تنظر فرنسا لتونس دائما على أنها مستعمرتها القديمة و أنها فضاء لنفوذها السياسي و الاقتصادي و حتى الثقافي، تحاول التدخل في البرامج التعليمية ، تمول الحركة الثقافية، تكون المكونين و المسؤولين. اليوم صار دورها أكبر من الذي كان عليه زمن بن علي لأنها تريد لمدرسة سياسية معينة أن تنجح في تونس و بالتالي تبقى تونس تحت جناحها و لا تخرج عن اطار نفوذها وقد ذهب بعض من التونسيين الفرنكفونيين على رؤيتها أنها الجنة على وجه الأرض وأن ترابها و معالمها مقدسة و أدباءها و فنانيها قد جمعوا كامل الحكمة و الإبداع و أن احتلالها لتونس كان تشريفا لأرضنا ولولا ذلك الاحتلال لكنا قبائل بدائية لا تعرف للحضارة معنى.
الثقافة الفرنسية توصف بالتنويرية من حيث دعوتها للحريات الأساسية و حقوق الإنسان و الديمقراطية، لكن التجربة الاستعمارية أولا ثم الحديث عن الهوية الفرنسية ثانيا، تثبت أن الثقافة الفرنسية هي ثقافة استئصاليه بمعنى أنها تحاول استئصال الثقافات الأخرى وإلغائها تماما والحلول محلها. و الحديث عن الاندماج الاجتماعي للمهاجرين هو في الحقيقة ليس إلا دعوة لتبني الثقافة الفرنسية و التخلي عن الجذور الحضارية الخاصة بهم.