ياشهداء تونس:اعذروني أخجل أن أرفع عيني في عيونكم


لغة العيون، بريق العيون، رسائل العيون، صفات كثيرة تؤكد على أن هذه العيون سر من أسرار الله فى خلقه، هذه النافذة البلورية على مكمون الروح والنفس البششرية، تقرأ فى صفحتها البيضاء ما لا تسمعه بأذنك أو تحسه بيدك، تدرك منها صدق المشاعر وحقيقتها، كل هذا سر من أسرار الله فى خلقه ولكن الأعجب أن يبقى هذا البريق وتبقى هذه الرهبة والحيوية فى تلك العيون حتى وان كانت مجرد صورة فوتوغرافية أحادية الأبعاد. وعجب العجب أن هذه العيون تستمد مزيدا من بريقها من بعد رحيل صاحبها وكانه قدم روحه وقودا لألقها.
تنساب الكلمات فى أذنى
يا بلادى .. يا بلادى .. يا بلادى
ياريتنى واحد منهم استحق الشهادة مثلهم
كنت انادي ليكي معاهم لكن الرصاص جاء في قلبهم

خرجنا جميعا في تونس في فترة الاضطرابات مابين 17 ديسمبر و 14 جانفي وما بعدها متوقعين أن لا نعود لبيوتنا ولكن أغلبنا كان يتمنى ان يرجع لبيته آخر اليوم وقد حقق لتونس حلمها وصنع لنفسه حريتها أما هم فلعلهم خرجوا وهم يتوقون لحياة أخرى وان ينالوا الشهادة


هؤولاء اهلك يا بلدي اللي كانوا مجروحين
كيف قاموا فى كل بلدي كان حلمهم يوفوا دين

فعلا كانوا مجروحين ولكنهم كانوا أصحاب قلوب لا تتحمل الجروح ولا تستطيع مكابدة الحياة والصبر على متاعبها وآلامها فأنعم الله عليهم بقرب موت ورحيل من هذه الحياة على صعوبته فقلوبهم بصدق قلوب لم تخلق للحياة

هؤولاء نبض الشوارع والبيوت
كان عندهم الف حق ضايع ما كانش عندهم حتى صوت

من تالة والقصرين وسيدي بوزيد والمكناسي ومنزل بوزيان.. ، من الكرم لزغوان وحمام الانف وصفاقس والحامة وجرجيس ، من كل مكان من أرض تونس كان لها سفير فى وفد الشهداء، لتمتزج دماؤهم كما امتزجت سابقا مع شهداء احداث الرديف 2008 وشهداء انتفاضة الخبز 1984 وشهداء معركة الجلاء ببنزرت وشهداء حادثة 9 افريل 1938 والاف الشهداء الذين عذبوا وماتوا وهم يدافعون عن توريث احفادهم العيش بحرية وكرامة في سجون الاستعمار الفرنسي وسجون الاستعمار البورقيبي والبنعليلي .. نبض الشوارع والحوم والبيوت التونسية خرجوا هذه المرة ليرضوا تلك الحقوق الضائعة معلنين وباعلى صوت أن الحرية والكرامة حق ينتزع ولا يوهب.

هوما الي كانوا ورد الجناين اللي تفتح في ترابك يابلادي
ما كانش فيهم واحد خاين ولا عميل او كان جبان

اعذرينى يا دماء الشهداء، اعذرونى يا ورد تونس، سامحونى يا فخر البلاد، انا حقا اخجل من نفسي، حقا لا اجروء ولا أستحق ان أرفع عينى فى عيون صوركم، ولكن رجاء سامحوني ان استرقت النظرات إلى تلك العيون حتى تبقى شعلة ثورتنا حية فى النفوس حتى نثأر لكم ممن ظلمكم، حتى نستمد طاقة لا تضاهيها اي طاقة نبنى بها تونس التى بذلتم أرواحكم لبناءها. اسمحوا لى أن انظر لصوركم على فى يوم الحشر أعرفكم فأحتمي بكم، أتقرب إليكم أتشفع بكم، عل كتفي فى يوم اصطدم في كتف احدكم، لعلي يوما سلمت على أحدكم. أعلم ان ما أطلبه ليس حق لي ولكن من يجود بدمه بالتأكيد لن يبخل على مثلي على ضعفى على قلة همتي بأن يسمح له بان يطالع صورته وينظر فى عينيه.

مرت سنة واكثر على فراقكم ومع اننا بدأنا نتنسم أريج حرية رويتموها بدمائكم وقد كان حلمكم ان تعيشوا معنا هذه الايام وأن تروا تونس حرة أبية كريمة عزيزة ولكننا خنا دمائكم ولم نستطع محاكمة قاتلكم .. أحسنتم الاختيار فسبقتم بالرحيل وتركتم لنا الحمل الثقيل بأن نوفي لدمائكم ونكمل ما بدأتموه 

وعهد عليا أن أذكر دمائكم كلما لاح لي مغنم ومكسب فأعرف حجمي وقدري فلا أتقدم.
وعهد عليا أن أذكر تضحيتكم كلما ضاقت بى السبل وزادت الضغوط، فأستمد من ذكراكم القوة لأكمل الطريق.
قاوم دموعك ان كنت تسطيع وانت تنظر إلى عيونهم

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...