خاطرة يومية صباحية

.
يوم جديد من الهمة المتقدة والروح الربانية تحف سيرها منذ أن برقت الأشعة الذهبية عيناها الزرقاوين والساعة تعزف لها اقرب الأناشيد على نفسها فتوقظها مهماتها وأهدافها التي تجدد نزالها يوميا مع الوقت بين الشروق والغروب وبين الغروب والشروق وأول ما تفعله بعد ترتيب فراشها أن توقظ والدها لمشاركتها بعض الركعات اخر الليل و لمقاسمتها لحظات الخلوة والابتهال الى الله سبحانه قبل صلاة الفجر بعدها تؤدي وظيفة منبه الساعة فتوقض اهلها للصلاة ولاستقبال يوم جديد فكل لديه مشاغله والحياة جهاد لا ينتهي  فيوم جديد في صحائفهم قد بدأ وهم نيام!! وما أن ينهضوا حتى تكون قد جهزت إفطار بسيطا لهم واستعدت للذهاب للمستشفى حيث العمل! ،فتمشي قليلا في حديقة بيتها
: فتتفقد عصفوري الكناري الذين يستقبلاها بزقزقتهما وبجناحيهما وكانهما يريدا احتضانها ومشاركتها شيءا وهو فطارها حيث تعودا على مجالستها كل يوم طاولة الحديقة والاستماع اليها وهي ترتل القران ترتيلا خافتا ثم مشاركتها فطارها وبعض قطع البسكويت كل صباح ثم ياخذها بصرها الى حوض زهور الزنبق البيضاء فتراها غاضبة  لاستأثارها بالعصفورين عليها فتروي عطشها ببعض قطرات الماء ترنو عليها وتداعبها بلمسة حانية على اغصانها وتطبع عليها قبلة خفيفة عليها ويكون بذلك اخر عهدها بالبيت صباح ذلك اليوم. بعدها تركب سيارتها تسبقها يدها الى  اشرطة الادعية والاذكار الصباحية المحببة الى قلبها لتشغلها وتبحر معها عند القيادة .يصادف دائما  طريق العمل طريق البحرفتوقف سيارتها بعض اللحظات قليلا لتسترخي ببصرها في جمال وسكون الامواج صباحا وتابى  الا ان تلامس بيديها صفحات الماء عند انكسارها على الرمال لتلقي لها سر من اسرار البحر اوصدفة جميلة كهدية يومية من صديقها وكاتم اسرارها البحر ثم بعدها تودعه على عهد اللقاء به مساءا قبل عودتها للمنزل لتشاركه لحظات الغروب الجميلة وانكسار اشعة الشمس على صفحاته موذنة  برحيلها  انه منظر تظن ان البحر يحب  مشاركتها اياه كما هي تحب مشاركته لحظات  الشروق الجميلة..بعد مسيرة نصف ساعة في طريق وأثناء لحظات الانتظارفي ازمة السير وزحام السيارات صباحا تفتح حقيبتها فتجد الكتب الطبية والسماعة وبعض الادوية الضرورية وتنظر في حقيبتها الجانبية فترى مصحفها الصغير ومختصر كتاب معلمها الراشد الرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام هناك مختصر الاحاديث النبوية للبخاري  ..يسافر جسدها للعمل ..وتسافر روحها وعقلها وقلبها مع كلمات خالدة ترسمها ايات القران واحاديث الرسول  بإلهام عجيب تسافر متناسية المحيط وكأنها ينقلها هناك حيث دوّن كلماته في ميدان الدعوة وتسافر مع كلماته الملهمة في قطار الدعوة  وإذا بها تصل الى المستشفى  فتوقف سيارتهاوتركنها بعيداا عن الجميع في مكان هادئ فهي لاتعرف متى  تهرع اليها لخطف لحظات من الراحة والهدوء فتمسك كتابيها بحرارة كلماته التي تترانم على مسامعها اثناء الوصول والعمل وتسال الله  التوفيق والثبات   :" أي أن الثبات على المنهج يقتضي الثبات على الإيمان ، والاستمرار على الدعوة إليه دون التفات للوراء ، أو نظر للخلف ،أو اهتمام بقلة الأنصار ووحشة الطريق"


ويبدأ النصف الأول من يومها إنها المستشفى  حيث تمتزج الآلام بالدموع والابتسام بمسكن الألم  وتبدأ المرور الصباحي مع الأطباء يحاكي محياها كل عليل وترفع كلماتها النابضة بالحياة الأنفس التي أسقمتها علل الأبدان ، فهي بلسم حتى قبل أن تصف العلاج ، لكنهم لا يعلمون أن دعواتهم المليئة بالألم والصدق تحمل روحها لتحلق فوق النجوم وتعانق  ملائكة السماء وتملئ نفسها بسعادة تلتئم به أي تعب وألم يرتبط بمهمتها  لكن لحظة من السعادة أمام سرير المريض المبتهل سرعان ما تنقطع بنظرة خاطفة لصديقتها ورفيقة دربها في الدراسة والعمل التي تقف بجانبها وتشارطها لحظاتها  في العمل وفي الجامعة وتزول ملامح العطاء اذ تحس بضيق يلف هذا القلب القريب منها وتتصنع الابتسام ولا تبدو عفوية كما اعتادوا عليها في كلامها...وبعد أن تنهي المرور تخطف يد صاحبتها لغرفة قريبة ويأخذهما حوار غامض تلفه مشاعر الضيق والاختناق الذي يكتنف أختها ...يختطف الأمس والغد أوقات ندري وما ندري أتعود بنا أم لا نعود نحن ! أما اليوم فنحن معا الآن وكلنا ثقة بمستقبل يزدهر بعطاء المنان وفي انتظارنا لذلك نفوسنا لا تهدأ عاملة!! وتعتركنا الحياة ،لكن هيهات تنسينا أنها معبر آخرتنا.
.
فترفع  رأسها سائلة صديقتها: أتعلمين متى وجع القلب؟!انه حين يتصدرنا العقل القلبي ويتراجع القلب العقلي ولكن ألا يحق له راحة مؤقتة؟!

- بلى ولكن اختيار هذه الراحة يجب أن يكون مناسبا ،أوما تتذكرين يوم أن قرأنا معا قصة القلب السّام! وقلت لي :أنك ستحسين بقلبك فقط حيث تجدين أن هناك من يستحق أن يلهب عقولنا!

- نعم ،ولكن ليس الأمر دائما هكذا ،ففي أقصى درجات البذل الرباني تعترينا مشاعر تسمو بسمو قلوبنا ورسالتنا ،التي تحتاج دائما قلبا محبا!!
- وهنا أومأت رأسها ، ورفعته نبرتها الحارة :هنا نحن أي والله هنا نحن!
ويمضي اليوم بغصة بين حركات الجوارح وسكون النفس ،وتأخذ الام المرضى
ترسم منحنى القلب الأكثر جمالا ، قلبا.. لا يبحث عما غاب دهرا...بل هو هنا حيث يشد أزرا ويمسح دمعا ..ويسعد قلبا...
.







فهنا نحن أيضا ..أجل هنا نحن

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...