كلمة لحشرات العبدلية



لا تزال قوى الردّة و الإخفاق الفكري و ذوي القلوب المريضة تتفنّن كلّ مرّة في استنباط جديد الطرق لاستفزاز مشاعر التونسيين و من ورائهم المسلمين و المسّ من مقدّساتهم  و لا زالوا يظهرون حقدهم الدّفين في أشكال متنوّعة متذرّعين بشمّاعة حريّة الرأي و هم كلّ مرّة يخفقون و ترتدّ سهام خبثهم و كيدهم إلى نحورهم و يزدادوا غيضا على غيضهم حتى تقتلهم سمومهم التي ينفثون 

آخر هذه الهرطقات و ليست الأخيرة طبعا ما جرى في المعرض التشكيلي الذي قاموا به في قصر العبدلية ،، و الناظر إلى محتويات المعرض فإنّه يرى أشياء لا ترتقي إلى مستوى الإبداع الفنّي بل هو مجموعة من الرسومات الموظّفة بسابق إصرار و تركيز على النيل من المقدّسات و الإستهتار بالقيم الدينية للشعب التونسي المسلم و بعث رسائل مغلوطة لمفاهيم و معتقدات للدين الإسلامي .و الذي يزيد من شناعة هذا الفعل هو وقوف بعض الوجوه السياسية المعروفة لمساندته و التبرير له !

في عالمنا الإسلامي العربي منه وغير العربي مخلوقات غريبة تريد أن تجمع بين المتناقضات ولا تريد مع ذلك أن يعترض على تناقضها معترض يريدون أن يقولوا لإخوانهم الذين كفروا من أهل الغرب إنما نحن مثلكم ننتقد الدين كما تنتقدون ولا نلتزم به كما أنكم لا تلتزمون ولا نترك فرصة للسخرية منه ومن المستمسكين به إلا انتهزناها كما تنتهزون ونرى كما ترون أن من حق الأديب والفنان أن ينتقد قيم المجتمع ومعتقداته ومقدساته ويدعو إلى نبذها وتشويهها والسخرية منها لأنه لا يكون أديبا أو فنانا مبدعا إلا إذا فعل كل هذا بحرية كاملة كما تفعلون . 


لكن الفرق بين مخلوقاتنا العريبة الممسوخة المقلدة هذه وبين من هم أسوة لهم من إخوانهم الذين كفروا في الغرب أن أولئك إذا قيل للواحد منهم : إنك كافر بالمسيحية أو اليهودية اعترف بهذا وعده من تحصيل الحاصل . لكن مخلوقنا الممسوخ يرتجف ويولول ويطلب النجدة إذا قيل عن كلام كتبه هو أو أحد من شاكلته : إنه كفر وخروج عن دين الإسلام . إنه يريد أن يكون كافرا حقا لكنه يرتعد حين يوصف بالكفر المعبر عن تلك الحقيقة ,يتصرف ككافر لكنه يغضب اذا تم وصفه بكافر,ويريد شأن كل منافق أن يتخذ من انتمائه للإسلام حصنا لكفره ..

هاته المخلوقات الممسوخة تريد أن تتستر بكفرها وراء الأدب والفن فتزعم تارة أننا لم نفهم ما قيل على أنه عمل أدبي فني وتزعم أخرى بأن الفنان لا يحاكم بالمعايير نفسها التي يحاكم بها سائر عباد الله أي إنه من حقه وليس من حق السياسي مثلا أن يظهر الكفر ويدعو إلى التهتك والسخرية من المقدسات ما دام يعرض علينا كفره وتهتكه في صورة أدبية أو فنية وما دام الكلام ليس صادرا منه هو مباشرة وإنما يقال على لسان شخصيات روايته أو قصته او لوحته او فيلمه او مسرحه فهنيئا إذن لك فاحشا بذيئا إذ ما عليه لكي ينجو من كل محاسبة إلا أن يضع شتمه وبذاءته على لسان شخصية يخترعها في قصة أو رواية قصيدة يكتبها . 

ماذا يعني هذا ؟ أيعني أن الأعمال الفنية إنما هي أشكال لا محتوى لها ؟ وأنها إنما يحكم عليها لذلك بشكلها لا بمضمونها ؟ هل هذا صحيح ؟ هل هذا هو الذي يفعله النقاد في تقويمهم للأعمال الفنية ؟ وهل الشكل وحده هو الذي يبتغيه متعاطو هذه الأعمال ؟ وهل معنى هذا أنه إذا كان كاتب ذو مواهب فنية رائعة أنه يجوز له أن يكتب قصة فحواها الاستسلام لإسرائيل وأنه لا يحق للفلسطينيين ولا غيرهم أن يعترضوا على ما فيها لأنها عمل فني ؟ أم أن المحتوى الوحيد الذي لا يجوز الاعتراض عليه هو الاستهزاء بدين الله وتنقص أنبياء الله ؟ 

وإذا كان بعض الناس يضعون الجمال الفني فوق الحق وفوق القيم فما هكذا يرى المسلم المهتدي بكتاب ربه الذي يعلي من قدر الصدق والعدل ويذم الكذب والجور في أي شكل جاء هذا أو ذاك ولهذا حكم على الشعر بمحتواه لا بمجرد شكله.

يوما بعد يوم بدأت تسقط الأقنعة عن تلك الوجوه القبيحة التي ما فتئت تحاول منذ سقوك النظام السابق جس نبض الشعب من خلال  الإساءة لمقدساته و من بين الأقنعة التي سقطت مؤخرا و كشفت عورات جديدة لدعاة الحرية المزيفة ما عرض في فضاء العبدلية من رسوم و لوحات قيل أنها من إبداع فنان عبقري أراد التعبير فلم يجد غير الإساءة للذات الإلهية و الدين الإسلامي و الرسول الأكرم حتى يحصل على لقب مبدع و هنا نتساءل هل أن مبدعينا تميزوا في جميع المجالات و لم يبق لهم إلا هذا حتى يتحفونا بما وقر في قلوبهم من عفن فني هو أقرب إلى تلك الصور من المزابل كثيرة النتونة المنتشرة في جميع أحياءنا تعلوها القطط المشردة و الكلاب السائبة.

لست خائفة عن ديني فحتى لو لم يبق موحد واحد في هذا البلد فإن للإسلام رب يحميه لكن حزني و ألمي على هؤلاء الذين جعلوا من إزدراء الدين و التهكم على المقدسات شغلا لهم يقتاتون منه فلو كان لذلك نفع لنفع غيرهم الذين لعبوا نفس الدور لكن ما إن أتموا المهمة تخلى عنهم من ظنوا أنهم رعاتهم فخسروا الدنيا و الدين لذلك أقول لهم كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
أعرض عن الجاهل السفيه***فكل ما قال فهو فيه
ما ضر بحر الفرات يوما***إن خاض بعض الكلاب فيه

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...