وقيت دقاج لاعلام بن علي في تونس

بعد مرور بضعة أشهر على اندلاع الثورة في تونس اكتشف المواطن التونسي ان المشهد الإعلامي غدا ضابيا واصبح يعاني من التخبط وعدم وضوح الرؤيا ومازال الخطاب الاعلامي محتفظا بمضمونه الذي لم يتحرر من عقلية الماضي رغم تمتعه بالحرية وغياب القيود التي كانت تكبله خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي .و منذ اعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي و إلى اليوم اكتشف المواطن التونسي ايضا ان ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين وخدمة مصالح نخبة قليلة وتغليبا للرأي الواحد هي السمات المميزة لهذا الاعلام في تغطية الأحداث الوطنية.
و الأمر لا يتعلق ببعض الجرائد الصفراء أو اذاعات الانحلال و تلفزات الإثارة فحسب بل تتعداه ليشمل المؤسسات الاعلامية الوطنية التي تعتاش من جيوب المواطن التونسي والممولة من ضرائبه دون اذنه ليتاكد لنا بعد مرور عام تقريبا على اندلاع الثورة في ديسمبر 2010 أن الثورة التي أحدثت انقلابا على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي لم تمس القطاع الإعلامي التونسي لامن قريب ولامن بعيد. ربما صارت 'رجّة' في أذهان الإعلاميين لعدم توقعهم نجاح الثورة ولكن الشعب التونسي لم يلمس من القائمين على هذا القطاع إرادة فعلية للتغييروالقطع مع المنظومة الإدارية والسياسية التي كانت قائمة في عهد بن علي واظن ان الوقت قد حان الوقت للمحا سبة وتطهير هذا القطاع من الجراثيم التي نخرته طويلا وعاثت فيه الفساد ولوثت شاشات تلفاز واجهزة الراديو والصحف التونسية بهرطقاتها وممارستها للغة الوصاية على الشعب تغليبا للرأي الواحد و الفكر الواحد و تكريسا للقوالب الجاهزة و الجامدة وتعددت الامثلة وكثرت كتجسيد حي لازدواجية المعايير في الاعلام التونسي واعتماده للبث المباشر سياسة الكيل بمكيالين وساحاول ايرادها بايجاز لكثرتها:
1
عندما قدمت قناة نسمة فيلم بلاد فارس للإيرانية مارجان ساترابي وقد حذرت سفارة ايران بتونس قناة نسمة من خطورة بث الفيلم لان الفيلم فيه رسالة واضحة ومباشرة تستهدف ضرب الصورة التى ارتسمت للإسلاميين لدى الرأي العام التونسي وذلك من خلال التطرق لمسألة الحجاب وتصوير الرجل الملتزم في صورة المتزمت بل والمغتصب لتصل الاساءة منتهاها في تعدي صارخ وهو تجسيد الذات الالاهية والاساءة لها خرج التونسيون في مظاهرات في جميع ولايات الجمهورية استنكارا واحتجاجا لتلك الجريمة وقلة الادب الاعلامية لكن الاعلام التونسي صور هاته المظاهرات على أنها مجموعات قليلة من السلفيين والمتطرفين و مناصرين لحزب النهضة قد خرجوا في مظاهرات غير مرخص لها واثاروا الفوضى والبلبلة اثرمحاولتهم الهجوم على مقر القناة مما استوجب تدخل الامن واستعماله للقنابل المسيلة للدموع لتفريق الجماهير وحفظا لمكتسبات ^حرية التعبير والابداع الاعلامي^
و لكن عندما قامت مجموعات من الحداثيين و العلمانيين ذوي التوجهات المتطرفة و التغريبية المحسوبين على الاحزاب الميكروسكوبية الخاسرة في الانتخابات جماعة الصفرفاصل بالاحتجاج و التظاهر بل و حتى الاعتصام أمام قصر المؤتمرات بعد الاعلان عن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي وصرخوا عاليا أن الشعب تونسي جاهل وغير ناضج سياسيا ولا يستحق الديمقراطية ويحتاج إلى وصاية عليه لأنه لم يختارهم ورفضهم ورفض اطروحاتهم وبرامجهم لدرجة انهم شككوا في نتائج انتخابات شهد العالم على نزاهتها ..صورالاعلام التونسي على أن هاته المجموعة القليلة من المواطنين المستقلين الذين لا ينتمون الى أي جهة سياسية يحق لهم التعبير عن رايهم و شتمهم للشعب واحتقار اختياراته وبطبيعة الحال لا يستوجب اعتصامهم تدخل الأمن و لا استعمال مسيلات دموع لان حق التظاهر والاعتصام وحرية التعبير مكفول للجميع ومكتسب يجب المحافظة عليه.

2
اعتصامات القصبة المتتالية اثررحيل بن علي وظهوربوادر الثورة المضادة و عدم رغبة حكومتي الغنوشي والسبسي في عدم القطع مع الماضي وتحقيق مطالب الثورة من محاسبة رموزالفساد واستقلال القضاءوتحرير الاعلام والمنادات بمجلس تاسيسي (تابع مقال مائة سبب لاعتصام القصبة3) صوره الاعلام التونسي على ان هذا الاعتصام يمثل اقلية لم تتجاوز 300 فرد ولايمثل اغلبية الشعب وهو ينادي بمطالب خاصة لاسلاميين لاتمت بمطالب الثورة بصلة كالمطالبة بمصلى في الكليات وعدم العمل بقانون 108 المانع للحجاب والغاء قانون مكافحة الارهاب وان مجموعة القليلة من المعتصمين قاموا ببث البلبلة والرعب بين المواطنين واغلاق المحلات التجارية مما اضطر بالامن للتصدي لهم وتفريقهم بواسطة القنابل المسيلة للدموع(تابع تغطية الاعلام لاعتصام القصبة).كذلك احتجاج طلبة كلية اداب سوسة اثر منع العميد طالبة منتقبة من الترسيم صور على انه هجوم ملتحين على الكلية بغية الاضرار بممتلكاتها واستنكار طلبة المدرسة العليا للتجارة بمنوبة على الملابس الفاضحة والعارية للاستاذة صور على انه محاولة بعض الملتحين مطالبة الأستاذة بارتداء الخمار والباسها اياه بالقوة واعتداءا على الحريات الشخصية ومكاسب المراة واخيرا إعتصام طلبة كلية الاداب بمنوبة احتجاجا على منع عميد الكلية طالبة منتقبة من اجتياز امتحانها صور على انه انتهاك لحرمة الكلية واعتداء على العميد واحتجازه بمكتبه وان مجموعة من المتطرفين .والملتحين تسببوا في تعطيل لسير الدروس و أنشطة البحث العلمي
ولكن عندما قامت ثلة من من الأغلبية الصامتة زمن محمد الغنوشي باعتصام القبة المعادي في مبادئه للمبادئ التي نادى بها اعتصام القصبة حرص الاعلام التونسي على ان يكون القبة الحاضنة والبوق الرسمي لمطالب هؤولاء فحرص الاعلام التونسي للتبليغ للراي العام على ضرورة اعتراض مطالب القصبة والتصدي للمعتصمين بها والاستجابة لمطالب جماعة القبة ومساندتها .كذلك سعى الاعلام التونسي للترويج لكل مامن شانه خدمة وتقوية الثورة المضادة من خلال دعم مؤامرات بقايا النظام للالتفاف على الثورة وتصويرها على انها تخدم الثورة كالترويج لفكرة استفتاء الغداع لصاحبها محسن مرزوق وهذا الاستفتاء كان اقتراح الأحزاب التجميعية في 1 جوان الذين ليس من صالحهم القضاء النهائي على النظام السياسي الاستبدادي لأن ذلك سيفقدهم بالتأكيد عديد الامتيازات كذلك ترويجهم لوثيقة المسار الانتقالي التي هي محاولة لإحياء وثيقة العهد الجمهوري حاول فرضها ايضا محسن مرزوق منذ شهور على الأحزاب المشاركة في هيئة بن عاشور وهذه الوثيقة تمثل انقلابا على إرادة الشعب وتضمن استمرارية حكومة السبسي بعد انتخابات المجلس التاسيسي ومؤخرا سعى الاعلام التونسي ايضا لتسليط الضوء على طلب هالمحسن مرزوق بتاسيسه لمجلس تاسيسي موازي خاص للاقلية والاحزاب الميكروسكوبية وجماعة الصفر فاصل والخاسرين في الانتخابات هدفه مراقبة اعمال المجلس التاسيسي المنتخب اعضاؤه من قبل الشعب والاعتراض على قراراته التي لاتخدم مصالحهم.كذلك لقي المعتصمون امام المجلس التاسيسي كل العناية والرعاية والاحاطة من قبل الاعلام التونسي فقد صور المعتصمون أمام المجلس التأسيسي ( وهم مجموعة من الخاسرين في الانتخابات عرفت بجماعة الصفر فاصل مع نفس ثلة الأغلبية الصامتة زمن محمد الغنوشي أوما عرفت بجماعة اعتصام القبة المعادي لاعتصام القصبة حينها مع بعض شراذم اليسار الانتهازي الفرانكفوني المتحالف الآن مع ايتام التجمع المنحلّ وايتام بن علي مع حفنة من نسوة ممثلات عن جمعيات منبوذة ومرفوضة اجتماعيا مع بعض اصحاب الشهائد العاطلين عن العمل الذين تم استغلالهم و توظيفهم للاسف من قبل بعض رموز منظمات وطنية تخشى على نفسها المحاسبة و المساءلة ) تم تصويرهم على أنهم مجموعات من المواطنين المستقلين أتوا للمطالبة بالديمقراطية وحفظ مكتسبات المراة واحترام حقوق الانسان وو

كل هاته الامثلة وغيرها كثير مما عودنا عليه الاعلام التونسي وعاينها المواطن التونسي في حياته اليومية ان كان على صفحات الجرائد او على اذاعات الراديو او في برامج التلفزة جعلت رجل الشارع العادي لايثق في هذا الاعلام وفي مصداقيته فرجل الشارع يعلم جيدا ان اعتصام طلبة كلية منوبة مثلا جاء للمطالبة بحقوق بسيطة و مشروعة تتعلق بالحق في اللباس و الحق في ممارسة المعتقد وهم يحتجون على عميد الكلية و المجلس الاستشاري العلمي و على بعض الاساتذة الذين يمنعونهم من التمتع بحقوقهم. في حين أنّ اعتصام باردو جاء ليطلب ماذا؟ و من من؟ إذا كانوا فعلا يطالبون بالديمقراطية فالأولى احترام ارادة الشعب و ترك المجلس التأسيسي يعمل و اذا كانوا يحتجون على الهيمنة و التغول و الديكتاتورية... و المجلس التأسيسي لم يصادق بعد حتى عن نظامه الداخلي و لم يتم انتخاب لا الرئيس و لا تعيين رئيس الحكومة و لم تتشكل الحكومة أصلا فعلى من يحتجون وممن يطلبون و يطالبون؟ اذا كان معتصمي كلية الاداب بمنوبة قد عطلوا الدروس فإن معتصمي باردو يعطلون مسيرة وطن نحو الحرية و الديمقراطية و الاستقرار و النماء و يسيؤون أيما اساءة الى صورة تونس و في الخارج صورة تعطي فكرة على أننا همج لا نستحق الديمقراطية وأن التسرع في البدأ في الاعتصامات قبل حتى بداية عمل الحكومة يحرق أوراقا كثيرا للمنهزمين في الانتخابات و من يقف وراءهم أو معهم و يكشف نواياهم الحقيقية أما ان كان قصدهم تعطيل عمل المجلس التأسيسي و الحكومة المرتقبة و ضرب الاقتصاد كي لا يعيد الشعب انتخاب الاحزاب الفائزة ذات الاغلبية في المجلس فهذا من باب الخيال السياسي البعيد عن الواقع لان الرأي العام اليوم يعلم جيدا من يحاول زعزعة الاستقرار و يعلم جيدا أيضا من يحاول أن تستقر الامور و يسعى فعليا للبدأ في الاصلاحات و تحقيق أهداف الثورة.لذلك فإن معركة الخاسرين في الانتخابات و من ورائهم بعض الإعلاميين و الصحافيين غير المهنيين معركة خاسرة لأن الرأي العام قد ضاق ذرعا بهذه الاعتصامات و الإضرابات التي تهدد الاقتصاد و الاستقرار.

وبالتالي نلاحظ ان من مفارقات الثورة التونسية انها أطاحت بمجمل هياكل النظام البائد فالتونسيون انتبهوا للفساد المالي والفساد السياسي والفساد القضائي والفساد الأمني المنتشر خلال العهد السابق ولكنهم لم يعطوا اهتماما للفساد الاعلامي وهو أمر خطير اذ كان الفساد والفاسدون في هذا المجال ابواق للنظام السابق و حتى بعد الانتخابات بقيت اصحاب هاته الوجوه الكالحة واصلت في اماكنها دون استحياء او خجل او ادنى ذرة من الكرامة والمروءة بعد الثورة متحدية رفض الاغلبية الشعبية التونسية لها وبقيت تتصدر المشهد الاعلامي والثقافي وتتصارع وسائل الإعلام البنفسجية لاستضافتهم لكي يواصلوا في نفس سياسة التشويه والاحتقار للشعب فالمؤسسات الإعلامية مازالت على حالها بنفس الأشخاص ونفس الفاعلين المشهد الإعلامي في تونس مازال ممسوك من طرف الأشخاص والمؤسسات التي اشتغلت لسنوات عديدة مع بن علي وبالتالي مصالحها مرتبطة إلى حد كبير ربما ليس فقط بشخص بن علي وأصهاره وإنما بالمنظومة الإدارية والسياسية التي كانت قائمة في عهده واظن ان الوقت قد حان لدقااااااااج قوية لاعلام بن علي وفضلاته في تونس

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...