الداروينيـة



الداروينيـة
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي

التعريف :
تنتسب الحركة(*) الفكرية الداروينية إلى الباحث الإنجليزي شارلز داروين الذي نشر كتابه أصل الأنواع سنة 1859م الذي طرح فيه نظريته في النشوء والارتقاء مما زعزع القيم الدينية، وترك آثاراً سلبية على الفكر العالمي.

أنا وابنتي ونظرية التطور


بقلم ياسر جبر

دخلت ابنتي مرحلة التعليم الثانوي , وعادت من مدرستها تحمل كتب الوزارة وتبعتها بالكتب الخارجية من المكتبات الأهلية , وتصفحت المنهج الخاص بأحد أفرع العلوم بسرعة ثم توقفت , وتوجهت إلى بالسؤال الذي تلته العديد من الأسئلة , يا أبي : الكتاب يتحدث عن نظرية التطور وكيف حدث ارتقاء لعالم الأحياء من أشكال أو حيوانات بسيطة إلى أشكال أكثر تعقيداً حتى وصلنا إلى الإنسان.
الأب : نعم نظرية التطور هي نظرية شهيرة ولكن لم يتم إثبات صحتها , فهي بنيت على افتراضات , وهناك نظريات مضادة لها بالإضافة إلى أن النظرية مخالفة للدين الإسلامي .
الابنة : مكتوب أن غالبية العلماء يؤمنون بها ويصدقونها , فهل الدين مخالف للعلم وللعلماء !؟
الأب : لا أبداً الدين الصحيح يتوافق مع العلم الصحيح , والفقرة المنقولة من الكتاب المدرسي بها العديد من الأخطاء , أبينها كما يلي :

Les Secrets des Epoux



O musulmans !
La famille est la base de la société, et les deux époux sont le noyau de sa construction :
{ O Humains ! Nous vous avons créés à partir d’un mâle et d’une femelle et Nous avons fait de vous des peuples et des tribus afin que vous vous connaissiez entre vous }.
La famille est l’abri qu’Allah a préparé pour l’homme, il y habite et y trouve la tranquillité.

CONSEILS DE SAGESSE


L'humain d'aujourd'hui
Qui porte parole à autrui
N'est pas souvent pensée dite
Et encore moins parole donnée
Rarement acte suivi est accomplit avec mérite
Etudier un conseil tu peux,sans le condamner


Dar regalos en el Islam



Dar regalos es una de las buenas costumbres que mantiene y fortalece las relaciones entre la persona que da y la que recibe. Este es uno de los actos que el Profeta Muhammad, sallallahu ‘alaihi wa sallam, nos recomendó hacer. Al Bujari, que Al-lah lo Perdone, narró que ‘A’ishah, que Al-lah Esté complacido con ella, dijo: “El Mensajero de Al-lah solía aceptar regalos y recompensaba a la gente por darlos”.

Entwürdigt der Islâm Frauen?




Das Bild einer typischen muslimischen Frau, die den Schleier trägt, gezwungen wird zu Hause zu bleiben und kein Auto fahren darf, ist in den Vorstellungen der meisten Menschen wirklich sehr verbreitet.
Die Stellung der Frauen im Islam ist häufig das Ziel von Attacken weltlich orientierter Medien. Der Hidschâbbeziehungsweise der islamische Bekleidungskodex wird von vielen als Beispiel für die "Unterdrückung" der Frau unter dem islamischen Gesetz zitiert. Bevor wir Argumente für den religiös vorgeschriebenenHidschâb anführen, wollen wir zunächst die Stellung der Frauen in den Gesellschaften vor dem Erscheinen des Islâm untersuchen.

Die Frau als Gattin



Einige Religionen und Weltanschauungen betrachteten die Frau als Teufelswerk, vor dem man fliehen und bei der Ehelosigkeit sowie beim Zölibat Zuflucht suchen soll. Der Islâm hingegen betrachtet die fromme Frau als den besten Schatz, den man nach dem Glauben an Allâh und Ehrfurcht im Diesseits besitzen kann. Islâmisch gesehen gehört die fromme Frau sogar zu den Ursachen der Glückseligkeiten.
Der Prophet  möge Allah ihn in Ehren halten und ihm Wohlergehen schenken sagte: ''Das irdische Leben ist ja ein vergänglicher Nießbrauch, dessen bester Genuss die fromme Frau ist.'' (Muslim)
Der Prophet  möge Allah ihn in Ehren halten und ihm Wohlergehen schenken sagte außerdem: ''Zu den Glückseligkeiten des Mannes gehören die fromme Frau, der geeignete Wohnsitz und das passende Fortbewegungsmittel.'' (Ahmad)

Die Wichtigkeit des Gehorsams gegenüber den Eltern


Mit Hilfe des Islâm bildet sich eine Familie, in der gegenseitiger Respekt und Fürsorge herrschen. Eltern und Kinder sind im Islâm miteinander verbunden, indem beide Verpflichtungen tragen und ein gegenseitiges Abkommen einzuhalten haben. Allâh sagt: „[…] Keine Mutter soll wegen ihres Kindes zu Schaden kommen, noch einer, dem das Kind geboren wurde, wegen seines Kindes. […].“ (Sûra 2:233)

الألقاب ليست سوى وسام للحمقى, أما العظماء من الناس فليسوا بحاجة لغير أسمائهم .



الناس من حولنا صنفان:صنف يعيش وكل همه البحث عن( المكان ): الزعامة والصدارة والرئاسة والسلطة بشتى الوسائل , وصنف آخر غايته البحث عن ( المكانة ) عند الله وعند الناس. و شتان بين المكانة و المكان في أدبيات الأحرار من أبناء هذه الأمة .
منذ عشرين عامًا، وبعد خروجه من جريدة الأهرام بسنوات قليلة، سُئل الصحفي المصري الشهير محمد حسنين هيكل: هل تشعر بالحزن لفقدك هذا المنصب الكبير والقريب من دائرة النفوذ والسلطة؟! فردّ بقوله: " تستطيع السلطة أن تمنحك مكانًا، ولكنها لا تستطيع أن تمنحك مكانة".وهذا صحيح.

حث الطفل على المحافظة على الصلاة بطريقة التلوين والشجرة



شجرة الصلاة الأسبوعية و الشهرية للأطفال و لليافعين


تعريف بالشجرة :

هي رسم لشجرة تحتوي على أربعة أغصان رئيسية تحدد الأسابيع الأربعة للشهر وتحتوي على (31) غصن فرعي يحدد عدد أيام الشهر, كلّ غصن فرعي من هذه الأغصان يحتوي على خمسة أوراق نباتية تحدد الصلوات الخمسة المفروضة باللإضافة إلى وجود ثمرة على كل غصن فرعي يحدد الصدقة اليومية .



طريقة العمل :

يتم تلوين ورقة نباتية واحدة بعد كل صلاة فإذا صلّيت الصلاة في وقتها لوّنا الورقة بالأخضر أما إذا انقضى وقت الصلاة ودخل وقت الصلاة التالية تقضى الصلاة ثم تلوّن الورقة بالأصفر, أما بالنسبة للثمرة فإنها تلوّن بالأحمر عند القيام بصدقة في نفس اليوم و هذه الصدقة إما أن تكون (مادية أو معنوية ) و هي تختلف عن بر الوالدين .

مناوبة في رمضان



المكان: العاصمة
الزمان: رمضان
الوقت : قرب المغيب

شوارع المدينة خلت تقريبا ً من السيارات التي كانت تملؤها منذ دقائق مرت ..
فقد اقترب موعد الافطار وكل ٌ قد استعد في منزله ...
ما بين داع ٍ وذاكر ٍ ومستغفر ...
الكل قد أصغى باهتمام مترقباً لمدفع الافطار الذي لا يغيب صداه عن كثير من القلوب قبل البيوت ...

خواطر حول الفضائيات الإسلامية


1- حلم الاجتماع و«رابطة الفضائيات الإسلامية»
الاجتماع وعدم الفُرقة من أهم سمات أهل السُّنة والجماعة ، فهم أحرص الناس على الاجتماع والائتلاف، وأبعد الناس عن الافتراق والاختلاف مع الحرص على ذلك والتواصي به ظاهرًا وباطنًا.
ولكنهم حين يجتمعون ويدعون إلى الاجتماع يضبطون دعوتهم بضابطين مهمين، هما (1) :

الكتمـان



الكتمان
الكتمان هو حفظ الأسرار، وإخفاء ما لا يجب أن يعرفه الناس من الأمور الخاصة.
يُحدثنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه فيقول : أن عمر بن الخطاب ، حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا ، توفي بالمدينة ، قال عمر : فلقيت عثمان بن عفان ، فعرضت عليه حفصة ، فقلت : إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر ، قال : سأنظر في أمري ، فلبث ليالي ، فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا . قال عمر : فلقيت أبا بكر ، فقلت : إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر ، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا ، فكنت عليه أوجد مني على عثمان ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه ، فلقيني أبو بكر فقال : لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك ؟ قلت : نعم ، قال : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت ، إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها ، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو تركها لقبلتها)(280)

من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد...

فإن للشهوات سلطاناً على النفوس، واستيلاء وتمكناً في القلوب، فتركها عزيز، والخلاص منها عسير، ولكن من اتقى الله كفاه، ومن استعان به أعانه: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ وإنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله، أما من تركها مخلصاً لله فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا أول وهلة؛ ليُمتَحن أصادق في تركها أم كاذب، فإن صبر على تلك المشقة قليلاً استحالت لذة، وكلما ازدادت الغربة في المحرم، وتاقت النفس إلى فعله، وكثرت الدواعي للوقوع فيه عظُم الأجرُ في تركه، وتضاعفت المثوبة في مجاهدة النفس على الخلاص منه.

ولا ينافي التقوى ميلُ الإنسان بطبعه إلى الشهوات، إذا كان لا يغشاها، ويجاهد نفسه على بغضها، بل إن ذلك من الجهاد ومن صميم التقوى، ثم إن من ترك لله شيئاً عوّضه الله خيراً منه، والعوض من الله أنواع مختلفة، وأجلّ ما يُعوّضُ به: الأنسُ بالله، ومحبته، وطمأنينة القلب بذكره، وقوته، ونشاطه، ورضاه عن ربه تبارك وتعالى، مع ما يلقاه من جزاء في هذه الدنيا، ومع ما ينتظره من الجزاء الأوفى في العقبى.

نماذج لأمور من تركها لله عوّضه الله خيراً منها:
1 - من ترك مسألة الناس، ورجاءهم، وإراقة ماء الوجه أمامهم، وعلق رجاءه بالله دون سواه عوّضه خيراً مما ترك، فرزقه حرية القلب، وعزة النفس، والاستغناء عن الخلق { ومن يتصبر يصبره الله ومن يستعفف يعفه الله }.

2 - ومن ترك الاعتراض على قدر الله، فسلّم لربه في جميع أمره رزقه الله الرضا واليقين، وأراه من حسن العاقبة ما لا يخطره له ببال.

3 - ومن ترك الذهاب للعرافين والسحرة رزقه الله الصبر، وصدق التوكل، وتَحَقُقَ التوحيد.

4 - ومن ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة.

5 - ومن ترك الخوف من غير الله، وأفرد الله وحده بالخوف سَلمَ من الأوهام، وأمّنه الله من كل شيء، فصارت مخاوفه أمناً وبرداً وسلاماً.

6 - من ترك الكذب، ولزم الصدق فيما يأتي ويذر هُدي إلى البر، وكان عند الله صديقاً، ورزق لسان صدق بين الناس، فسوّدوه، وأكرموه، وأصاغوا السمع لقوله.

7 - ومن ترك المراء وإن كان مُحقاً ضُمن له بيت في ربض الجنة، وسلم من شر اللجاج والخصومة، وحافظ على صفاء قلبه، وأمن من كشف عيوبه.

8 - ومن ترك الغش في البيع والشراء زادت ثقة الناس به، وكثر إقبالهم على سلعته.

9 - ومن ترك الربا، وكسب الخبيث بارك الله في رزقه، وفتح له أبواب الخيرات والبركات.

10 - ومن ترك النظر إلى المحرم عوّضه الله فراسة ضادقة، ونوراً وجلاءً، ولذة يجدها في قلبه.

11 - ومن ترك البخل، وآثر التكرم والسخاء أحبه الناس، واقترب من الله ومن الجنة، وسلم من الهم والغم وضيق الصدر، وترقى في مدارج الكمال ومراتب الفضيلة وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

12 - ومن ترك الكبر، ولَزمَ التواضع كمل سؤدده، وعلا قدره، وتناهى فضله، قال فيما رواه مسلم في الصحيح: { ومن تواضع لله رفعه }.

13 - ومن ترك المنام ودفأة ولذتة، وقام يصلي لله عز وجل عوضه الله فرحاً، ونشاطاً، وأنساً.

14 - ومن ترك التدخين، وكافة المسكرات والمخدرات أعانه الله، وأمده بألطاف من عنده، وعوضه صحة وسعادة حقيقية، لا تلك السعادة الوهمية العابرة.

15 - ومن ترك الإنتقام والتشفي مع قدرته على ذلك، عوضه الله إنشراحاً في الصدر، وفرحاً في القلب؛ ففي العفو من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس، وعزها، وترفعها ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام.

قال فيما رواه مسلم: { وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً }.

16 - ومن ترك صحبة السوء التي يظن أن بها منتهى أنسه، وغاية سروره عوضه الله أصحاباً أبراراً، يجد عندهم المتعة والفائدة، وينال من جراء مصاحبتهم ومعاشرتهم خيري الدنيا والآخرة.

17 - ومن ترك كثرة الطعام سلم من البطنة، وسائر الأمراض، لأن من أكل كثيراً شرب كثيراً، فنام كثيراً، فخسر كثيراً.

18 - ومن ترك المماطلة في الدَّين أعانه الله، وسدد عنه بل كان حقاً على الله عونه.

19 - ومن ترك الغضب حفظ على نفسه عزتها وكرامتها، ونأى بها عن ذل الاعتذار ومغبة الندم، ودخل في زمرة المتقين الكاظمين الغيظ .

جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله أوصني! قال: { لا تغضب } [رواه البخاري].

قال الماوردي رحمه الله: ( فينبغي لذي اللب السوي والحزم القوي أن يتلقى قوة الغضب بحلمه فيصدّها، ويقابل دواعي شرته بحزمه فيردها؛ ليحظى بأجلّ الخيرة، ويسعد بحميد العاقبة ).

وعن أبي عبلة قال: غضب عمر بن عبدالعزيز يوماً غضباً شديداً على رجل، فأمر به، فأُحضر وجُرّد، وشُدّ في الحبال، وجيء بالسياط، فقال: خلو سبيله؛ أما إني لولا أن أكون غضباناً لسؤتك، ثم تلا قوله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران:134].

20 - ومن ترك الوقيعة في أعراض الناس والتعرض لعيوبهم ومغامزهم عُوّض بالسلامة من شرّهم، ورزق التبصر في نفسه.

قال الأحنف بن قيس رضي الله عنه: ( من أسرع إلى الناس فيما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون ).

وقالت أعرابية توصي ولدها: ( إياك والتعرّض للعيوب فتتخذ غرضاً، وخليق ألا يثبت الغرض على كثرة السهام وقلما اعتورت السهام غرضاً حتى يهي ما اشتد من قوته ).

قال الشافعي رحمه الله:

المرء إن كان مؤمناً ورعاً *** أشغله عن عيوب الورى ورعه
كما السقيم العليل أشغله *** عن وجع الناس كلهم وجعه
21 - ومن ترك مجاراة السفهاء، وأعرض عن الجاهلين حمى عرضه، وأراح نفسه، وسلم من سماع ما يؤذيه خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199].

22 - ومن ترك الحسد سلم من أضراره المتنوعة؛ فالحسد داء عضال، وسم قاتل ومسلك شائن، وخلق لئيم، ومن لؤم الحسد أنه موكل بالأدنى فالأدنى من الأقارب، والأكفاء، والخلطاء، والمعارف، والإخوان.

قال بعض الحكماء: ( ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحسود، نفس دائم، وهم لازم، وقلب هائم ).

23 - ومن سلم من سوء الظن بالناس سلم من تشوش القلب، واشتغال الفكر، فإساءة الظن تفسد المودة، وتجلب الهم والكدر، ولهذا حذرنا الله عز وجل منها فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثم . وقال : { إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث } [رواه البخاري ومسلم].

24 - ومن اطَّرح الدعة والكسل، وأقبل على الجد والعمل عَلَت همته، وبورك له في وقته، فنال الخير الكثير في الزمن اليسير.

ومن هجر اللذات نال المنى ومن *** أكب على اللذات عض على اليد
25 - ومن ترك طلب الشهرة وحب الظهور رفع الله ذكره، ونشر فضله، وأتته الشهرة تُجَرّر أذيالها.

26 - ومن ترك العقوق، فكان برّاً بوالديه رضـي الله عنه، ورزقه الله الأولاد الأبرار وأدخله الجنة في الآخرة.

27 - ومن ترك قطيعة أرحامه، فواصلهم، وتودد إليهم، واتقى الله فيهن؛ بسط الله له في رزقه، ونَسَأَ له في أثره، ولا يزال معه ظهير من الله ما دام على تلك الصلة.

28- ومن ترك العشق، وقطع أسبابه التي تمده، وتجرَّع غصص الهجر ونار البعاد في بداية أمره، وأقبل على الله بكليته؛ رُزِقَ السلوَ وعزة النفس، وسلم من اللوعة والذلة والأسر، ومُلئ قلبه حريةً ومحبةً لله عز وجل تلك المحبة التي تلم شعث القلب، وتسدُّ خلته، وتشبع جوعته، وتغنيه من فقره؛ فالقلب لا يسر ولا يفلح، ولا يطيب ولا يسكن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربِّه، وحبِّه، والإنابة إليه.

29- ومن ترك العبوس والتقطيب، واتصف بالبشْر والطلاقة؛ لانت عريكته، ورقَّت حواشيه، وكثر محبوه، وقلَّ شانؤوه.

قال : { تبسُّمك في وجه أخيك صدقة } [أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب].

قال ابن عقيل الحنبلي: ( البِشْر مُؤَنِّسٌ للعقول، ومن دواعي القبول، والعبوس ضده ).

وبالجملة فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. فالجزاء من جنس العمل فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:8،7].

مثال على من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه:

وإذا أردت مثالاً جليّاً، يبين لك أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه فانظر إلى قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز، فلقد روادته عن نفسه فاستعصم، مع ما اجتمع له من دواعي المعصية، فلقد اجتمع ليوسف ما لم يجتمع لغيره، وما لو اجتمع كله أو بعضه لغيره لربما أجاب الداعي، بل إن من الناس من يذهب لمواقع الفتن بنفسه، ويسعى لحتفه بظلفه، ثم يبوء بعد ذلك بالخسران المبين، في الدنيا والآخرة، إن لم يتداركه الله برحمته.

أما يوسف عليه السلام فقد اجتمع له من دواعي الزنا ما يلي:

1 - أنه كان شاباً، وداعية الشباب إلى الزنا قوية.

2 - أنه كان عزباً، وليس له ما يعوضه ويرد شهوته.

3 - أنه كان غريباً، والغريب لا يستحيي في بلد غربته مما يستحيي منه بين أصحابه ومعارفه.

4 - أنه كان مملوكاً، فقد اشتُري بثمن بخس دراهم معدودة، والمملوك ليس وازعُه كوازع الحر.

5 - أن المرأة كانت جميلة.

6 - أن المرأة ذات منصب عال.

7 - أنها سيدته.

8 - غياب الرقيب.

9 - أنها قد تهيأت له.

10 - أنها أغلقت الأبواب.

11 - أنها هي التي دعته إلى نفسها.

12 - أنها حرصت على ذلك أشد الحرص.

13 - أنها توعدته إن لم يفعل بالصغار.

ومع هذه الدواعي صبر إيثاراً واختياراً لما عند الله، فنال السعادة والعز في الدنيا، وإن له للجنة في العقبى، فلقد أصبح السيد، وأصبحت امرأة العزيز فيما بعد كالمملوكة عنده، وقد ورد أنها قالت: ( سبحان من صير الملوك بذلك المعصية مماليك، ومن جعل المماليك بعز الطاعة ملوكاً ).

فحري بالعاقل الحازم، أن يتبصر في الأمور، وينظر في العواقب، وألا يؤثر اللذة الحاضرة الفانية على اللذة الآجلة الباقية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

إلى مكة و الشوق بلا نهاية


لئن تلذذ المُفَرِّطون بالمعصية، ونشطوا للرقص والطرب، فتجد أحدهم في حركة دؤوبة يصل ليله بنهاره لا يكلُّ ولايملُّ، فإن قلوب المحبين لرب العالمين، تجد الأنس واللذة في الطاعة، وتستعذب المشقة العارضة أثناء العبادة.
بل ليس أثر تلك المشاعر ومكانة ذلك النسك مما اختصت به نفوس أهل الصلاح والطاعة، بل هو معنى تشهده في أحوال العامة، فكم رأيت نفساً عند بيت الله المعظم ربما تلبس صاحبها بشيء محرم، تشق طريقها بعد رحلة مضنية بعزم يحدوه الشوق نحو الكعبة المشرفة، يركب أحدُهم قَحمة الطريق، ويصابر اللأواء والضيق، شوقاً إلى البيت العتيق، فإذا رأى البيت نَسِي بُعدَ الشُقَّةِ وما لقيه من عَنَتٍ ومشقة، واستقل ما يستقبله، بل ربما فاضت دمعته، وظهرت عبرته، وشهدت فعاله وكلماته على استجابة الله لخليله دعوته: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم)، قال ابن كثير: "فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يَحِنُّ إلى رؤية الكعبة والطواف، فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار"، ويتوقون إلى أداء المناسك على اختلاف أصقاعهم وأمصارهم، فمن قائل:
تذكرت أيام الحجـيج فأَسْـبَلَتْ جُـفُوني دماءً واستـجد بِيَ الوجدُ
وأيامنا بالمشْـعَرَيْنِ التي مضـتْ وبالخَيْفِ إذ حادي الرِّكابِ بنا يحدو
فهذا يقول وذاك يخمس قول الآخر:
سَقا اللَه أَيام الحجـيج عَلى مِـنىً مُناها ومن لـي لو يَعـود نَظِـيرُها
وَلِلَّه لَيلات الصـفا دام ذِكرُهـا وَحـقٌ عَلى حجاج مَكَّة شُـكرُها
وَتِلكَ لَـيالٍ لا يُقَـدَّرُ قَـدرُهـا فَلَو شُريت لَم يَغلُ في السوقِ سِعْرُها
وَلَو بيع بالعمرِ الطَـويل قصـيرُها
ومن تشطير غيره قوله:
حَلـَّوا مواردَ عنها يُحمدُ الصَّـدْرُ تَرحَّـلَوا وأقـامتْ عنديَ الفِـكَرُ
وأيُّ قلبٍ على التفريـق يصطبـرُ زاروا وطافوا وحجوا اليبت واعتمروا
هـذا وربـي فخرٌ مـا له دركُ
إلى آخر ما قال.
وأحسن غيره إذ قال:
أَيُـتـركُ ربعٌ للرسالةِ سبْسَبُ تـَجِيءُ به هُوجُ الرياحِ وتذهبُ
ولا تَنْهَمي فيه العيونُ وتَسْكُبُ وتـُظْلَعُ أعناقُ الذنوبِ وتُنْهَبُ
ومن المشهور قول البرعي اليماني في قصيدته التي منها:
يا راحـلينَ إلى مِنىً بغـيابي هيجـتُـمُ يومَ الرحيل فؤادي
حرمتمُ جفني الـمنام لبعدكم يا سالكين الـمنحنى والـوادي
فإذا وصلتم سالـمين فبلـغوا منّي السلامَ أُهـيل ذاك الوادي
وتذكروا عند الطـواف مُتَيَّماً صـبّاً فَنِي بالشـوق و الإبعاد
لي من ربا أطلالِ مكّةَ مـرغبٌ فعسى الإلهُ يـجودُ لي بمرادي
ويلوحُ لي ما بـين زمزم والصفا عند المقام سمعت صوت مـنادي
ويقول لي يـا نائماً جُدَّ السُرى عرفاتُ تـجلو كلَّ قلبٍ صادي
تاللَه مـا أحلى المبيتَ على مني في يوم عـيدٍ أشرفِ الأعـيادِ
إلى آخر ما قال، ومما ذاع قول الزمخشري قبيل رحلة الحج والمجاوره:
قامت لتمنعني المسيرَ تُماضر أنَّى لها وغِـرَارُ عزميَ باترُ؟
شامَت عَقِيْقَة عزمتي فحنينها رَعْدٌ وعيناها السحابُ الماطرُ]
حِنِّي رويدك لن يـَرِقَّ لظبيةٍ وبُـغامها ليثُ العرينِ الزائرُ
لو أشبهت عَبَراتُ عينِّك لُجَّةً وتَعَرَّضَـت دوني فإني عابر
سيري تماضر حيث شئـت وحدثي إني إلى بطحـاءِ مكةَ سائرُ
حتى أُنيخ وبين أطْمَارِي فتىً للكعبة البيتِ الحرامِ مجـاورُ
يا من يسافرُ في البلادِ مُنَقِّباً إني إلى الـبلدِ الحرامِ مسافرُ
سأروح بين وفود مكة وافداً حتى إذا صدروا فما أنا صادر
إلى آخر ذكره المناسك والمشاعر.
وتأمل حال أحدهم وقد عاش في أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع، قال يصف أحوالهم ويعملاتهم أثناء رحلة حج مضنية:
أَخفافُهُنَّ مِـن حَفاً وَمِن وَجى مَرثـومَةٌ تَخضبُ مُبيَضَّ الحَصى
يَحمِلنَ كُلَّ شاحِبٍ مُحقَوقفٍ مِن طـولِ تدآبِ الغُدُوِّ وَالسُرى
بَرٍّ بَرى طولُ الطَّـوى جُثمانَهُ فَهوَ كَقِدحِ النَّبعِ مَحـنِيُّ القَـرا
بعدت عليهم الشقة، وتجشموا المشقة فجاءوا من كل فج عميق، قل لي بربك من أجل ماذا؟ قال:
يَنوي الـتي فَضَّلَها ربُّ العُلى لَمّا دَحَـا تُربَتَـها عَلـى البنى
قصد شريفٌ استقلوا فيه ما صنعوا، فجاشت نفوسهم بمشاعرها، وفاضت عيونهم بمدامعها:
حَـتّى إِذا قابَلَها استَعبَـرَ لا يَملِكُ دَمعَ العَينِ مِن حَيثُ جَرى
ولعلك تعجب إن علمت أن قائلَ هذه الأبيات، الواصفَ لتلك المشاعر والأحاسيس ليس من أفراد الزُّهاد، بل لايعد في العُبَّاد، بل هو رجل موصوف بالإسراف والتقصير!
ومن الذائع الشهير قول شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة:
بالله قـولي لـه في غـيرِ مَعْتَـبَةٍ ماذا أردت بطولِ المُكْثِ في اليمنِ؟
إن كنتَ حاولتَ دنيا أو ظَفِرْتَ بها فما أخـذتَ بتركِ الحَجِّ من ثمنِ!
وهذا وإن جاء في صدد النسيب فإن مضمونه يشعر بمكانة البيت العتيق عند العامة.
ولهذا يُقال أن ابن جريج قال: ما ظننت أن الله عز وجل ينفع أحداً بشعر عمرَ بنِ أبي ربيعة، حتى سمعت وأنا باليمن منشداً ينشد قولَه: وذكر البيتين المتقدمين، قال: فحركني ذلك على الرجوع إلى مكة، فخرجت مع الحاج وحججت.
بل تأمل قول أحدهم وهو موصوف بفسق يجاهر فيقول:
إذا صَلَّيتُ خمساً كلَّ يـومٍ فإن الله يغفر لـي فسوقـي
ولم أشرك برب الناس شيئاً فقد أمسكت بالدّين الوثـيق
وجاهدت العدو ونلت مالاً يُبَلِّغُـني إلا البيـت العتيـقِ
فهذا الدين ليس به خفـاءٌ دَعُونِـي من بُنَيَّات الطريقِ
فانظر إلى هذا مع حاله، يرى الجهاد لأجل تحصيل ما يبلغه البيتَ العتيقَ دينُ حقٍ عليه.
وإذا علمت هذا عرفت لم طويت عن القوم المشقة، وإذا كانت هذه حال من ذكرنا من المقَصِّرِين، فكيف بحال أهل الإيمان واليقين، فلا عجب أن قَلَّت المسائل التي توسع فيها وترخص من نبتوا في دبر الأيام من متفقهة هذا الزمان بدعوى التيسير وِفْقَاً للمشقة النازلة في هذا العصر القاسي بزعمهم!

احذروا الاسودين :الاستبداد والقمع



احذروا الاسودين :الاستبداد والقمع فهما مكمن الوجع في الامة
من أعظم آلام الأمة اليوم الاستبداد والاستبداد السياسي خاصة : استبداد فئة معينة بالحكم والسلطان، برغم أنوف شعوبهم، فلا هم لهم إلا قهر هذه الشعوب حتى تخضع، وإذلالها حتى يسلس قيادها، وتقريب الباحثين بالباطل، وإبعاد الناصحين بالحق.
و الاستبداد اليوم له إمكانات هائلة يؤثر بها على أفكار الناس وميولهم، عن طريق المؤسسات التعليمية والإعلامية والتثقيفية والتشريعية، وأكثرها -إن لم يكن كلها- في يد الاستبداد

موالاة الأعداء مذلة في الدنيا وعذاب في الآخرة



تحظَ مسألة في الفقة الإسلامي من الاهتمام والوضوح بمثل ما حظيت به مسألة موالاة الأعداء والتحالف معهم. فهي مسألة أخذت مساحة كبيرة من أبواب الفقه السياسي، ونالت قسطاً واسعاً من التوافق في المذاهب الإسلامية المختلفة.
ولعل السبب في ذلك يعود إلى كثرة النصوص الشرعية التي تناولتها بشكل مباشر، بحيث لم يعد هناك كبير مجال للاختلاف حولها، فصارت حرمة موالاة الأعداء مما هو معلوم من الدين بالضرورة.

ولكن، ومع هذا كله، فإننا ما زلنا نجد في هذا العصر من يؤوِّل في هذه المسألة، أو يتأوَّل في معنى الموالاة، أو في مناط حكمها.
فنجد منهم مثلاً من أخذ جزءاً من معاني الموالاة وطبَّـق عليها الحكم، في حين ألغى تطبيقه في الجزء الآخر من المعاني التي لا تتفق مع هواه.
ونجد منهم أيضاً من تلاعب في وصف واقع العدو، فأخرج الضوابط الشرعية عن هذا الواقع، وأصبح في نظره واقعاً متغيراً متبدلاً بحسب رؤية هؤلاء أو أولئك، واختلط بذلك أمر العدو على الناس بحيث أصبح العدو صديقاً في حالات، وعدواً في حالات أخرى.
ونحا آخرون منحاً آخر، فلم يجعلوا النصوص الشرعية في مسألة الموالاة هي الأساس، واستبدلوا بها المصالح كما قدَّرتها عقولهم القاصرة، وتبنوا ما شرَّعه تشرشل رئيس الوزراء البريطاني المشهور بقوله: «لا يوجد أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح دائمة».
والبحث الحق في هذه المسألة يدفعنا ابتداءً لمعرفة من هو العدو، بمعنى أن نحدد واقع عدو المسلمين تحديداً شرعياً منضبطاً؛ لأن تحديد مفهوم العدو أولاً هو الذي ينقلنا إلى معرفة حكم موالاته بصورة واضحة قاطعة.
لا شك بأن العدو في الإسلام هو الكفر، والأعداء هم الكفار، فالكفر هو الأمارة الدالة على وجود الأعداء، أي هو السبب الشرعي الذي يدل على وجود العدو قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ [الممتحنة 1] فقد حددت هذه الآية أعداء الله وأعداء الأمة بأنهم الذين كفروا بالإسلام؛ ومن هنا كان الكفر سبب في العداء، فنحن نعادي الناس بسبب كفرهم، والأصل في المعاداة بيننا وبين كل البشر هو وجود الكفر، فإذا وجد الكفر وجد العداء، وإذا عدم الكفر عدم العداء. وحتى معاداة بعض المسلمين فأسبابها إما موالاتهم للكفار، وإما تطبيقهم لأحكام الكفر أو عدم تطبيقهم لأحكام الإسلام؛ لذلك كان الأصل في المعاداة هو وجود الكفر حقيقة، وكان الكفر سبباً في العداء.
أما بالنسبة للكافر المعاهد، أو الذمي، أوالكافر الذي بيننا وبينه اتفاقيات، فقد اعتبرت المعاهدات والعهود والاتفاقيات الموقعة بيننا وبينهم بمثابة موانع منعت سبب الحكم، أي منعت حكم المعاداة، فإذا ما زالت الموانع عاد حكم المعاداة إلى أصله بيننا وبينهم.
هذا بالنسبة لحكم الأعداء الكفار، وأما بالنسبة لموالاتهم، فالنصوص تحرم على المسلمين موالاتهم حرمة قطعية، بجميع معاني الموالاة التي دلت عليها اللغة العربية، والتي من أهم معانيها: النصرة، والمعاونة، والمشاورة، والمحبة، والنصيحة، والمصادقة، والركون، والخضوع، والاستسلام، وما شاكلها أو ماثلها من معانٍ.
فحكم جميع هذه المعاني للموالاة محرم حرمة قطعية، إذ لا يجوز لمسلم أن ينصر الكافر، أو يعاونه، أو يشاوره، أو يحبه، أو ينصحه، أو يصادقه، أو يركن إليه، أو يخصع له، أو يستسلم لسلطانه برضاه، فإن فعل ذلك كان موالياً له، وينطبق عليه حكم الموالاة، إلا في حالة التقية؛ لقوله تعالى: إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً [آل عمران 28] وهي حالة الاستضعاف المتعلقة بالفرد المسلم، أو الأفراد المسلمين، الذين يخضعون لحكم الكافر، ويتعرضون لنوع من أنواع الأذى الحقيقي على النفس أو المال أو العرضِ. وأما ما سوى هذه الحالة فلا يجوز إطلاقاً أن يوالي المسلم الكافر ولا بصورة من الصور.
وقد دحض الله سبحانه دوافع المسلم ضعيف الإيمان الذي يوالي الكفار بدافع التقوي بهم، أو استمداد العزة منهم، فقال تعالى: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (139)[النساء]. ففي هذه الآيات وصف الله سبحانه المسلم الذي يوالي الكافر بالمنافق، وبشره بعذاب أليم بسبب موالاته للكفار، وبيَّـن أن العزة والنصرة الحقيقية لا تستمد من الكفار مطلقاً، واستنكر على المسلم فعل ذلك.
وبعد هذا البيان الشافي عن استحالة تحصيل العزة من الكفار، أكَّد سبحانه أن المسلمين الذين يوالونهم إنما يجعلون لله عليهم سلطاناً مبيناً، كما لو أنهم يحجزون بطاقة دخول مؤكدة لجهنم، وذلك استناداً إلى قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً [النساء 144].
ثم بعد أن وصفهم الله سبحانه بالمنافقين، أضاف وصفاً آخر لهم وهو أنهم ليسوا منا ولا منهم، أي أن هؤلاء الموالين للكفار من المسلمين هم مذبذبون بين الطرفين، وهذا نوع من التوبيخ والتبكيت فيه الشيء الكثير. قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [المجادلة 14].
ثم في آية أخرى يقرر الله عز وجل أنهم بصنيعهم هذا لم يعودوا من المسلمين كليةً، بمعنى أن أفعالهم التي والَـوا فيها الكفار قد أدخلتهم في جملة الكفار وفي عدادهم من ناحية مجازية. يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة 51].
فهذه الآيات الكريمة حددت بوضوح حكم الموالاة، وعنَّـفت ووبَّـخت الموالين للكفار، ونعتتهم بأقبح النعوت، بحيث لم يبق لهم أية حجة أو ذريعة للاستمرار في موالاتهم للكفار بعد هذا البيان القرآني الواضح والصريح.
إن كل هذا التقريع والتعنيف والتبكيت بحق هؤلاء الموالين للكفار يؤكد أن عملهم هذا جد خطير على الأمة، فهو سبب كل بلاء، ومصدر كل شر، وأصل كل داء؛ لذلك لم يكن غريباً أن الأمة اليوم قد أصابها ما أصابها من ويلات ولأواء، ونكبات وكوارث، وضعف واضمحلال، وهوان وضياع. والسبب الوحيد لكل هذه الشرور والبلايا هو موالاة حكامها للكفار ليس إلا، ومعلوم أنه إذا زال السبب زال المسبَّـب، وإذا وجد السبب وجد المسبَّـب.
وعليه فالعلاج الشافي لمشاكل الأمة ومصائبها هو سهل وبسيط، ويتمثل في منع موالاة الحكام للكفار. ومنع هذه الموالاة لا يتحقق فعلياً إلا بإبعاد هؤلاء الحكام عن السلطة، والإطاحة بهم، وتنصيب خليفة واحد للمسلمين مكانهم، يوالي الله ورسوله وجماعة المسلمين.

أنا الآن محبوس في الثلاجة ..



يذكر أن هناك ثلاجه كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية .. ويوم من الأيام دخل عامل إلى الثلاجة…وكانت عبارة عن غرفة كبيرة .. دخل العامل لكي يجرد الصناديق التي بالداخل…فجأة وبالخطأ أغلق على هذا العامل الباب .. طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد .. وكان في نهاية الدوام وفي آخر الأسبوع .. حيث إن اليومين القادمين عطلة . فعرف الرجل أنه سوف يهلك .. لا أحد يسمع طرقه للباب !! جلس ينتظر مصيره .. وبعد يومين فتح الموظفون الباب .. وفعلاً وجدوا الرجل قد توفي .. ووجدوا بجانبه ورقه ..كتب فيها .. ماكان يشعر به قبل وفاته .. وجدوه قد كتب .. ( أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة .. أحس بأطرافي بدأت تتجمد .. أشعر بتنمل في أطرافي .. أشعر أنني لا أستطيع أن أتحرك .. أشعر أنني أموت من البرد .. ) وبدأت الكتابة تضعف شيئاً فشيئاً حتى أصبح الخط ضعيفاً .. إلى أن أنقطع ..
العجيب أن الثلاجة كانت مطفأه ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً !!
برأيكم من الذي قتل هذا الرجل ؟؟ .. لم يكن سوى ( الوهم ) الذي كان يعيشه .. كان يعتقد بما أنه في الثلاجة إذن الجو بارد جداً تحت الصفر .. وأنه سوف يموت .. واعتقاده هذا جعله يموت حقيقة…!!

لها تأثير فعال على الفرد ..
و لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن للرسائل السلبية الموجهة إلى العقل الباطن للإنسان تأثيراً فعالاً وخطيراً على أفكار الفرد ومعتقداته وبالتالي سلوكه وتصرفاته ، فعندما يستقبل أحدنا رسائل سلبية تقلل من قدره ومكانته أو من مواهبه وأفكاره مثل :- أنت لست أفضل من غيرك - لا يمكن أن تنجح - فكرتك غبية - هل تعتقد إنك أذكى من الآخرين - إن أحلامك مستحيلة التحقيق - ونحو ذلك كثير ، فقد يستسلم الفرد لهذه الرسائل ويصدقها فتدخل إلى العقل الباطن وترسخ فيه ، ثم عند أي محاولة - بعد ذلك - للعمل والجد والإنجاز والتميز ستظهر هذه الرسائل بشكل ...
يقول الأستاذ عبد الدائم الكحيل :- يجب عليك أن تتخيل دماغك على أنه مجموعة من الأجهزة الهندسية الدقيقة والتي تعمل وفق برنامج محدد، أنت من سيدير هذا البرنامج وهذا هو مفتاح النجاح! أما إذا لم تدرك هذه الحقيقة فسوف يُدار دماغك من قبل الأصدقاء والأهل والمجتمع المحيط والمؤثرات المحيطة بك، وستصبح إنسانا انفعالياً وغير قادر على التحكم بذاته أو عواطفه ..

صدق أو لا تصدق ..
يقول العلماء :- إن الطفل العربي يتلقى من سن الطفولة إلى سن الرشد أكثر من 18000 رسالة سلبية تختزن في عقله الباطن ثم تظهر على شكل تصرفات غير سوية لشخصية مضطربة ..
وكم فشل الابن لأن أباه منذ الطفولة كان يقول له يافاشل لأنه لم يأخذ الدرجة النهائية في حين أخذ أقل منها بدرجة واحدة ..

الإسلام يحارب الرسائل السلبية
يقول الدكتور بدر عبد الحميد هميسه :- وقد رفض الإسلام الرسائل السلبية التي قد تأتي للإنسان من داخل ذاته أو من خارجها , وتكون سببا في تثبيط همته , وتقويض عزيمته .
قال الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم :- ( وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) سورة آل عمران : 176
وقال :- ( وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) سورة يونس : 65
وحينما استكثر المسلمون ما أصابهم من البلاء يوم أحد وقد كانوا أصابوا يوم بدر من المشركين ضعف ذلك فأنزل الله عز وجل في ذلك:- ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) سورة آل عمران : 165
وكذلك يبشر الله عبده بالمخرج منها حين تباشره المصائب، ليكون هذا الرجاء مخففاً لما نزل به من البلاء ، قال تعالى :- ( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) سورة يوسف: 15
وكذلك رؤيا يوسف كان يعقوب إذا ذكرها رجاء الفرج وهب على قلبه نسيم الرجاء ، ولهذا قال:- ( يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ) سورة يوسف: 87
وكذلك قوله لأم موسى في سورة القصص :- ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) سورة القصص:7
وعندما وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جبل أحد ذات يوم وتذكر الصحابة رضوان الله عليهم ما وقع لهم من هزيمة على هذا الجبل , أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تصل هذه الرسالة السلبية عن جبل أحد في نفوسهم , فقال لهم محولا تلك الرسالة السلبية إلى رسالة ايجابية :- \" أحد جبل يحبنا و نحبه\" ( صحيح ) انظر حديث رقم : 191 في صحيح الجامع .
وحينما مر بجبل يسمى جمدان , ولم يتفاءل بعضهم بالاسم قال :- ( سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ، قَالُوا : وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ) أخرجه أحمد 2/411(9321) و\\\"مسلم\\\" 6905 و\\\"ابن حِبَّان\\\" 858 .
بله أنه صلى الله عليه وسلم كان يغير الأسماء التي من الممكن أن توصل إلى أصحابها رسائل سلبية , عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ حَزْنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ :- مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ :- حَزْنٌ ، قَالَ :- أَنْتَ سَهْلٌ ، قَالَ :- لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي .. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : فَمَا زَالَتِ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ .. أخرجه البُخَارِي 8/53(6190).
وفي الهجرة المباركة لما خاف الصديق على رسول الله من أذي قريش , وقال لرسول الله :- \" لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ \" رفض الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الرسالة السلبية وقال له في ثبات المؤمن ويقينه بربه :- \" يَا أَبَا بَكْرٍ ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا \" .. فأنزل الله تعالى :- \" إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ \" سورة التوبة : 40 .

مواقف رائعة ..
أم طه .. امرأة في السبعين من عمرها لا تجيد القراءة والكتابة .. تمنت ذات يوم أن تكتب بيدها اسم الله حتى لا تموت وهي لا تعرف الكتابة .. فتعلمت الكتابة والقراءة .. ثم قررت أن تحفظ كتاب الله .. وخلال سنتين استطاعت أم طه الكبيرة في السن أن تحفظ كتاب الله عز وجل كاملاً …لم يمنعها كبرها ولا ضعفها لأن لها هدفاً واضحاً .. في حين أن الكثير يتعذر ويقول: أنا ذاكرتي ضعيفة وحفظي بطيء .. وهو في عز شبابه .. حقاً إنها القناعات

أحد الطلاب .. في إحدى الجامعات في كولومبيا حضر أحد الطلاب محاضرة مادة الرياضيات .. وجلس في آخر القاعة (ونام بهدوء ) .. وفي نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات الطلاب .. ونظر إلى السبورة فوجد أن الدكتور كتب عليها مسألتين .. فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة وعندما رجع البيت بدأ يفكر في حل هاتي المسألتين .. كانت المسألتان صعبة فذهب إلى مكتبة الجامعة وأخذ المراجع اللازمة .. وبعد أربعة أيام استطاع أن يحل المسألة الأولى .. وهو ناقم على الدكتور الذي أعطاهم هذا الواجب الصعب !! .. وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة استغرب أن الدكتور لم يطلب منهم الواجب .. فذهب إليه وقال له : يا دكتور لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام وحللتها في أربعة أوراق .. تعجب الدكتور وقال للطالب : ولكني لم أعطيكم أي واجب !! .. والمسألتأن التي كتبتهما على السبورة هي أمثلة للمسائل التي عجز العلم عن حلها …!! .. إن هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى في محاولة حل هذه المسألة
ولو كان هذا الطالب مستيقظا وسمع شرح الدكتور لما فكرفي حل المسألة .. ولكن رب نومة نافعة .. ومازالت هذه المسألة بورقاتها الأربعة معروضة في تلك الجامعة ..

اعتقاد بين رياضي الجري .. قبل خمسين عام كان هناك اعتقاد بين رياضي الجرى أن الإنسان لا يستطيع أن يقطع ميلاً في أقل من أربع دقائق ، وأن أي شخص يحاول كسر الرقم سوف ينفجر قلبه
ولكن أحد الرياضيين سأل هل هناك شخص حاول وانفجر قلبه , فجاءته الإجابة بالنفي !!
فبدأ بالتمرن حتى استطاع أن يكسر الرقم ويقطع مسافة ميل في أقل من أربع دقائق .. في البداية ظن العالم أنه مجنون أو أن ساعته غير صحيحة .. لكن بعد أن رأوه صدقوا الأمر واستطاع في نفس العام أكثر من 100 رياضي .. أن يكسر ذلك الرقم !! .. بالطبع القناعة السلبية هي التي منعتهم أن يحاولوا من قبل .. فلما زالت القناعة استطاعوا أن يبدعوا …

حتى لا تستقبل رسائل سلبية
تقول المدربة والمستشارة أ- خلود بمركز الحلم الواعد :- لكل من يستقبل هذه الرسائل السلبية أقدم لهم ريموت كنترول نفسي
1- عندما تصلك رسالة سلبية من الخارج سواء كان صديقاً أو عكس ذلك قم بتجميد الرسالة فورا في الهواء أو قم بتغليفها بأكثر الألوان القاتمة التي لا تحبها أو اشعر بأن لها رائحة كريهة ولا تريدها أن تقترب منك .
2- استحضر صورتك الداخلية القوية المتميزة التي زرعتها في نفسك أثناء هذه اللحظة وتخيلها أمامك وهي كبيرة جدا جدا جدا واسمع نفسك وأنت تقول أنا قوي واثق بنفسي ..
3- إذا تأكدت من أن هذه الرسالة سلبية الأثر عليك فما عليك سوى أن تقوم بإلغائها من ذهنك بصريا أو سمعيا أو حسيا . أو بأن تراها تطير أمامك مبتعدا في تخيلك وأنت ترفضها تماما ..
4- تأكد بأن هذه العملية لم تستغرق معك سوى ثواني قليلة كل مرة وأنها بدأت تأخذ السرعة القصوى في دماغك حتى لا تفكر بها وتشعر بالأسى لمن قالها لك .
5- فكر في رسالة سلبية أخرى كانت قد وصلت سابقا ثم قم باستخدام تكنيك زر الإلغاء ( إفراغ مجلد المحذوفات) للتخلص منها وتفعيل هذا الزر الدماغي حتى يصبح على كفاءة عالية وقدرة على إلغاء الرسائل السلبية بسرعة وعن طريق العقل اللاواعي .

وفى النهاية :-:- فكن متفائلاً بقوة بأنك ستحقق النجاح والتوفيق .. واحذر بشدة للرسائل السلبية التي يتلقاها عقلك الباطل من أصدقائك وأفراد عائلتك والمحيطين بك ، ولا تسمح لأي شخص أن يبرمج لك عقلك بتوقعات سلبية , وطور من رسائلك الإيجابية وتفاءل بالخير تجده .

سطـوة القـرآن



الحمدلله وبعد،،
من أعجب أسرار القرآن وأكثرها لفتاً للانتباه تلك السطوة الغريبة التي تخضع لها النفوس عند سماعه .. (سطوة القرآن) ظاهرة حارت فيها العقول ..

حين يسري صوت القاري في الغرفة يغشى المكان سكينة ملموسة تهبط على أرجاء ماحولك .. تشعر أن ثمة توتراً يغادر المكان .. كأن الجمادات من حولك أطبقت على الصمت.. كأن الحركة توقفت.. هناك شئ ما تشعر به لكنك لاتستطيع أن تعبر عنه..

حين تكون في غرفتك –مثلاً- ويصدح صوت القارئ من جهازك المحمول، أوحين تكون في سيارتك في لحظات انتظار ويتحول صوت الإذاعة إلى عرض آيات مسجلة من الحرم الشريف .. تشعر أن سكوناً غريباً يتهادى رويداً رويداً فيما حولك..
كأنما كنت في مصنع يرتطم دوي عجلاته ومحركاته ثم توقف كل شئ مرة واحدة.. كأنما توقف التيار الكهربائي عن هذا المصنع مرة واحدة فخيم الصمت وخفتت الأنوار وساد الهدوء المكان..

هذه ظاهرة ملموسة يصنعها (القرآن العظيم) في النفوس تحدث عنها الكثير من الناس بلغة مليئة بالحيرة والعجب..

يخاطبك أحياناً شاب مراهق يتذمر من والده أو أمه .. فتحاول أن تصوغ له عبارات تربوية جذابة لتقنعه بضرورة احترامهما مهما فعلا له .. وتلاحظ أن هذا المراهق يزداد مناقشة ومجادلة لك .. فإذا استعضت عن ذلك كله وقلت له كلمة واحدة فقط: يا أخي الكريم يقول تعالى (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:24] رأيت موقف هذا الفتى يختلف كلياً.. شاهدت هذا بأم عيني .. ومن شدة انفعالي بالموقف نسيت هذا الفتى ومشكلته .. وعدت أفكر في هذه السطوة المدهشة للقرآن.. كيف صمت هذا الشاب وأطرق لمجرد سماع قوله تعالى (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) .. حتى نغمات صوته تغيرت .. يا ألله كيف هزته هذه الآية هزاً ..

حين قدمت للمجتمع الغربي أول مرة قبل ثلاث سنوات اعتنيت عناية بالغة بتتبع قصص وأخبار (حديثي العهد بالإسلام) .. كنت أحاول أن أستكشف سؤالاً واحداً فقط: ماهو أكثر مؤثر يدفع الإنسان الغربي لاعتناق الإسلام؟ (حتى يمكن الإستفادة منه في دعوة البقية)، كنت أتوقع أنني يمكن أن أصل إلى (نظرية معقدة) حول الموضوع، أوتفاصيل دقيقة حول هذه القضية لايعرفها كثير من الناس، وقرأت لأجل ذلك الكثير من التجارب الذاتية لشخصيات غربية أسلمت، وشاهدت الكثير من المقاطع المسجلة يروي فيها غربيون قصة إسلامهم، وكم كنت مأخوذاً بأكثر عامل تردد في قصصهم، ألا وهو أنهم (سمعوا القرآن وشعروا بشعور غريب استحوذ عليهم) هذا السيناريو يتكرر تقريباً في أكثر قصص الذين أسلموا، وهم لايعرفون اللغة العربية أصلاً! إنها سطوة القرآن..

ومن أعجب أخبار سطوة القرآن قصة شهيرة رواها البخاري في صحيحه وقد وقعت قبل الهجرة النبوية وذلك حين اشتد أذى المشركين لما حصروا بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب، فحينذاك أذن النبي -صلى الله عليه و سلم- لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة، فخرج أبوبكر يريد الهجرة للحبشة فلقيه مالك بن الحارث (ابن الدغنّة) وهو سيد قبيلة القارَة، وهي قبيلة لها حلف مع قريش، وتعهد أن يجير أبا بكر ويحميه لكي يعبد ربه في مكة، يقول الراوي:
(فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين). [البخاري: 2297]

هذه الكلمة (فيتقصّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم) من العبارات التي تطرق ذهني كثيراً حين أسمع تالياً للقرآن يأخذ الناس بتلابيبهم .. ومعنى يتقصّف أي يزدحمون ويكتظون حوله مأخوذين بجمال القرآن.. فانظر كيف كان ابوبكر لايحتمل نفسه إذا قرأ القرآن فتغلبه دموعه .. وانظر لعوائل قريش كيف لم يستطع عتاة وصناديد الكفار عن الحيلولة بينهم وبين الهرب لسماع القرآن..

ومن أكثر الأمور إدهاشاً أن الله -جل وعلا- عرض هذه الظاهرة البشرية أمام القرآن كدليل وحجة، فالله سبحانه وتعالى نبهنا إلى أن نلاحظ سطوة القرآن في النفوس باعتبارها من أعظم أدلة هذا القرآن ومن ينابيع اليقين بهذا الكتاب العظيم، ولم يشر القرآن إلى مجرد تأثر يسير، بل يصل الأمر الخرور إلى الأرض .. هل هناك انفعال وتأثر وجداني أشد من السقوط إلى الأرض؟ تأمل معي هذا المشهد المدهش الذي يرويه ربنا جل وعلا عن سطوة القرآن في النفوس:
{قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} (107) سورة الإسراء

بالله عليك أعد قراءة هذه الآية وأنت تتخيل هذا المشهد الذي ترسم هذه الآية تفاصيله: قوم ممن أوتو حظاً من العلم حين يتلى عليهم شئ من آيات القرآن لايملكون أنفسهم فيخرون إلى الأرض ساجدين لله تأثراً وإخباتاً .. يا ألله ما أعظم هذا القرآن..

بل تأمل في أحوال قوم خير ممن سبق أن ذكرهم الله في الآية السابقة .. استمع إلى انفعال وتأثر قوم آخرين بآيات الوحي، يقول تعالى:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}

هذه الآية تصور جنس الأنبياء .. ليس رجلاً صالحاً فقط.. ولا قوم ممن أوتو العلم .. ولا نبي واحد أو نبيين .. بل تصور الآية (جنس الأنبياء) .. وليست الآية تخبر عن مجرد أدب عند سماع الوحي وتأثر يسير به .. بل الآية تصور الأنبياء كيف يخرون إلى الأرض يبكون..

الأنبياء .. جنس الأنبياء .. يخرون للأرض يبكون حين يسمعون الوحي .. ماذا صنع في نفوسهم هذا الوحي العجيب؟

وقوم آخرون في عصر الرسالة ذكر الله خبرهم في معرض المدح والتثمين الضمني في صورة أخاذة مبهرة يقول تعالى:
{وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة:83]

أي شخص يقرأ الآية السابقة يعلم أن هذا الذي فاض في عيونهم من الدموع حين سمعوا القرآن أنه شئ فاق قدرتهم على الاحتمال .. هذا السر الذي في القرآن هو الذي استثار تلك الدمعات التي أراقوها من عيونهم حين سمعوا كلام الله .. لماذا تساقطت دمعاتهم؟ إنها أسرار القرآن..

هذه الظاهرة البشرية التي تعتري بني الإنسان حين يسمعون القرآن ليست مجرد استنتاج علمي أو ملاحظات نفسانية.. بل هي شئ أخبرنا الله أنه أودعه في هذا القرآن .. ليس تأثير القرآن في النفوس والقلوب فقط .. بل –أيضاً- تأثيره الخارجي على الجوارح .. الجوارح ذاتها تهتز وتضطرب حين سماع القرآن.. قشعريرة عجيبة تسري في أوصال الإنسان حين يسمع القرآن .. يقول تعالى:
{ اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر : 23]

لاحظ كيف يرسم القرآن مراحل التأثر، تقشعر الجلود، ثم تلين، إنها لحظة الصدمة بالآيات التي يعقبها الاستسلام الإيماني، بل والاستعداد المفتوح للانقياد لمضامين الآيات.. ولذلك مهما استعملت من (المحسّنات الخطابية) في أساليب مخاطبة الناس وإقناعهم فلايمكن أن تصل لمستوى أن يقشعر الجلد في رهبة المواجهة الأولى بالآيات، ثم يلين الجلد والقلب لربه ومولاه، فيستسلم وينقاد بخضوع غير مشروط..

هذا شئ يراه المرء في تصرفات الناس أمامه.. جرب مثلاً أن تقول لشخص يستفتيك: هذه معاملة بنكية ربوية محرمة بالإجماع، وفي موقف آخر: قدم بآيات القرآن في تحريم الربا، ثم اذكر الحكم الشرعي، وسترى فارق الاستجابه بين الموقفين؛ بسبب ماتصنعه الآيات القرآنية من ترويض النفوس والقلوب لخالقها ومولاها، تماماً كما قال تعالى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ)..

وفي مقابل ذلك كله .. حين ترى بعض أهل الأهواء يسمع آيات القرآن ولايتأثر بها، ولايخضع لمضامينها، ولاينفعل وجدانه بها، بل ربما استمتع بالكتب الفكرية والحوارات الفكرية وتلذذ بها وقضى فيها غالب عمره، وهو هاجر لكتاب الله يمر به الشهر والشهران والثلاثة وهو لم يجلس مع كتاب ربه يتأمله ويتدبره ويبحث عن مراد الله من عباده، إذا رأيت ذلك كله؛ فاحمد الله يا أخي الكريم على العافية، وتذكر قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22]

وحين يوفقك ربك فيكون لك حزب يومي من كتاب الله (كما كان لأصحاب رسول الله أحزاب يومية من القرآن) فحين تنهي تلاوة وردك اليومي فاحذر يا أخي الكريم أن تشعر بأي إدلال على الله أنك تقرأ القرآن، بل بمجرد أن تنتهي فاحمل نفسك على مقام إيماني آخر؛ وهو استشعار منة الله وفضله عليك أن أكرمك بهذه السويعة مع كتاب الله، فلولا فضل الله عليك لكانت تلك الدقائق ذهبت في الفضول كما ذهب غيرها، إذا التفتت النفس لذاتها بعد العمل الصالح نقص مسيرها إلى الله، فإذا التفتت إلى الله لتشكره على إعانته على العبادة ارتفعت في مدارج العبودية إلى ربها ومولاها، وقد نبهنا الله على ذلك بقوله تعالى (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا) [النور: 21]

فتزكية النفوس فضل ورحمة من الله يتفضل بها على عبده، فهو بعد العبادة يحتاج إلى عبادة أخرى وهي الشكر والحمد، وبصورة أدق فالمرء يحتاج لعبادة قبل العبادة، وعبادة بعد العبادة، فهويحتاج لعبادة الاستعانة قبل العبادة، ويحتاج لعبادة الشكر بعد العبادة.. وكثير من الناس إذا عزم على العبادة يجعل غاية عزمه التخطيط والتصميم الجازم .. وينسى أن كل هذه وسائل ثانوية .. وإنما الوسيلة الحقيقية هي (الاستعانة) .. ولذلك وبرغم أن الاستعانة في ذاتها عبادة إلا أن الله أفردها بالذكر بعد العبادة فقال (إياك نعبد وإياك نستعين) .. وهذه الاستعانة بالله عامة في كل شئ، في الشعائر، وفي المشروعات الاصلاحية، وفي مقاومة الانحرافات الشرعية، وفي الخطاب الدعوي، فمن استعان بالله ولجأ إليه فتح الله له أبواب توفيقه بألطف الأسباب التي لايتصورها..

اللهم اجعلنا من أهل القرآن، اللهم أحي قلوبنا بكتابك، اللهم اجعلنا ممن إذا استمع للقرآن اقشعر جلده ثم لان جلده وقلبه لكلامك، اللهم اجعلنا ممن إذا سمع ما أنزل إلى رسولك تفيض عيوننا بالدمع، اللهم اجعلنا ممن إذا تليت عليهم آيات الرحمن خرو سجداً وبكياً، اللهم إنا نعوذ بك ونلتجئ إليك ونعتصم بجنابك أن لاتجعلنا من القاسية قلوبهم من ذكر الله.

تحرير الاسلام للمرأة


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين

• حقــــــــــــائــــــــــــق *الحق أن هذه المرأة عانت معاناة كثيرة ، بل كانت ضحية كل نظام ، وحسرة كل زمان ، صفحات الحرمان ، ومنابع الأحزان ، ظلمت ظلماً ، وهضمت هضماً ، لم تشهد البشرية مثله أبداً

• صفحــــات من العـــــار
*إن من صفحات العار على البشرية ، أن تعامل المرأة على أنها ليست من البشر ، لم تمر حضارة من الحضارات الغابرة ، إلا وسقت هذه المرأة ألوان العذاب ، وأصناف الظلم والقهر
فعند الإغريقيين قالوا عنها : شجرة مسمومة ، وقالوا هي رجس من عمل الشيطان ، وتباع كأي سلعة متاع
وعند الرومان قالوا عنها : ليس لها روح ، وكان من صور عذابها أن يصب عليها الزيت الحار ، وتسحب بالخيول حتى الموت
وعند الصينيين قالوا عنها : مياه مؤلمة تغسل السعادة ، وللصيني الحق أن يدفن زوجته حية ، وإذا مات حُق لأهله أن يرثوه فيها
وعند الهنود قالوا عنها : ليس الموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعي ، والنار ، أسوأ من المرأة ، بل وليس للمرأة الحق عند الهنود أن تعيش بعد ممات زوجها ، بل يجب أن تحرق معه
وعند الفرس : أباحوا الزواج من المحرمات دون استثناء ، ويجوز للفارسي أن يحكم على زوجته بالموت
وعند اليهود : قالوا عنها : لعنة لأنها سبب الغواية ، ونجسة في حال حيضها ، ويجوز لأبيها بيعها
وعند النصارى : عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ ! وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قرروا أنَّها إنسان ، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب". وأصدر البرلمان الإنكليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها تعتبر نجسة
وعند العرب قبل الإسلام : تبغض بغض الموت ، بل يؤدي الحال إلى وأدها ، أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة

تحــــــــرير المـــــــــرأة
ثم جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء ، بصفات غيرت وجه التاريخ القبيح ، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها أبداًجاء الإسلام ليقول (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْــــــــــــــــــــــرُوف ))جاء الإسلام ليقول ((ٍ وَعَاشِــــــــــــــــرُوهُــنَّ بِالْمَعْــــــــــــــــــــرُوفِ))جاء الإسلام ليقول (( فَـــلا تَعْضُــــــــــلـُـــــــــــــــــوهُــــــــــــــنَّ ))جاء الإسلام ليقول (( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَـدَرُهُ))جاء الإسلام ليقول (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْــثُ سَكَنْتُـــــــمْ مِنْ وُجْدِكُــــمْ ))جاء الإسلام ليقول (( وَلا تُضَــــــــارُّوهُنَّ لِتُضـــــَيِّقُــوا عَلَيْهِــــــــــــنَّ ))جاء الإسلام ليقول (( فَآتُـــوهُنَّ أُجُـــــورَهُنَّ فَــرِيضَـــــــــــــــــــــــة ))جاء الإسلام ليقول (( وَلِلنِّسَـــــاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُــونَ ))جاء الإسلام ليقول (( وَلِلنِّسَـــــــــــاءِ نَصِيــــــبٌ مِمَّا اكْتَسَبْــــــــــــنَ ))جاء الإسلام ليقول (( وَآتُوهُـــــمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُــــــــــــــــــم ))جاء الإسلام ليقول (( وَأَنْتُـــــــــــــــــمْ لِبَــــــــــــــــاسٌ لَهُـــــــــــــنّ ))جاء الإسلام ليقول (( هَـــــؤُلاءِ بَنَـــــاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُــــــــــــــــــــمْ ))جاء الإسلام ليقول (( فَلا تَبْغُـــــــــوا عَلَيْهِــــنَّ سَبِيـــــــــــــــــــــــلاً ))جاء الإسلام ليقول (( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهــــــــــــــــــــاً ))جاء الإسلام ليقول (( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُـــــــــن ))جاء الإسلام ليقول ((ِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَـــــــــــــانٍ ))

وجاء الرسول الكريم ليبين لنا مكانة المرأة فسئل صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك ؟ قال : " عائشة "وكان يؤتى صلى الله عليه وسلم بالهدية ، فيقول : " اذهبوا بها على فلانة ، فإنها كانت صديقة لخديجة "وهو القائل : (( استوصــــــــــــــوابالنســــــــــــاء خيـــــــــــــــــراً ))وهو القائل : (( لا يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضى منها آخـر ))وهو القائل : (( إنما النـســــــــــــــاء شقـــــــــــائق الرجــــــــــــــــال ))وهو القائل : (( خيركم خيركم لأهـــــــــــــــله وأنا خيركم لأهــــــــــلي ))وهو القائل : (( ولهن عليـــــــــكم رزقهن وكسوتهـــــن بالمعـــــــــروف ))وهو القائل : (( أعظمها أجرا الدينـار الذي تنفقــــــه على أهـــــــــــلك ))وهو القائل : (( من سعــــــــــادة بن آدم المــــــــــرأة الصـــــالحــــــــة ))ومن هديه : ((عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ))وهو القائل : (( وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك ))ومن مشكاته : (( أن امرأة قالت يا رسول الله صل علي وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وسلم صلى الله عليك وعلى زوجك ))وهناك الكثير والكثير من الأدلة والبراهين ، على أن الإسلام هو المحرر الحقيقي لعبودية المرأة ، وحتى يُعلم هذا الأمر بصورة أو ضح ، سأبين حفظ حقوق المرأة في الإسلام وهي جنين في بطن أمها إلى أن تنزل قبرها

.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

بيانـــــــــات وآيــــــــات

1. حفظ الإسلام حق المرأة :- وهي في بطن أمها ، فإن طُلقت أمها وهي حامل بها ، أوجب الإسلام على الأب أن ينفق على الأم فترة الحمل بها (( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُن))2. حفظ الإسلام حق المرأة :- بحيث لا يُقام على أمها الحد ، حتى لا تتأثر وهي في بطن أمها (( ولما جاءت الغامدية وقالت يا رسول الله طهرني فقال لها : حتى تضعي ما في بطنك ))3. حفظ الإسلام حق المرأة :- راضعة ؛ فلما وضعت الغامدية ولدها ، وطلبت إقامة الحد قال صلى الله عليه وسلم (( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه ))4. حفظ الإسلام حق المرأة :- مولودة من حيث النفقة والكسوة (( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف ))5. حفظ الإسلام حق المرأة :- في فترة الحضانة التي تمتد إلى بضع سنين ، وأوجب على الأب النفقة عليها في هذه الفترة لعموم أدلة النفقة على الأبناء6. حفظ الإسلام حق المرأة :- في الميراث عموماً ، صغيرة كانت أو كبيرة قال الله (( فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ))7. حفظ الإسلام حق المرأة :- في اختيار الزوج المناسب ، ولها أحقية القبول أو الرد إذا كانت ثيباً لقوله عليه الصلاة والسلام (( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ))8. حفظ الإسلام حق المرأة :- إذا كانت بكراً فلا تزوج إلا بإذنها لقوله عليه الصلاة والسلام (( ولا تنكح البكر حتى تستأذن ))9. حفظ الإسلام حق المرأة :- في صداقها ، وأوجب لها المهر (( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ))10. حفظ الإسلام حق المرأة :- مختلعة ، إذا بدَّ لها عدم الرغبة في زوجها أن تخالع مقابل الفداء لقوله عليه الصلاة والسلام (( أقبل الحديقة وطلقها ))11. حفظ الإسلام حق المرأة :- مطلقة ، (( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ))12. حفظ الإسلام حق المرأة :- أرملة ، وجعل لها حقاً في تركة زوجها ، قال الله (( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ))13. حفظ الإسلام حق المرأة :- في الطلاق قبل الدخول ، وذلك في عدم العدة ، قال الله (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ))14. حفظ الإسلام حق المرأة :- يتيمة ، وجعل لها من المغانم نصيباً ، قال الله (( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى )) وجعل لها من بيت المال نصيباً قال الله (( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)) وجعل لها في القسمة نصيباً (( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى )) وجعل لها في النفقة نصيباً (( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى ))15. حفظ الإسلام حق المرأة :- في حياتها الاجتماعية ، وحافظ على سلامة صدرها ، ووحدة صفها مع أقاربها ، فحرم الجمع بينها وبين أختها ، وعمتها ، وخالتها ، كما في الآية ، والحديث المتواتر16. حفظ الإسلام حق المرأة :- في صيانة عرضها ، فحرم النظر إليها (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ))17. حفظ الإسلام حق المرأة :- في معاقبة من رماها بالفاحشة ، من غير بينة بالجلد (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ))18. حفظ الإسلام حق المرأة :- إذا كانت أماً ، أوجب لها الإحسان ، والبر ، وحذر من كلمة أف في حقها19. حفظ الإسلام حق المرأة :- مُرضِعة ، فجعل لها أجراً ، وهو حق مشترك بين الراضعة والمرضعة (( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ))20. حفظ الإسلام حق المرأة :- حاملاً ، وهو حق مشترك بينها وبين المحمول (( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ))21. حفظ الإسلام حق المرأة :- في السكنى (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ))22. حفظ الإسلام حق المرأة :- في صحتها فأسقط عنها الصيام إذا كانت مرضع أو حبلى23. حفظ الإسلام حق المرأة :- في الوصية ، فلها أن توصي لِما بعد موتها (( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ))24. حفظ الإسلام حق المرأة :- في جسدها بعد موتها ، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (( كسر عظم الميت ككسره حيا ))25. حفظ الإسلام حق المرأة :- وهي في قبرها ، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر ))والحق أنني لا أستطيع أن أجمل حقوق المرأة في الإسلام فضلاً عن تفصيلها

.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الحضــــارة الغربيــــــة

والسؤال هنا لأي شيءٍ دعت الحضارة المدنية اليوم ؟ وماهي الحقوق التي ضمنتها للمرأة ؟1. أجمل لك القول أن الحضارة الغربية اليوم هي : ضمان للمارسة قتل هوية المرأة ، وهضم لأدنى حقوقها .2. المرأة الغربية حياتها منذ الصغر نظر إلى مستقبل في صورة شبح قاتل ، لا تقوى على صراعه ، فهي منذ أن تبلغ السادسة عشرة تطرد من بيتها ، لتُسلِم أُنوثتها مخالب الشهوات الباطشة ، وأنياب الاستغلال العابثة ، أوساط الرجال3. فما إن تدخل زحمة الأوهام الحضارية ، وإذا بأعين الناس تطاردها بمعاول النظر التي تحبل منها العذارى4. تتوجه نحوها الكلمات الفاسدة ، وكأنها لكمات قاتلات ، تبلد من الحياء ، وتفقدها أغلى صفة ميزها الله بها ، هي : " حلاوة أنوثتها " التي هي أخص خصائصها ، ورمز هويتها5. تُستغل أحوالها المادية ، فتدعى لكل رذيلة ، حتى تصبح كأي سلعة ، تداولها أيدي تجار الأخلاق ، وبأبخس الأثمان ، فإذا فقدت شرفها ، وهان الإثم عندها ، هان عليها ممارسته6. يخلق النظام الأخلاقي الغربي اليوم في المجتمعات ثمرات سامة لكل مقومات الحياة ، أولها الحكم على هوية المرأة بالإعدام السريع ، على بوابة شهوات العالم الليبرالي ، الديمقراطي ، والرأسمالي7. فالمرأة اليوم أسوأ حالاً مما مضى ، كانوا من قبل يقتلون المرأة ، فاليوم يجعلون المرأة هي التي تقوم بقتل نفسها

.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

• شهـــــادات الأعــــــداء *

شهد القوم على فساد نهجهم• تقول " هيليسيان ستانسيري " امنعوا الاختلاط ، وقيِّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا ، وأمريكا

• وتقول " بيرية الفرنسية " وهي تخاطب بنات الإسلام " لا تأخذنَّ من العائلة الأوربية مثالاً لكُنَّ ، لأن عائلاتها هي أُنموذج رديء لا يصلح مثالاً يحتذى

• وتقول الممثلة الشهيرة "مارلين مونرو" التي كتبت قبيل انتحارها نصيحة لبنات جنسها تقول فيها : " إحذري المجد …إحذري من كل من يخدعك بالأضواء …إنى أتعس امرأة على هذه الأرض… لم أستطع أن أكون أما … إني امرأة أفضل البيت … الحياة العائلية الشريفة على كل شيء … إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة بل الإنسانية " وتقول في النهاية " لقد ظلمني كل الناس … وأن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة " .

• وتقول وتقول الكاتبة " اللادى كوك " أيضا : " إن الاختلاط يألفه الرجال ، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها ، وعلى قدر الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا ، ولا يخفى ما فى هذا من البلاء العظيم عن المرأة ، فيه أيها الآباء لا يغرونكم بعض دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن فى المعامل ونحوها ومصيرهن إلى ما ذكرنا فعلموهن الابتعاد عن الرجال ، إذا دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج عن الزنا يعظم ويتفاقم حيث يكثر الاختلاط بين الرجال والنساء . ألم تروا أن أكثر أولاد الزنا أمهاتهن من المشتغلات فى المعامل ومن الخادمات فى البيوت ومن أكثر السيدات المعرضات للأنظار .. ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف مما نرى الآن ، ولقد أدت بنا الحال إلى حد من الدناءة لم يكن تصوره فى الإمكان حتى أصبح رجال مقاطعات فى بلادنا لا يقبلون البنت ما لم تكن مجربة ، أعنى عندها أولاد من الزنا ، فينتفع بشغلهم وهذا غاية الهبوط فى المدينة ، فكم قاست هذه المرأة من مرارة الحياة .

• وتقول . تقول الكاتبة الإنجليزية " أنى رود " عن ذلك : " إذا اشتغلت بناتنا فى البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن فى المعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد ... أياليت بلادنا كبلاد المسلمين حيث فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء الخادمة والرقيق اللذين يتنعمان بأرغد عيش ويعاملان معاملة أولاد رب البيت ولا يمس عرضهما بسوء . نعم إنه عار على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثل للرذائل بكثرة مخالطتهن للرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل ما يوافق فطرتها الطبيعية كما قضت بذلك الديانة السماوية وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها

• نشرت صحيفة الأخبار المصرية ( في عددها الصادر في 20/10/1972م ، ص 4) : أنه قد أقيمت في هذا الأسبوع الحفلة السنوية لسيدة العام وحضرها عدد كبير من السيدات على اختلاف مهنهن .. وكان موضوع الحديث والخطب التي ألقيت في حضور الأميرة ( آن ) البريطانية هو حرية المرأة وماذا تطلب المرأة .. وحصلت على تأييد الاجتماع الشامل فتاة عمرها 17 عاماً رفضت رفضاً باتاً حركة التحرير النسائية وقالت أنها تريد أن تظل لها أنوثتها ولا تريد أن ترتدي البنطلون بمعنى تحدي الرجل . وأنها تريد أن تكون امرأة وتريد زوجها أن يكون رجلاً . وصفق لها الجميع وعلى رأسهن الأميرة ( آن ) ( كتاب المرأة العربية المعاصرة إلى أين ؟! ص 50 ) .

• ومن هذا صرح الدكتور " جون كيشلر " أحد علماء النفس الأمريكيين في شيكاغو ( أن 90% من الأمريكيات مصابات بالبرود الجنسي وأن 40% من الرجال مصابون بالعقم ، وقال الدكتور أن الإعلانات التي تعتمد على صور الفتيات العارية هي السبب في هبوط المستوى الجنسي للشعب الأمريكي . ومن شاء المزيد فليرجع الى تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية لتحقيق جرائم الأحداث في أمريكا تحت عنوان ( أخلاق المجتمع الأمريكي المنهارة ) . ( المجتمع العاري بالوثائق والأرقام ، ص 11) .

.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

• خاتمــــــــــــــــــــــــــــة *

يتضح لنا جلياً مما مضى أن الَّذين يدعون لتحرير المرأة من تعاليم الإسلام ينقسمون إلى ثلاثة أقسام1- إما أن يكونوا أعداءً للإسلام وأهله ، ممَّن لم يدينوا بالملة السمحة ، ولزموا الكفر ، وهنا ليس بعد الكفر ذنب كما يقال .2- وإما أن يكونوا تحت مسمى الإسلام من المنافقيين ، والعلمانيين ، لكنهم عملاء يتاجرون بالديانة ، ولا يرقبون في مخلوقٍ إلاً ولا ذمة .3- أن يكون مسلماً لكنه جاهل لا يعرف الإسلام ولا أحكامه ولا يعرف معنى الحضارة القائمة اليوم ملبس عليه .

ولكن كيف يصل هذا البيان إلى نساء أهل الإسلام ، ليعلمنَ أنهنَ أضاعنَ جوهرة الحياة ، ودرة الوجود ، ومنبع السعادة ، وروح السرور ، ونكهة اللذائذ ، عندما تركنَ تعاليم هذا الدينومن يخبر المسلمة ان الكافرات يتمنين أن يعشنَ حياتهنَ على منهج أهل الإسلام ؟من يقنع المسلمات اليوم أن الحضارة الغربية هي :- الحكم السريع بالإعدام على هوية المرأة

العفو سلاح الاقوياء


السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ندب الله عباده إلى العفو فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]. وقال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134].

إن الرحمة في قلب العبد تجعله يعفو عمَّن أساء إليه أو ظلمه، ولا يوقع به العقوبة عند القدرة عليه، وإذا فعل العبد ذلك كان أهلاً لعفو الله عنه. يقول الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22].

وقد نزلت هذه الآية عندما حلف أبو بكر رضي الله عنه ألا ينفق على مِسْطَح لأنه من الذين اشتركوا في إشاعة خبر الإفك عن عائشة رضي الله عنها، وقد كان الحلف عقوبة من الصديق لمسْطَح، فأرشد الله إلى العفو بقوله: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا}.

ثم ألمح الله في آخر الآية إلى أن من يعفو عمَّن يسيء إليه فإن الله يعفو عنه: { أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}.

وقد ورد عن الصديق رضي الله عنه أنه قال: "بلغنا أن الله تعالى يأمر مناديًا يوم القيامة فينادي: مَن كان له عند الله شيء فليقم، فيقوم أهل العفو، فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس".

الدعوة بالأخلاق الحميدة

إن الإسلام يريد من أبنائه أن يكونوا دعاةً للإسلام بأخلاقهم الحميدة من أجل ذلك وجههم إلى العفو حتى عن الكافرين إن أساءوا على المستوى الشخصي : {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثـية:14].

ولقد كان تعامل المسلمين بهذه الأخلاق السامية مع غير المسلمين سببًا لإسلام كثير منهم، وأسوة المسلمين في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: "كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ".

إن تربية الإسلام لأبنائه على هذا المعنى العظيم السامي هي التي جعلت عمر بن الخطاب يقول: "كل أمتي مني في حِلٍّ".

ونفس المعنى نستشعره في كلمات ابن مسعود رضي الله عنه حين جلس في السوق يشتري طعامًا، فلما أراد أن يدفع الدراهم وجدها قد سُرقت، فجعل الناس يدعون على من أخذها، فقال عبد الله بن مسعود: "اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها، وإن كان حملته جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه".

العفو أولى

وإذا كان الإسلام قد قرر حق المظلوم في معاقبة الظالم على السيئة بمثلها وفق مقتضى العدل، فإن العفو والمغفرة من غير تشجيع على الظلم والتمادي فيه أكرم وأرحم. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ *وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 39 - 43].

فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} يبرز حق المؤمنين في الانتصار لأنفسهم إذا أصابهم البغي، ويضع لجامًا لهذا الانتصار للنفس وهو الحد الذي لا يجوز تجاوزه.

ثم يعرض الله مرتبة الإحسان مشجعًا عليها فيقول: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ثم يتبع ذلك بإعلان حرمان الظالمين من محبة الله: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}. ثم يرجع النص فيعلن حق المظلومين في أن ينتصروا لأنفسهم، ويعلن بشدة استحقاق الظالمين للعقاب في الدنيا، وللعذاب الأليم في الآخرة فيقول: { لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، ثم لا يدع النص مرتبة العدل هذه تتجه إليها الأنظار بالكلية، بل يدفع مرة ثانية إلى مرتبة الإحسان بالصبر والمغفرة معلنًا أن ذلك من عزم الأمور: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

وهكذا جاءت هذه الصفة في النص معروضة عرضًا متشابكًا متداخلاً، فيه إبداع بياني عجيب، يلاحظ فيه متابعة خلجات النفس، باللمسات الرفيقة، والتوجيهات الرقيقة، مع مراعاة آلام المجني عليهم، والنظر بعنف وشدة إلى البغاة الظالمين، وإعلان أن من حق المجني عليهم أن ينتصروا لأنفسهم بالحق، ثم العودة لدفعهم برفق إلى الصبر والمغفرة، كل ذلك في ألوان دائرة بين العدل والإحسان.

ثم في آيات أخرى يبين القرآن ما لهؤلاء العافين عن الناس من الأجر: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133، 134].

العفو دليل كرم النفس

إن الذي يجود بالعفو عبدٌ كرمت عليه نفسه، وعلت همته وعظم حلمه وصبره، قال معاوية رضي الله عنه: "عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصة، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال".

ولما أُتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث في وقت الفتنة قال عبد الملك لرجاء بن حيوة: ماذا ترى؟ قال: إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو، فعفا عنهم.

إن العفو هو خلق الأقوياء الذين إذا قدروا وأمكنهم الله ممن أساء إليهم عفوا.

قال الإمام البخاري رحمه الله: باب الانتصار من الظالم لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا.

العفو يورث صاحبه العزة

ولأن بعض الناس قد يزهد في العفو لظنه أنه يورثه الذلة والمهانة فقد أتى النص القاطع يبين أن العفو يرفع صاحبه ويكون سبب عزته. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" [رواه مسلم].

وأولى الناس بعفوك الضعفاء من الزوجات والأولاد والخدم ومن على شاكلتهم، ولهذا لما بيَّن الله أن من الأزواج والأولاد من يكون فتنة قال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن:14].

فالإنسان من عادته أن يكون البادئ بالإحسان لزوجه وأولاده، فإذا وجد فيهم إساءة آلمته جدًّا فلربما اشتد غضبه وصعب عليه أن يعفو ويصفح لأنه يعتبر إساءة الأهل حينئذ نوعًا من الجحود ونكران الجميل، لهذا احتاج إلى توجيه إرشاد خاص إليه بأن يعفو ويصفح حتى يستحق من الله المغفرة والعفو والصفح.

أما الخدم ومَنْ على شاكلتهم فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: "اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة" [رواه أبو داود وصححه الألباني].


إذا ما الذنب وافى باعتذار فقابله بعفو وابتسام

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين.

جيل ما بعد الصحوة


بسم الله الرحمن الرحيم

• لم تعد الصحوة برموزها الحاليين ومنجزاتها الباهرة ومكتسباتها الضخمة اللاعب الوحيد على الساحة المحليّة ولا المتفرّدة بقيادة المشهد الثقافي .

• يؤكد الواقع أن انخرام جيل العلماء المؤثرين أحدث فراغاً سلبيّاً ساهم مساهمة مباشرةً في استهلال هذا الظهور لجيل ما بعد الصحوة .

• ترتّب على فراغ الساحة لدينا من العلماء المؤثرين بروز اليسار بشقّيه الإسلامي والليبرالي، ومع بون ما بين هذين التوجّهين إلا أن ظهورهما وبروزهما كان في مدة متقاربة .

• برز على السطح توجّه شيعي يحمل عمقاً فكرياً حقوقياً ونُضجاً سياسياً وتجربة حركيّة سابقة فنفض عن نفسه عباءة الكمون وأخذ ينشط في الساحة مقدّماً وعْياً جديداً مبنيّاً على خطاب تصالحي مع الواقع السنّي .

• الخروقات المتوالية لجدار المحافظة القيمية في المجتمع باتت تشكّل تهديداً واضحاً لمنظومة السلوك والقيَم التي شكّلت الفلسفة الأخلاقيّة الراسخة في أجيال الصحوة المتعاقبة .

• ليس بمُستغرب أن يركز الغرب على "جيل ما بعد الصحوة" ويستقطبهم من خلال أدواته المحليّة المتمثّلة في بعض اليسار الإسلامي المتقاطع مع الغرب ولو عن غير قصد أو من خلال المجوعات الليبراليّة المتماهيّة في المشروع الغربي .

(1)
لم يأخذ الاهتمام بظاهرة "جيل ما بعد الصحوة" المتناميّة محلياً بصورة جليّة واضحة مكانته التي يستحقها لدى النخب الثقافيّة المُستقلة أو الأوساط الشرعيّة الفاعلة في المملكة العربيّة السعوديّة، فعلى الرغم من أهميّة هذه المرحلة الانتقالية التي أخذت تتشكّل فيها معالم التصوّر لدى "جيل ما بعد الصحوة" والتحولات المهمّة المنبثقة عنه إلا أنها لم تستوف حقها من الدراسة والبحث ورصد واقعها واستشراف مستقبلها بشقّيه المرحلي القريب أو البعيد، ومرد ذلك فيما يظهر لي إلى قلة مراكز بحثيّة النوعيّة المعنيّة بدراسة مثل هذه الظواهر دراسة علميّة موضوعيّة مبنيّة على استقراء الواقع وتتبّعه واستعراض مسيرة العمل الإسلامي – العلمي أو الدعوي أو الخيري – وتقييمه بتطبيق المعايير المتعبة في هذا النوع من الدراسات.

وبعيداً عن البحث في أسباب عدم الاهتمام بهذا النوع من الدراسات فهو ليس بموضوعنا حالياً مع أهمّيته في نفسه، إلا أنَّ "جيل ما بعد الصحوة" وحجم تأثيره ومعالم فكره وموارد ثقافته ومصادر معلوماته ودائرة اهتمامه وتشكيل ولائه وبلورة وعْيه ومنظومة قيَمه وغير ذلك من الأمور المهمة التي تتصل به يحتاج إلى قراءة فاحصة ومراجعة متأنية.

لفتت نظري قبل مدّة أثناء انشغالي الذهني بالتفكير في "جيل ما بعد الصحوة" مقاربة مهمّة قدّمها عرّاب الملف الإيراني في الصحافة الغربيّة الكاتب الأمريكي "كينيث تيمرمان Kenneth Timmerman " – مؤلف الكتاب المشهور "العد التنازلي للأزمة: المواجهة النووية القادمة مع إيران countdown to crisis: the coming nuclear showdown with Iran " - ونُشرت حينها في الصحافة الأمريكية ذكر فيها أن ما بين 60% إلى 70% من مجموع الشعب الإيراني نشأ بعد ثورة الخميني أي أنهم جميعاً من "جيل ما بعد الثورة"، وهو يرى بموجب أن من الممكن التعويل على هذه الشريحة الآخذة في الاتساع والتمدد لإعادة بناء المجتمع الإيراني وُفق المنظور والرؤية الغربيّة ولخلخلة نظام الحكم الديني في إيران الأمر الذي يمهّد لإحداث تغيير داخليّ جذري، لاسيّما أن "جيل ما بعد الثورة" لا ينتمي إلى معمّمي الثورة برابط الولاء المطلق، فلم يحضروا مآثر الثورة ولا شاركوا فيها ولهذا أصبحوا من أهم العوامل التي استخدمتها الولاية المتحدة الأمريكية لإحداث الهزّة داخل المجتمع الإيراني ومحاولة تنحية التيّار المحافظ وقد نجحوا إلى حد بعيد في ذلك.

هذا الذي أشار إليه "كينيث تيمرمان Kenneth Timmerman " واهتم به الاهتمام البالغ يمكن تنزيله على واقع الصحوة لدينا لكن مع فرق في الدرجة لا في النوع، إذ نشأ لدينا جيل لم يعش التفاصيل الكاملة لحالة الصحوة الإسلاميّة ولا أدرك رموزها الكبار أو تنعّم بمنجزاتها ولم يتدرّج في محاضنها بل شبَّ عن الطوق وقد أدرك ثالبيها ووقف على طوفان من النقائص التي نيطت بالصحوة وأهلها، فهو بذلك منبتُّ الصلة عنها ويعتريه حالة من اليأس والإحباط الشديد المستولي على تفكيره لمستقبل الصحوة ويشعر بنوع من الاستقلالية والقدرة على اختطاط طريق جديد، فضلاً عن شعوره بشيء من اليأس لعدم قدرة الصحوة على مجاراة واقع الحياة الذي اختار طريقاً مجافياً للمحافظة والتمسك.

نحن إذاً في عهد جديد تعدد فيه الفاعلون، وتنوّعت فيه التوجهات بمناهجها المتخلفة وأدواتها الجديدة، ولم تعد الصحوة برموزها الحاليين ومنجزاتها الباهرة ومكتسباتها الضخمة اللاعب الوحيد على الساحة المحليّة ولا المتفرّدة بقيادة المشهد الثقافي.

ثمّة عوامل مهمّة أدّت إلى تسارع النشأة الأولى لجيل ما بعد الصحوة واتساع المساحة الوجودية له.

(2)
لو تأمّلنا في الأدوات المعرفيّة العلميّة والتراثيّة المشكّلة لجيل الصحوة والتي أورثهم إياها قادة ذلك الجيل وملهموه من العلماء والدعاة والمفكّرين فسوف نلحظ بوضوح أنها بدأت تنفصم عن الأدوات الجديدة التي أخذت تستحوذ على اهتمام متزايد من قبل "جيل ما بعد الصحوة"، وتبعاً لذلك تباينت أسئلة الجيلين وتناءت الاهتمامات، فبدأنا نلحظ العناية المرتفعة بالمؤلفات الفكرية وبالقراءة المهاجرة وإشباع النقص الشعوري والعاطفي والجفاف الروحي بالقراءة الحادة والمركّزة في الأدب القصصي وتتبع الروايات وأخذت الأفكار الفلسفيّة والحداثيّة بكافة تفاصيلها وتعددها واختلاف مذاهبها والمشاريع النقديّة بروادها ومؤلفيها والمباحث الحقوقية والوعْي المدني وقضايا المواطنة وشؤون القانون والاهتمام بتطوير الذات وبرامج التفكير تحتل مركزها في دائرة اهتمام هذا الجيل مع تفاوت في درجة الاهتمام، الأمر الذي أدّى إلى ضمور في العناية بالأفكار القديمة أو المذاهب السابقة ناهيك عن قصور في تتبع الأحكام الشرعيّة التفصيليّة من فروع الفقه والحديث والتفسير والإعراض عن المتون العلميّة وضبط الأصول الكليّة وهو ما تمخّض عنه البحث عن رموز آخرين يدركون هذه الثقافات البرّاقة بأدواتها الجديدة ويعون مباحثها، وبذلك ضعف التواصل مع علماء الصحوة ورموزها الموجودين، وتفاوتت أيضاً معايير التقييم للشخصيات العلميّة بحسب عنايتها بالأدوات الجديدة وقدرتها على استيعابها وإشباع فضول السائلين عنها والباحثين فيها.

ولم يكن الأمر مقتصراً على التباين في الأدوات المعرفيّة فحسب، بل زاحمه أمر آخر مهم وهو السيل الهادر والكم الكبير من المؤلفات والكتب التي كانت حيناً من الدهر مقصورة على فئة قليلة جداً من الناس ولم تكن متاحة لعامة المطالعين، وأخذت المعلومات المجرّدة تنهال على "جيل ما بعد الصحوة" بكثافة عالية وغزارة شديدة، فتسهلت سبل الوصول للمعلومة وتنوعت مصادرها بعد الانفتاح التقني من خلال شبكة الإنترنت وتطوّر وسائل الاتصال، الأمر الذي أسهم في تلاشي القدرات العلميّة الذاتيّة والإصابة بالكسل المعرفي اتكالاً على وفرة المخزون العلمي التقني والوصول إلى المعلومة البحثيّة بيسر وسهولة، كما ساهم ذلك مساهمة مباشرة في تقليص الارتباط بالجهات العلميّة سواءً كانوا أفراداً أو مؤسسات، فرأينا تعويل الكثير من الشباب على المنتديات الإلكترونيّة والمواقع الأخرى في الحصول على المعلومة أو بناء الثقافة وبذلك ازدادت الهوّة بين هؤلاء وبين العلماء والمربّين، ولا ريب أن الأعراض الانسحابيّة المتوقعة والانكفاء على الذات والاستغراق في البحث التجزيئي لأفراد المسائل وغيرها من الأمور التي قد تنشأ عن كثرة التعاطي مع هذه المنافذ المعرفيّة وإدمان النظر فيها سوف تؤثر سلباً على الشخصيّة العلميّة لأفراد "جيل ما بعد الصحوة".

وأخطر ما في الأمر هنا أن المواقع والمنتديات وسيل المعلومات عزّز الشعور بالاستقلال المعرفي دون الرجوع إلى أهل المعرفة والعلم الذين سبروا أغوار المذاهب والمؤلفات وفحصوا تلك المعلومات وكشفوا ما بها من الخلل إن وُجد، ولهذا صرنا نرى كثرة المتجرئين على العلماء وانتشار الأقوال الغريبة، كل ذلك لغلبة الاعتداد بالنفس والثقة بالذات.

وإذا كانت أجيال الصحوة تُراعي حق العلم الشرعي وتعرف أقدار أهله وتلتزم القواعد المنهجيّة المتبعة لدى سلف الأمة وتخضع لها وتجعل من فهم السلف وطريقة تعاملهم مع النصوص معياراً مرجعيّاً لآرائهم وأقوالهم وحكمهم على المذاهب فإن "جيل ما بعد الصحوة" قد تخلخلت عنده هذه المفاهيم، فرأينا من يعترض على اعتبار طريقة السلف أو فهمهم حكماً وفيصلاً، ويجعل النصوص الشرعيّة هي المعيار دون تحديد مرجعية حاكمة على تفسير هذه النصوص ليستدل بما شاء من النصوص على ما يريد من الأحكام ولو كان بطريقة استدلالية لم يقل بها أحد من المسلمين من قبلُ، فاهتزت مكانة السلف لدى هذا الجيل وهو يرى من يوعز إليهم بالانقضاض على ذلك التراث وتجاوزه باعتباره آراءً مجرّدة لأناس خضعوا لسياق زمني معيّن وظروف وقتيّة اقتضت أن يقولوا ما قالوا، فحصل للشاب الناشئ نفرة وتردد في قبول مذهب السلف وتقريره وطريقة فهمه للنصوص الشرعيّة، وتأثرت صورتهم النقيّة لكثرة ما يقرؤون في كلام بعض الباحثين من اللغط حول السلف ودس النقائص في منهجهم بطريقة ظاهرها الرحمة والإنصاف الموضوعيّة وباطنها العذاب والانتقاص والهدم، ولزم عن هذا كلّه سهولة الخروج عن إجماع أهل العلم والالتفاف على تقريراتهم وطريقة معالجتهم للمسائل الشرعيّة.

وهذا الزخم المعلوماتي الكبير أدّى أيضاً إلى انحسار دور العلم الذاتي وأثره في بناء الشخصيّة العلميّة المعروفة بسلامة المنهج وحسن الاستدلال والارتباط بالأصول الكليّة للمناهج الشرعيّة المنضبطة، فبتنا نرى الاهتمام بأنواع من الكتابة الثقافية أو الصحفيّة أو النقديّة أو التوصيفيّة المبنيّة على حضور الفكرة وجمع المادة المنثورة لا على استدعاء الكم العلمي التأصيلي الذاتي.

كما أن الجيل الجديد من مواقع الإنترنت web2.0 والذي يترك تحديد المحتوى للمتصفحين والمشاركين دون تدخل أو توجيه من أصحابها ويمنحهم مساحة واسعة للكتابة والتعليق والتعبير عن وجهات النظر وتقييمها ودعم الهواتف النقالة لها والدخول من خلالها بيسر وسهولة ومرونة شديدة وإمكانية الربط بينهما مما يجعل المتصفّح والمشارك حاضراً على مدار الساعة في هذا النوع من المواقع، إضافةً إلى التقنيات المتجددة للحواسيب وللهواتف النقّالة والتحوّل النّوعي المبهر للتقدّم التقنّي الذي يساهم في ربط الشخص بالعالم وبما يحدث فيه من الأمور السياسية والثقافيّة والفنيّة بيسر وسهولة وسرعة عالية، كل ذلك سوف يكون له دور مهم في تكريس الثقة بالنفس وتعزيز البنية الثقافية لدى "جيل ما بعد الصحوة" وتدوير الأفكار بينهم وزيادة القدرة التواصليّة وتكوين الشبكات الاجتماعيّة ذات الاهتمام المشترك وهذه جميعها عوامل تزيد من الدافعية نحو الاستقلال والتفرّد وإثبات الذات، ويأتي على رأس الجيل الثاني من مواقع الإنترنت ما بات يُعرف بالشبكات الاجتماعيّة مثل "Facebook" و"Twitter" و"YouTube" و"Blogger" وغيرها، ومن عيوب هذا الجيل من المواقع أنها تخلق فرصاً واضحة للتزيّد الثقافي دون الارتواء من المعارف السليمة أو التشبّع بالعلوم المنضبطة، فالمواقع قديماً كانت تحرص على إتاحة المعلومات الموثوقة والصحيحة إبراءً لذمّتها وصيانة لزائريها، أما الجيل الجديد من المواقع فلا يعتني بهذا أصلاً.

هذا العامل كان له دور فاعل في بناء الثقة النفسيّة العالية لدى "جيل ما بعد الصحوة"، فأخذ يختط لنفسه طريقاً متفرّداً، والملهمون الجدد لهم يعزّزون فيهم هذا الجانب ويؤكدون عليه، فيحثّونهم على نزعة الاستقلال الثقافي والمعرفي والتعود على البحث المستقل وحضور الشخصيّة وعدم تغييب العقل أو التأثر بسطوة الآخرين وسلطتهم، ولهذا فإن الآراء المعرفيّة الشاذة أو كثرة الخروج عن المدارس العلميّة المتبعة والمناهج البحثيّة المعروفة سوف تكون سمة ظاهرة في جيل ما بعد الصحوة وهو ما يجعلنا نتهيّأ نفسيّاً لتقبل الآراء الشاذة والأقوال الغريبة.

إنَّ نظرة فاحصة في المحاضن التي نشأ فيها جيل الصحوة بمراحله المختلفة ومقارنتها بنظيراتها لدى "جيل ما بعد الصحوة" سوف تكشف لنا مدى التربية العميقة الراسخة والطبائع الزكيّة والخصال الحميدة التي حصّلتها أجيال الصحوة، فقد تربّوا في أكناف العلماء الربانيين المتجردين من حظوظ النفس أو الكادحين في جمع الدنيا، ولحقوا بحلق العلم، وحفظوا القرآن في الجوامع، وعمروا بيوت الله، وتشرّبوا متون العلم وضبطوا أبواب المسائل واعتنوا بالتحقيق والبحث العلمي الفائق، ولم يقتصروا على العلم فحسب بل شابوه بالعمل، فخرجوا أفواجاً تلو أفواج لواجب الدعوة إلى الله في القرى والمدن والأمصار وعامة بلاد الدنيا، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وشاركوا بالأساليب المشروعة في مناصحة ولاة الأمر وزيارتهم والانفتاح عليهم، وناضلوا في سبيل الفضيلة وانتشار القيم نضالاً سلميّاً رفيعاً، ثم لمّا دعا داعي الجهاد الشرعي، ذروة سنام الإسلام، كانوا من أوائل المسارعين إلى جبهات القتال في أفغانستان ثم البوسنة ثم الشيشان، كلّما سمعوا فزعة أو هيعة طاروا إليها يبتغون القتل مظانّه، فبذلوا مهجهم وأرواحهم في سبيل الله، وامتزجت نفوسهم بقيم العطاء والبذل والعمل الخيري فقد عرفتهم أفريقيا بأدغالها وغاباتها وحفظت تفاصيل وجوههم آسيا بمختلف مناطقها وتنائي ديارها، وهكذا فقد مرت تجربة الصحوة بعدد من المحاضن المهمة وتمرّست على أنواع متعددة من القربات والطاعات النفسيّ منها والجماعي، والخلاصة أن أجيال الصحوة المتعاقبة قرنت بين العلم والعمل، وكان للتضحية حضور كبير في حياتهم تغلبوا من خلالها على جانب الأثرة والأنانيّة وحظوظ النفس.

غير أن أغلب هذه المحاضن المهمة لا يكاد يتهيأ لجيل ما بعد الصحوة إما لندرته وقلّته أو لانعدامه أو لانصرافهم عنها وانشغالهم بأشياء أخرى، ولهذا سوف يظهر الفرق واضحاً جليّا بين قدرة الجيلين على التعاطي مع الواقع ومع الأزمات ومع الشدائد والمدلهمّات.

(3)
يؤكد الواقع أن انخرام جيل العلماء المؤثرين أحدث فراغاً سلبيّاً ساهم مساهمة مباشرةً في استهلال هذا الظهور لجيل ما بعد الصحوة، فقد كان لأولئك العلماء دور مهم في السيطرة على النفوس وقيادتها وتهذيب نزعاتها وتحديد مساراتها الثقافية وتصفية الأفكار الواردة إليها من خارج المنظومة وترشيدها وضبط المناهج، كما أنهم كانوا يتحلون بعدد من الخصائص الشخصية القياديّة المهمة من سيلان الذهن وفرط الذكاء وسعة المعرفة وحضور الحجة والتشبع بالآثار السلفيّة والعزة بالانتساب إلى الشرع والقوّة في الحق والاحتساب في نشر العلم والدعوة والتجرد لله تعالى وقلة العناية بالحياة الدنيا والإقبال على الآخرة بنفس مطمئنة والارتقاء في مقامات العبوديّة الصادقة مع ارتباط محكم نادر جمعوا فيه بين حب الحكام من ولاة الأمر لهم وتوقيرهم وتقدير العامة من الناس لهم وقبول أحكامهم وفتاويهم وهذا مما لم يتهيّأ في البقية من علماء الجيل الحاضر فظهر الفرق الكبير بين الجيلين.

وغياب العلماء الحسّي أو المعنوي له أثر كبير في التأثير على الأفراد والحركات، وقد قص الله تعالى في كتابه ما حصل من قوم نبيّه موسى عليه السلام حين غاب عنهم لميقات ربه فاتخذوا العجل من بعده وهم ظالمون، وأحدث فيهم السامري شرخاً عقديّاً خطيراً مع أن غياب موسى عليه السلام كان غياباً مؤقتاً بأمر من ربه سبحانه وتعالى وخلفه في قومه نبيّ الله أخوه هارون، وأخرج العقيلي في ضعفائه عن محمد بن سليمان الأصفهاني قال: لما مات إبراهيم – يعني النخعي – اجتمع خمسة من أهل الكوفة فيهم عمر بن قيس الماصر وأبو حنيفة فجمعوا أربعين ألف درهم وجاؤوا بها إلى الحكم بن عتيبة فقالوا: إنا قد جمعنا أربعين ألف درهم نأتيك بها وتكون رئيسنا في الإرجاء، فأبى الحكم، فأتوا حماد بن أبي سليمان فقالوا له فأجابهم وأخذ أربعين ألف درهم.

وهذه القصة فيها عبر مهمة منها تربّص أهل المذاهب المخالفة موت العلماء الربانيين ليخلو لهم الجو فينشروا آراءهم وقد رأينا بأم أعيننا شيئاً من ذلك بموت العالمين الربّانيين عبدالعزيز بن باز ومحمد بن عثيمين فانبعث على إثر موتهم فئام من دعاة العلم تنكر منهم أكثر مما تعرف وقد كانوا في حياة الشيخين نسياً منسياً، وقد كان إبراهيم النخعي شديداً على أهل الإرجاء ولهذا كانوا ينتظرون وفاته ويتحيّنون موته ويعدّون العدة لما يفعلونه بعد ذلك، قال الشيخ عبدالرحمن المعلمي في التنكيل 1/188-189: "كان إبراهيم شديداً على المرجئة وفي ترجمته من طبقات ابن سعد عدة حكايات في ذلك.. فكأنهم كانوا مقموعين في حياته فلما مات خلا لهم الجو واستعانوا بالمال"، وفيها من العبر أن أهل الآراء المخالفة يستعينون بالمال وبما أمكنهم الاستعانة به لنشر مذاهبهم وآرائهم وقد لا يتصور هذا كثيرٌ من أهل الحقِّ لكمال نفوسهم وسلامة مقاصدهم ومجافاتهم للمطامع وحظوظ النفس فيعتقدون بُعْد حصوله إلا أنه موجود معروف وهذه القصة وأمثالها دليل عليه، وفي القصة أن أصحاب الآراء المخالفة يؤثرون الكمون تارة على النشاط والحركة حتى لا تنقرض مذاهبهم بقوّة ردود العلماء عليهم وحتى ترسخ أفكارهم مع مرور الوقت ويفنى مناوئوهم، فلا يظنن ظان أن فترة النشاط وخفوته لدى أصحاب تلك الآراء مرده إلى تبدل القناعات أو تحول الآراء، فإن لهم في هذه الفترة والخفوت مآرب شتى، ومن العبر في هذه القصّة الكشف عن المقاصد المخالفة لبعض أئمة المذاهب فإن قصد الدنيا ظاهر في مبتغي المال والباحث عن الرئاسة، وهذا خلاف ما عليه أهل التجرّد والإخلاص وسلامة المقصد ممن يريد الله والدار الآخرة.

(4)
ترتّب على فراغ الساحة لدينا من العلماء المؤثرين بروز اليسار بشقّيه الإسلامي والليبرالي، ومع بون ما بين هذين التوجّهين إلا أن ظهورهما وبروزهما كان في مدة متقاربة، واليسار الإسلامي بتوجهاته الداخلية الحقوقي الإصلاحي منها أو التنموي المدني أو العصراني أو التنويري أو الفقه التيسيري وغيرها قد أخذ مساحة واضحة في المنظومة الثقافية داخل النسيج المكون لجيل ما بعد الصحوة، واستقطب عدداً مهمّاً من الأنصار والمؤيدين مستفيداً من المساحات الكبيرة التي أمنتها لهم وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، ولو تأمّلنا في الأفراد المؤثرين في توجه اليسار الإسلامي المحلي لوجدنا أن كثيراً من أصحاب التوجهات الإصلاحية السابقة يأتي في مقدمتهم.

وجد التوجّه اليساري الإسلامي هامشاً واضحاً للنشاط الحركي والتغلغل الاجتماعي والاختراق المعرفي فنما نموّاً سريعاً وأصبح ملهماً في جزء منه لجيل ما بعد الصحوة، ولو دققنا النظر في مسار حركة يساريّة مشابهة سابقة لوجدنا أن تلك الحركة تحطمت أمواجها على صخرة الثبات وضعف مساحات الحركة أو النمو فلم تُحدث شرخاً أو تجد لها عمقاً مجتمعيّاً، وذلك ما حدث لعبدالله القصيمي، فإن القصيمي في بدايات تغيّره الفكري والذي لخّص القدر المهم منه في كتابه "هذه الأغلال"لم يكن يختلف كثيراً عن حركات اليسار الإسلامي فالفرق بينهم فرق في درجة المواجهة والخروج لا في نوعها، لكن القصيمي لم يجد مساحات يستطيع من خلالها الحركة أو التبشير بهذه الرؤية الجديدة أو الاستحواذ على طائفة من الأنصار والأتباع مع حضوره المعرفي العلمي ومكانته عند العلماء وقوّته في نفسه آنذاك وشدة عارضته وبراعة ملحظه، فقد واجه ثباتاً وممانعة شديدةً من العلماء وردوداً راسخة علميّة مؤصّلة من الداخل والخارج، ورفضاً اجتماعياً على كافة الأصعدة، وهو ما أدّاه لاحقاً إلى إعلان التمرّد العام على دين الله وانتحاله للإلحاد نسأل الله السلامة والعافية.

ولو تأملنا جيّداً في المدة التي خرج فيها القصيمي لرأينا عدداً من الحركات اليسارية الناشطة المناوئة للتوجهات الشرعيّة كما هو الحال في الحركات القوميّة والماركسيّة والبعثيّة التي كانت تنشط في تلك الحقبة، ومع الفورة الحركية لتلك المجموعات وإفادتها من المناخ السياسي العام وقدرتها على الاختراق للمجتمع المحلّي إلا أنها لم تتجذّر فيه ولم تترك لنفسها مساحة ولو هامشية ولهذا تجاوزها الناس سريعاً وانقلب أصحابها عليها.

ومن الجدير بالملاحظة أن موجة الاستقطابات وحركات التحول لليسار بشقيه الإسلامي والليبرالي التي نعيش الآن فورتها كانت في السابق تأخذ طابعاً نمطيّا محدّداً فالشخص الذي يصاب بضعف في التديّن أو يتراخى عن مصاحبة الصالحين يؤثر الانزواء على نفسه ويبتعد عن محيط رفقته معترفاً بتقصيره غارقاً في شهواته، غير أن هذا تغيّر جذريّاً مع ظهور اليسار الإسلامي المحلّي فقد أصبحت ظاهرة التحوّل نوعاً من الثقافة الجديدة المشروعة، وأخذ أصحابها يبحثون لهم عن المسوّغات العلميّة لإثبات صحة التوجه وسلامة المنهج وتبرير التغيّر السلوكي والمنهجي، فانتقل التحوّل من كونه انتكاسة ونكوصاً وشيئاً مرذولاً يستحي منه أصحابه وتنفر عنه النفوس ويستغرب له الناس إلى اعتباره حقّاً مشاعاً وتنويراً يفتح لصاحبه أبواب الاقتيات والاسترزاق في الصحافة والإعلام ويُصبح من وجهاء النّاس وأعيانهم.

ولا ريب أن بدايات عهد التحوّل شهدت حالات من الخروج العنيف لحق أصحابها من خلالها بأشد المناهج غلواً وتشدّداً وسمعنا ببعض من ألحد منهم باطناً، لكن هذه التحوّلات المغالية قد تكون مفهومة ومستوعبة في المراحل الانتقاليّة ولربما انحسرت مع اتساع مساحة اليسار الإسلامي وتجذّره فسيجدون فيه ملاذاً لهم لاسيّما مع ضعف التأصيل الواضح لدى اليسار الليبرالي وعدم حضوره اجتماعيّاً فالانتماء إليه ضربٌ من الانتحار العلميِّ.

وطائفة من رموز اليسار الإسلامي المحلي استفاد من سابقته في الصحوة ومكانته العلميّة قبل التحوّل باعتباره شخصيّة جماهيريّة ذات حضور طاغ في أوساط المجتمع، فأكسبه ذلك مصداقيّة لدى كثير من الناس ومكّنه من صنع دائرة تأثيرية واضحة ساهمت في حفظ مكانته ونشر أفكاره الجديدة، وبعضهم قدم نفسه على أنه من رحم الصحوة ومن أبنائها البررة، وأن خطابه متناغم مع أصول الصحوة ويرغب في تصحيح مسيرتها ما لحقها من الأخطاء، فلمّا كشف عن حقيقة توجّهه فإذا هو مباين لأصول الصحوة وحاكم على منجزاتها بالنقض والإبطال.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام يحسن إيراده في الذين يخالفون توجهات أئمة المذاهب ويحدثون التغيير بعدهم وأنهم بهذا يناقضون أصول أئمتهم ويخالفون طريقتهم حتى وإن انتسبوا إليهم ظاهراً إذ العبرة بحقيقة الحال وبظاهر الأقوال، قال ابن تيمية في كتاب الاستقامة 1/15: "الشافعي من أعظم الناس ذمّاً لأهل الكلام ولأهل التغيير ونهياً عن ذلك وجعلاً له من البدعة الخارجة عن السنّة، ثم إن كثيراً من أصحابه عكسوا الأمر حتى جعلوا الكلام الذي ذمّه الشافعي هو السنة وأصول الدين الذي يجب اعتقاده وموالاة أهله، وجعلوا موجب الكتاب والسنة الذي مدحه الشافعي هو البدعة التي يعاقب أهلها!.. (و)الإمام أحمد في أمره باتباع السنة ومعرفته بها ولزومه لها ونهيه عن البدع وذمه لها ولأهلها وعقوبته لأهلها بالحال التي لا تخفى، ثم إن كثيراً مما نص هو على أنه من البدع التي يُذم أهلُها صار بعض أتباعه يعتقد أنَّ ذلك من السنة! وأن الذي يُذم من خالف ذلك!.. ثم إن من أصحابه من جعل ما بدّعه الإمام أحمد هو السنة" انتهى كلامه.

وثمة من رموز اليسار الإسلامي الحاليين من كان حاذقاً في المعرفة والعلم بتخصصه الشرعي فجمع فيه فأوعى، وكان مضرباً للمثل في براعته وجودة فهمه وحسن ملحظه، فركب إليه النّاس من كل حدب وصوب يأخذون عنه العلم وعقدت له الدروس وطُبعت له الكتب فقضى القاصي والداني له بالعلم والمعرفة والنباهة، ثم لمّا ركب موجة اليسار الإسلامي ورؤس فيه انتحل عدداً من قضاياه الأبيّة على التأصيل وحاول التنظير لها فظهر للنّاس عجزه وبان خلله الواضح، ومن تكلّم في غير فنه وعلمه الذي يعرفه أتى بالعجائب، فجاهر بأقوال خالف فيها إجماع الأئمة وأتى بآراء غاية في النكارة والغرابة لا يأتي بمثلها صغار طلبة العلم المستجدّين، فإذا كان هذا حال العالم منهم وصاحب الفهم في الشريعة وقواعدها، فكيف بحال الفرد العادي الذي يأنس من نفسه عقلاً وفهماً فيركب الصعب والذلول ليخرج على الأمة بأقوال ما خطرت على بال غلاة المبتدعة السابقين!

أما اليسار الليبرالي فلم يقدم خطاباً تأصيلياً صريحاً يشفع له بالحضور المهيب، بل غلب على مخرجاته المهلهلةِ والسطحيّةِ الضعيفةِ الاستفزازُ للمجتمع ولعلومه المكوّنة لثقافته وعلى رأسها الأصول الشرعيّة والمعارف الدينيّة ومعاداة القيم والخروج عن الفضيلة، وتطبّع أصحابها بالنفعيّة والبحث عن المصلحة والضرب بتديّن المجتمع وثقافته عرض الحائط، ولهذا فإن دائرة تأثيره ضيقة جداً، ولا يكاد يلحق بهذا التوجّه أو ينتسب إلا من وجد فيه مصلحة ذاتيّة أو استدفأ الحضن الغربيَّ وتنعّم باحتوائه، ولولا استثمارهم للمزاج الغربي الذي يدعم هذه التوجهات ويؤيدها وإلا لما وجدوا موطئ قدم لهم وللفظتهم المجتمعات عن بكرة أبيها.

وتمر الأيام وتنقضي الليالي ويدعو دعاة الليبراليّة إلى شيء نُكُر، زاعمين فيه أن المجتمع المحلي قد أخذ المبادرة بالتوجه نحو الليبراليّة مؤيدين دعواهم ببعض المظاهر المنتشرة هنا وهناك وعلى رأسها البنوك والسفور وبعض مظاهر الاختلاط وغيرها، وهاهنا نحن بحاجة إلى أن نفرق بين الليبراليّة التي تُعد فكراً له قواعده ونظرياته ومنظومته، وبين بعض الممارسات الذاتيّة والسلوكيات الخاطئة التي تقع ضمن الإطار الفردي وتصنّفها الشريعة على أنها من المعاصي ذات الطابع الشهواني، سواءً كانت شهوة فرج أو شهوة مال أو شهوة منصب، فإنَّ النفوس تحب الميل إلى الملذات وتؤثر في جوانب عدة الحياةَ الدنيا فتعصي الله أو تمارس سلوكياتٍ تتعارض مع طابع الديانة فيها لكنّها في الوقت ذاتها تعترف بالخطأ والتقصير وتُلهب ذاتها بسياط التوبيخ والتقريع واللوم، فهذا الثنائية أو الازدواجيّة هي من صميم النفس البشرية ومن طبيعتها وليست شذوذاً أو ازدواجية نفاقيّة خوفاً من المجتمع ووعّاظه المؤثرين كما يراها الدكتور على الوردي، ولهذا أقسم الله تعالى بالنفس التي تصارع هذه الثنائية وتعالجها فقال سبحانه: (ولا أقسم بالنفس اللوامة) قال ابن جرير: "الأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر وتندم على ما فات".

فالخلق بطبيعتهم يحبون الشهوات ويميلون إليها، فمنهم من يعصمه الله بدينه ومنهم من يقع فيها، والانغماس في الشهوات لا يقع ضمن السلوك الليبرالي الذي يسوّغ هذه الشهوات ويجعلها حرّية فرديّة ويمنع من المعاقبة عليها ما دامت تقع ضمن الإطار الفردي كما يروّج لذلك بعض الليبراليين ليثبتوا به تحوّل المجتمع إلى الليبراليّة وتقبلهم لها! ومن ثم فإن ارتفاع معدلات الخروج عن الفضيلة أو كثرة السلوكيات المخالفة للشريعة لا يغيّر تصنيف المجتمع من محافظ إلى ليبرالي لأنها تقع من تلك النفوس مع اعترافها بتقصيرها وتجاوزها وإيمانها بحرمة هذه الأفعال وخروجها عن حدود الشريعة فجيب أن نضعها في سياقها الطبيعي، سياق الشهوة النفسية الغالبة مع حضور الإيمان القلبي واللوم الداخلي على الفعل، نعم سوف يكون مؤشراً سلبياً على ضعف التديّن فيه لكنّه ضعف مؤقت أو لعوارض خارجيّة.
وللإنصاف فإن بعض التوجهات الحداثيّة في العالم العربي حمل أصحابها كمّاً معرفيّاً كبيراً بهروا به مجتمعاتهم، وهو ما قادهم إلى تقديم مشاريع وأفكار تحمل تأصيلاً مُكثّفاً، غير أنَّ نظراءهم من المحليين لدينا لم يكن لديهم ذلك العمق ولا الاتساع المعرفي ممّا أدّى إلى ضعف خطابهم وعدم اختراقه لسياج المحافظة في المجتمع، لكونه خطاباً مفرّعاً عن شهوة داخلية وليس مبنياً على قوة علميّة أو حجة مقبولة، ولهذا نلمس في بعض أفراد "جيل ما بعد الصحوة" انبهاراً معرفيّاً وتماهياً في شخصيّات معرفيّة عربيّة مشهورة بحربها على الإسلام وتشبّعها بالمناهج الحداثيّة الغربيّة، والذي دعاهم إلى هذا ما وجدوه لديهم من التضلّع العلمي المعرفي وكثافة الإنتاج وغزارة البحوث، لكن لا نجد عشر معشار هذا الاهتمام منهم بأحد من أقطاب التوجه الحداثي المحلّي.

وقد استفاد اليسار بشقيه الإسلامي والليبرالي من بروز غلاة الجهاديين الذين فجّروا في المملكة بعد أن نظّروا وقرّروا جواز مثل هذه الأعمال الظالمة الباغية، وكفّروا ولاة الأمر واستباحوا دماء رجال الأمن وأعلنوا الحرب عليهم، وهؤلاء الغلاة رماهم النّاس جميعاً عن قوس واحد، وأنكروا عليهم أيما إنكار، وكان على رأس أولئك المنكرين رموز الصحوة وعامة شبابها، فضلاً عن كبار العلماء وطبقات المجتمع المتعددة، والحمد لله الذي كفى البلاد والعباد شر هذه التفجيرات ووقانا بأسها فقد أوشكت على الانصرام والتولّي، غير أن اليسار لاسيّما الليبرالي أخذ يقتات على هذه الحوادث ويصفّي حساباته مع خصومه ومخالفيه من التيار المتدين العريض واستغل هذه الحوادث للإساءة إلى دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب واتهام مناهج التعليم وشن الغارة على المؤسسات الخيرية النظاميّة وعلى حلق تحفيظ القرآن الكريم والمراكز الصيفيّة ومخيمات الدعوة، فكان من شؤم تلك التفجيرات الباغية الظالمة أن جرأت علينا هؤلاء السفهاء وفتحت لهم باباً للظهور والبروز بعد أن أُخمدوا دهراً وانصرف عنهم الناس وعن القراءة لهم.

وإضافة إلى اليسار السنّي فقد برز على السطح توجّه شيعي يحمل عمقاً فكرياً حقوقياً ونُضجاً سياسياً وتجربة حركيّة سابقة فنفض عن نفسه عباءة الكمون وأخذ ينشط في الساحة مقدّماً وعْياً جديداً مبنيّاً على خطابٍ تصالحيٍّ مع الواقع السنّي بمحاولة البعد عن نقاط المماحكة الطائفيّة والتماس المناطق الدافئة بين السنّة والشيعة والقرب منها، كما أخذ يعزف على وتر حقوق الأقلية مستفيداً من الضغط الدولي حيال هذه المنظومة، مستثمراً في الوقت ذاته ازدياد القوة الصلبة لدى الدولة الإيرانيّة والحراك الشيعي المنظّم داخل دول الخليج وداخل الدول الأفريقيّة التي نشط فيها الشيعة نشاطاً واضحاً ظاهراً وحققوا عدداً من المكتسبات المهمّة واستطاعوا تقليص النفوذ السنّي في تلك المناطق من خلال الدعم الإيراني غير المحدود للتبشير بالمذهب الشيعي والدعوة إلى ما يُسمى بمذهب آل البيت.

وقد استثمر الشيعة نشاط اليسار الإسلامي لصالحهم خير استثمار فرأينا تطبيعاً طائفياً بالمجّان من رموز اليسار الإسلامي تجاه الشيعة وتقديم عدد من التنازلات الكبيرة دون أن يكسبوا شيئاً مهمّاً ذا بال من الشيعة لصالح السنّة، ولهذا رأينا هيجان الشيعة الغلاة وتحريضهم لعامتهم على ارتكاب الخروقات والتجاوزات سواءً في مناطق النفوذ الشيعية أو في بعض الأماكن الأخرى كالذي حدث في البقيع بالمدينة النبويّة وصمت عدد من مراجع الاعتدال فيهم.

وإنّه لمن الطبيعي أن يجد اليسار ممانعة شديدة وانحيازاً إلى المحافظة والتمسّك، وهذا ما يجعلنا نتوقع عدداً من النزالات العلميّة والمعارك الفكريّة الشديدة، وقد يصحب ذلك بعض الجنوح والشطط وشيء من البغي في الخصومة، والمسلك الشرعي يحتم على أصحابه معالجة ما يرونه من الخطأ في الرأي ببيان الحكم الشرعي ورد الأمور إلى نصابها الصحيح.

(5)
إذا تخطّينا الحديث عن اليسار مع أهميته - فهو حديث الناس الآن - فلسوف يستوقفنا أمر آخر مهم وله تأثير ظاهر على "جيل ما بعد الصحوة" وهو التضخّم الإعلامي وتمدد مؤسساته، وهذا النمو خلق واحدة من دوائر التأثير المهمة والسريعة والفعّالة، ولو تأملنا مسار الحركة العلميّة وطبيعتها في حقبة قريبة ماضية لوجدنا أن آليات التأثير وتقنياته كانت محصورة في عدد محدود من الأدوات، وهذه المحدودية مكنت من السيطرة على تلك الأدوات وضبطها وإمكانية تقنينها بيسر وسهولة، أما مع الانفتاح الإعلامي فقد تغيّر الوضع جذرياً، فأصبحت وسائل الإعلام تمارس دوراً مفتوحاً بعيداً عن الضوابط والحدود فتبرز من أرادت من الناس ولو كان مغموراً، وتوفّر لهم المنابر الحرة للحديث بما شاؤوا بعيداً عن صرامة الأنظمة وجمود البيروقراطية، والتقارب الإعلامي وسعة انتشاره وسهولة التعامل معه كل ذلك ساهم بشكل واضح في نشر الثقافات الجديدة وتعبئة المجتمع ضد الأفكار التي يراها الإعلام جديرة بالرفض أو المواجهة، ومن هنا فإن بعض رموز اليسار الإسلامي المحلي وجد في الإعلام ضالته المنشودة، ونشط من خلاله في نشر منظومة أفكاره البديلة وحجز له مساحة واسعة وجمهوراً عريضاً، ولست مبالغاً فيما لو قلت أن ساعة واحدة لأحد رموز ذلك التوجه في قناة جماهيرية يفوق في تأثيره مجموع ما يطرحه بعض مخالفيه مستفيدين من الأدوات الأخرى التقليدية غير الإعلاميّة.

وقد استطاع الإعلام بقوته وحضوره أن يشكّك في عدد من القضايا الشرعيّة الراسخة ويثير حولها الشبه والأقاويل، حتى ظن الناس خطأ تلك القضايا وانحراف القائلين بها مع صحّتها في نفس الأمر فعليها العمل عند عامة أهل العلم، غير أن جسارة الإعلام وهيمنته وسلطته نقلت تلك الأقوال من كونها شرائع وديانة إلى جعلها شذوذاً وانحرافاً، والمستقبل سوف ينكشف عن المزيد من هذه المجازفات والضلالات ما دام الإعلام متروكاً للمخالفين الذين يبرعون في التزييف والتضليل.
والفرق بين الوسائل الإعلاميّة التقليدية كالقنوات والفضائيات وبين الوسائل التقنيّة الأخرى كشبكات المعلومات والمواقع الاجتماعيّة والبرامج الموسوعيّة أن الأول منها يأتي غالباً موجّهاً ويُرادُ من وراءه بناء الثقافات المؤسِّسة والمساهمة في تغيير القناعات وإحداث التغييرات المجتمعيّة، أما الوسائل التقنيّة فهي في الغالب محايدة ومستقلّة والتأثر بها بحسب الفرد.

لم يكتف الإعلام بخلخلة الثوابت الشرعيّة فحسب، لكنه نشط أيضاً في عمليات الفرز والتصنيف للرموز والقدوات فرأينا تحوّلاً مهمّاً في مفهوم القدوة ومقوماتها، فبعد أن كانت مقومات القدوة تتركز في العلم والديانة والأثر المجتمعي وخدمة الناس ونفعهم، حلَّ النّجومُ محل ذلك بفعل السلطة الإعلاميّة! من اللاعبين والإعلاميّين والشعراء والفنانين وروّاد تطوير الذات وقوانين الجذب وبرامج الثراء وتكديس الأموال، والغناء الذي كان معيباً ومستهجناً صار سلعة يتهافت النّاس على طلبها من خلال برامج تعليم الغناء وتلفزيون الواقع، وأصبحت المسلسلات التركيّة جزءاً مهمّاً من ثقافة المُجتمع وبرنامج الأسرة اليومي فهم يتطلّبونها من مختلف القنوات ولا يستقبلون أحداً في ساعة عرضها.

ومن هنا يظهر لنا مدى التحدي الذي تشكله القنوات الفضائية وتأثيرها الكبير على "جيل ما بعد الصحوة"، لأن غالب ما يُنشر فيها ويُبث ليس شيئاً محايداً، بل هو في غالبه موجّه مدعوم ويدخل ضمن النفوذ الناعم والقوة الناعمة لمراكز التأثير وصناعة التوجهات، ولهذا فإنَّ ترك القنوات الفضائية والإعراض عنها أو الدخول إليها عبر الشخصيات النمطيّة التقليدية سوف يجعلنا نفقد الفاعليّة المطلوبة في إدارة هذه الأداة المهمة والخطيرة ويزيد الهوّة بين رموز الصحوة والجيل الناشئ الذي بدأ يستهويه الخطاب الإعلامي الجديد بأفراده الذين لا يمتلكون كمّاً معرفيّاً كبيراً لكنهم يديرون هذه المنابر بكفاءة عالية تمكّنهم من إحداث التغيير واستقطاب شرائح واسعة من المتابعين والمتأثرين.

(6)
ثمة عامل بدأ يطفو على السطح في ثقافة الجيل الحالي وهو العامل المادي والمبالغة في تقديره والاهتمام به والسعي لتحصيله، فثقافة المادة وتغليب الوعْي المادي المدني أو استحضاره ليكون واحداً من أهم المحدّدات الثقافية والذهنيّة ساهم في تغيير بعض المفاهيم التي كانت سائدة في أجيال الصحوة المتعاقبة.

ممّا يؤكد هذه الملاحظة الإقبال اللافت على التخصصات المدنيّة وانحسار العوامل الدافعة نحو دراسة التخصصات الشرعيّة والمسارعة إلى تبنّي الوعْي المدني والحديث عن أدبياته والبحث في إشكالياته وجعله محوراً رئيساً في الذهنيّة المشكلة لوعْي ما بعد الصحوة، ولا ريب أنَّ المناخ العالمي المادي الذي يغلب عليه الجشع في جمع المادة وتكديسها والسباق المحموم نحو التطبيع مع الثقافات الغربيّة بنظمها وتقنياتها الماديّة والمدنيّة وحمّى الحرّيات والديمقراطيّة وحقوق الإنسان وفاعليّة مؤسسات المجتمع المدني جعل لواقعنا المحلي نصيباً من ذلك، والمسوّغات لهذا الإقبال متفاوتة، فهناك من يرى ضرورة التترّس خلف المال لتحقيق الغايات، وهناك من ينظر إلى الوعي المدني باعتباره ضرورة حضارية لها الأولوية في البحث والنظر والتطبيق لأنها أساس التقدّم الحضاري، لاسيّما وهم يرون العالم الإسلامي يزداد في تقهقره وتراجعه والاستبداد فيه يتجذّر ويتأصّل.

والتقارير الدوليّة تتحدث عن نمو قوي للاقتصاديات في المنطقة وتركّز الأموال والثروات الطبيعية والنقديّة وزيادة فرص الاستثمار فيها والتعويل على المنطقة باعتبارها مخزناً استراتيجيّاً مهمّاً لمصادر الطاقة سواءً التقليدي منها أو البديل كالطاقة الشمسيّة، وهذه التنبؤات تعطينا شيئاً من الوجهة العالميّة وأثره على الواقع لدينا، فإن ازدياد الفرص التجارية والاستثماريّة وإقبال الشركات الغربيّة والشرقيّة وانتقال رؤوس الأموال إليها يكشف لنا عن اتجاه المؤشر وبوصلته وتأثير ذلك على المجتمع، فالمجتمعات المنغمسة في الترف ومباهج الحياة الدنيا والمبالغة في الاهتمام بالجوانب الماديّة سوف تميل أكثر إلى السكون المعرفي والتواكل العلمي وذبول النشاط العقلي والفكري وتخبو في دواخلهم الدافعية الاحتسابيّة والبحث عن مراد الشارع بتجرّد وصفاء نفس دون مزاحمةٍ من الخوف على الأموال والمكتنزات كما سوف تغيب أسئلة المعاني والرقائق وروافد الزاد الروحي.

(7)
إذا تجاوزنا هذه المظاهر العامة فلن نُغفل عاملاً مهمّاً وهو الضغط الخارجي ودفعه باتجاه إحداث التغييرات المجتمعيّة الجذريّة، والمتتبع للدراسات الغربيّة والتقارير الصادرة عنهم سوف يلمس ذلك بوضوح، فالغرب مهووس حالياً بتغيير المجتمع السعودي وغيرها من المجتمعات المحافظة والضغط باتجاه التحرر من الثقافة المتشددة بزعمهم والمكونة لقيمه ومعارفه، وغالب ما يُكتب عن الإصلاح السياسي لدينا في الغرب فإنما يقصدون به هذه القضايا، ولهذا يكثر في خطابهم عن الإصلاح السياسي الحديث عن المرأة والتعليم والمناهج الدراسيّة والعمل الخيري والموقف من الآخر وحرية الرأي وحرية الديانة وزيادة المساحة للحريات العامة ودعم التوجهات الليبراليّة أو التديّن السكوني وتصفية المذهب الوهابي ومحاربة التشدد الديني وغيرها من القضايا المنهجيّة الفكريّة الثقافيّة.
ولا شك فإن هز القناعات في "جيل ما بعد الصحوة" أيسر منه وأسهل من أجيال الصحوة التي سبقته، ولهذا فليس بمُستغرب أن يركز الغرب عليهم ويستقطبهم من خلال أدواته المحليّة المتمثّلة في بعض اليسار الإسلامي المتقاطع مع الغرب ولو عن غير قصد أو من خلال المجوعات الليبراليّة المتماهيّة في المشروع الغربي، وقد لخّص "ديفيد كابلان David Kaplan" هذا التوجّه الغربي في تقرير مهم نشرته يو إس نيوز عام 2005 بعنوان: " Hearts, Minds, and Dollars" ومما جاء فيه: " قامت واشنطن في أكثر من عشرين دولة بتمويل برامج إذاعية وتلفزيونية إسلامية أو ورش تدريبية في مدارس إسلامية أو مراكز فكر إسلامية أو ورش سياسية أو غير ذلك من البرامج التي تشجع على إسلام معتدل، وهناك مساعدات فيدرالية لترميم مساجد وصيانة مصاحف قديمة وربما أيضاً بناء مدارس إسلامية.. ففي عام 2003، كان المسؤولون قد نشروا نسخة علنية أقدم من وثيقة تتضمن الإستراتيجية القوميّة لمكافحة الإرهاب، ولكن يوجد الآن نسخة سرية أكبر منها لها ملحقات تتناول أهدافاً مركزية بينها تمويل الإرهاب وكسب حرب الأفكار.. ومن أجل تقوية معسكر المعتدلين، تعترف الخطة الجديدة بأن أمريكا لم تحسن التواصل معهم، وتخطو بعدها خطوة أكبر قائلةً أن الولايات المتحدة وحلفاءها لديها مصلحة أمن قومي ليس فقط فيما يجري في العالم الإسلامي، بل فيما يجري داخل الإسلام نفسه، وتضيف الوثيقة أن أمريكا بسبب محدودية ما تستطيع أن تفعله في الصراع الديني، فإن عليها أن تعتمد أساساً على شركاء يشاطرونها قيماً مثل الديمقراطية وحقوق المرأة والتسامح، ومن بين هؤلاء الشركاء الدول الإسلامية الحليفة والمؤسسات الخاصة والمجموعات غير الربحية".

ولا يفوتني كذلك الإشارة إلى أن الغرب يعيش الآن مرحلة مهمة من مراحل تاريخه وهي المرحلة التي تعرض لها تقرير لمجلس الاستخبارات القومي الأمريكي حمل عنوان "اتجاهات عالمية 2025: عالم متحوّل global trends 2025: a transformed world" وقد وصف التقرير التوقيت الراهن بأنه مرحلة تاريخية مهمة تنتقل فيه القوة الاقتصاديّة ومراكز التأثير من الغرب إلى الشرق وتتلاشى معه بذلك الهيمنة الغربيّة المطلقة ليحل محله عالم جديد متعدد الأقطاب تحظى فيه الصين بقوة هائلة من الناحية المالية والعسكرية وهو ما يؤهلها لأن تمارس دوراً مؤثراً على العالم خلال العشرين سنة المقبلة يفوق دور أي دولة أخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكيّة، كما سوف تنمو عدد من الدول لتتحوّل إلى لاعب مهم ومشارك رئيس على الخارطة الدولية كما هو الحال مع البرازيل وإندونيسيا وتركيا، أمّا أوروبا فسوف يخفت وهجها تدريجياً ويتقلص نفوذها، وسوف تستمر أفريقيا متدهورة من الناحية السياسيّة والأمنية والاقتصاديّة، أما منطقة الخليج العربي فسوف تحقق نمواً اقتصادياً كبيراً بسبب ارتفاع أسعار النفط ونمو الطلب العالمي عليه وضعف موارد الطاقة البديلة، وأشار التقرير كذلك إلى زيادة متوقعة في الأعمال الخارجة عن السيطرة الحكومية في العالم كما هو الحال في المجموعات الإرهابيّة والمؤسسات الإجراميّة وشبكات الميلشيا والعصابات وازدياد نفوذ العشائر والقبائل في مناطقهم وضعف سلطة الدولة عليهم.

ومن المقاربات المهمة حول هذا الموضوع ما كتبه "ريتشارد هاس Richard N. Haass" رئيس مجلس العلاقات الأمريكية الخارجيّة في دوريّة " foreign affairs" عدد شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2006م وحمل عنوان: "الشرق الأوسط الجديد The New Middle East" وقد ضمّن مقاربته عدداً من الملامح لعهد ما بعد الهيمنة الأمريكيّة على المنطقة التي بدأت بالحرب الاضطراريّة على العراق في تحرير الكويت وانتهت بالحرب الاختيارية على العراق لإزالة حكم صدام حسين، ومما يهمنّا من كلامه ما يتصل بواقعنا فقد أشار إلى ازدياد عمليات العنف في المنطقة، وارتفاع أسعار النفط، وازدياد ظهور الميلشيات المسلحة في الشرق الأوسط، وبروز الشيعة بدور أكبر في المنطقة واستمرار التوتر بينهم وبين السنة سواء في أماكن الصراع المباشرة كالعراق أو في الدول ذات النفوذ والجيوب الشيعية مثل لبنان والسعودية، واستمرار العراق على ما هو عليه من الحرب الطاحنة وفي أحسن أحوالها تكون فيها دولة ضعيفة هزيلة مشغولة ببناء ما دمرته الحرب، أما إيران فسوف تكون واحدة من أقوى دولتين في المنطقة بالإضافة إلى إسرائيل والتي أخذت في التدهور والتراجع بسبب سياساتها الباغية وحروبها الجائرة.

ولو ضربنا مثلاً بما أشار إليه "ريتشارد هاس Richard N. Haass" من تضخم القوة الإيرانيّة باعتبار هذا التحليل أحد الآراء القويّة في الموضوع، فإننا أمام تحدٍّ واضح لقوة صاعدة بوعْي طائفي مُحكم، والجيوب الشيعية كثيرة في المنطقة ومنها الجيوب الموجودة في المملكة وهي مجموعات ناشطة وفاعلة وذات طابع حركي، وإذا استحضرنا طريقة التعامل اليساري بشقيه الإسلامي والليبرالي مع القضية فلن نجد إلا طريقة واحدة وهي التطبيع الطائفي وتقبّل الشيعة والقيام بمبدأ التساكت المتبادل دون التعرّض للعقائد والأصول الشرعيّة، و"جيل ما بعد الصحوة" سوف يتعامل غالباً مع الأمر بمبدأ الوسط المرفوع: إما التطبيع الطائفي وإما الانفجار الطائفي لأنه أمام وضع خارجي مليء بلغة القوة والتحدي ووضع داخلي يشحنه اليسار بالخوف من الطائفية والدفع باتجاه التطبيع والتحذير من التنافر، والإعلام لا يبرز إلا هذين الحلّين، وهكذا يكون الشأن مع المعضلات الأخرى بدفع الناس إلى أحد الاتجاهين من خلال التعبئة الإعلامية الجاهلة والجائرة.

جميع هذه الأحداث والتحليلات تكشف عن تحوّل مهم وخطير في التوجه الدولي، وبه سوف ينتهي عهد النظام العالمي الجديد الذي أطلقته أمريكا بعد انكشاف المعسكر الشرقي عليها بسقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه إلى دول انضم أغلبها للتوجه الليبرالي الغربي، أي أنّنا سوف نشهد عهداً جديداً تعود فيه التحالفات إلى الواجهة وتكثر فيه الاستقطابات الإقليمية والدوليّة، وسوف يطفو على السطح العديد من الإشكاليات التي كانت حيناً من الدهر كامنة ساكنة كما هو الحال في ملف الأقليات والحريّات العامة والقضايا الحقوقيّة والتحالفات الدوليّة، وهذا يحتاج إلى وعْي شامل بالواقع الجديد واستيعابه جيداً والعمل على إدارته إدارة تحمل عمقاً شرعياً راسخاً على أصول أهل السنة وفهماً واقعيّاً مُحكماً، وهو ما يمثّل تحدياً كبيراً للصحوة، أما "جيل ما بعد الصحوة" فإن المؤشرات الأولية تقضي ببعده كثيراً عن مثل هذه الأجواء وعدم قدرته على معالجة تلك القضايا، فقد انحسرت الرؤى الإقليمية لدى عامة الملهمين واختاروا التوجه إلى الوعْي المحلي، وهذا مع مرور الوقت يزيد من ضعف الرؤية والتحليل، والمطلوب إعادة البحث في مثل هذه المسائل إلى الواجهة وتبصيرهم بحقيقة الواقع الدولي وإلى أين يتجه العالم وكيف يمكن الموازنة بين المنجزات وبين ضغط الواقع الذي قد يؤدي تارة إلى خسارة بعض المكاسب اضطراراً لا اختياراً.

(8)
من القضايا الجديرة بالاهتمام والمؤثرة تأثيراً جليّاً على "جيل ما بعد الصحوة" الخروقاتُ المتوالية لجدار المحافظة القيمية في المجتمع، فقد بات يشكّل تهديداً واضحاً لمنظومة السلوك والقيَم التي شكّلت الفلسفة الأخلاقيّة الراسخة في أجيال الصحوة المتعاقبة، فالعصر الحاضر بانفتاحه وتعاقب تغييراته شهد نوعاً من التحدّي القيَمي المباشر وانتشرت التجاوزات الأخلاقية المنظّمة وارتفعت معدلات الخروج الظاهر عن الفضيلة، حتى أصبح الأمر سمة واضحة دفعت وزارة الداخلية بالتنسيق مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إثر أمر من المقام السامي إلى دراسة واحد من أبرز مظاهر هذا التحدي والذي تمثّل في ظاهرة الابتزاز للفتيات.

والأمر ليس بمقصور على الابتزاز فحسب، ولسنا أيضاً بصدد رصد مستوف لهذه الظاهرة الخطيرة، إلا أنَّ الأمر يحتاج إلى كشف وتجلية، فقد أصبح التحدي القيمي هاجساً لدى القطاعات الثلاث في الدولة: العام والخاص والقطاع التطوعي الخيري بعد موجة التحلل الظاهرة التي بدأت تغزو أخلاق المجتمع وتتحدى عامل الفضيلة الذي ظل واحداً من أجمل ما يميّز المملكة ويبعث على الفخر والاعتزاز.

والتحوّل القيمي يمر بقناتين رئيستين إحداهما ناعمة تتمثل مظاهرها في تبسيط اللقاءات بين الجنسين واستسهال وقعها وإخراج المرأة إعلاميّاً وظهورها دون ممانعة ونكير في المحافل العلنيّة العامة ونشر ثقافة الحب المُسبق بين الرجال والنساء والتأكيد على أهمّية التوافق العاطفي والتعرّف المباشر قبل الزواج والترويج للسفور من خلال استيراد المذاهب الفقهيّة المتعددة وإعادة بناء المنهجيّة الفقهيّة عبر تصوير الواقع على أنه في حالة اضطرار تام أو حاجة ملحّة تسود البشريّة ومن ثم فلا بد لنشر فقه التيسير والرخص وتنويع الآراء والسماح للنّاس أن يأخذوا بأيسر الأمور مطلقاً واعتبار هذا الأمر هو الأصل والأساس، وقناة ثانية صلبة تتمثّل في جرائم الابتزاز والاغتصاب وانتشار فعل الفاحشة عنوة.

ومن الأمثلة البسيطة التي تعكس حجم هذا التحدّي الكبير ارتفاع نسبة التحرش بالنساء إلى أكثر من 215% في عام واحد وهو عام 1427هـ وازدياد حوادث الاغتصاب المباشر بنسبة 75%، وحوادث الاعتداء على العرض بنسبة 25%، وقضايا اختطاف النساء بنسبة 10%، وذلك بحسب تقرير وزارة الداخلية الذي نشرت مقطفات منه جريدة الوطن في عددها رقم 2708.

ولمّا خرج الأمر عن حدوده المعتادة وزادت حدّته شن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للملكة هجوماً شديداً على المسلسلات التركية وعلى القنوات التي تبثها، معلناً أن تلك المسلسلات والقنوات التي تقف خلفها هي مما يحارب الله ورسوله، وذلك لما تبثه من الخروج على الفضيلة والدعوة إلى الرذيلة وهدم الأخلاق، وقد استحوذت تلك المسلسلات وما زالت على نصيب كبير من المشاهدة والإعجاب، وباتت حديث المجتمع وتأثر بها النساء والرجال على حد سواء، مع ما تحتويه من المشاهد المنحرفة.

وفي دراسة مهمّة قام بها الباحث الشيخ عبدالله بن صالح العجيري استعرض من خلالها واقع الرواية السعوديّة وكان عنوانها "من عبث الرواية السعوديّة"، كشفت هذه الدراسة حجم التحوّل العنيف والتباهي بالرذيلة والخيانة الزوجية وفعل الموبقات ونشر الفحشاء وتعاطي المسكرات في مجموع الروايات المحليّة، وهذه الروايات تمثّل غالب الإنتاج الأدبي القصصي المحلي بأقلام روّاد الفن القصصي السعودي الذين يمثّلونه في المحافل الأدبيّة الدوليّة ويشكّلون العنصر الأساسي للأندية الأدبيّة المحلّية، وهي الروايات التي تشهد إقبالاً كبيراً على طلبها وقراءتها لاسيّما في أوساط النساء في مقتبل العمر وتشكّل أيضاً رافداً مهمّاً للجهات الخارجيّة في تكوين صورتها السلبية عن المجتمع السعودي.

فمن أكثر الكتب العربيّة مبيعاً بعض الروايات التي تصوّر نساء المملكة تصويراً سلبيّاً، وأنّهم يعانين الاضطهاد والظلم وتقييد الحريات، ويقدمهن على أنهنَّ باحثات عن المتعة والحريّة ويقمن بالخيانة الزوجيّة، فقد تربعت روايات مثل "بنات الرياض" - طبعت 6 طبعات في سنة واحدة - و"ملامح" لزينب حفني – وهي طافحة بالجنس وتشويه صورة المرأة السعودية وتصويرها كبغي داعرة - و"نساء المنكر" لسمر المقرن – صدرت حديثاً - و"الآخرون" لصبا الخرز – تحكي قصص بنات سحاقيات - تربعت كل هذه الروايات على عرش أكثر الكتب مبيعاً في المكتبات والمعارض العربيّة لمدة طويلة.

ومما يزيد خطر هذا الروايات ويبيّن مدى تأثيرها على المجتمع أنّ أغلبهم يدوّن في روايته تجاربه الشخصيّة وقصصاً من واقع حياته المتضمنة للرذيلة والفحشاء والشذوذ والانحلال، فتزداد بذلك موثوقيّة هذه القصص لدى القرّاء ويحكمون من خلال واقعها الفردي المبتور المنبت عبر قراءة تعميمية على بقيّة المجتمع بالنفاق والازدواجية والتناقض بين ظاهر صالح محافظ وباطن موبوء مليء بالفاحشة والمنكر.

كما أنَّ نشر تلك القصص يجرئ الناس على ممارسة الرذائل بطريقة معلنة ويحفّز على نشرها باعتبارها تجارب إنسانيّة ونوعاً من السلوك البشري الطبيعي، ومع مرور الوقت تُفرّغ الأخلاق عن قيمتها الحقيقة، وتتحوّل من كونها قيَماً ثابتة ومعايير مستقلة مطردة تُقاس بها الأفعال البشرية ويُحكم بها على السلوكيات حُسناً وقُبحاً وقبولاً ورفضاً إلى مجرّد قيَم برغماتيّة محضة تخضع لاعتبارات المنفعة والمصلحة الشخصيّة كما هو مذهب "وليم جيمس" و"جون ديوي" وغيرهم من منظّري المذهب البرغماتي النفعي الذي يصبغ الحياة الغربيّة ويشكّل العقليّة الحاكمة على قيمها وأخلاقها وسلوكها.

ولسنا ببدعٍ في هذا عن بقيّة المجتمعات من حولنا فنحن ندفع ضريبة الانفتاح الإعلامي الشرس والعولمة غير الراحمة، ففي دراسة بعنوان "أجنحة الرؤية: نحو نسق إيجابي للقيم الاجتماعية يحلق بالمصريين إلى أفق الرؤية المستقبلية لمصر 2030"، أصدرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، وأشرف عليها "مركز الدراسات المستقبلية" إشارات مستقبليّة خطيرة عن أثر انهيار القيم في المجتمع المصري وما سوف يسببه ذلك من تآكل البنيّة الثقافيّة المكوّنة لجدار المحافظة في المجتمع، وما يعقبه من آثار خطيرة على الحالة الاجتماعيّة والنهضويّة.

(9)
ما سبق الحديث عنه لا يعني أنَّ الواقع سلبي كلّه! وأن النفوس مدبرة عن الخير إلى الشرِّ، لكنّه محاولة للرصد والتحليل المجرّد، بيد أنَّ الواثق بمراد الله ووعده لا تثني عزيمته بعض التغيّرات الحاصلة في الواقع ولا تؤثر فيه حمّى التراجعات ولو كانت من ذوي السابقة والفضل والديانة ما لم تكن متطابقة مع حكم الشريعة ودائرة في فلكها، بل ينبغي عليه أن يستثمر هذه الأحداث بتجريد العبودية لله فهو طوّاف بمنازل العبوديّة في حال الرخاء والدعة وفي حال البلاء والشدّة، فهو يتعبّد الله بالشكر على النعمة والخير والتمكين في الأرض ويتعبّده كذلك بالثبات في حال الفتن وسلب مقومات التمكين وبروز غيرهم من مناوئ الدعوة وخصومها أو المبدّلين لها ويعلم أن سبب هذا بذنب وتقصير وتفريط وبما كسبته أيدينا، ويتعبّد الله بالتمسّك بدينه والصبر على المحن وشهوة التغيير وشرف المناصب، وأن يعلم أن حال المؤمن خير كله في سرائه وضرّائه فهو دائر بين منزلتي الشكر والصبر وهي من منازل السائرين إلى الحقِّ ومن مقامات الصالحين العارفين بالله، والمؤمن مبتلى في طريقة سيره إلى الله، وإن من البلاء أن تضعف مكانته في المجتمع أو يقل أثره وأثر دعوته أو أن يعرض عنه النّاس فيجب عليه الصبر حينئذٍ دون اللجوء إلى البحث عن الذات في تغيير الآراء والأقوال والتصوّرات، وقد استدل هرقل على صحّة نبوّة النبي صلى الله عليه وسلّم بأن الحرب سجال بينه وبين قومه يُدال عليه مرة ويُدال عليهم الأخرى، فإذا كان هذا حال الأنبياء في مرحلة الجهاد ومثافنة العدو فينهزمون وينكسر جيشهم ومنهم من قد يقتل هو ومن معه من أصحابه وحواريّه وخلق كثيرٌ وهم أكمل البشر وأصحاب اليقين التامّ وسادات الأولياء فيقع عليهم البلاء ولا يمكّن لهم أحياناً في الأرض على عدوّهم، فكيف بحال غيرهم من الناس ممن هم أقل شأناً وأكثر ضعفاً وفي حالة الرخاء والسلم؟

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة معلقاً على حديث هرقل في كتابه "شرح العقيدة الأصفهانيّة" ص96-98 ط السلفيّة: " هذا من علامات الرسل فإن سنّة الله في الأنبياء والمؤمنين أنه يبتليهم بالسراء والضراء لينالوا درجة الشكر والصبر.. فمن الحِكم تمييز المؤمن عن غيره، فإنهم إذا كانوا دائماً منصورين لم يظهر لهم وليّهم وعدوّهم، إذ الجميع يظهرون الموالاة فإذا غُلبوا ظهر عدوّهم.. ومن ذلك أن يُمحّص الله الذين آمنوا فيخلصهم من الذنوب فإنهم إذا انتصروا دائماً حصل للنفوس من الطغيان وضعف الإيمان ما يوجب لها العقوبة والهوان.. وقد شهدنا أن العسكر إذا انكسر خشع لله وذلَّ وتاب إلى الله من الذنوب وطلب النصر من الله وبرئ من حوله وقوّته متوكلاً على الله.. وشواهد هذا الأصل كثيرة.. وهو أمر يجده الناس بقلوبهم ويخشونه ويعرفونه من أنفسهم ومن غيرهم، وهو من المعارف الضروريّة الحاصلة بالتجربة لمن جرّبها والأخبار المتواترة لمن سمعها.. ثم ذكر حكمة أخرى فقال سبحانه: ( ويمحق الكافرين) وذلك أن الله سبحانه إنما يعاقب النّاس بأعمالهم، والكافر إذا كانت له حسنات أطعمه الله بحسناته في الدنيا، فإذا لم تبق له حسنة عاقبه بكفره، والكفّار إذا أُديلوا يحصل لهم من الطغيان والعدوان وشدّة الكفر والتكذيب ما يستحقّون به المحق، ففي إدالتهم ما يمحقهم الله به" انتهى كلامه وفي الأصل كلام عظيم عليه مسحة من نور المعرفة بالله.
والله أعلم.


جيل ما بعد الصحوة
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...