عام مضى وعام اتى

بداية اقول للجميع ونحن نودع هذا العام بان غياب شمس كل يوم عبرة وعظة وان العبد ليحزن عندما يودع يوما لانه لايدري احجة له او حجةعليه فما من يوم ينفجر فجرة الا وهو يقول يا ابن ادم انا يوم جديد وعلى عملك شهيد واذا ذهبت فلن اعود وللعبد مع انقضاء هذا العام وقفات ايذانا بانصرام يوم واستقبال يوم جديد.. وهكذا واحدة بعد أخرى حتى يأتي يوم لانجد ورقة نقلبها او ننزعها.. عندها نعلم اننا على عتبة عام جديد.. فهناك قف مكانك والتفت وراءك..
وانظر الى تلك الايام التي تصرمت من عامك وفاتت من حياتك..غيرك مات وأنت لا زلت حيا تقرأ هذه الكلمات ولو مت لعلمت كم تساوي ركعة واحدة لدى ميت من الأموات .. ولعاينت كيف يرى المعذبون في قبورهم لحظة واحدة من لحظات الحياة فاحمد الله الذي أحياك وانظر اليوم إنطوت صفحة الأمس تحمل أعمالنا وبقيت صفحة اليوم خاوية حتى من أروحنانعجز أن نمسح صفحة الماضي ولكن قد نقدر أن نصنع صفحة الحاضر. حياتنا كورق الشجر يخضُر في الربيع .ويصفر ويسقط في الخريف ..

ها قد أوشك عامنا على الرحيل و قد أودع كل منا فيه ما أودع لكن ما هي العبرة التي نأخذها من مرور السنين وتتابع الأيام ؟ لو سألنا أنفسنا هذا السؤال لأجاب أكثرنا : أن أعمارنا سوف تزيد و حياتنا سوف تطول فنحن قد زاد في أعمارنا عام كامل .هذا هو ظن كثير منا لا يرى في تتابع الأيام و الليالي إلا أنها زيادة في عمره و لكن و الله أيها الإخوة إن الحقيقة بعكس ذلك فما هذه الأيام التي تمر و ما هذه الأعوام التي تمضي إلا نقص في حياتنا وفي اعمارنا ووقت حياتنا أرأيتم ي لو أن أنسان سافر من مدينة إلى أخرى فإنه كلما قطع مسافة سوف تقصر المسافة التي بينه و بين تلك المدينة التي يريد الذهاب إليها هكذا نحن هكذا اعمارنا :مجموعة أيام و مجموعة ليالي كلما مضي يوم أو انقضت ليلة كلما نقصت أعمارنا كلما نقص رصيد أيامنا في هذا الحياة حتى ينتهي ذلك الرصيد ثم نغادر هذه الدنيا . لذلك نصيحتي لكم هذا العام قول الله تعالى: (ولاتقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) لاتؤجل عمل شيء الى الغد عيشوا حياتكم كل يوم بيومه عيشوا كل لحظاتها وكل ساعاتها بحلوها بمرها اغتنموا كل فرصة لاكتشاف العالم لاتعيشوا حياة العالم الافتراضي لاتعيشوا الحب الافتراضي والمديح الافتراضي والاعجاب الافتراضي .لاتجعل لك حدود انطلق بنفس مشرقة لتكتشف خبايا العالم واجعل ثقتك بالله وشاركه لحظات سعادتك وحزنك فستحرسك عين الله
اقلب الصفحة ..ابدأ عهدا جديدا .. امح ماضيك المؤلم .. استبعد ذكريات فشلك .. ابدأ وكأنك ولدت اليوم.. حرر نفسك هذا العام من مكيدة شيطانية تستهدف دفعك إلى خانة اليأس ومحاصرتك في مربع الفشل ليذبح بذلك حيويتك الإيمانية ويخنق صحوات توبتك ..
ارفع شعارك: ما فات مات والأهم ما هو آت وابدأ بداية جديدة في صفحة عمرية جديدة .. ليست كل عام فحسب بل كل يوم وكل ساعة حتى ينتحر اليأس فلا يعرف إلى قلبك سبيلا.
ابدأ يومك .. ابدأ شهرك .. ابدأ عامك .. بطاعة واختمه بطاعة فالبدايات والخواتيم عليها مدار الفوز والخسارة ..ابدأ يومك بصلاة فجر أو قيام سحر واختمه بنوم على سلامة صدر وطهارة بدن فلو كان أول سطر في صحيفتك خيرا وآخر سطر فيها خيرا لمحا الله لك ما بينهما 
إنك ان تنظر في ايام مضت وساعات خلت..تتقلب فيها بين نعمة وفتنة.. وبين منحة ومحنة.. وبين طاعة ومعصيةوتنظر الى توفيق الله لك.. وستره عليك.. وفضله ومنته..والهامك الصبر والشكر.. والمد في عمرك.. وامهالك للتوبة والاستغفار..لتحس بشعور ينبعث من خلجات قلبك وحنايا صدرك كله خضوع وذلة لله ويترجمه اللسان بالحمد والثناء للعزيز الغفار!!
اجعل لك حبرا سريا وكتابا سريا ..اجعل مما تكتب فيه عملا صغيرا لكنه خفي لا يعلمه إلا الله ودائم لا ينقطع مع تقليب الصفحات أي مرور الأيام ترعى بذلك في قلبك بذرة الإخلاص وتتعاهدها فتكون الجندي المجهول والمنقذ الخفي الذي لا يعلم عمله ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده فلا يكافئه على هذا العمل سوى الذي يعلم السر وأخفى ومن حافظ على خبيئة من العمل الصالح حفظته ومن أسر بها سرته فالله يحب الاسرار بينه وبين عبده ومن لم يطلع عليها أحدا كافأه الله من جنس عملك فلا يطلع أحدا على أملاكه في الجنة جزاءا وفاقا 
جديد يحمل جديدا ..هذا عام جديد فاجعله يحمل بين طياته عملا جديدا وسائل نفسك طالبا الإجابة:* ما هي العبادة التي ستواظب عليها هذا العام ولم تواظب عليها من قبل؟* ما هو الخُلق الذي تنوي أن تتحلى به وقد صعب عليك في ما مضى؟* أي خلق سيء تشكو منه وتنوي هذا العام أن تمحوه من معاملاتك وتشيعه إلى المقبرة؟* ما هي المهارة التي عزمت على أن تصقلها وتطورها في نفسك لتخدم بها نفسك وقومك وأمتك؟!*من الاخر ماذا تريد ان تغير او تضيف او تطور في نفسك

قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به 

اللهم أصلح المقبل من أعوامنا وزودنا التقوى في القادم من أيامنا اللهم تب علينا من كل ذنب أذنباه أو حق ضيعناه أو مسلم ظلمناه أو حد تجاوزناه .ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...