تونس مش ايران يانسمة



في بادرة أخرى من بوادر اللعب على اثارة النعرات الدينية والطائفية في هذا الظرف الحساس الذي تمر به تونس وفي الوقت الذي تعمل اغلبية ابناء هذا الوطن جاهدة مخلصة على انجاح عملية الانتقال الديمقراطي تعمل بعض القنوات التى أنشئت زمن المخلوع سواء بدعم او ترخيص منه على محاولة اقصاء اطراف سياسية لمجرد كونها تمثل تيار الهوية العربية الاسلامية في البلاد وفي هذا السايق بادرت قناة نسمة ببث فيلم كارتوني ايراني مدبلج إلى اللهجة التونسية الدارجة.
ويقدم الفيلم الجمهورية الاسلامية الايرانية كنموذج للتيارات الاسلامية بعيدة كليا عن مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان حسب ما جاء في الومضة الاشهارية للفيلم الذي بثته قناة نسمة، وهو بعنوان 
"Persepolis
"أو "بلاد فارس" للإيرانية مارجان ساترابي وفنسان بارونو. الفيلم فيه رسالة واضحة ومباشرة تستهدف ضرب الصورة التى ارتسمت للإسلاميين لدى الرأي العام التونسي وذلك من خلال التطرق لمسألة الحجاب وتصوير الرجل الملتزم في صورة المتزمت بل والمغتصب كما جاء صراحة في جملة باللهجة التونسية العامية في مشهد لرجل متدين أوقف امرأة محجبة في الشارع لم يعجبه حجابها ليأنبها ويهينها ويخبرها بلغة تونسية فجة أنها "من نوع النساء اللاتي لا يصلحن سوى للاغتصاب ثم الرمي" وهذه صورة نمطية مشوهة في منتهى الخطورة.وكالمعتاد صوّر الفيلم حجاب المرأة على أنه كبت لحريتها من خلال قصة فتاة في سن الثامن نشأت مع والدين "منفتحين" منحاها كل الحرية إلاّ أنها شعرت بالقمع في ظل الحكم الإسلامي وهي تروي حكاية طفولتها مع اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979 وما تلاها من خيبة أمل قبل أن يرسلها والداها إلى النمسا خوفا من الأجهزة الأمنية وتقول لها والدتها في احد المشاهد باللهجة التونسية "نحبك تخرج من هالبلاد نحبك تكون حرة، متحرره" وهنا نعود إلى متاهة حرية المرأة التي يحاولون جاهدا أن يجعلوا منها قضية في تونس رغم عدم وجود المشكل من الأساس كما هو الشأن بالنسبة للتطرف الديني والسياسي لتصل الاساءة منتهاها في تعدي صارخ وهو تجسيد الذات الالاهية والاساءة لها. 
لا شك أن من أشد ما ابتليت به المجتمعات الاسلامية في طريق قومتها ولا زالت، هو تواجد أطراف بداخلها نُشّأت على ‏خلفية فكرية متغربة، وعُمّيت أبصارها، بحيث إنها لا تستطيع أن ترى الإسلام ورموزه إلا كعوامل تخلف وجب مقاومتها ‏واقتلاعها.‏
وليس يعنينا في هذا السياق الحديث عن العوامل التي أوجدت أمثال هذه الأطراف والشخصيات العلمانية، ولكن يحسن بنا ‏إلقاء الضوء على بعض من سلوكياتها الشاذة في الإنبتات عن جذورها حدا وصل ليس فقط التطرف في محاربة الإسلام من ‏خلال رموزه، وإنما تصوير تلك الأعمال المتطرفة على أنها من الفن، يجازى عليها أصحابها ويشاد بهم عوض أن يحاسبوا ‏ويعاقبوا، وهي مرحلة متقدمة من الانحطاط.‏
وكتعليق سريع يمكن القول ردا على كل من يعتقد انه باستطاعته اثارة الفتنة بين التونسيين ان تونس ليست ايران وان الحركات الاسلامية في تونس لا "تشبه" تلك الموجودة في "بلاد فارس" لذلك فان محاولات الايحاء من خلال الفيلم بتطابق الصورتين عملية فاشلة لان التونسي بات اذكى واكثر انتباها لمثل هذه المؤامرات لعل من الأمور النادرة بتونس أن يقع الاتفاق ضمنيا لدى الرأي العام على خطورة ما يقدم من انتاجات إعلامية مرئية ومسموعة بقناة نسمة وانظر إن شئت السخط الذي لاقاه هذا االفيلم ومن قبله العديد من البرامج المعروفة بها لدى الراي العام التونسي بمختلف انتمائاته الفكرية والثقافية والاجتماعية التي تقدمها وانظر إن أردت التأكد للرفض الذي ووجهت به برامجها التنشيطية العديدة الموغلة في السقوط والترويج للقلة الادب ومنافية للذوق التونسي العام كانت ولازالت تقدم من قبل في إشكال متنوعة، ولكنها تشترك في عامل واحد وهي إنها منسوخة عن برامج أجنبية حيث وقع شراء حقوق إعادة بثها.وما يجمع كل هذه المواد المعنية المدانة ،

إن أفضل رد على هذه الهجمة الشرسة التي نواجهها من ابناء جلدتنا اليوم نوردها على لسان الشيخ محمد الغزالي، الذي قال : " نحن نحارب في جبهتين : جبهة الجاحدين للإسلام، وجبهة الجاهلين به ، وكلتاهما شر من الأخرى " . وهؤلاء الجهلة الذين تحدث عنهم الشيخ الغزالي هم شرذمة من أقوام تستروا بمحاربتهم للتطرف بينما هم في الحقيقة عرفوا بتطرفهم ايضا ورفضهم لكل من يخالف ايديولوجياتهم اليسارية ذات الاجندا الغربية وظيفتهم الأولى محاربة التشريع الإسلامي عبر التشكيك بصدق نوايا الجماعات الإسلامية والتشويش بالتالي على العامة وجمهور الناس وإثارة الشك والارتياب في صدقهن وأحقية ما يدعون إليه فيمنع ذلك من رؤية الحق والاستجابة له فتؤثر هذه الشبهات في الناس فتتعلق بها وتحسبها حجة وبرهاناً تدفع به الحق فيتحقق ما يريدون من صرف الناس عنهن وعدم الاستماع إليهم هاهي تونس تئن بين التطرف العلماني اليساري الخاضع للاجندا الغربية ومحاولة طمس هويتها الاسلامية

 فقناة نسمة معروفة لدى العامة انها قناة  تحسب على العلمانيين و تعرف بمعاداتها الشديدة للفكر الإسلامي و القومي وحتى إن استضافت ممثلين عن هذا التيار فان عدم الحيادية للصحفيين الذين يقدمون البرنامج تبدو واضحة في طريقة طرح الأسئلة التي تحاول إعطاء الضيوف صفات مستفزة مثل كلمة "الخوانجية" و هي كلمة عمل النظام المخلوع على إلصاقها بكل من له توجهات إسلامية وهي توحي في ذهن المواطن العادي التطرف و التعصب. 

كما أن قناة نسمة أصبحت قبلة إعلامية لمن يريد مهاجمة التيارات الإسلامية فهي التي استضافت جميع من يهاجم الإسلام على غرار محمد الطالبي الذي نعت الرسول الأكرم بالسكير و استضافت كذلك المخرجة الفرنسية التونسية نادية الفاني التي عرضت شريطا سينمائيا يدعو الى الإلحاد في محاولة للدفاع عنهم و عن توجهاتهم دون ضمان حق الرد لكثير من التونسيين الذين نددوا بهذه الأحداث و اعتبروها مس من هوية الدولة التي ينص عليها الفصل الأول من دستور البلاد. 

فهذه القناة أيضا هي القناة التونسية الوحيدة التي لا تمرر الآذان و أوقات الصلوات حتى بإشارة عابرة و هي تتبنى مشروع إعادة صياغة الهوية التونسية بما يتماشى مع القيم و المبادئ الغربية اللائكية. 

لكن أيعقل أن توضع مصلحة تونس كلها بملايينها العشرة في كفة، وفي الكفة المقابلة مصلحة بعض الأشخاص الذين لا يهمهم إلا أمجادهم الشخصية ورضا المنظمات الغربية والمنح والإشادات التي يتلقونها منها؟

أيعقل أن تترك صورة تونس يتحكم فيها ويشكلها مجموعة من الشواذ الذين نضبت مواهبهم ولم يجدوا من معين لاكتساب المجد إلا بالتهجم على قيم البلاد ودستورها؟

أيعقل أن تكون بلادنا رهينة في أيدي مجموعة ممن يزعمون حرية البحث الجامعي والفكري ومن ورائهم توصيات الأطراف الغربية التي تمولهم وتحركهم؟

لماذا لا تسارع الجهات التونسية المسئولة لتحمل دورها وتنظر في أمر الذين يعتدون على الإسلام ورموزه تحت مسميات عديدة فلعل البعض من هؤلاء يجب إحالته للمحاكمات ولعل البعض الآخر يجب تسريحه من عمله لما يمثله من خطورة على الطلبة وأذهان الناس ممن يخضعون لبرامجه وإلا فماهو دور المجلس الإسلامي الأعلى وماهو دور مؤسسة الافتاء بتونس، وماهو مقام الدستور التونسي الذي ينص على أن تونس دولة مسلمة.

تساؤلات ارفعها للمسؤولين لعلها تجد اذان صاغية

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...