هذا هو انتمائي في تونس

لاينفك البعض من اصدقائي من تونس من استفساري عن توجهي السياسي او بالاحرى عن انتمائي الحزبي وعندما اصمت واجيب بابتسامة يلبسني البعض رداء اليمين السياسي والبعض الاخر رداء اليسار السياسي و لعل الذين ذهبوا بي ذات اليمين أو أولئك الذين ذهبوا بي ذات اليسار تعجلوا بسذاجة كبرى في إصدار الحكم ربما اعتمادا على سوء نية لديهم أو على مظاهر عجزوا عن فك شفرتها و بناء على قراءات متسرعة خلطوا فيها كثيرا من الذاتية و الدغمائية المهلكة و استنادا على عقلية تونسية متعفنة متوارثة من عهد الاستبداد النوفمبري القذر و ملخصها انه يجب تصنيف الآخر - أي المواطن - في إحدى خانتين مع أو ضد , ابيض أو اسود، نهضاوي او شيوعي يساري ,رأسمالي او اشتراكي ,اسلامي او علماني ,حداثي او رجعي ,من العالم الثالث أو العالم المتقدم ...الى اخر هاته التصنيفات التي اخذت في البروز والظهور بعد الثورة 

اخوتي و اخواتي الذين احترمهم والذين يشرفني كثيرا مشاطرة افكاري وخواطري معهم: أعلمكم بان الثورة التونسية علمتني بأنها خلطت كل هذه الأوراق وهاته التصنيفات و أقصت منها كل من لا يصلح لمرحلة البناء ...إن حزبيتي رقم لا يخضع لمعادلتكم التي فاتها الزمن و تولت بلا رجعة بعد الثورة التونسية العظيمة...و أعلمكم بان انتمائي جعلته لوطني فحسب فقط لتونس ..وتونس فوق الأشخاص و الأحزاب و الاديولوجيات ... انها الآن تساوي الشرعية و القانون و الحفاظ على الوطن و السعي الدءوب لتطويره نحو الأفضل و مراعاة وحدة ترابه و الحفاظ على ثقافته و الإيمان بقضاياه ...فرغم عدم تحمسي للانتخابات الا انني اظطررت للتسجيل فيها احتراما لتونس فاني ألزمت نفسي بالاعتراف بالمجلس التأسيسي و بالحكومة و برئيس الدولة المنتخب ...لان البديل لن يكون غير التخريب و الحرب الأهلية الدموية والنزاعات ...إن انتمائي هذا هو الذي جعلني انتمي للشعب التونسي فحسب ...للثورة التونسية فحسب ...للمبادئ التي قامت عليها الثورة فحسب ... و جعلني أمج من الأحزاب ممارسات قذرة كالكذب و القذف و المحسوبية و الولاء ...هكذا بدأت الثورة و هكذا أواصلها و أبقى عليها....و هو انتماء يقول للمحسن أحسنت و للمسيء اسات ...لكن بأدب و بهدوء ...أدعو لمراقبة الحكومة و للمراقبة و التحسس و الفطنة لكن دون فظاظة ودون همجية ودون تهم واساءات بل في إطار القانون و أدعو إلى التعبير عن المشاغل والمطالب لكن دون قطع الطريق و غصبه و اعتماد جرائم الحرق و تهديد الآمنين، أتبنى فض الاعتصامات لكن دون إهمال العاجل من الأمور، و أدعو إلى القوة و الحزم لكن دون تبرير عودة القمع و استنساخ دولة الاستبداد من جديد..لقد ولى ذلك العهد الى غير رجعة .....

إن هذه المبادئ الواضحة جعلتني انقد كل الأطراف على حد السواء أي تلك المتناقضة في رؤاها و مواقعها من السلطة و هو السبب الذي جعل أصدقائي يحتارون في انتمائي ...

إن تونس هي من تجمعنا...الشهداء و الفقراء و المساكين في وطننا ينتظروننا القدس تنادينا ....و كل هؤلاء سيحاسبوننا إن أفشلنا الثورة و غيبنا المصالح العليا وانحدرنا نحو الحيوانية السياسية و الغريزة الحزبية و الجهوية و القبلية المتوحشة و فضلنا البقاء أقزاما في عالم من العمالقة و المتغولين و الظالمين و المحتلين....
إنني أريد ان تكون ثورة تونس نورا يضيء تونس و ينير القدس وفلسطين و كل العالم .....و هو أمر ممكن التحقيق إذا ما احترمنا شرعية الشعب واحترمنا اختياراته و ما أفضى به صندوق الانتخاب.....هذا هو انتمائي...فمن يكون معي ؟؟

2 commentaires:

أنا معك :))
مقال جميل ! ربي يباركلك :)
نسأل الله أن يحمي بلادنا :)

 

@lili ربي يبارك فيك ويحمي تونس من ابنائها قبل اعدائها

 

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...