هكذا قاتلت بغداد



القواعد الأمريكية في الوطن العربي التي أسهمت في تدمير العراق

شبكة البصرة

الدكتور سهيل حسين الفتلاوي

يعتقد البعض ان بغداد لم تقاتل الجيش الأمريكي عند الهجوم عليها. وذهبوا إلى ان الجيش العراقي لم يدافع عن بغداد سوى يومين. واتضح من خلال الدراسات الميدانية والاتصال بالعديد من كبار الضباط والجنود: ان الدفاع عن بغداد كان عملا أسطوريا خالدا ويحق لكل عربي ان يفتخر إن الأمة العربية قادرة على مواجهة أقوى الجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة. فقد قاومت بغداد مدة ثلاث عشر سنة متواصلة منذ ان فرض الحصار عليها عام 1990، وكانت بغداد ومدن العراق تتعرض للقصف الوحشي اليومي، وحرمان الجيش العراقي من الأسلحة المتطورة والموارد الاقتصادية. وخلال فترة الحصار لم يكن للعراق أية موارد يستطيع بها تقوية دفاعية وان بيع النفط أنيطت بلجنة 661، إضافة إلى منع التصنيع العسكري العراقي من إنتاج أسلحة متطورة وتحديده بنوع بسيط منها التي لا تمكنه من الدفاع عن نفسه أمام الجيوش العادية. فقد دمر المفتشون الدوليون جميع الأسلحة المتطورة التي كان العراق اشتراها وصنعها.

ويخطأ من قال ان البصرة قاتلت (20) يوما وان بغداد لم تقاتل سوى يومين. فعندما بدأ الهجوم على البصرة في 19/3/2003 بدأ بالوقت نفسه الهجوم على بغداد عن طريق آلاف الطائرات الأمريكية والبريطانية وصواريخ كروز المتوسطة المدى والبعيدة المدى والمجهزة باليورانيوم المنضب. وعند وصول القوات الأمريكية إلى بغداد كانت الدفاعات الجوية والدبابات قد دمرت بالكامل. وبدخول القوات الأمريكية المطار الدولي حصلت مقابلة فريدة من نوعها، حيث أبيدت القوات الأمريكية التي دخلت المطار في يوم السادس من نيسان/أبرل عن بكرة أبيها. وفي اليوم السابع أبيدت أيضا القوة الأمريكية التي جاءت لتعزيز القوة في المطار. وقد كان للفدائيين الدور الكبير في إبادة هذه القوة. وتباع الآن في بغداد أقراص ليزرية التي صورت المعركة والتي تبين كيف يذبح الجنود الأمريكيين في المطار من قبل الفدائيين بصورة مشابهة لما تذبح به الخرفان.

وفي مساء اليوم السابع من نيسان/أبرل عام 2003 قامت القوات الأمريكية باستخدام قذائف نترونية لضرب القوات العراقية في المطار بواسطة الطائرات وصواريخ كروز التي تذيب الحديد وتزيله من الوجود، مما أدى إلى قتل العديد من الجنود العراقيين في هذه المعركة والتي انتهت لصالح القوات الأمريكية. فكانت الدبابات الأمريكية تسير على جثث العراقيين. ونتيجة للعفونة من جثث شهداء العرقيين جثث القوات الأمريكية فقد قامت القوات الأمريكية بإبدال تراب المطار وتحويلة إلى مناطق أخرى بحجة انه يحتوي على مادة اليورانيوم المنضب.

ولابد من القول ان العراق مهما امتلك من قوة عسكرية متطورة فأنه سوف يقاوم لفترة محدودة أزاء التفوق العسكري الامريكي. وليس بقدرة العراق مهما بلغت قوة ان يحقق النصر على القوات الأمريكية. بل ان أوربا كلها لن تتمكن من تحقيق مثل هذا النصر. إضافة الى ما عاه العراق من الحصار الاقتصادي والعسكري وعلمي مدة (13) سنة قاتل أقوى قوتين في العالم، امريكا وبريطانيا. فالعراقيون لم يستسلموا كما أستسلم الحكام العرب واحتلت أرضهم دون ان يقدموا جنديا واحدا يدافع عن أرضهم. وكان من الممكن ان يكون النصر العسكري للعراق لو لم ينضم حكام الخليج العربي وبعض حكام الدول العربية الأخرى بوضع أراضيهم تحت خدمة القوات الأمريكية. فقد انطلقت القوات الأمريكية من الأراضي العربية. ففي الكويت انطلقت القوات الأمريكية من قاعدة أحمد الجابر الجوية ومعسكر الدوحة وجزيرة فيليكا ومطار الكويت الجوي وميناء الاحمدي، وقاعدة علي السالم ومعسكر أريفجان، ومن السعودية انطلق القوات الأمريكية من الدمام والهفوف والخبر وتبوك وينبع وقاعدة الملك عبد العزيز بالظهران وقاعدة الملك فهد البحرية بجدة وقاعدة الملك خالد الجوية بأبها، وقاعدة الرياض العسكرية، وقاعدة الطائف العسكرية، وقاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض. ومن البحرين انطلقت القوات الأمريكية من ميناء سلمان ومطار المحرق وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، وقاعدة الجفير العسكرية، القريبة من المنامة، ومن قطر انطلقت القوات الأمريكية من قواعد السيلية والعذيب ومطار الدوحة الدولي ومنطقة أم سعيد. وتحولت قاعدة العديد العسكرية إلى واحدة من أهم القواعد العسكرية الأميركية في الخليج، خاصة بعد نقل مقر القيادة المركزية من فلوريدا إليها. ومن عمان انطلقت القوات الأمريكية من قواعد ميناء قابوس بمسقط وميناء صلالة ومطار السيب الدولي والمثنى الجوية وقاعدة تيمور الجوية، وتمثل قاعدة مصيرة العسكرية واحدة من أقوى مواقع التمركز العسكري الأميركي- البريطاني في الخليج. ومن الإمارات انطلقت القوات الأمريكية من قواعد الظافرة الجوية في أبو ظبي ومطار الفجيرة الدولي، وعدد من الموانئ البحرية كميناء زايد ومينائي رشيد وجبل علي بدبي وميناء الفجيرة. إضافة إلى استخدام القوات الأمريكية لمياه الخليج العربي.

وتتمتع القوات الأمريكية بشبكة من القواعد العسكرية المساندة لقواعدها الرئيسة منها قاعدة عدن في اليمن حيث أستخدمت ضد العراق بحجة مكافحة الإرهاب منها قاعدة المنير في جيبوتي . وتسهيلات في بور سعيد والسويس والغردقة والتي تكتسب أهميتها في ظل المرور المكثف بقناة السويس، وتسهيلات خاصة بعمليات تدريب النجم الساطع الدورية المشتركة التي أصبحت متعددة الأطراف في بعض المواقع العسكرية في الساحل الشمالي. لكن أهم التسهيلات المقدمة للقوات الجوية الأميركية في مصر من قاعدة تقع غرب القاهرة الجوية، ومن الإردن انطلقت القوات الأمريكية من قاعدة الشهيد موفق الجوية بالزرقاء، وميناء العقبة والرويشد وكذلك وادي المربع الجوية وبهما العديد من المقاتلات الأميركية، وكلتاهما قريبتان من الحدود العراقية. إضافة إلى القواعد المنتشرة في المنطقة والتي بلغ عددها (63) قاعدة. فماذا لو لم تشترك هذه الدول بمنح قواعدها لضرب العراق. ماذا تكون النتيجة لو وقفت هذه القوات العربية إلى جانب العراق. ألم يعد هذا العمل عدوانا طبقا لقرار الأمم المتحدة المرقم 3314/1974 ومناقضا للمادة الرابعة والسادسة من ميثاق جامعة الدول العربية ولقواعد القانون الدولي. كل هذه القواعد شاركت في قتل شعب العراق وما يتعرض له اليوم من قتل وتدمير وسجن وانتهاك للقيم والمبادئ الإنسانية معلق في ذمة الحكام العرب الذين وقفوا ضد شعب العراق.

والى جانب القواعد العسكرية التي قدمتها دول الخليج العربي لضرب بلد عربي شقيق شارك عدد كبير من الجنود الخليجيين في احتلال العراق. وقد شاهدنا عدد من الجنود للبعض الدول العربية فوق الدبابات والمدرعات الأمريكية يقومون بإرشاد الأمريكيين إلى المواقع المهمة ويطالبون الناس بسرقة مؤسسات الدولة وقاموا بعمليات التخريب والحرق.

كما وقف الإعلام الخليجي والمصري والدول المجاورة قبيل الاحتلال يطالب شعب العراق التخلص من الحكم الدكتاتوري في العراق!. وكأن الخليج العربي ينعم برفاه الديمقراطية وحقوق الإنسان. وما عرف الحكام العرب بان أرضهم احتلت قبل ان يحتل العراق.

وقد قيل الكثير حول خيانة العديد من كبار ضباط الجيش وخاصة كبار الحرس الجمهوري. وكنا مع هذا الاعتقاد. وقد صدرت قوائم وذكرت العديد من الأسماء وقيل عن دفع الأموال لبعضهم لقاء خيانتهم. ولكن مصدر هذه المعلومات المخابرات الأمريكية.

وعندما أعلن الرئيس الأمريكي في 20مايس بانتهاء العمليات العسكرية فهو كذب على العالم. فلا تزال العمليات العسكرية مستمرة وبشكل اختلف كثيرا عن الأيام الأولى للحرب. فالعدد التصاعدي للقتلى الأمريكيين يتصاعد بشكل لم تألفه القوات الأمريكية في حروبها. وكل ما نقوله أن الإدارة الأمريكية وباعترافها لم تتوقع حالة ما بعد الحرب في العراق. وهذا الجهل جعلها تتسرع بالحرب. ولو كانت بحث هذا قبل الاحتلال لعدلت عن الحرب وتجنب الكارثة.

ان ما قدمه شعب العراق من تضحيات في مقاومة الاحتلال لم يقدمه اي شعب آخر. فمنذ دخول القوات الأمريكية الى ألمانيا واليابان عام 1945 وكوريا عام 1952 لم يقتل جندي أمريكي حتى هذا اليوم، رغم حالات الإذلال والاغتصاب المعروفة. أما في العراق فعلى الرغم من الهمجية والوحشية التي استخدمها الجيش الأمريكي فقد بدأت المقاومة لقوات الاحتلال الأمريكي منذ اليوم الاول الذي دخلت فيه وهي في زخم متصاعد يوما بعد يوم.

هكذا قاتلت بغداد وستقاتل الطغاة بكل حزم وإيمان رغم تعاون الأشقاء والأصدقاء مع المحتلين، وبعد هذا نقول هل ان بغداد قلب العروبة النابض سقطت؟ أما انها انتخت بنفسها ولوحدها مع أصوات الشرفاء في العالم لتعلن للعالم بداية سقوط الدولة العظمى أمريكا…

شبكة البصرة

الجمعة 13 جماد الثاني 1425 / 30 تموز 2004

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...