل من ينتقد عمليات نشر الفواحش التي يقومون بها كشرب الخمر و سرد التجارب الجنسية المحرمة والدعوات لعدم تجريم تعاطي المخدارت وغيرها، يصورونه بأنه تهجم على حرية الرأي بزعمهم، والحال ان الأمور المتناولة ليس في مستوى اختلاف آراء، وانما هي حقيقة تباين الخلفيات العقدية المنطلق منها، لأن ما يقومون به هو أعمال ترويج للانحرافات والتشجيع عليها، وهو مما يرفضه عموم التونسيين ويعاقب عليه القانون ببلادنا، وتزداد خطورة هؤلاء إذا عرفنا ان العديد منهم هم رجال تعليم. 
كما يعمدون للمغالطات حينما يقومون بعمليات الترهيب، فهم يصورون اليا كل منتقد لهم على انه يشجع عمليات استهدافهم وبالتالي احتمال عمليات قتلهم، والحال ان من يتناولهم بالنقد يتناول كلاما ومواقف هو أنفسهم لاينكرونها، واذا كان الأمر مما يخشى نتائجه لديهم، فانه يلزمهم هم ان يكفوا عن إتيان تلك المواقف، لا ان يطلب من الغير عدم انتقادهم، وبالتالي فمغالطاتهم توجد في مستوى تحريف من هو صاحب المسؤولية، اذ يصورون بخبث أنفسهم مساكين مقابل شيطنة منتقديهم ، كما إنهم بهذا الأسلوب يجعلون بالتالي لأنفسهم الحق في الحديث، وينزعون عن الغير أحقية انتقادهم من خلال تجريم عملية مسائلتهم ونقدهم. 

- إتقان لادوار الفزع المصطنع: 
يتقن قطعان الزنادقة بتونس، تمثل حالة الفزع، ويؤدون تلك الأدوار بكل كفاءة، مما يصورهم مجرد مساكين، متربص بهم من طرف مجاميع المتطرفين الإرهابيين الوهابين التكفيريين بزعمهم. ولما كان الفزع هي حالة مصطنعة مطلوب منها أن تؤدي وظيفة استدار التعاطف والمساهمة في إسناد أسلوب المغالطة، كان لزاما نقل تلك الحالة للرأي العام، وينتج عن ذلك أن هؤلاء ينتجون مواقف الفزع من خلال كتابة المقالات بمواقع الانترنت أو بالتدوينات، او من خلال حملات توقيع العرائض التي يبرع فيها هؤلاء رغم انها عرائض تثبت في كل مرة هزالهم وقلة عددهم، إذ أن الممضين على تلك العرائض نادرا ما يتجاوزون المائتين. 

إلى متى يترك الحبل على الغارب، ألهذا الحد أعجز التونسيين أمر هؤلاء؟ 
يمكن للواحد أن يتفهم السكوت الرسمي والشعبي أمام سطوة شراذم اليسار هؤلاء، لأنهم منتشرون بأجهزة عديدة، وان لديهم لوبي يحميهم، كما أن لديهم علاقات بمنظمات أجنبية تجعل المساس بهم أمرا حساسا، وهي كلها عوامل يستشعرها هؤلاء الزنادقة، مما تجعلهم يتحركون بحرية حين الدعوة لانحرافاتهم والتهجم على عقائد التونسين، بشكل يندر وقوعه ببلدان إسلامية أخرى. 
ولكن إذا كانت عملية الردع التام لهؤلاء غير ممكنة بطريقة فعالة، فانه يمكن على الأقل الحد من سطوتهم، ومن ثمّ التقليل من خطورتهم.. فإذا كان ممكنا تتبع الذين يدخلون مواقع جهادية وتقديمهم للمحاكمات، فكيف يعجز عن تحديد أصحاب المواقع التي تدور كلها تقريبا حول عمليات متواصلة من السب والتشكيك والتهجم عموما على الإسلام ورموزه، أو تلك التي تدور فقط حول الدعوة للانحرافات وتمجيدها؟ أم هل أصبح يسمح بالتهجم على الإسلام ورموزه بتونس ؟ 
وإلا كيف يسكت عن القائمين على تلك المواقع التي تروج للانحرافات وسب الإسلام؟ الأمر ليس دعوة لغلق تلك المواقع، وإنما دعوة لتتبع أصحابها والقائمين عليها وتقديمهم للمحاكمات كما تفعل الدول الأخرى من تلك التي تنتصر للإسلام وتحميه.. 
أم هل يا ترى يثبت الرأي النمطي الذي يقول أن تونس بلد يحارب فيه الإسلام؟ وأي محاربة للإسلام أكبر من أن تقام المواقع وتدار من تونس وهي تتهجم على الإسلام وتسفه نبيه، ويمضي أصحابها بكل حرية في حال سبيلهم من دون أدنى مسائلة؟ وأي محاربة للإسلام أكبر من أن يترك للبعض الحرية باستعمال الجامعات التونسية للترويج لأطروحات تشكك في الإسلام تحت ستار البحث العلمي. 
إذا كان سب الجلالة فعل يقدم من اجله الناس في القانون التونسي للمحاكمات، فكيف بمن يدير مواقع لا تعمل إلا على التهجم و الاستهزاء بدين الله ورموزه، أو تدعو للانحرافات تحت ستار حرية الرأي، أو تنظّر لعمليات التشكيك في الإسلام ويقوم عليها أساتذة يدرسون بالجامعات التونسية، وهل كتب على التونسيين أن يبدلوا مفاهيمهم وقيمهم حتى يرضى عنا الغرب وأذياله هؤلاء من الذين استنبتهم بين ظهرانينا. 
لماذا لا يقع تناول تنامي ظاهرة الزندقة بتونس بشكل شمولي لما تمثله من خطورة على صورة بلادنا وعلى مستقبلها، لماذا لا يقع تكوين لجان مختصة للنظر في ما كتب وقيل حول زنادقة "كلية منوبة" من الذين يعملون تحت ستار البحث العلمي للدعوة لأطروحات تعمل على التشكيك في الإسلام وتروج لأخرى كفرية؟. 
وإذا كانت الجهات الرسمية تأبى الخوض في هذه الأمور لحساسيتها ولما قد يلحقها من تهمة النيل من حقوق الإنسان، فلماذا لا يقع العمل بآلية الحسبة الإسلامية كما هو موجود ببلدان إسلامية أخرى، وهي الآلية التي ستتيح للمواطن التونسي أن ينتصر بنفسه لدينه بتقديم القضايا ضد المتهجمين والمرجفين من مرتزقة دعوات الإلحاق بالغرب. 

-------------- 
الإحالات: 
1 – من المفارقات بتونس، أن صاحب هذا المركز يلقى الترحيب به إعلاميا، والحال انه يتلقى التمويلات الأجنبية، وهو الأمر الذي كان حري أن يجعله منبوذا. أما والأمر ليس كذلك، فإن هذا يؤشر على وجود خلل في مقاييس التقييم لدى النخب التونسية. 
2 – مثل هذا الطرح معروف ومتداول لدى عموم جماعات الزنادقة بتونس، ولطالما قال به الهالك محمد الشرفي، وقد جسم هذا الرأي، بإضعاف البعد الإسلامي والعربي في محتويات التعليم، بعد عمليات التغيير الجذرية التي أحدثها حين توليه منصب وزارة التعليم

1 commentaires:

مقال روووووووووووووووعة ,شفيتي لي غليلي بارك الله فيكي




-------------------------------
ب10

 

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...