فقهاء السلطان والتحالف مع أهل الباطل



يحيا الأموات بكلماتهم، وما خطته أناملهم، بصدق أقوالهم، وثبات مواقفهم، مع رحيل أجسادهم، وارتقاء أرواحهم، فتبقي ما كتبته تلك الأيادي البيضاء، تحيي الأمل وتبعث بالرجاء، بعد أن ضحوا بأرواحهم، وأموالهم، ودمائهم، ودنياهم، في سبيل ما يكتبون من قيم ثابتة، ومبادئ راسخة في سبيل هذا الدين.



حينئذ سينتصر بهم الإسلام والمسلمون وهم أموات، ويعز أهل الإيمان ويذل أهل الشرك والأوثان وتكون حياة العز والكرامة، فتضحياتهم ودماؤهم وقود ونيران تبدد الظلام وتذهب بالأحزان والآلام، ويسود العدل، وينتصر المظلوم، وتخلى السجون، ويطلق سراح المقهورين، لا ضياع للحقوق، ولا جباية ولا مكوس.


وعندما يموت الأحياء، وتبقى أجسادهم تسير على الأرض، لكنها بلا حياة قلوبهم ميتة، عندما عاشوها لأهوائهم وملذاتهم وشهواتهم قبضوا أجر خطبهم، وفتاويهم، بجرأتهم على الإسلام وحماة الدين بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين، أو من أجل شهرة ممزوجة بدماء الشرفاء والأحرار وهم يوقعون عن رب العالمين، بالمجالس والفضائيات،فالكل في الضلال غارقون من أخمص أقدامهم إلى مفرق رؤوسهم يخّرجون ويضللون ويجّهلون، لسان حالهم كل من خالفهم سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان.

يذكرون محاسن من يهدم الدين ويسكتون عن مساوئهم ومعاول هدمهم، ولا عجب إن كانوا هم هؤلاء المعاول بأيد هؤلاء الهادمين، أما أهل الحق واليقين عندهم من أهل الزيغ والضلال المبين:
وإذا ما خلا الجبان بأرض … طلب الطعن وحده والنزالا 
عندما يكون هؤلاء من يتكلم بأمر الأمة وحال المسلمين حينئذ سيضعف الدين، ويذل الإسلام والمسلمون وتكون حياة الذل والإهانة، ويصبح الرضوخ والخنوع والخضوع.

تحتل الأوطان، ويدنس القرآن، وتنجس المقدسات وتغتصب العفيفات الطاهرات، وتهتك الأعراض، ليحيي لكع ابن لكع بموته على جماجم الأبرياء، ودماء الشرفاء، وموت الأبرياء وسيأتي على أيديهم اليوم الذي يدرس فيه الإسلام كما يدرس الثوب، حتى لا يدرى ما صيام، ولا صدقة، ولا نسك.لهم عاقبة السوء، وسوء الختام بإذن الواحد المنان جزاء على ما فعلوه بالأمة والدماء التي سفكت بفتاويهم وسكوتهم عن الحق ونصرتهم للباطل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا :" أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً "


عاش ابن ابي دؤاد على دماء البويطي ونعيم بن حماد وأحمد بن نصر الخزاعي مع ما اشتهر به من أدب وفصاحة وكرم مشهور عنه . لكنه خبيث الطوية فاسد العقيدة، لم ينفعه شيئ من ذلك، حتى كانت له سوء الخاتمة بما طعن ونال ووشى بأهل الصدق والإيمان.


سيد قطب ؛ من ذا الذي يقدر أن يقتل كلماته، ويمحو أحرفها من القلوب والصدور بقيت كلماته كالنقش بالصخر والحجر، وماتت كلمات من حاول النيل من عرضه وكتبه وهم يتسولون على كتبه وكتاباته، عندما سرقوها ليقتاتوا بها على أنها من بنات أفكارهم ففضحهم الله وأخزاهم، في أنفسهم وعقر دارهم فماتوا وهم أحياء وعاش سيد قطب وهو ميت.
لا ينسيني الحديث عن رجل مغمور كان يدعي السلفية. بغضه لسيد قطب جعله يجالس المتبرجات ويظهر بالفضائيات اسمه موسى العبد العزيز كان لسان حاله إذا سألته ما اسمك قال سيد قطب تكفيري، وإذا قلت له كيف حالك قال سيد قطب خارجي مات هذا الرجل وقيل أنه مات في دورة المياه، وبغض النظر عن صدق كيفية موته إلا أن الرجل مات، وبقي سيد حيا. 
سيد قطب دفع ثمن كلماته من دمائه، أما هؤلاء قبضوا ثمن كلماتهم وكتبهم ومقالاتهم من الطعن في سيد لما سرقوا كلماته وأخذوا أجرها من دور الطبع والنشر أو ارتقوا بطعنه ونالوا بها شهرة بالفضائيات، لذلك عاش سيد قطب حيا وإن مات، ومات هؤلاء وإن بقي بعضهم أحياء. 

لقد عاش كثير من أبناء هذه الدعوة وعاشت معهم كلماتهم، عندما كانت تبعث في الأرواح عزة الدين فكان لها قبول وصدى، وقد التف حولهم الصالحون والصادقون، يوم أن كانت صافية لم تمتزج بشوائب الدنيا ومنغصات الشهوات والهوى، ولم تخالطها فتاوى المحاباة والترقيع وكانت كلمة الحق، والصدق في النصيحة غاية الصادقين عاشوا وعاشت تلك الكلمات مصابيح نور وهدى يمشي على خطاها أهل الإيمان والتقوى، وعاش أصحابها ولهم في القلوب معزة، ورفعة ولم يمض عليها وقت طويل وإذا بها قد انتكست وارتكست وأخذت بالاحتضار وهي تئن وتعاني آهات وزفرات الموت لعل أحدا ينقذها أو يلتفت إليها، وإذا بها تصبح أثرا بعد عين قتلها أصحابها، بعد أن اختاروا عيش أجسادهم على موت كلماتهم.

عندما عاشوها على مبادئ وأفكار الغرب، وفهم العقل، والعذر بفقه الواقع زعموا وبمحاباة ومداهنة أهل البدع والضلال، غيروا من أساليبهم وانقلبوا على مناهجهم وأفكارهم انسلخوا من قيمهم ومبادئهم، فالتف حولهم العلمانيون وأصبح رفقاء دروبهم الديمقراطيون والليبراليون وطار بأقوالهم العلمانيون، منابرهم قنوات mbc و lbc، أصبحوا فقهاء التسول، حتى تخلى عنهم الصالحون والصادقون، ولم يبق في حياتهم إلا بعض المخدوعين والمغررين، والعلمانيون والليبراليون والديمقراطيون فماتوا وهم أحياء، وماتت كلماتهم، ولا وجود لها عند أهل الصدق والصلاح.

فتاويهم يروج لها جنود المارينز، والمبتذلون، وأصحاب القعود، والخوان، وأهل الخذلان يلتقون في ساحات الفضائيات يطعنون بمن كانت ساحاتهم ساحات الجهاد والاستشهاد والطيور على أشكالها تقع. مات أحمد بن حنبل ومات رأس الفتنة ابن أبي دؤاد وبشر المريسي، لكن بقي ما كتبه أحمد بن حنبل حيا وهو يفدي ما خطته أنامله وما نطق به لسانه بالحق، يفدي كلماته بجسده وهو ينال الضرب بالسياط والسجن والتعذيب من الجلادين، وعاشت ذكراه ومات ابن أبي دؤاد ومن معه عندما عاشوا حياتهم ببلاط السلطان على صرخات ووجع ابن حنبل وهم يتنعمون، وماتت معهم أفكارهم ومعتقداتهم فلم يكن لها ثمن إلا التسول، والظلم والقهر للعباد وحب الشهوات، فكيف لمثل هذا الثمن أن يكون له آثارة من الحق. مات ابن أبي دؤاد مسجونا بجسده مشلولا لا يقوى على الحراك لأربع سنوات أما ابن تيمية فذكره خالد بإذن الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ألف رسالته الاستغاثة فلم تعجب أهل البدع والأهواء وكحالهم في كل زمان ومكان فقام عليه الصوفي علي بن يعقوب البكري فكفر ابن تيمية وطالب بقتله وألب عليه الحكام وقام باستعداء العوام وحرض عليه فسب وشتم وسجن، وبالغ بإيذائه حتى تجمع عليه مع الغوغاء فضربوه ونالوا منه وآذوه حتى افتضح أمره فهرب ولما ضاقت عليه الأرض لم يجد إلا ابن تيمية يختبئ عنده وفي منزله فرفع الله ذكر ابن تيمية وعاشت رسالته ومات أعداؤه، وماتت معهم أفكارهم. ضحى هؤلاء من أجل كلماتهم وكتاباتهم لم يأكلوا بها ولم يتسولوا بمداد كتبهم ابتعدوا عن مواطن الشبه والمحرمات ولم يقتاتوا على جهود الآخرين ولا على السب منهم والنيل والوشاية بهم، لم يقبلوا لها ثمنا من حضيض الدنيا ومتاعها ورموا كل ذاك خلف ظهورهم، بخلاف خصومهم الذين لولا سبهم وشتمهم وطعنهم بأهل الإيمان والصدق والجهاد، ولولا محاباتهم لأهل الباطل والضلال والانحراف، لكانوا نسيا منسيا، أما أحفادهم من المرجئة ودعاة الفضائيات وفقهاء التسول فلن يكون لهم ذكر ولن يكون لكتبهم ولا لكتاباتهم إلا قراطيس من الورق تباع بها البليلة والترمس.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...