جهاد من نوع خاص وفي متناول الجميع


بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى : (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) صدق الله العظيم

قال تعالى : (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

أمرنا الله سبحانه وتعالى بجهاد الكفار في كثير من آيات القرآن الكريم ، ومعروفٌ درجة المجاهدين في سبيل الله بعظمتها وأجرها العظيم .

والجهاد الإلكتروني يأتي بعد جهاد المال والنفس فهو أقل منهما ، وتأتي صعوبة جهاد النفس في الأوضاع السياسية والحدود الفاصلة بين الأقطار الإسلامية ، ويبقى جهاد المال والجهاد الإلكتروني سبيلان من سبل الجهاد المتاحة لدى المسلمين.

الجهاد الإلكتروني : هو الوسائل والطرق التي يمكن بها إحداث أكبر ضرر مادي وبشري ومعنوي للعدو باستخدام شبكة الإنترنت ، ويتم اكتشاف الوسائل المستخدمة من قبل المتخصصين في مجال الإنترنت والشبكات ، وأغلب الاكتشافات تمت من قبل الأشخاص المدعوون (المخترقون او Hackers) وهم منتشرون على مستوى العالم والكثير منهم يقوم بأعمال تخريبية بلا هدف أو معنى .

يتم تطويع هذه الوسائل الفتاكة لكي تستهدف أعدائنا وتلحق بهم أشد الأضرار المالية التي قد تصل إلى الملايين ، والمعنوية التي تؤدي إلى خشية المسلمين أينما ذهبوا حتى في شبكة الإنترنت.

إن مثل هذه المجموعات قامت ونشأت على مر التاريخ ، وأفظع هذه ا

لمجموعات هي الصهيونية منها ، حيث أن الصهاينة قاموا بإنشاء جماعات تهدف إلى تدمير كل مواقع المقاومة الفلسطينية والجهاد والمواقع الإسلامية ، وتعمل هذه المجموعات بجد لتحقيق أهدافها ونحن نحزن حين نرى أعدائنا لديهم هذا النوع من التوحد ، وندعو الله أن نغلبهم بتوحدنا وجمعنا الذي يساويهم مئات الأضعاف ولكن علينا أن نعمل كرجل واحد ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) .

ما يميز الجهاد الإلكتروني هو أنه لا يأخذ الوقت الكثير من الناس لكي ينفذ وه ، فهو يعتمد على توجيه ضربات سريعة وفي وقت قصير يكون ضررها كبيرًا ومستمرًا ، يمكن لأي إنسان يمتلك جهاز حاسوب ويتصل بشبكة الإنترنت أن يشترك في هذا المجال فهو يعتمد على برامج سهلة ومجهزة لكي تقوم هي بالعمل ، وعلى الشخص فقط أن يشغل البرنامج ويجلس على الإنترنت حتى تنتهي مدة الهجمة وهذا جهد أقل ما يمكن تقديمه من أجل فلسطين والعراق و كل المسلمين المظلومين ولكن له الأثر الكبير إن شاء الله.

وما يهم في الهجوم هو التنظيم ، والعمل بوقت واحد وهذا ما يحدث الضرر الأكبر مثلما يقوم الجيش العادي بالدفاع جنبًا إلى جنب عن أرضهم وبلادهم ، تقوم المجموعة بالعمل معًا ولو لم تجتمع كلها فمن الممكن أن تفشل العملية ولا تحدث أي إنجاز يذكر.

مائة وسيلة لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
إن أول ركن من أركان الإسلام العظيمة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وتحقيق الشطر من الشهادتين وهو شهادة أن محمداً رسول الله تتم من خلال الأمور التالية :

أولاً : تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به ، وأوله : أنه رسول الله ومبعوثه إلى الجن والأنس كافة لتبليغ وحيه تعالى بالقرآن والسنة المتضمنين لدين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى ديناً سواه .

الغلو في الطالحين


كتبه/ ياسر برهامي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فليس خطأً مطبعياً ولا إملائياً، بل العنوان كما قرأتَ "الطالحين" عكس الصالحين. أتى على الناس زمان يـُحذَّرون فيه من الغلو في الصالحين من الأنبياء والأولياء، ومن العلماء

والعباد؛ فإن بداية الانحراف عن دين الأنبياء كان بالغلو في الصالحين حتى عُبدِوا من دون الله -تعالى-، كما قص الله علي نا قصة قوم نوح في عبادة وَدّ وسُواع ويغوث ويعوق ونسر. وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغلو فقال: (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ) رواه النسائي وابن ماجه، وصححه الألباني. ولقد عُبـِد الصالحون من العُباد بالغلو في قبورهم، والطواف بها، واعتقاد النفع والضر فيها، وصرف الدعاء، والذبح، والنذر لهم. وعُبد العلماءُ باتخاذهم أرباباً من دون الله؛ يُحلون م ا حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، فيتبعهم الناس على ذلك. وعُبد الملوك والكبراء بالغلو في السمع والطاعة؛ حتى أضلوا الناس السبيل (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا)(الأحزاب:67). ثم جاء على الناس زمان صار الغلو فيه في غير الصالحين. فعُبد بالمعنى الأول: -وهو الغلو بصرف العبادات للأموات- مَن ليس من ال صالحين، بل من شر الفاسقين المجرمين، وعندنا في الإسكندرية مقامٌ لشيخ كبير له مولد -وكان ذلك قبل انتشار الدعوة السلفية بحمد الله- كبير جداً، كان مسجَّلاً في حياته من أصحاب السوابق في القسم الذي كان يتبعه، وله جرائمُ في المخدرات والآداب مما هو معروف لأهل حَيِّه الذين عاصروه في الستينيات من القرن الميلادي الماضي. وأخبرني أبي -رحمه الله- عن رجل من أقاربنا -أظن أن مولده ما زال موجوداً في الصعيد-، كان يجادل أبي حين يأتي لزيارته في وجوب الصلاة والصيام، بل كان يقول الصلاة وسيلة لا غاية، ويترك الصوم والصلاة. وأخبرني بعض الإخوة منذ أسابيع عن أن مسجد قريتهم قد تهدَّم واحتاج إلى ترميم، وكان به قبر أحد أسيادهم، وحاول الإخوة جهدهم حتى ينبشوا القبر، فوجدوا فيه عظام كلب تحت المقام، فأرسلوا إلى وزارة الأوقاف يطلبون منهم الحضور للتأكد حتى يُزال القبر من المسجد، فأرسلت الإدارة الهندسية بإزالة عظام الكلب مع بقاء المقام وصندوق النذور كما هما، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وعُبِد بالمعنى الثاني: -وهو الغلو في الاتباع- مَن ليس من الأحبار ولا العلماء، بل من الجُهال المبتدعين، بل في زماننا من الكفار والمنافقين، فصارت قوانين أوروبا الوثنية وما يدندن حولها وعلى منوالها من صنع المنافقين هي المتبعة المقدَّمة على كتاب الله -تعالى- وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!! وصار يُعبد بالمعنى الثالث: -وهو الغلو في السمع والطاعة، حتى في المعصية والكفر- مَن ليس من أئمة المسلمين ولا ملوكهم، بل مَن كان مِن أعداء الإسلام ممن يعلن الكفر أو النفاق حسب حال الأمة ودرجة قبولها لكفره. حتى اجتمعت في زماننا أنواع الغلو التي قال عنها عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: وهل أفسد الدينَ إلا الملـــوكُ وأحبارُ سوءٍ ورهبانـُها ولقد أظهرت أحداث غزة نوعاً عجيباً من "الغلو في الطالحين" ممن والى أعداء أمتنا، وعاونهم على ظلمهم وبغيهم مما لم يقع قبل ذلك بهذه العلانية دون استتار، ومما لم يجعل لأحد عذراً إلا أنه هو الذي يـَعمى عن الحقيقة الساطعة كالشمس. ولم تكن المشكلة -رغم جسامتها- في هؤلاء الطالحين، ولكنها كانت أجسم وأخطر فيمن انتسب إلى الدين والدعوة والعلم، بل إلى السنة والسلف ممن صار يدندن بالليل والنهار -ربما أكثر من الأذكار- حول مدح هؤلاء والثناء عليهم، وتحريم مخالفتهم ولو بالكلمة، وذم من خالفهم، حتى وصفهم بأبشع الأوصاف، كالخوارج والمارقين؛ لأجل أنهم لم يوافقوا على موالاة أعداء المسلمين. وسمع المرءُ عجباً حين قال: "إن مجاهدي غزة ليسوا مجاهدين، ولا حتى لاعبين بصواريخهم العبثية، بل هم خوارج مجرمون نقضوا العهد مع اليهود، وقاتلوا في الشهر الحرام، ولم يستأذنوا ولاة أمرهم -ممن أتى بهم اليهود إلى هذه المناصب- في الدفع عن بلادهم، وأعراضهم، وأموالهم، وأنفسهم، وأبنائهم وبناتهم". حتى جهاد الدفع المُتَعيِّن عند العلماء جميعاً جريمة وبدعة تخالف طريقة السلف؟!! وكأن الواجب أن يستسلموا لليهود يدخلون البلاد كما يريدون، وأن يأتوا بأعوانهم ليذيقوا كل ملتزم بالدين سوء العذاب في سجونهم، وينتهكوا أعراضهم، وأعراض نسائهم وبناتهم وأبنائهم، كما هو معلوم لكل من دخل أو سمع أو بلغته أخبار هذه السجون. والعجيب أن بعضهم حين سمع الإنكار منا على أمثال هؤلاء -الذين هم شر على الأمة من الطالحين أنفسهم- قال: "أين فقه الخلاف، والرفق مع المخالف؟!" وكأن الاتهام بالبدعة والضلال والخروج حق مكتسب مضمون لمن يهاجم أهل الحق، وأما إذا رموه ببعض من سهامه كان الأمر تجاوزاً يستحق الإنكار!! عجبٌ يسمعه المرء، ما كان يتصور أ ن يقوله منافق فضلاً عن أن يكون منتسباً للدعوة والعلم!! اللهم إليك المشتكى، نشكو بثنا وحزننا، ونعلم أنك أنت العليم الحكيم. فرسالة إلى كل من غلا في الطالحين، وزعم أن دعوته في النهي عن الغلو في الصالحين: ابحثوا في قلوبكم ونياتكم، ثم ابحثوا بصدق في أدلة الكتاب والسنة، ثم في كلام أهل العلم من أهل السنة، فإن من الكلام ما لا يقوله أحد إلا بسبب الخذلان الذي يراه كل ناظر إلا المخذول باتباعه هواه، وإعراضه عن طريق مولاه. واللهَ نسأل أن يهدينا جميعاً سواء السبيل.

من القلب إلى القلب رسالة خاصة إلى الفتاة الجامعيَّة


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره شكراً يليق به عزَّ وجل، وأصلي وأسلم على رسول البشريَّة محمد بن عبد الله هادي البريَّة للحريَّة ومخرجهم من ظلمات العبوديَّة للجاهليَّة، وأترضى على صحابة رسول الله رضاً تاماً أبدياً سرمدياً، وأوالي وأتولَّى آل بيته الطيبين الطاهرين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمداً رسول الله أمَّا بعد:
في البداية أطلب من أختي الفتاة الجامعيَّة أن تقرأ هذه الرسالة القلبيَّة وهي خالية من الأشغال، متخفِّفة من الواجبات اليوميَّة والأعباء الحياتيَّة، فإنِّي سأحدِّثها بحديث من القلب إلى القلب، وقد يطول حديثي قليلاً وأتمنَّى أن تبقي معي، ولذلك أرجو أن تكوني قد أعطيتِ هذه الرسالة حقَّها من التأمل والتدبر، وأرعيتِ لي السمع، فإنَّ الحديث بإذن الله تعالى حديث مع القلب، ومحاورة مع الروح، ومطارحة للرأي والفِكرَة، ولأجل ذلك أرغب أن تكون النفسيَّة مهيَّأة لذلك، فإن كنت أيَّتها الأخت الجامعيَّة متعبة فلعلَّك تؤجِّلي مطالعة هذه الرسالة الخاصة إلى وقت لاحق ريثما تستعيدي قوَّتك وتخلو من أشغالك.....
وإن كنتِ خالية من الأشغال، فتعالي بنا نبحر معكِ في هذه الرسالة، وحيَّ هلاً بكِ، سائلاً المولى تعالى أن يرعاك، ويتولاَّك....
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب : 33]
في هذه الآية يأمر الله تعالى نساء المؤمنين من الصحابيات الفضليات بالقعود في البيت وعدم الخروج منه إلاَّ لضرورة أو حاجة ماسَّة، وكان هذا الأمر الإلهي للنساء للصحابيات اللواتي كنَّ في عصر الرعيل الأول من سطوع شمس الرسالة المحمديَّة على صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام وتحيَّة، فما البال بمن جاء بعدهنَّ من النساء المسلمات!!
ثمَّ نهى الله تعالى نساء المؤمنين عن التبرج، والنهي هنا يعم نساء المسلمين وبناتهم في كل زمان، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فقال تعالى:(وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) فنهى الله تعالى عن تشبه نساء المؤمنين وبناتهم بتبرج الجاهلية الأولى، وحينما كان يفسر الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ هذه الآية في تفسيره قال عن تبرج الجاهليّة: (كانت المرأة تمشي بين الرجال، وقال قتادة : كان لهنّ مشية وتكسر وتغنج ، فنهى الله عن ذلك ... )
وذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه (زاد المسير) عن مُقَاتِل أنَّ المرأة في الجاهلية كانت تمشي مشية فيها تكسر وتغنج، وكانت تتخذ الدِّرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره ، "قاله الكلبي ".وكانت تلبس الثياب لا تواري جسدها ، "قاله الفراء".
كان ذلك تبرج الجاهلية الأولى !! فهل هنالك وجه شبه بين تبرج الجاهلية الأولى وبين تبرج الجاهلية الحديثة في القرن الحادي والعشرين؟!
أدع الجواب لعقل القارئة لكي تفكِّر في ذلك بعين البصر والبصيرة..!!

• فتيات المسلمين في الجامعات إلى أين:
الإسلام دين الوسط والوسطيَّة، فهو لا يمنع المرأة من الخروج من بيتها للدراسة باحتشام، أو لعمل مشروع بعفَّة وأمان وانتظام دون اختلاط، أو لتسوُّق مع كامل الحجاب الشرعي السابغ.
لكنَّنا نرى حالة يرثى لها، ووضعاً نُسخط به ربَّنا، ونرضي به عدونا، في أغلب جامعاتنا العربيَّة؛ فلباس ضيق، وزينة ومكياج، وعطور نفَّاذة، وتبرج وسفور، وتَكَسُّر في المشية، والترقق في الكلام مع الشباب، والجرأة المفرطة في الضحك والتمايل، وكذلك التساهل في حدود العلاقة بينهنَّ وبين دكاترة الجامعة، وكأنَّ دكتور الجامعة ليس رجلاً غريباً عنهنَّ!!
ونضيف على ذلك فيما يجري في جامعاتنا العربية: رقص بعض الفتيات في ساحات الجامعات على أنغام الموسيقى، والانسداح أو الانطراح نوماً في الساحات العامة، وقد يكون ذلك بصحبة رفيقها! ولا نرى وللأسف ـ في الغالب ـ من إدارة الجامعة ردعاً أو زجراً؟!!
عدا عن ذلك ظاهرة (حجاب الموضة) أو (الحجاب العصري) الذي يشيع بكثرة في صفوف الفتيات، وقد يكون فيه من الزينة والجاذبيَّة أضعاف الزينة التي تظهر بها المرأة الحاسرة عن شعر رأسها، فخمار الرأس مزركش ملوَّن، ويلبسنه الفتيات على الأقمصة و(التونيك) والبناطيل الضيقة والتي تصف حجم أعضائهنَّ، وتبرز مفاتنهنَّ، مع شيء من الكحل والمكياج!!
فأي حجاب هذا؟ وأي تستُّر يراد من خلاله؟!
هل هذا هو الجيل الذي يطمح العدو الغربي وأدعياء تحرير المرأة، لكي ينشأ في بلاد المسلمين، حيث لا همَّ لهم إلا التفكير في الغزل والحب والغرام، والتبرج والسفور، وظاهرة الإعجاب بين الشباب والفتيات، وإرسال الرسائل السيئة والمتبادلة عبر الجوالات من خلال تقنية البلوتوث أو الكتابات الهابطة على بعض الجدران، أو القعود في ساحات الحب والعشق والهيام؟!
فهل هذا الجيل هو الجيل القادر على الانتصار لعقيدة الإسلام؟
أم هذا الجيل هو القادر على أن ينال الشهادات العليا في التقنية والإبداع والابتكار لخدمة الأمَّة المسلمة؟
أم أنَّ هذا الجيل هو الجيل المحصَّن من السقوط في شبكات الإسقاط والخيانة والتي لا يستغرب مطلقاً وجود بعضها في الجامعات بغية إسقاط الفتيات والشباب ؟!
وهل سيأخذ هذا الجيل على عاتقه نشر القيم والفضيلة، ومكافحة الفساد والرذيلة، من خلال ممارساته التي تدل على أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ولن يعطيه!!

فنساء كاسيات عاريات * وأشباه رجال كالرخم!
وشباب مائع مستخنث * لو رأى طيف خيال لانهزم !
ليت شعري هل سيحمون حمى * أو يردَّون إذا الحرب التحم !


• ودور الرقيب قد غاب!
كم من مآسٍ تجر الحتوف في هذه الجامعات وللأسف، وخصوصاً حينما يغيب الرقيب...
فالرقيب السياسي غائب عن ذلك، أو متغافل لما يجري، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فهل هو راضٍ به؟!
والرقيب الإداري في الجامعة في الغالب راتع في صومعته الخاصَّة به وكأنَّ لباس الفتيات وتبرجهنَّ وسفورهنَّ بالجامعة سيعطي نتائج عالية في درجة الامتياز...!!
والرقيب الأسرى غائب ، ويلهث وراء لقمة العيش لكي يؤمن سكناً لابنته، أو مصروفاً تغدو به وتروح من بيتها إلى الجامعة، دون متابعة الأب أو ولي الأمر لدورها ومكان سكنها وذهابها وإيابها!!
فمع غياب الرقيب السياسي، والرقيب الإداري الجامعي، والرقيب الأسري، وبسبب الحالة المتفشيَّة بانتشار الفساد الأخلاقي في الجامعات، يزداد التبرج والسفور واللباس الفاضح من فتيات المسلمين الجامعيات.
إنَّ من المعلوم أنَّ من طريق تحرير الأمَّة الإسلامية نحو العز والتمكين، ضرورة الأخذ بعين الانتباه والعمل على إعمال سنن الله في تحقيق النصر ومنها تحرير المرأة...
نعم تحرير المرأة!
أعني على مراد رب العالمين لا على مفهوم قاسم أمين وشلَّة الليبراليين والعصرانيين!!
والذين لا يرون أيَّة مشكلة في تسهيل بعض أوجه الفساد، عبر طرق الإغراء وفسح المجال حتَّى للإعلانات التجاريَّة الفاسدة في الشوارع عبر (اللافتات) أوالإعلانات الكثيرة والتي يبدو فيها جسد المرأة شبه عارٍ؛ لكي تتعلَّم نساء المسلمين على مثل هذه الألبسة الفاضحة التي ما كانت ديدن المسلمات، ولا هي بأخلاق فتيات المسلمين.
ولا أستغرب أبداً أن تكون هذه خطَّة مبيَّتة من بعض الدول؛ لإفساد شباب الإسلام وفتياته في الجامعات ، لكي يخلو لهم الأمر ويكون حالهم كما قيل:
خلا لك الجو فبيضي واصفري * ونقِّري ما شئت أن تنقري

• التبرج العاري... والتقليد الغاوي... وتحذيرات الهدي النبوي:
يقول المفكر الجزائري المسلم مالك بن نبي: (إنَّ قبل قصَّة كل استعمار، هناك قصَّة شعب خفيف يقبل الاستخذاء !!).
إنَّ تتبُّع كثير من فتيات المسلمين لجديد الموضة، وحديث الألبسة الجديدة النازلة في السوق، والأصباغ والأردية الغربيَّة والتي قد تخرج ببعضها في وضح النهار أمام الرجال، ينبئنا كذلك بخطر الاندماج في هذه الألبسة الضيقة والتي قد تخجل المرأة الصالحة في وقت خطبتها وبعد كتابة العقد عليها من أن تظهر بمثلها في البداية أمام زوجها لعفَّتها وديانتها، فما بالنا نجد الألبسة الضيقة التي نستغرب من حال الفتيات حينما يلبسنها بهذا الشكل الفاضح أمام الرجال، ولا ندري كذلك كيف يمكن أن تدخل هذه الألبسة الضيقة في أرجلهنَّ وأفخاذهنَّ؟!!
ألا يتذكَّرن قول الصادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وبتأمل يسير في الحديث نجد فيه تبياناً وتحذيراً لكل امرأة سافرة متبرجة بأنَّها مُتَوعَّدة بالنار، وأنَّ سبب دخولهنَّ النار أنَّهن:
• مائلات في مشيتهنَّ زائغات عن طاعة ربِّهنَّ قلوبهنَّ ميَّالة إلى الرجال لفتنتهم.
• مميلات لأكتافهنَّ، ويعلِّمن غيرهنَّ فعلهنَّ المذموم بتبرجهنَّ، ومميلات للرجال بما يبدين من زينتهنَّ.
• ويلبسن أكسية رقيقة شفَّافة ضيِّقة فهي في الحقيقة أكسية عارية ، وكذلك يكشفن عن شعر رؤوسهنَّ حيث يجمعن هذا الشعر ويركمنه فوق بعض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم على أنَّهن قد اقترفن إثماً مبيناً بأنَّهن كذلك لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها، فمجرد شمَّ رائحة الجنَّة لن تصل إلى أنوفِهِنَّ.
• ولو تأملت في أحاديث الوعيد ، فإمَّا أن نجد فيها الوعيد بدخول النار، أو الوعيد بعدم دخول الجنَّة، أمَّا في هذا الحديث فإنَّ فيه الوعيد بدخول النار، والتحذير بعد دخول الجنة بل عدم التشرف بشمِّ رائحتها، فإن استحلَّت ذلك المرأة بتبرجها ورأته حلالاً، فهنَّ كافرات إذا متن على ذلك ، وإن لبسن ذلك مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من الكبائر، ما يدل على خطر هذه الكبيرة من كبائر الذنوب، والتي نسأل الله تعالى أن تتنبَّه لها فتيات الإسلام.... وينجيهنَّ من نار جهنم... آمين.
كم من فتيات يأتين من بيوتهنَّ أو قراهنَّ أو مدنهنَّ الأخرى إلى الجامعة، فيدخلن دورات المياه، فينزعنَّ جلابيبهنَّ وحجبهنَّ، ثم يضعنها في شنطهنَّ، عدا ما قد تقوم به بعض الفتيات من التدخين في دورات المياة، وبعدئذِ تخرج المرأة متمكيجة متعطِّرة متكحِّلة مائلة مميلة، وهي غافلة عن ذلك الوعيد الذي يتهددها من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت سِتر ما بينها وبين الله) أخرجه ابن ماجه بسند صحيح.
لقد كان يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لأن أزاحم جملاً قد طلي قَطِرَانَاً أحب إلي من أن أزاحم امرأة متعطرة) أخرجه الإمام عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه.
ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه، أنَّ مزاحمته لجمل قد طُلِيَ سواداً مع رائحة كريهة تنبعث منه ( كالكاز الأسود)، أحبُّ إليه من أن يزاحم النساء المتعطِّرات اللواتي يُثِرنَ الرجل برائحة عطرهنَّ، وهذا الكلام صادر من صحابي جليل، فما البال يا أيها الفتيات المتبرجات بشباب اليوم، وحالة ضعف الإيمان التي يشكو منها الكثير، ثمَّ يُفتنون برائحة العطر النفَّاذة حينما تمررن عليهم، فكيف نكون عوناً لهم على ما لا يرضي الله تعالى ، ألا تخشين من أن ينالكنَّ نصيب من الإثم في ذلك؟!
ومن العجائب ـ والعجائب جمَّة في الكثير من جامعاتنا العربية ، أن نجد الفتاة الجامعية تمشي في نصف الطريق وكأنَّها ملاكمةُ في حلبة مصارعة، فشيمة الخجل والحياء والسكينة والوقار منزوعة عن كثير منهنَّ، وبدلاً من أن تكون الفتاة ماشية على جنبتي الطريق لكي تأخذ راحتها في المشي ولكي لا تؤذي نفسها بمرور بعض شباب السوء عليها... بالعكس تأخذ هي نصف الطريق وتمشي وسطه، وينقلب الحال فيكون بعض الشباب الصالح يأخذ حواف الطريق لكي لا يصطدم بالرتل النسائي في الجامعات ، فتنقلب الموازين وتتبدَّل المفاهيم.
لكن أين فتيات الجامعة عن نساء الصحابة ، اللواتي كنَّ غاية في الأدب والحشمة والحياء، وغاية في الانصياع الكامل لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟!
فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم للنساء: (استأخرنَّ، فإنَّه ليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتَّى إن ثوبها ليتعلَّق بالجدار من لصوقها به!)أخرجه أبو داود وقال ابن حجر: حسن الإسناد.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك: هل كل فتيات الجامعة هكذا؟!
معاذ الله ، وحاشا لله، ففيهنَّ النساء الأديبات الخلوقات المتدينات، والتي تستحيي أي فتاة منسوبة لهنَّ من كل ما يقترفنه تلك الفتيات المتبرجات، أدباً وطاعة لله، بل تستحيي أن تتحدث مع الشاب، وتلوح حمرة الخجل في وجنتيها وخدِّها إن حصل ذلك اضطراراً، بيدَ أن هؤلاء في أغلب أو جلِّ جامعاتنا بتن شيئاً قليلاً وللأسف، وسأخصِّص لهنَّ في هذه الرسالة حديثاً خاصاً بإذن الله تعالى...

• حديث من القلب إلى القلب إلى الأخت المتبرجة:
أبتدئ بقصة ذكرها الشيخ "علي الطنطاوي" ـ رحمه الله ـ حيث قال : ( رأيت في "بروكسل" عند ملتقى طريقين، وقد فُتح الطريق للمارة، عجوزاً لا تحملها ساقها، تضطرب من الكبر أعضاؤها، تريد أن تجتاز والسيارات من حولها تكاد "تدعسها " ولا يمسك أحد بيدها، فقلت لمن كان معي من الشباب: ليذهب أحدكم فليساعدها، وكان معنا الصديق الأستاذ "نديم ظبيان"، وهو مقيم في بروكسل منذ أكثر من أربعين سنة، فقال لي: أتدري أنَّ هذه العجوز جميلة البلد، وفتنة الناس، وكان الرجال يلقون بقلوبهم وما في جيوبهم على قدميها ليفوزوا بنظرة أو لمسة منها؟! فلما ذهب شبابها وزوى جمالها، لم تعد تجد من يمسك بيدها!!)
وفي يوم من الأيام، وقبل مدَّة من الزمان، كتب الأديب الأريب مصطفى صادق الرافعي في كتابه وحي القلم:(1/117) قائلاً: شرف المرأة رأس مال المرأة!!
فمن أضاعت شرفها أضاعت رأس مالها ، وإنَّ من تضييع الشرف أن تقوم المرأة والفتاة الجامعيَّة بحجَّة الحريَّة لكي تلبس ما شاءت من الملابس الفاضحة أو الضيقة.. ظانَّة أنَّها حينما تبدي زينتها وجمالها وتخرج بكامل (الموضة) أو (التقليعات الجديدة)؛ فكأنَّها قامت بنصر تاريخي للحريَّة والإبداع!!!
أرجوك يا أختاه أن تسمعيني بقلبك وقالبك...
أتمنَّى عليك أن ترعي لكلامي الاهتمام، وأن تعيه وعياً كاملا، فمن أحبك في الحقيقة نهاكِ، ومن أبغضك أغراكِ، وإنَّا لا نرجو خلف هذه النصحية إلاَّ أن تكوني بنتاً وفتاة يضرب بها المثل في العفة والحياء، والتقدم والرقي، وأن تكوني بالفعل امرأة عصريَّة شرط اتباع سنَّة خير البريَّة صلى الله عليه وسلم:

فمهلاً يا ابنة الاسلام مهلاً *** رويـدك واسمعي للناصحينا
فيا أختاه هذا النـصح مني *** ألا يا حُــرة هل تسمعينا؟!

سأحدِّثك حديثاً لا يعرف الأغاليط.....
ولكن قبل ذلك أود أن أضع بين يديك استطلاعاً أجرته منظمة العفو الدولية في لندن، وشمل نحو 1000 رجل وامرأة، حيث كانت النتيجة أن السبب الأساسي لجرائم الاغتصاب التي يشهدها الشارع البريطاني، تعود لـ"عبث المرأة" و"لباسها الفاضح"، لتتحمل، بذلك، مسؤولية تعرضها للاعتداء!
وقد تفاجأ المشاركون في الاستطلاع بأن معظم جرائم الاغتصاب لا تتم من قبل غرباء كما كانوا يعتقدون، حيث تظهر الوقائع أن 80% من هذه الاعتداءات تحدث من قبل أصدقاء، أو أشخاص معروفين من قبل الضحايا !
ومن النتائج التي خلص إليها الاستطلاع، اعتبار 30 % أن العديد من النساء يتحملن مسؤولية تعرضهن للاغتصاب لأسباب عدة منها اللباس الفاضح والمظهر المثير!!
ومن هنا أتحدث إليك يا أختاه.. فلتسألي نفسكِ بصراحة وصدق ومسؤولية:
لماذا خرجتِ بهذه الألبسة المتبرجة والمزيَّنة؟
هل خرجت لأجل رضا الله تعالى؟
أو خرجت لأجل أن يراكِ الشباب فيعجبوا بكِ؟
فإن قلت: لا، لا ألبس هذه الألبسة لذلك فإنَّ هذا اتهام باطل من قائله، وإنَّما أخرج بتلك الملابس لأني أحب الموضة والأزياء الجديدة، ولأنَّ الله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده!
فأقول لك: إننا نعلم أنَّ بعضاً من النساء بسبب التربية التي تربَّين عليها لا يقصدن لبس ذلك اللباس الضيق أو السافر المتبرج...
ولكن ! استدلالك بأنَّ الله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده في هذا السياق غير صحيح، وذلك لأنَّ الله يحب ذلك حينما تكون المرأة تلبس الملابس الجميلة والأزياء الأنيقة دون أي خلل شرعي فيها أمام محارمها من الرجال أو بنات جنسها من النساء، أمَّا أن يكون ذلك على وجه الإطلاق فلا، فخروج المرأة من بيتها متبرجة متزينة مؤذن بخراب كثير من شباب المسلمين وفتنتهم، والمرأة في ذلك هي السبب، ثمَّ إن من أرادت أن تستدل بآية أو حديث فيجب عليها أن تؤمن بالقرآن كلِّه والسنَّة الصحيحة أجمعها، وليس بأن تستدل بما يوافق هواها.
ثمَّ لو خرجت المرأة بزينتها ولم يكن لديها قصد سيء، فإنَّ الشيطان يستشرفها، كما أخبر بذلك الرسول عليه الصلاة والسلام القائل:(المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. وحسَّنه ابن حجر.
ومعنى استشرفها الشيطان كما ذكر العلماء، أي : يُزَيِّنها في نظر الرجال، ويقوم الشيطان اللعين وينصبهن شبكة يصيد بها الرجال فيغريهم ليوقعهم في الزنا، ويحاول أن يقرقر في أذنها ويوسوس في خلجات صدرها أنَّ فلاناً يراك بهذا اللباس الجميل الفاتن، وقد يعجب بك وهكذا، أو يريد بالشيطان : شيطان الإنس من أهل الفسق، سماه به على التشبه، كما قال المُنَاوِي ـ رحمه الله ـ.
فكيف إذا علمنا أنَّ كثيراً من الفتيات اليوم وبشهادتهنَّ أنفسهنَّ لهنَّ مقاصد غير محمودة في هذا اللباس الفاضح الضيق والشفَّاف! بل خروجهنَّ بهذه الملابس للفت الأنظار، وتفتيح الأبصار على جمالهنَّ..
وبعد ذلك فلنفترض أنَّ الشباب أعجبوا بك، فما المآل إذاً ؟!
هل تريدين أن تقعي في شِبَاكِهِ فتكوني أسيرة لديه ؟!
أو تريدين أن يقوم الشاب ويتحرِّش بكِ جنسيا؟!
أو تريدين أن تكوني مادة يتحدث بها الرجال عن جمالها وقد يكتبون اسمها ويعرِّضُون بشرفها في بعض كتاباتهم على الجدران أو رسائل الجوال أو الإيميلات!!
وإن كنت تقولين : لا ، لا ألبس هذه الألبسة لذلك فإنَّ هذا اتهام باطل من قائله!
فأعود وأتحدث بصيغة الجمع...:
وإلاَّ فَلِمَ يلبسن هذا اللبس ويفتنَّ به أعين الشباب العزَّاب المساكين؟!!
ففتاة تلبس الملابس الضيقة وتضع الرائحة العطرة الجذّابة، وتتغنج في كلامها، وتتمايل في مشيتها، وتتزين بلباسها، هل تريد أن ينظر إليها الشباب على أنّها امرأة صالحة كالمرأة المحجَّبة حجاباً كاملاً بتدين وعقيدة وليس لبسه عندهنَّ لمجرد عادات وتقاليد ؛ لو فسح لهنَّ الأمر كذلك لخلعت الحجاب كذلك وقد حصل وللأسف!!
إنَّ المرأة المتبرجةَّ في لباسها سواء شعرت بذلك أو لم تشعر وقصدت أم لم تقصد لن تنتظر إلاَّ المعاكسين من الشباب الذئاب الذين يتحينون فرصة الإيقاع بها والذين سيجنون عليها ويقضون وطرهم منها ثمَّ يرمونها إلى حيث العار والشنار....
وماذا بعد ذلك؟!!
إنَّ هؤلاء الشباب سينظرون إليها على أنَّها فتاة قليلة الأدب والحياء !!
حتَّى لو لم يكن من ذلك زنا !
بل لمجرد صداقتهنَّ وكشف بعض اللباس عن جسدهنَّ وتغنجهن أمام الشباب وما يهذين به من حديث سيء، سيسقطهن أمام أعين الشباب...
وإني لأجزم أنَّ نسبة 99% من الشباب لو قيل لهم ألا تتزوج حبيبتك تلك ! أو صديقتك الفلانية التي خرجت معك لقالوا : لا ، لن نتزوجهنَّ ...!!
فنقول للشباب : ولماذا؟
فيجيبون: لن نتزوج إلاَّ المرأة الخلوقة العفيفة المتدينة والتي تحفظنا إن غبنا عنها، لأنَ هذه الفتاة التي خلت بي قد تكون عاشرت أو ضاحكت وخلت بأحد كان قبلي أو بعدي ما لا يعلمه إلاَّ الله، ولأنَّ هذه الطريقة في العلاقة ليست هي الطريقة الصحيحة للزواج !
وما أصعبها كذلك إن حصل بين تلك الفتاة وذلك الشاب خلوة غير شرعية ، وحصل كذلك من التعري الكامل والأنفاس الشيطانيَّة.... فماذا هو كائن بعد ذلك؟
إنَّ هذا الذئب الشاب سينظر إلى فتاته تلك -بعد خداعه لها بمعسول كلامه- وقد ضاع شرفها وحياؤها بازدراء، لتبوء بعدئذٍ بضحكاته المتعالية عليها، محتقراً آدميتها...
ثمَّ قد يفضح أمر هذه الفتاة ، أو يشيع خبرها في الجامعة بين الشباب وبين سكَّان قريتها أو مدينتها ، وقد تكون فعلت أفعالاً لا تليق، فتبوء بالفشل في الحياة الاجتماعية والزوجيَّة ، وتتحطم الحياة أمامها....
هذا إذا كان من قام بالتحرش بها شاباً ليست لديه مآرب سيئة...
فما البال إذا كانت لديه نوايا خبيثة بابتزاز الفتاة بعد تصويرها بصور فاضحة يجعل الفتاة تتجرَّع غصص العذابات وتكتوي بألم نار الشهوة التي جنت عليها وجذبتها إليه، ثمَّ تخلَّى عنها بل بات يبتزَّها لكي تبقى في حلقة الفساد وحمأة الرذيلة، فلا تتوب ولا تؤوب، وتبقى أسيرة له إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً...
وبالفعل فإنَّ كل نوائب الأسرة قد يسترها البيت إلاَّ عار المرأة كما يقول الأديب الرافعي!
فماذا نقول بعدئذ لمثل هؤلاء الفتيات المسكينات إلاَّ :على نفسها جنت براقش!!
كم دعا الناصحون من أهل العلم والدين والفضل والصلاح في الجامعة بأن تلبس المرأة اللباس الشرعي الكامل، وبألاَّ تنخدع بكلام الشباب ومعسول قولهم، وبألاَّ تتخذ الجامعة مكاناً للصداقة بل مكاناً لطلب العلم والمعرفة.
فلقد امتدح الله تعالى النساء الصالحات بقوله :(محصنات غير مسافحات ولا متخدات أخدان) وذلك يعني ألاَّ تتخذ أصدقاء لها من الشباب والرجال، فهي صفة للمرأة الفاسقة، والتي لا تأبه لكلام ربِّها تعالى ولا ترعوي حينما تسمع مثل هذا النهي لها عن مصادقة الشباب!
وكم ضحكت بعض الفتيات على هؤلاء واتهمنهنَّ بالتنطع والتزمت والرجعية والتخلف، ولكن بعد أن يقع الفأس بالرأس يتذكرن صدق نصح الناصحين:
بذلتهمو نصحي بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا النصح إلاَّ ضحى الغد
إنَّ خير وسيلة يا فتيات الجامعة للتعامل مع شباب الجامعة، الإعراض التام عنهم، وعدم محادثتهم، وإن اضطررتنَّ للحديث معهم فبكل أدب ووقار وحشمة وبالقدر المطلوب، فلستنَّ أفضل من نساء الصحابة اللواتي أرشدهنَّ الرب تبارك وتعالى قائلاً:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} ومعنى ذلك إن اتقيتن ربكن وقمتن بأوامره وأردتن رضاه فيرشدكن تعالى قائلاً: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } وهذا دليل على أن حديثكنَّ مع الرجال لا بدَّ أن يكون بحزم ووضوح، ومن وراء حجاب؛ لكي يكون ذلك وقاية لكنَّّ من المعاصي ومقدِّمات الفاحشة ، فحديثكنَّ بالأدب والحياء وليس حديثاً متميعاً رقيقاً وكأنَّكن تدعون الشباب لأن يقولوا لكنَّ ما لا تحمد عقباه!

• يافتاة الجامعة : خدعوك فقالوا حريَّة وتقدميَّة:
ألف أحد المفكرين العالميين وهو"بليرداجو" ـ رئيس مدرسة التحليل النفسي العلمي، ومقرها سويسرا ـ كتاباً اسمه "المرأة: بحث في سيكولوجيا الأعماق" وذكر في هذا الكتاب أنَّ أهم خدعة خدعت بها المرأة في هذا العصر هي التحرر والحرية، وفي الواقع أنَّ المرأة، ولو علت وادعي أنَّها متحررة وتمارس شؤونها بنفسها فليست إلاَّ أنَّها سقطت أكثر في عبودية الرجل!!
يا أخت الإسلام:
إنَّ أعظم ما خدعك به أعداء الإسلام من دعاة تحرير المرأة ، وأولى بهم أن يسمَّوا : دعاة تجرير المرأة المسلمة إلى الهاوية، أن قالوا لكِ:
إنَّ ما تقومين به من لبس الحجاب الشرعي الكامل الساتر لجسدك تنطع وغلو!
وإنَّ ما تقومين به من لبس النقاب رجعيَّة وتخلُّف!
وإنَّ جلوسك مع فتيات الجامعة فحسب مجرد وساوس، فما الفرق بين الشبان والفتيات!
وإنَّ وقارك وسمتك وأدبك وحياءك وحشمتك دليل على بعض العقد النفسيَّة التي تعاني منها المرأة الصالحة!
وإنَّ مطالبتك بالدارسة في جامعات أو قاعات غير مختلطة تزمت وتشدد، وكأنَّك غير واثقة من نفسك!!
وهنالك الكثير من الفتيات من يرددن هذا الكلام، ويستمعن إلى أربابه ومناصريه، وكأنَّ لسان حالهم يقول:

قالت : أنا بالنَّفسِ واثقةٌ *** حرِّيتي دون الهوى سَـدُّ
***
فأجبتُها والحزن يعصفُ بي: *** أخشى بأنْ يتناثر العقدُ
ضدَّان يا أختاه ما اجتمعا *** دينُ الهدى والفسقُ والصَّدُّ
والله ما أَزْرَى بأمَّتنَا *** إلا ازدواجٌ ما لَهُ حدُّ

هو يا أختاه كلام لأهل المجون والتحرر من ربقة الإسلام...
كلام لا أشبهه إلا بما قاله الله تبارك وتعالى: { زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} فهؤلاء ليس لهم قصد إلاَّ جر المرأة في أسفل سافلين؛ لكي ينزعوا عنها حشمتها ووقارها، وأدبها وحياءها!!
ومن طريقتهم نعرفهم؛ فإنَّا نرى العجب العجاب في تعرية الفتاة، فلربما نراهم يعلنون عن (عَجَلِ) سيارة، ويضعون أفخاذ الفتاة مكشوفة داخل (العَجَل)، ويعلنون عن اتصالات هاتفية ونراهم يدخلون صورة الفتاة الجميلة الكحيلة، وفي كل شيء تظهر المرأة بطريقة تشي وتشعر الآخرين أنَّ هنالك وراء الأكمة ما وراءها بعملية التعرية لصورة المرأة وكأنَّها سلعة يتاجر بها دون أي احترام أو تقدير.
فأي حريَّة وأي حضارة وأي تقدم وأي رقي لأدعياء تحرير المرأة ؟!!
إنَّ هذا ليس إلاَّ هبوطاً أخلاقياً، وسفالاً روحياً ، بل هي رجعية وتخلف، فنجد دعاة تحرير المرأة والمنخدعين بها من الرجال والناعقات بها من النساء لا يرسِّخون إلاَّ الرجعية السابقة أيام الجاهليَّة، والتي تدعو للرذيلة وعدم الطهر وإظهار النساء بمظهر العري والفحش.
لقد كانت الجاهليَّة القديمة أعقل حيث كانت المرأة البغي حين تريد الذهاب للحج ، وتغطي عورتها بيدها وتقول:

اليومَ يَبدو بعضُه أو كلُّه وما بَدا منهُ (فلا) أُحلُّهُ

وأمَّا هؤلاء التحرُّريُّون فإنَّ المرأة عندهم كائن مستخف به، فتُعْرَض في دور البغاء، وفي المسلسلات العارية، وكأنَّ حال تلكم النساء العاريات تقول :

اليومَ يَبدو بعضُه أو كلُّه وما بَدا منهُ (فإني) أُحلُّهُ !

حتَّى لو ذهبت الفتاة التي عصت ربَّها وأرادت أن تذهب لحج أو عمرة لتُكََفِّر بها عن خطاياها، للمزوها واستهزؤوا بها، وقالوا ألا تذكرين معاصيك وما اقترفتيه سابقاً، وكيف تريدين أن تكون امرأة طاهرة وقد كنت تفعلين كذا وكذا من أنواع الفحش!
وهكذا دعاة تحرير المرأة فإنَّهم لا يريدون للإنسانيَّة إلاَّ أن تنحرف عن مسار ربِّها ، ودينها وشريعتها ، وتتحرر من القيود الفكرية !
إنَّها حريَّة (جون لوك ) تلك الحريَّة المنفرطة عن القيم والمبادئ !!
ولهذا نجد الله تبارك وتعالى يُبَيِّنُ حال هؤلاء الذين يريدون للفتاة المسلمة والشباب المسلم أنة ينغمس في شهواته دون رادع أو مانع أو رقابة لله تعالى، فيقول سبحانه: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء : 27]
أليس هذا قمَّة التخلف والرجوع لقرون العصور الكهفيَّة الظلاميَّة التي لم تكن تعبأ بانتشار الرذيلة، بل تحارب من يحاربها ، كما هو حال القوم العلمانيين في هذه الأزمان المتحضِّرة ! وهذا رجوع إلى الوراء؛ لأن العري بأنواعه كان من مظاهر التخلف الإنساني في العصور القديمة، فما أشبه الليلة بالبارحة !
ثمَّ بعد ذلك يأتون وينقنقون قائلين: إنًَّ المرأة الملتزمة بدينها رجعيَّةّ!
ويحهم! ما دروا أنَّ أولئك الذين ينبئونها بالسفور والتبرج أنَّهم يعيدونها إلى ما كانت عليه المرأة في العصر الحجري الصخري الجاهلي بما كانت عليه من التفسخ والمجون والانحلال، فحقَّ لنا أن نقول كذلك:(رمتني بدائها وانسلت)!!

• مفهوم الحجاب الشرعي:
الكثيرات من النسوة يلبسن حجاباً، ولكنَّ أكثرهنَّ لم يلبسن الحجاب الشرعي الكامل، فحجابهنَّ بحاجة إلى حجاب!
إنَّ الحجاب الشرعي يا فتاة الإسلام مفهومه أن تبعدي عنك الأبصار التي لا تغض بصرها عن جسدك، فليس الحجاب لأن تكون المرأة جذَّابة بحجابها فتَّانة بلباسها، مزكشة جلبابها، فإنَّ هذا أبعد ما يكون عن الحجاب!
لأجل ذلك فقد اشترط العلماء رحمهم الله تعالى للبس الحجاب شروطاً لا يكتمل الحجاب إلاَّ باكتمالها، وكلُّ هذه الشروط عليها أدلَّة شرعية، فليست هي من بنات أفكارهم كما يقال! بل مبنيَّة على أصول شرعيَّة مستمدَّة من الكتاب والسنَّة النبويَّة المطهَّرة، سأجملها في هذا المقام مع الاقتصار على بعض الأدلة الشرعيَّة الدالَّة على ذلك الشرط، وهي على النحو الآتي:

1) أن يكون الحجاب ساتراً للجسد ومغطياً له.
فالله تعالى يقول :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب : 59]
في هذه الآية يأمر الله تعالى جميع النساء المسلمات بالحجاب الشرعي الكامل، حتَّى إذا لبسنه كان ذلك الحجاب صيانة لهنَّ، فيما إذا لم يلبسوه لحصل عليهنَّ نوع من الإيذاء وذلك لأنَّهن إذا (لم يحتجبن ربما ظنَّ أنَّهن غير عفيفات، فيتعرض لهنَّ من في قلبه مرض فيؤذيهنَّ) ما بين القوسين من كلام الشيخ المفسٍّر عبد الرحمن السعدي في تفسيره.
فالحجاب قبل كل شيء طاعة لله تعالى، ولكي تحفظ الفتاة على جسدها من أن تناله النظرات المريبة، ولكم استوقفني طلب المرأة السوداء التي كانت تصرع، فطلبت من رسول الله أن يدعو لها، فقال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك"، فقالت: "اصبر، ولكني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، والحديث متفق عليه.
وصدق من قال: لله درُّها لقد أقلقها تكشفها وقت صرعها وحال عذرها، فما بال صحيحات الأبدان اليوم؟

2) ألاَّ يشبه الحجاب لباس الكافرات.
فرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:(من تشبَّه بقوم فهو منهم) أخرجه أحمد وأبو داود بسند صحيح.

3) أن يكون الحجاب فضفاضاً واسعاً غير ضيق فلا يُجَسِّم ولا يُكَسِّم.
عن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، ففال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مالك لم تلبس القبطية؟)
قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها) أخرجه أحمد والبيهقي، وقال الذهبي: إسناده صالح، وحسَّنه الألباني.
ففي هذا الحديث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تجعل المرأة تحت القبطية غلالة - وهي شعار يلبس تحت الثوب - ليمنع وصف بدنها والأمر يفيد الوجوب كما هو معلوم عند الأصوليين.
وعن هشام بن عروة رحمه الله أن المنذر ابن الزبير قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية وقوهيَة رقاق عِتاق بعد ما كف بصرها فلمستها بيدها ثم قالت أفٍّ ردوا عليه كسوته فشق ذلك عليه وقال يا أمه إنه لا يشف قالت إنها إن لم تشف فإنها تصف ) رواه ابن سعد وصحَّحه الألباني.
وتأملي معي يا أخت الإسلام هذا المثال العظيم الذي ضربت فيه المرأة المسلمة أروع الأمثلة في العفَّة والستر، فلقد قالت فاطمة الزهراء لخالتها أسماء : (يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع النساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها) فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فاستحسنته فاطمة وأوصت به إن هي ماتت) قال عنه الذهبي: إسناده حسن.
فكيف لو رأت بنت رسول الله ما أحدثته النساء اللاتي يعدون في زمرة الأحياء اليوم.

4) أن لا يَشِفَّ عمَّا تحته.
جاء في الحديث:(صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : ..... ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
قال ابن عبد البر رحمه الله : " أراد صلى الله عليه وسلم من النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة " .
وذكر القرطبي في تفسيره أنَّه دخلت نسوة من بني تميم على عائشة -رضي الله عنها- وعليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: "إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات"، وأدخلت عليها عروس عليها خمار رقيق، شفاف فقالت: "لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا" (ذكره القرطبي في التفسير).
قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ نَهَى النِّسَاءَ أَنْ يَلْبَسْنَ الْقَبَاطِيَّ (جمع قبطية وهو ثوب مصري رقيق أبيض ) قَالَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَشِفُّ فَإِنَّهَا تَصِفُ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَى تَصِفُ أَيْ تَلْصَقُ بِالْجِلْدِ.

5) ألا يكون معطراً.
يروي الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس فهي كذا وكذا) يعني: زانية. أخرجه النسائي والترمذي، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وعن زينب الثقفية أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً ) أخرجه مسلم.

6) ألاَّ يكون الحجاب زينة بذاته كأن يكون مزخرفاً ومزكشاً ومثيراً للانتباه.
فإظهار المرأة للزينة لغير محارمها حرام عليها، لأنَّها بذلك تكون متبرجة، ولأنَّها تفتن قلوب الرجال بزينتها ولباسها الفتَّان، والله تعالى يقول في ذلك قولاً فصلاً:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ .....َ} [النور : 31] ثمّ ذكر الله تعالى الأصناف الجائز إبداء المرأة زينتها أمامهم من محارمها.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال جاءت أميمة بنت رقيقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: ( أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا , ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى ) رواه أحمد والنسائي وصححه أحمد شاكر وصححه الألباني.
ومع هذا فلا يعني حينما نقول بعدم جواز أن يكون الحجاب زينة، بأن يكون معنى ما نقصده أن تلبس الفتاة حجاباً متسخاً أو قديماً، فليس هذا مراداً لدينا قطعاً؛ فلتلبس الفتاة جلباباً نظيفاً ساتراً، فدين الإسلام يحث على النظافة وحسن الهيئة، ولكن شرط ألا تتبرج الفتاة بزينة في جلبابها أو يكون جلبابها بنفسه زينة من كثرة الزركشة والألوان المثيرة للانتباه.

7) أن لا يشبه لباس الرجال.
ممَّا جاء في سنَّة سيد المرسلين النهي عن تشبه النساء بالرجال أو الرجال بالنساء ففي الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:(لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) أخرجه البخاري، وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله الرجل يلبس لبسة المراة والمراة تلبس لبسة الرجل) أخرجه أبو داود وصحَّحه جماعة من أهل العلم.

8) أن لا يكون لباس شهرة.
وقد ورد في خصوص لباس الشهرة أحاديث منها حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أخرجه الإمام أحمد ، وأبو داود، والنسائي وحسنه ابن حجر، والألباني، والأرناؤوط.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: (يحرم لبس الشهرة, وهو مَا قَصَدَ به الارتفاع, وإِظهار التَّرَفُّعَ, أَو إِظهار التواضع والزهد, لكراهة السلف لذلك).
هذا هو مفهوم الحجاب الشرعي الكامل، واعلمي يا أختاه أنَّ كثيراً من الملابس التي تسمَّى حجاباً هي في حقيقة الأمر ليست إلاَّ زينة وتبرجاً، فلتحذري يا أخت الإسلام من الحجاب الذي يوقعك في غضب الجبَّار عليك، عافاني الله وإياك من غضبه سبحانه وتعالى.

• تحية صادقة إلى القابضات على الجمر :
بشرى لكنَّ من الله مع عباد الله الثابتين على الحق ، حيث يقول الله تبارك وتعالى:{إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الأحزاب35.

يا بنت عائشَ يا أختـاً لفــاطمــة *** ذكرتنا عز عصـرٍ غاب وانصرما
أحييت في داخلـي عرقاً أحِـسُ به *** لولاك أجْـزِمُ أن العـرق ما سلما
لله درك في عصـر تعـجُّ بـــه *** مفاتن تأســـرُ الألبـابَ والحُلُمَـا
يا من حملت كتاب الله في زمـن *** تغزو الأغاني به الأشراف والخدما
إليـك مني كُليمَـاتٍ أسطـرها *** وربّ حامِلِ فهْــم للـذي فَهِمـــَا

إلى الأخت المتحجِّبة ، التي لم يزدها فساد الكثير من الفتيات إلا ثباتاً ورسوخاً كالطود الشامخ...
إلى الأخت الفاضلة الجميلة بحيائها، المريدة لرضا ربها، التي ما بدَّلت ولا غيَّرت طوال أربع سنين في الجامعة...
إلى سيدة النساء، وملكة جمال الأدب والحياء...
إلى الأخت المتحضرة المتقدمة في زمن الرجعيَّة إلى العري والفساد كما كانت نساء الجاهلية ...
أقول لكنَّ : جزاكن الله خيراً على ثباتكن ، وهنيئاً لكنَّ الثبات في زمن الغربة، والاصطفاف مع الحق وأهل الحق، فأنتنَّ شموس الجامعة الحقيقيات، وأنتنَّ اللواتي اقتديتنَّ بنساء الصحابة الفاضلات ، وأنتن اللواتي تجددن ما كان في عصر الصحابيات من الحياء والعفة والخلق الحميد، وأنتنَّ اللواتي لا تركنَّ إلى قول الشباب المعسول ، فلا يغرركن المظهر، ولا يعجزكن فهم المخبر، فبدينكن وتقاكن فهمتنَّ الجوهر... ولسان حال كل واحدة منكنَّ للشباب الفاسد المعاكس:
إليك عني إليك عني *** فلست منك ولست مني
إلا إنَّما سعادتكن بثباتكن ...
ألا أنَّ الله تعالى سيعلي لكنَّ درجاتكن...
فمزيداً من الصمود والثبات..

أختاه يا من ترتدي جلبابها *** مختارة من خيفة الرحمن
أختاه أنت البدر في غسق الدجى *** أختاه أنت عدوَّة الطغيان
أختاه سيري وفق نهج محمد *** كي تظفري بمراتب الإحسان
أختاه سيري لا تليني للعدا * فالحق منصور مدى الأزمان
أختاه إن الشمس في كبد السما *** تعطي أشعتها بلا استئذان
فالشمس أنت وهل يضيرك أنها *** قد أنكرت من سذَّج عميان

يا أخت الإيمان..
إنَّ عليك واجب أخذه عليك رسول الهدى والسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم...
إنَّ عليك أن تجتهدي في إخراج هؤلاء النساء والفتيات المتبرجات من غفلتهنَّ ، فإنَّ هذا دور الفتاة الداعية إلى الله، أن تقوم بواجبها تجاه بنات جنسها، فإنَّ دعوة النساء بعضهن لبعض أقوى وأنفع وأتقى للقلوب من دعوة الرجال لهنَّ، فأين دوركنَّ في دعوة الفتيات في الجامعات؟ وأين محادثتكن لهنَّ؟ وأين تأثيركنَّ عليهنَّ؟ وأين المسؤولية الفرديَّة الدعويَّة التي ستسألون بها أمام ربكنَّ؟!
ألا من هبَّة لله ، وعزمة أبيَّة تُعدن فيها أحاديث رسول الله، وسراج هادي من كتاب الله تتلونه عليهنَّ، ومنار الهدى من حديث من جاء بخير الهدي محمد بن عبد الله تعلمن به بنات جنسكنَّ...
إنَّ الواجب الدعوي عليكنَّ خطير، فقد ثبت في الحديث الصحيح:(النساء شقائق الرجال) أخرجه أبو داود وحسَّنه ابن حجر وصححه الشوكاني والألباني.
فما دام أنَّ الرجل ملزم بالنصيحة ، وما دام أنَّ الدين النصيحة، فهذا دوركن بالنصح لله ولإماء الله من الفتيات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الدين النصيحة)، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) أخرجه مسلم في صحيحه.
وقال جرير بن عبد الله البجلي أحد الصحابة رضي الله عنهم : ( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) أخرجه البخاري في صحيحه.
وطوبى لكنَّ وهنيئاً بهذه الهدية التي يهديها لكنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين قال:(لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) أخرجه مسلم.
وقوله عليه الصلاة والسلام:( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا يُنقَصُ من أجورهم شيئاً) أخرجه مسلم.

يا درة في سماء العز لامعة *** إن البغاة لفســّاق وفجَّار
هلمي فنصرة دين الله تجمعنا *** ولو لاقينا الذي لاقاه عمَّار.

وسلام الله على كل فتاة صادقة بإيمانها ومعتزَّة بحجابها ونقابها...
وسلام كذلك إلى الفتاة التي ستبدأ تراجع نفسها وتؤوب إلى ربها وتعود لحظيرة دينها...
سلام الله عليكنَّ ورحمته وبركاته

أكثر من مائة وصيـــة تعين على حفظ وتثبيت القرآن الكريم في الصدور


القــــــــرآن

بين الجوانح في الأعماق سكناهُ --- فكيف أنسى ومن في الناس ينساهُ
وكيف أنس حبيباً كنتُ من صغرى --- أسيـر حسنٌ له جـلت مزايـاهُ
هذا الحبيبُ هو القرآن ُ عشتُ لـه --- منـذ ُ الصبا وأنا ولـهان أهـواه
ولم أزل أرتجي حسن الختام بـه --- عــساه يشفع لي في يومٍ ألـقاهُ


1- الإخلاص: أخلص لله وذكر نفسك أن لا يكون حفظك بسبب مكاسب دنيوية أو رياء أو سمعة.
2- تقديرك وتعظيمك للقرآن هو تقديريك وتعظيمك لله لأنة كلام الله سبحانه وتعالي.
3- اجعل أمام عينك هذه الآية، قال تعالي:
4- ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ) 282البقرة.
5- الدعاء.
6- التأسي بالنبي صلى الله عليه والسلم في حفظ القرآن.
7- تذكر وردد الآية ( ولقد يسرنا القرآن للذكر).
8- مكانة من يحفظ القرآن عند الله ورسوله صلي الله عليه وسلم فقد قدم حافظ القرآن علي غيرة من لا يحفظ .
9- طهارة السريرة وحضور البصر والبصيرة.
10- تذكر حديث (حملة القرآن هم أهل الله وخاصته).
11- صدق التوكل على الله واليقين به وحسن الظن بأنه سيعينك على الحفظ.
12- التوبة من الذنوب.
13- كثرة الاستغفار.
14- الرغبة الصادقة وقوة الدافع في الحفظ وليس تقليد الآخرين.
15- خصص أفضل أوقاتك للحفظ.
16- لا تبدد طاقتك لتوفرها للحفظ.
17- النية الصادقة القوية في الحفظ.
18- اجعل تنافسك ومشاركة الآخرين في الحفظ .
19- خصص وقتا يومياً للحفظ.
20- راجع نفسك عند تهاون في حفظ القرآن وأرجعها إلى جادة الحفظ.
21- ألقِ اللوم على نفسك بالتقصير ولا ترمى به الآخرين ( زوجة - أبناء - الوالدين - عمل -التزامات الحياة )
22- اطلب من والديك الدعاء لك ليعينك على الحفظ.
23- استعن بالكتابة في التمكن من الحفظ واكتب ما حفظته واعرف موضع الخطأ واكتبه في ورقة منفصلة اجعلها معك أثناء المراجعة حتى تعرف موضع الخطاء واستخدم السبورة لسهولة استخدامها عن الورق.
24- إن كنت ولي أمر أو معلم فدورك في إثارة الهمم في الحفظ عن طريق المسابقات والحوافز والجوائز.
25- ضع لك زمنًا محددًا للحفظ (صفحة في اليوم تحفظ جزء في الشهر)
26- تخيل أنك حفظت هذا يعطى دافع قوى للحفظ.
27- احذر أن تؤجل خطتك للحفظ حتى لا تجد نفسك توقفت عنه.
28- لا تجعل اليأس يحكمك واعلم أن من جد وجد.
29- استمر ولو بقليل من الحفظ لان هناك بروتينات في الدماغ خاصة بالحفظ وكثرة الحفظ تحفز من إفرازات البروتينات التي تسهل وتساعد على الحفظ .
30- أسأل الحفاظ قد تجد عندهم جواب شافي لمشكلة تواجهك.
31- ضع لك خطة واقعية لحفظ القرآن الكريم على حسب قدراتك ولا تحمل نفسك فوق طاقتها.
32- اغتنم أوقات الإجازات وأوقات الفراغ للحفظ.
33- لتمكين الحفظ اجعل السنن والنوافل وقيام الليل , لمراجعة حفظك.
34- استبدل العبارات السلبية التي تطفي نوع من الإحباط ولا تقول عندي مشكلة في حفظ القرآن وإنما قل أنا أقدر –أنا أستطيع -أنا جيد في الحفظ ولا تنسى إنما العلم بالتعلم.
35- ردد ( لا إله إلا الله) مدة عشرة دقائق لتنشط الذاكرة.
36- صحح قراءتك على متقن قد تلقى السند حتى تضبط مخارج الحروف وأحكام التجويد.
37- لا تنتقل إلي حفظ جديد إلا بعد التمكن من الحفظ القديم واعلم أن الحفظ السريع تفلته أسرع.
38- الحفظ من مصحف واحد حتى تحفظ شكل الصفحة وأفضل المصاحف مصحف المدينة.
39- يعين التفسير وفهم الآيات علي الحفظ .
40- تقسيم الآية حتى يتيسر حفظها.
41- ربط أول السورة بآخرها.
42- ربط آخر كلمة في الآية بأول كلمة بالآية التالية .
43- ربط آخر حرف الآية التي تليها.
44- تعاهد المحفوظ بالمراجعة والمدارسة مع من يشد عضدك قال تعالى القصص(35) ( سنـَشُدُ عَضُدَكَ بٍأخٍيكَ )
45- الصبر والتصبر والعزيمة في الحفظ .
47- قلل مشاغلك بالدنيا حتى لا يفوتك الخير الكثير وفرغ نفسك للحفظ.
48- صاحب أهل القرآن ليرغبوك في الحفظ.
49- أكثر من القراءة واستماع الآيات لتثبت ما حفظت وقد يكون الاستماع المسبق من شريط يسرع في الحفظ.
50- الاعتكاف في المسجد واستذكار القرآن فيه.
51- الجهر بالقرآن أثناء الحفظ يوقظ القلب.
52- التزم بآداب القرآن وآداب حملته.
53- سجل المقطع الذي تخطأ فيه أكثر من مرة ,استمع له حتى تتمكن منه.
54- تصوير من المصحف الجزء الذي يصعب عليك حفظة وكثير الخطأ فيه واجعله معك لترديده.
55- تحسين الصوت بالقراءة قدر المستطاع يجعل الاسترسال في القراءة مما يعين على الحفظ.
56- اغتنام فترة الشباب وصغر السن .
57- الوضوء ثم الصلاة ركعتين والدعاء ليعينك علي الحفظ.
59- كرر ما حفظته أثناء سيرك وفى طريقك إلي عملك ومدرستك وكليتك وأثناء رجوعك.
60- التركيز علي المتشابهات لفظاً يدفع الالتباس في الحفظ.
61- ينبغي عليك ألا تحفظ بجانب مرآة ولكن ممكن الاستعانة بالمرآة في التدريب لمعرفة مخارج الحروف وصفتها وتصحيح نطقك للمخارج وفي أثناء الحفظ ابتعد عنها لان تلهيك.
62- جدد همتك وجدد نيتك إن بدأ الملل يدب إليك.
63- تذكر إن لا شيء عسير إذا صاحبة إخلاص.
64- لا تجعل كبر سنك يحبطك عن الحفظ وتذكر أن الصحابة لم يحفظوا إلا وهم كبار السن واجعل التزامك بالحفظ حسن خاتمه لحياتك.
65- استمع إلي الآيات المراد حفظها وخاصة للمشايخ ( الحصري – الحذيفي – محمد مأمون كاتبي)
66- كرر الآية ( 11) مرة فقد أثبت في علم النفس أن التكرار11 مرة يثبت الحفظ.
67- التدرج بالحفظ أبدأ من اليسير تجد أنك حفظت الكثير وتذكر أن من سار علي الدرب وصل.
68- تذكر وعد الله ( إٍنً مََعَ العُسرٍ ُيسراً) ، وقوله: ( سَيَجَعلُ اللهُ بَعدَ عُسرٍ يُسراً) .
69- تذكر أحاديث الرسول التي تدفع علي الحفظ قال ابن حجر(الخبر المذكور خاص بمن يقرؤه عن ظهر قلب لا من يقرؤه بالمصحف)
70- أخرج نفسك من هموم الدنيا واجعلها خلفك لأنها تعيقك في الحفظ.
71- فكر الآن في القرآن فقط ومضي قدماًً.
72- تذكر حديث الشفاعة ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ).
73- تذكر إنك إذا أتقنت قراءة القرآن تكون مع السفرة الكرام البررة.
74- استشعر فوائد القرآن عليك فحفظك له فيه الشفاء عن كل داء سوء الأدواء النفسية أو الروحية والفرج والقرب إلي الله وما لا يمكن حصره.
75- اترك المعاصي وابتعد عنها.
76- ادعُ الله أن يرزقك رزق القلوب وقوتها قال شيخ الإسلام ابن تيمية: رحمة الله أن لله ملائكة موكلة بالهدى والعلم وهذا رزق القلوب وقوتها.
77- نظم وقتك وفرغ نفسك نعمتان مغبون عليهما الصحة والفراغ .
78- كثرة سماع للقرآن من أشرطة وخاصة الآيات التي تريد أن تحفظها ستجد نفسك قد حفظت منها الكثير وتذكر إنه عبادة وقربة إلى الله عز وجل ويجلب الرحمة ويترك أثر في النفس ورقه في القلب وشفاءً لما في الصدور.
79- تفاؤل بالنجاح والقدرة علي تحقيق الأمل .
80- أدرك فضل حفظة مما يودى إلى التعلق بالقرآن أكثر.
81- الحفظ من المصحف المجزئ لسهولة حملة.
82- قراءة الآيات قراءة متأنية للتأكد من تصحيحها.
83- التزم السرية أثناء الحفظ لكي لا يدخلك الغرور بنفسك.
84- شكر الله علي نعمة الحفظ وكلما حفظت احمد الله وأطلب المزيد منه.
85- ضع لك منافسًا في الحفظ من أفراد أسرتك أو صديقك.
86- حفز نفسك وشجعها عند حفظك لتدخل السرور عليها.
87- اجلس في مكان هادئ ليس فيه ملهيات حتى لا يتشتت ذهنك عن الحفظ واحرص قدر المستطاع على استقبال القبلة.
88- استخدم كل حواسك عند الحفظ فقد اثبت في علم النفس إن استخدام أكثر من حاسة يساعد على الحفظ.
89- احفظ القرآن كالطالب في ليلة الامتحان .
90- انتهز أفضل الأوقات لك في الحفظ 1- (السحر في هدوء الليل) 2- (بعد صلاة الفجر) 3-( بين العشاءين) 4- (وقت الظهيرة) 5-( العصر)6- (بين الآذان والإقامة).
91- مارس الرياضة عند الشعور بالملل حتى تعيد نشاطك للحفظ .
92- بعد 30 -20- دقيقه من الحفظ اترك الحفظ فقد وجد العلماء إن نسبة التركيز تقل بعد هذه الفترة.
93- أغلق عينك وتنفس بعمق وببطيء وردد مع نفسك كلمة ( ركز) وهذا التكرار يساعدك علي التركيز.
94- عند الحفظ مرر أصبعك وأشر علي الآية لان ذلك يساعد علي التركيز والحفظ.
95- ضع هذه القاعدة لتحفز نفسك على الصبر في الحفظ (الأجر علي قدر المشقة) .
96- استخدم المسائل الرياضية وحلها لتدريب الذاكرة على التركز والحفظ.
97- استخدم الأقلام الملونة في تحديد ما تحتاج إلى مراجعة وإعادة حفظه (الأحمر حفظ جديد – الأخضر مراجعة –الأصفر تم حفظه الخ) .
98- شرب ماء زمزم يساعد على الحفظ ( ماء زمزم لما شرب له)
99- عمليتا الشهيق والزفير تساعد على التركيز ومن ثم الحفظ.
100- رفع الصوت وخفضه للحفظ للحصول على اليقظة والانتباه وعدم التعب يبعث الجد والنشاط.
101- ربط الآية بالواقع يساعد على الحفظ.
102- اجعل القرآن من أولوياتك.
103- ضع من أمنياتك حفظ القرآن يجب السعي إلى تحقيقها بإذن الله .
104- اعلم أن الأماكن المرتفعة دون السفلي تساعد على الحفظ.
105- المسجد أفضل الأماكن للحفظ.
106-ردد مقولة عبد الله بن عمر بن العاص عندما سأل الرسول عن الفترة التي يختم بها القرآن فكان جواب عبدالله (إني أجد قوة إني أطيق أكثر من ذلك) فهذه الطريقة تحفيز وتضاعف قدرتك علي الحفظ.

-------------
المراجــــع:
1- كيف تحفظ القرآن الكريم د/يحيى الغوثاني
2 - أسرار حفظ القرآن الكريم أحمد بادويلان
3 - مفاتيح تدبر القرآن د/خالد بن اللاحم
4 - دورة مهارات التركيز في حفظ القرآن (د عفاف شكري جمعية الإصلاح الشامية 19/7/2005)
5 - محاضرة ( مهارات حفظ القرآن ) د/ موسي المزيدى جمعية الإصلاح الشامية

إلى الطبيب وطالب الطب كيف تخدم الإسلام؟

لا شك أن العاقل البصير - أيا كان تخصصه أو موقـعه - يعلم بأن العمر قصير ، والأنفاس معدودة ، والموت قد يأتي بغتة ، والأطباء - بصفة خاصـة - أكـثـر الـنـاس معايشة لهذه المفاهيم ، لأنهم يحسون بها كل يوم ، بل في اليوم أكثر من مرة أحياناً.. يشاهدون لحظات الموت حية أمام نواظرهم.. يتابعون الاحتضار لحظة بلحظة.. كما أنهم يعايشـون أحاسيس أهل المريض عند موته ، لذا كان من الطبيعي أن يكونوا أكثر معرفة بالله وخوفـاً منه ، إن قورنوا بعامة الناس ، ولكن - للأسف الشديد - فإن القليل منهم في هذا الزمان يعي أهمية دوره كطبيب في الدعوة إلى الله (1).

ودّوا لو تكفــــــرون

حرص أعداء الإسلام على اختلاف أجناسهم وألوانهم وبلدانهم على الجد في تحصيل علم الطب ، وبلغوا أرفع الدرجات ، ومما لا شك فيه ولا ريب أن من أعظم مقاصدهم تسخير نتيجة تحصيلهم في الدعوة إلى دينهم أو إخراج المسلم من دينه ليعيش بلا دين . واقرأ قولهم (( حيث تجد بشراً تجد آلاماً ، وحيث تكون الآلام تكون الحاجة إلى الطبيب ، وحيث تكون الحاجة إلى الطبيب فهنالك فرصة مناسبة للتبشير )) ، وهكذا اتخذ المبشرون الطب ستاراً يقتربون تحته من المرضى . واقرأ أيضاً قول أحدهم ويدعى الطبيب ( بول هاريسون) قال في كتابه – الطبيب في بلاد العرب - : (( إن المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافع ذلك المستشفى منطقة ( عُمان ) بأسرها . لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى)) . وصدق في قوله وهو الكذوب ، فلقد أفصح عن أمر بيّته في نفسه وعنه يدافع وناضل . وصدق الله ، ومنْ أصدق من الله قيلاً ومَنْ أصدق من الله حديثاً : (( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )) (البقرة:120) ، ولهذا كان بعضهم لا يعالج المريض أبداً إلاّ بعد أن يحمله على الاعتراف بأن الذي يشفيه هو المسيح. وفي الحبشة كانت المعالجة لا تبدأ إلاّ بعد أن يركع المريض ويسأل المسيح أن يشفيه . تقول ( ايرا هاريس ) في نصيحتها للطبيب الذاهب إلى مهمة تبشيرية : (( يجب أن تنتهز الفرص لتصل إلى آذان المسلمين وقلوبهم فترسخ بهم الإنجيل ، إيّاك أن تضيع التطبيب في المستوصفات والمستشفيات فإنه أثمن تلك الفرص على الإطلاق ، ولعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك : إن واجبك التطبيب فقط لا التبشير فلا تسمع منه ))(2).

قامت منظّمة تنصيرية تدعى ( عملية البركة الدولية) وهي تابعة لمنظمة " شبكة الإذاعة المسيحية" والتي يرأسها منصّر أمريكي يدعى " بات روبرتسون" مرشّح الانتخابات الأمريكية عام 1987 ، قامت تلك المنظمة بتجهيز طائرة لوكهيد ( L-50-1011) وتحويلها إلى مستشفى طائر ضخم بكلفة خمسة وعشرين مليون دولار، مزوّد بجميع المعدّات اللازمة للعمليات الجراحية والعلاجية، بحيث يجوب مناطق كثيرة في العالم ويمكث في مناطق محدّدة ومختارة لمدد تتراوح ما بين أسبوع إلى عشرة أيام ، ويقدّم خدماته بالمجّان، ولكن كانت حقيقة هذا العمل المجّاني هي تنصير النّاس، فقبل بدء الكشف والعلاج يُسْأل عن ديانته، ثم يستمع لمحاضرة لمدة عشر دقائق حول المسيح عليه السلام، وعن دين النّصارى ، وضرورة البحث عن الخلاص في رحاب المسيح، ثم يعطى كمية من الكتب والنشرات ويُطلَب منه دراستها والحضور إلى عنوان معيّن بعد أيّام!!. مستشفى طبّي طائر للتنصير..، ألا تقدر أمة المليار نفس على مثله..؟!! (3).

هذا هو الدور التنصيري العنصري والذي جنّدَ وما يزال الطب وهو مهنة إنسانية نبيلة في هذا الهدف التخريبي الذي يفسد القلب والروح في مقابل إصلاح مضغة في الجسد ، ويقوم بدور أقرب أن يكون نوعا من اللصوصية المقنعة .

رحم الله الإمام الشافعي على ما تحسّر عليه من كون الطب قد انتقل إلى أهل الكتاب، حيث قال عاذلاً أهل الإسلام في تفريطهم في علوم الطب، يقول: (( ضيعوا ثلث العلم ، و وَكلوه إلى اليهود والنّصارى )). ولكأنّه – رحمه الله – يشير إلى الآثار السيئة المترتّبة على استحواذ أهل الكتاب على علوم الطب، مثل إعراضهم عن أخلاق الطب وما ينبغي مراعاته فيه من آداب وأخلاقيات ، يقول الإمام الشافعي ذلكم الكلام في عصره، حيث لا شوكة لأهل الكتاب ولا تسلّط ولا فشوا للفواحش فيما بينهم آنذاك كحالهم اليوم، فماذا عسى ذلكم الإمام أن يقول لو أدرك حال الغرب اليوم(4).

إذاً فالمجال الطبي من أوسع الأبواب التي دخل منها الداعون إلى النصرانية في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين، ولم يكن علم المهنة ولا تخصصها مانعاً لمثل هؤلاء في استثمار المجال الذي يعملون فيه في الدعوة إلى النصرانية، وكما نعلم فإن آلاف بل ملايين تحولوا من الإسلام إلى النصرانية من خلال هذه البوابة ، بوابة الطب. وفي أندونيسيا مثال صارخ لمثل هذا الاستغلال البشع من هؤلاء للدعوة إلى النصرانية من خلال التضليل والتدليس واستغلال حاجات الناس . إذا كان كذلك فهل ينبغي أن يقشعر بدن كثير من المسلمين إذا قلنا لهم أن المجال الطبي من أوسع مجالات الدعوة إلى الله عزوجل وكأنهم يظنوننا نريد أن يترك الطبيب مجسه ومبضعه لأجل أن يتلو محاضرة !! ، لا نريد ذلك وإنما نريد منه الكلمة الحسنة والأسلوب المهذب والتنبيه إلى المخالفة وإهداء ما يستطيع من خلال عمله الطبي أو من خلال المجتمع الذي يعيش فيه. نأمل أن نرى المجال الطبي من أنشط المجالات في نشر الدعوة وحض الناس على الخير ، ولسنا نطلب أن تنقلب العيادات والمستشفيات إلى قاعات محاضرات ولا إلى منابر واعظين ،وإنما نبتغي أن يستغل العاملون في هذا المجال مواقعهم المؤثرة لأجل أن يبلغوا ما يستطيعون من الخير وأن يتخففوا قدر ما يستطيعون من المخالفة (5).

ومما يزيدنا يقيناً بأهميّة الدعوة في المجال الطّبي و أن المستشفيات أرض خصبة للدعوة ما للطب من علاقة جذرية بحياة الناس ، فمن من الناس لا يمرض ولا يعتل ؟ ، ومَنْ مِنَ الناس لا يعتري صحته سقم ولا نصب ؟ ، فكل الناس كذلك – إلاّ من شاء الله – لذا ترى الناس يهرعون إلى طلب الاستطباب طمعاً في الشفاء ، ويتحملون في ذلك الغالي والنفيس ، وكل ذلك يهون أمام نعمة الصحة والعافية (6) .و قد عرف أعداؤنا ذلك و وظّفوه خير التوظيف ، فلا يصيب بلدٌ كارثةٌ ولا نازلة إلا ويهرع أطباء الصليب، يعطون الدواء بيد، والصليب باليد الأخرى.

هذه مشكلتنا

عندما يقلّب المرء نظره في مستشفياتنا ومراكزنا الصحيّة، و يتأمّل واقع العمل الصحيّ اليوم، يرتدّ إليه بصره حسيراً ، لا لقصورٍ في العمل التقني، ولا في التجهيزات ذات المستوى التقنّي المتقدّم، ولا في الكوادر المؤهّلة تأهيلاً متميّزاً ؛ بل لقصورٍ مخلّ في أساس العمل الطبّي لدينا ، في الخلفية التي نعمل من خلالها، في الكيفية التي نبرمج بها أنظمتنا. بدايةً من التخطيط لبناء أيّ مستشفى في بلدٍ إسلامي، أين التفكير المبكّر في وضع تصميم يُراعى فيه الفصل بين النّساء والرجال، أماكن الصلاة و ما إلى ذلك . مروراً باختيار العاملين واستقدامهم من بلدان كافرة ، انتهاءً إلى عدم وضع تصحيح جذري لوضع الكليّات الطبيّة لدينا و إعادة تأهيلها شرعياً لتصبح كليّات طبيّة إسلاميّة. وبين كل ذلك معاناة المجال الصحي الرئيسية وأساس المشاكل ، الاختلاط.

مشكلتنا الأساسية اليوم أننا ورثنا الطب من الأسلوب الغربي شئنا أم أبينا، هذا الأسلوب الغربي الذي صرنا نقلّده تقليداً كاملاً في أسلوب التدريس وطريقته، وفي طبيعة ما يدرّس ، ثم في طريقة التطبيق العمليّ، والتخصص بعد ذلك ، حتى في كيفية فحص المرضى . الغرب له خلفيته الثقافية والعقدية التي يرى من خلالها القضايا، ونحن لنا عقائدنا وديننا ومفهومنا المستقل وإدراك ذلك يقودنا إلى إصلاح الأصل والأساس. لماذا يجب على طالب الطب – مثلاً – أن يولّد نسوة ويتجاوز الشرع والأحكام؟!..، هل لأن جورج وسميث أقرّا ذلك..؟!! (7).

الإسلام يرفض ذلك النمط من الطب والأطباء المتقوقع داخل ذاته ، لا يعلم من أمر الدنيا إلا القليل ، ولا يعلم من أمر دينه غير الأقل ، ولقد اكتسبنا هذا النمط من الطب والأطباء من الطب الغربي الحديث الذي يزداد تقوقعاً وتجزءاً كلما تقدم في العلم. وكلنا يعرف كيف كان حال الطبيب في تاريخنا الإسلامي، وكيف كانت مساحة المعرفة بين علمه وفنه التقني ، وبين مجالات الثقافة الواسعة والوعي الإسلامي الصحيح فالتكامل والشمول صفتان منبثقتان انبثاقاً مباشراً من الإسلام وهما ملازمتان لشخصية المسلم الصحيح فهما في الطب ألزم ، لأن مهمة الطب والطبيب هي المشاركة الفعالة في إيجاد الإنسان الصحيح ، سواء بعلاج المرض أو تفادي وقوعه ، علاجاً لا يعتمد فقط على التحديد القاصر لمفهوم الصحة والمرض في العلم المادي ، ولكن بمعناها الشامل المتكامل كما يبدو من خلال المفهوم الإسلامي . وإذا تيقن الطبيب المسلم أن "الاستواء الصحي" بمعناه الواسع الذي يستوعب حياة الإنسان بكاملها : جسماً وعقلاً وروحاً ، وخلقاً وسلوكاً ، فطرةً واكتساباً، وهو "سلامة وصحة" ذات مفهوم تعجز كل النظم الأخرى عن استيعاب جوانبه فضلا عن محاكاته وبه تصلح حياة الفرد الإنسانية ، ومن ثم حياة المجتمع البشري ؛ فإنه يستطيع أن ينشئ طباً يكون فتحاً في عالم الطب ، ونوراً يهدي إلى البشرية التي تتخبطها ظلمات الحياة رغم منجزات العلم الهائلة(8).

فحريّ بالطبيب وطالب الطب بعد أن أدرك هذه الحقائق أن يسعى جادّاً لتطوير ذاته، و بنائها بناءً متكاملاً، لا يتعلّم الطب فقط ؛ بل أخلاقيات الطب وآداب الطبيب و ما يحتاج إليه من زادٍ شرعي كفردٍ مسْلِم. لا يلبس المعطف الأبيض فينفصل عن كل ما ليس له علاقة بالطب في نظره، بل عليه أن يكون بردائه الأبيض الطبيب والمربّي والداعية المصْلِح الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر، فالطب والدّعوة قرينان، وليس النصراني أولى منه بذلك.

الطبيب الداعية : طبيبٌ مسْلِم أم مسلمٌ طبيب..؟

أول ما يتميز به الطبيب الداعية أن يكون مسلماً طبيباً لا طبيباً مسلماً فحسب ، يعني قبل كل شيء أن يكون هدفه الأول هو الإسلام ، وأما الطب فهو وسيلة لخدمة هذا الهدف أولاً ، ثم لكسب عيشه في حياته الدنيا ثانياًً ، مدركاً بذلك قوله تعالى : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلالِيَعْبُدُونِ)) (الذريات:56) (9).

إن تعبير" المسلم الطبيب " يعني بالضرورة أن يكون هذا الطبيب قدوة صحيحة ممثلة للإسلام خير تمثيل بواقعه كله ، فما أسوأ أن ينفصل القول عن العمل ، والواقع عن المثال ، وما أخطر النتائج التي تترتب على مثل هذا الانفصال ، في الدنيا على مرضاه وتلاميذه ومعاونيه في العمل ، وفي الآخرة حيث يكون المقت الشديد عند الله (10).

فالمسلم الطبيب هو حقيقةً داعية إلى الله عز وجل بالدرجة الأولى وإن المجال الذي يعمل فيه الطبيب المسلم يؤهله للقيام بدور كبير في الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي تصحيح واقع كثير من الناس (11) .

إن الدعوة إلى الله تحتاج إلى إخلاص العمل لله عز وجل وإصلاح النفس وتهذيبها وتزكيتها . وأن يكون لدى الداعية فقه في الدعوة إلى الله وفق منهج الله الذي شرعه لعباده ، وهذا الجانب يحتاج من الطبيب إلى التفقه في الدين في الأمور التي تواجهه في ممارساته اليومية ، وسؤال أهل العلم قال تعالى : ((فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) (الأنبياء:7) ، ومجالسة العلماء وحضور بعض حلقات الذكر وطلب العلم في مجال التخصص (12).

ما هي الفرصة الذهبية للطبيب المسلم..؟

في قصّة أصحاب الأخدود، يمرّ بنا الغلام الذي جعل الله له شيئاً من الخصائص، فقد كان – بقدرة الله - يبرئ الأكمه والأبرص والأعمى، و كان لا يعالج أحداً حتى يقول له إذا آمنت بالله تعالى ودخلت دين الإسلام فإني أدعو الله لك فيبرئك فيؤمن وزير الملك الذي كان أعمى ويؤمن به أقوام ثم يقدّم حياته رخيصة لإعلاء كلمة الله وتسلم القرية بل المدينة بأكملها بسبب هذا الطبيب المسلم الذي استغلّ مهنة الطب في الدعوة إلى الله تعالى.

والداعية إلى الله عموماً في المجتمع قد يصَادف بصدود كبير وبمقاومات عنيفة وعوامل كثيرة تجعله لا يستطيع أن يوصل ما يريد إيصاله من الأفكار الإسلامية للناس ، ولكن الطبيب عنده فرصة ذهبية لا تكاد توجد لغيره فهو يتعامل مع الشخص في حالة ضعف ، والشخص عندما يكون مريضاً أو على وشك الموت فإنه يكون في حالة من التقبّل لتقوية صلته بالله أكثر من أي شخص آخر، وهنا تبرز قضية الجانب الإيجابي الذي يتمتع به كثير من الأطباء والذي لا يوجد لغيرهم من المسلمين الذين يعتنون بالدعوة إلى الله في أماكن أخرى (13).

من أين نبدأ إعداد الطبيب الداعية..؟

من كليّات الطب يبدأ الإعداد، والإعداد نقصد به الإعداد العلميّ الطبيّ والإعداد الدّعوي الديني، أما الأول فكليّاتنا الطبيّة من أحرص المدارس الطبيّة عليه، وأما الإعداد الدّعوي الديني فنقصد به ذلك الإعداد الذي يؤهل طالب الطب ليكون طبيباً داعية، بل داعية وهو على مقاعد الدراسة في كلية الطب ، أن يكون مدركاً لحقائق الإسلام ، عقيدة وشريعةً ، خلقاً وسلوكاً وغايةً، لا تكون حماسته للعمل الدعوي مجرد شعلة و تنطفئ أو عواطف مشبوبة لا تؤدي دوراً إيجابياً في واقع الحياة ، وإنما يكون مطلعاً على آفاق المعركة الدائرة بين الحق والباطل ، بين الإسلام وأعدائه، أن يكون إنساناً مسلماً تنطق أفعاله وأقواله بخلق الإسلام .

أساتذة كليات الطب والمشرفون على شؤونها الأكاديمية

لابدّ أن يكون الأساتذة في كليّة الطب قدوة لطلابهم وطالباتهم في تمثيل الإسلام والدعوة خير تمثيل، يتعلمون منهم الاستئذان والدعاء للمريض والرّفق به ومراعاة شعوره، يتعلّمون منهم أن يسألوا المريض عن حاله مع الطهارة والصلاة، يتعلمون منهم أن يكون مشاعل خير تربط بين الطب والدعوة في كل درس ، وأمام كل مريض، وعند كل لقاء، يتعلمون منهم أن الضرورات تقدّر بقدرها، فلا كشفٌ جائرٌ للعورة، يتعلمون منهم ترديد النداء عند الأذان والمسارعة لأداء الصلاة جماعة في وقتها، يتعلمون منهم غضّ البصر والتخلّق بخلق الحياء، يتعلّمون منهم اللين والسماحة في المعاملة والابتسامة والرفق والبشاشة.

ويعلم الطلبة تماماً أثر تصرّفات الأساتذة سلبية كانت أم إيجابية في أنفسهم، إنه أثرٌ عظيمٌ جداً ، يصبح مادةً لحديثهم أيّاماً، ويذكرونه ولو بعد حين ، فليعي الأساتذة ذلك وليكونوا قدوةً حسنة فقد يعالجون مريضاً واحداً، وبتخريجهم هؤلاء الأطباء يعالجون أضعافاً مضاعفة ، فليسنّوا سنناً حسنة ليكون لهم أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

والكلمات من الأساتذة تقع من الطلاب والطالبات موقعاً عظيماً، فما أجمل أن يعلم الأساتذة طلبتهم شعيرة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فكم أثّرت كلماتُ أستاذٍ في نفسِ طالبةٍ متبرّجة ، وكم أثّرت في طالبٍ مدخّن، وآخرَ مفرّط في الصلاة أو إطلاق النّظرات.

وكم من أستاذٍ أضاف إلى طالبه وطالبته الجرأة في الحق ، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، فهذّب حماسهم و سدّد اندفاعهم و وازن على طريق الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خطاهم ، و كان خير عونٍ لهم في التعامل مع ما يعترض طريقهم من مواقف ومنكرات.

لابدّ أن ينبّه الأساتذة طلبتهم إلى أننا ورثنا الطب عن الغرب بإيجابياته ومساوئه، وأننا يجب أن نسعى جاهدين لأسلمة الطب ، وأن يكون العمل الطبي ضمن رؤية إسلامية. ينبغي للأستاذ أن يعمّق هذه القضية في نفوس طلبته حتى يكبر الطالب و هو يحمل هدفاً وغاية، تحمله إلى الإخلاص والإتقان في طلب علم الطب وفي الوقت ذاته تحمله إلى الإبداع والانفصال عن المؤسسات الغربية، فيكون له تفكيره ونمطه الإبداعي الذي يناسب قيمه وشريعته الغرّاء، حتى ننجوا من التقليد والتبعية المقيتة والإعجاب بالنموذج الغربي . فليعلّم الأساتذة طلبتهم الثقة بالنّفس والاعتداد بشخصيّة الفرد المسلم ، كما قال الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله – في ذكرياته : (( عندنا أطباء وعندنا مستشفيات وعندنا تجهيزات ووسائل للشفاء ، كل هذا عندنا ولكن ليست عندنا الثقة بأنفسنا . فإذا وثقنا بأنفسنا وأطبائنا وراجع الأطباء أنفسهم فنزهوها عن عيوبها واستكملوا فضائلها لم نحتج معهم إلى غيرهم (14))) .

لابد من تحريك الهمم إلى الدعوة إلى الله تعالى في أوساط الطلبة والطالبات من قِبَل الأطباء المشرفين عليهم ، وليعملوا على إيجاد مجموعات دعوية في أوساط طلبة وطالبات كلية الطب (15). وليحرص الأساتذة الفضلاء كل الحرص على إبعاد الطالبات عن مواطن الفِتَن والشُبَه وما يتم الواجب بدونه.

ولابدّ أن تُعنى اللجان المسؤولة عن الطلبة والمناهج بتغذية طالب كلية الطب بما يحتاجه من زاد ديني دعوي، مما لا يُستغنى عن معرفته، ويحتاجه الطبيب في حياته اليومية من أحكام، كأحكام الطهارة والصلاة وإزالة النجاسة والصيام وأحكام الممارسات الطبية المختلفة، وطرق التعامل والحكم على كل حالة ، فالطبيب في مرحلة من حياته سيُعيِن الفقيه في تبيان حكم شرعي، وهو يومياً يقابل مرضاً يحتاجون فتاوى في شأن الطهارة والصلاة والصيام ، وقبل ذلك هو يعيش في بيئة مختلفة مختَلَطَة يحتاج معها إلى بيان أحكام التعامل مع النساء والكفار وغيــــرهم، وبعض الكليّات الطبية اهتمت بهذا الجانب عناية طيّبة في إدراج مقرر أخلاقيات الطبيب المسلم ضمن مناهجها.

ولا بدّ أن تُعْنَى عناية خاصّة بمراعاة احتياجات الطالبات والطلاب التعليمية والوظيفية فيما بعد، فتؤهّل الطالبات - مثلاً – لمعرفة كل ما يتعلّق بطبّ النساء والولادة باستفاضَة، و كل الأمراض التي يمكن أن تصيبهنّ كما تصيب الرّجال و كيفية التعامل معها ، وفي المقابل أن تدرّس الطلاب طب النساء والولادة بمقدارٍ محدود لا يُلزَمُون معه بفحص العورات المغلّظة للنّساء ، ولا يتجاوزون الأحكام الشرعيّة في أحكام العورات والضرورات.

ولابدّ أن تُعنى بالاستضافة الدورية للعلماء الأفاضل وطلبة العلم وعقد اللقاءات المفتوحة معهم ، والعناية الخاصّة بعقد المسابقات في حفظ القرآن الكريم والسنّة النبوية والمتون العلميّة، إضافة لتشجيع الطلبة على الالتحاق باللجان الطبية الدعوية المختلفة، و الحرص على إقامة الرحلات وما تحمله من قيمة دعوية غنيّة ، والاهتمام بدعوة الطالبات خاصّة.

طلاب الطب

إن المفتاح السحري وبيت القصيد في إعداد الطبيب الداعية هو عزة طالب الطب بدينه، اعتزازه بالإسلام ، ومعرفة أن عليه واجبات محتمة المعرفة والأداء، يعرف واجبه بوجوب الإتقان و الإخلاص و التعبّد لله بطلب هذا العلم فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، يعلم يقيناً أنه متى ما أخلص النية لله وقصد وجهه و طلب رضاه وسخر موقعه في الدعوة إليه ؛ تيسرت له الأمور من حيث لا يحتسب وبورك له في أوقاته وأعماله وعلمه ورفعت درجاته في عليين بل وطرح له القبول عند أهل الأرض والسماء!!.. ، فهو مأجور مادام يطلب العلم لله ولم ينسَ الله ساعة ..!!

يجب على طالب الطب أن يخلص في طلب علم الطب، وأن يُتقِن في التعلّم و التّطبيق ، و يواكب آخر المستجدّات العلمية مهما نال من الدّرجات العلميّة، فالله سبحانه وتعالى يقول : ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) (المجادلة:11) ، فالطبيب المتقن المتبحّر في علمه ، واسع الإطّلاع لا شكّ مقدّم على غيره، متميزٌ أيّما تميّز ، كلمته مسموعة، ورأيه محلّ قبول، و إبداعه وتفوقه أداة دعوة خيرٍ في المؤتمرات المحليّة والمحافل العالمية.

هاهما المفتاحان .. الإتقان و الإخلاص والنزاهة في طلب العلم .. و الاعتزاز بالإسلام و الحفاظ عليه والنهل من علومه قدر الاستطاعة للقيام بواجب الدعوة المحتم على كل من تسمّى باسم الإسلام ..!!

إن الذي يعيش لنفسه دون أن يفكر بمن حوله، دون أن يضع أمامه أهدافاً دعوية طامحة، دون أن يفرغ نفسه ساعة في الأسبوع لطلب علم شرعي وحفظ وجه من القرآن، و دون أن يفكّر في مشاريع تخدم الإسلام من خلال هذا العلم الذي أنعم الله عليه به ؛ قد يعيش مستريحا ، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً ، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير ((همّ الدعوة )) فماله والنوم ؟ ، وماله والراحة ؟، ماله والفراش الدافئ؟ ، والعيش الهادئ والمتاع المريح ؟ .ولقد عرف رسولنا صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر وقدره ، فقال لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها : ((مضى عهد النوم يا خديجة )).. ،و نحن نقول : (( مضى عهد النوم يا طلبة الطب )).

وحتى لا تكون كلماتنا وطموحنا مجرد فقاعات طائرة .. سرعان ما تنفجر مخلفة في الفراغ لا شيء ؛ كان لزاماً على الطلاب والطالبات أن يوطّنوا أنفسهم على عدة أمور وأن يرسموا الأهداف و يخطونّ الطريق للوصول للصورة المثالية للطبيب المسلم الداعية:

1- أحوج ما يحتاجه طالب الطب قدوة ناطقة ، صادقة مع الله و مع نفسها ، متقنة مخلصة في عملها ، تنطق بعطائها أفعالها، و تخطّ أخلاقها وهمّتها العالية درب طموحه ، فيستيقظ المارد العملاق ويرى هذا النموذج المبهر فيكون الاقتداء هو الأمل ومن أجله العمل.

2- الدعوة إلى الله على بصيرة واجب خاصة في حالته و في المجتمع الذي يخالط، يخالط الكبير والصغير، البرّ والفاجر، المسلم والكافر، ولكل هؤلاء طريقة في الدعوة و بوابة للإصلاح الذي يبدأ من نفسه أولاً فيكون قدوة في تعاملاته وأخلاقه ، وكما ذكر أحد الدعاة فهناك عوامل مهمة لبناء شخصية الداعية ومنها:
أولا: إصلاح النفس وتربيتها على الإيمان والتقوى؛ فإن الداعية يدعو بعمله قبل أن يدعو بقوله، وهو عرضة لآفات عدة، فما لم يكن متسلحاً بسلاح التقوى فلن يستطيع أن يقوم بالواجب على الوجه الذي ينبغي.
ثانيا: لابد من تنقية النفس من الصفات المذمومة، كالعجلة والسفه والطيش والجبن والبخل والكسل وغيرها من الصفات.
ثالثا: أن يتعلم العلوم الشرعية التي يحتاجها، والعلم الشرعي درجات ورتب متفاوتة، وكل يأخذ منه بحسب ما آتاه الله من حرص وقدرة، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
رابعا: أن يتعلم ويتقن المهارات الاجتماعية التي تعينه على بناء علاقة جيدة مع الناس، وتجعله شخصية محبوبة.
خامسا: أن يتعلم المهارات الدعوية، كمهارة الحوار، والإقناع، والتأثير و الاتصال... وغيرها.
سادسا: أن يتعلم ويتقن الوسائل الدعوية التي تعينه على إيصال رسالته الدعوية للناس.
سابعاً: أن يتعلم المهارات الشخصية التي تعينه على تنظيم حياته ووقته بما يخدم دعوته، كإدارة الوقت، وإدارة الاجتماعات...ونحو ذلك.

ومن المصادر التي تعينه على تعلم وإتقان هذه المعارف والمهارات: مصاحبة أهل العلم والدعاة إلى الله عز وجل، والمشاركة في الأعمال الدعوية والتدرب عليها، وزيارة المؤسسات الدعوية، والالتقاء بأصحاب التجارب الدعوية والإفادة من تجاربهم، والقراءة فيما سطره الدعاة إلى الله قديما وحديثا.

ومما ينبغي أن يعلم أن الدعوة مراتب ودرجات، وكل مسلم يستطيع أن يدعو بحسب ما آتاه الله تعالى، فاحرص على بلوغ المراتب العالية، لكن لايصدك عن الدعوة استصعاب الطريق واستطالته، فابذل جهدك وطاقتك، وفي الوقت نفسك احرص على الارتقاء بمهاراتك وقدراتك.

3- دعوة زملاء الدراسة .. فما أجملها والله من دعوة .. دعوة المشفق على صاحبه ورفيقه في الدراسة .. المحب له في الله ..، نعم.. ستكسب الأمة فرداً عاملاً وطبيباً مسلماً داعية ..ليتعلم طالب الطب فنون الحوار والدعوة .. وليقتدي بالمربين الفضلاء والدعاة البشوشين ومن سبقه من الأطباء الدعاة أصحاب الأخلاق الرفيعة والضمائر النزيهة .. فالدعوة إلى الله عز وجل ليست مقصورة على مجتمع بذاته بل هي في كل زمان ومكان ولا انقطاع عنها بحال من الأحوال وقد كان يوسف عليه السلام داعية حتى في سجنه..

ومن ما يعين على ذلك:
أ- عقد الاجتماعات الطلابية وجعلها منبراً للدعوة إلى الله عز وجل وتوجيه الدعوات إلى الطلاب للمشاركة في أنشطتها خاصة في العطل الصيفية.

ب- تكوين لقاءات مع الطلبة والاهتمام بالجدد منهم وتقديم المسابقات والبرامج المتنوعة التي تكون جاذبة للطلاب ووسيلة لدعوتهم.

ج- التنسيق مع أعضاء هيئة التدريس والأطباء المهتمين بالدعوة وإيجاد اللقاءات بينهم وبين الطلاب والاستفادة منهم في تسهيل كثير من المصاعب .

د- إفادة الطلاب علمياً في دراستهم من أكبر الأمور الجاذبة لهم وهي وسيلة مفيدة ومجربة.

هـ- استغلال الجمعيات الطبية المتخصصة وتوجيهها لخدمة الدعوة إلى الله عز وجل .

4- حفظ القرآن الكريم و التسلّح بالعلم الشرعي قدر الاستطاعة ففيه استصلاح للقلب و تقوية للذاكرة و إنعاش للنفس و جلاء الأحزان والهموم و استشعار مراقبة الله والطمع فيما عنده والعمل لرفعة هذا الدين وأهله ، وفي سؤال للشيخ المربي محمد الدويش (15) هذا نصه :
أنا طالب بكلية الطب وأتمنى أن يمن الله علي وأحفظ كتاب الله وأتعلم العلم الشرعي فما هي الطريقة المثلى لذلك وما هي الكتب التي تنصحني بقراءتها وما هي أفضل طريقة لمراجعة كتاب الله بعد حفظه؟
فأجاب حفظه الله :
" الطريقة المثلى هي :
أ - ابذل الجهد في طلب العلم الشرعي، وأن تعلم أن العلم لا يدرك براحة الجهد ، فلا بد من المجاهدة والمجالدة في تحصيله ، واقرأ في ذلك ما بذله علماء السلف من جهد عظيم في طلب العلم ففيه تقوية للعزائم .
ب- الارتباط ببعض الزملاء الجادين في طلب العلم والتعاون معهم في ذلك .
جـ - قراءة بعض الكتب التي تكلمت عن أدب ومنهجية طلب العلم ، كحلية طالب العلم ، وجامع بيان العلم وفضله وجامع المتون وغيرها مما هو معروف في الساحة العلمية . والطرق التي يتم بها مراجعة القرآن كثيرة ومختلفة ، وكل شخص له ما يناسب حاله وفقك الله ". ا.هـ.

5- عقد اللقاءات الطلابية في الإجازة الصيفية تحت مظلة الكليات الطبية وبالتعاون مع المؤسسات الخيرية الجامعة و تحت رعاية وإشراف أطباء دعاة ، يكون لها برامج متنوعة و مفيدة تسهم في بناء جيل من الأطباء الدعاة مراقبي الله في أعمالهم و سكناتهم .. ولتحقيق ذلك و حتى نستفيد من هذا العنصر في خدمة هدفنا .. هناك عدة منافذ و قنوات يستطيع طالب الطب إلزام نفسه وزملاءه بها كخطوة أولية مرحلية يثبت من خلالها نفسه على أول الطريق:

أ - عقد جلسات حوار تناقش فيها أفكار ومقترحات دعوية كالأساليب الدعوية المناسبة في بيئة المستشفى والكلية .
ب- تنمية مهارات الطلاب المختلفة في الإلقاء والطباعة وفنون الحوار وإنشاء المواقع على الشبكة العنكبوتية .
جـ- عقد اللقاءات مع طلاب العلم لإعطاء دروس في العلوم الشرعية الأساسية .
د- التسابق بين الطلاب في حفظ القرآن الكريم.
هـ - تجميع مادة موقع على الشبكة العنكبوتية يضم الفتاوى الطبية و التطبيقات الطبية في الفقه و البحوث العلمية الطبية في الأخلاقيات الطبية وأخلاقيات البحث العلمي، و عرض إنجازات اللجان الطبية المتطوعة و بناء قاعدة بيانات ضخمة لعرض إنجازات الأطباء الدعاة والإفادة من بحوثهم المتفوقة في مجال تخصصاتهم ليكونوا قدوة للجيل الجديد.. بالإضافة لإمكانية الإفادة من عرض الأفكار المختلفة والاتصال بطلبة على نفس المستوى من الاهتمام الدعوي على مستوى العالم الإسلامي ، وقد شرع بعض الطلاب والطالبات بهذه الخطوة بشكل طيب (16).
و- دراسة بعض التجارب الدعوية الناجحة القديمة والمعاصرة.
ز- دراسة بعض المواقف الدعوية من السيرة وتحليلها.
حـ - زيارة المؤسسات الدعوية وعرض الخدمات والتعاون معهم.
ط- إعداد مواد دعوية [مشروع. رسالة مناصحة, مسابقة..]
ي - زيارة بعض الشخصيات الدعوية والحوار معهم حول أمور الدعوة.
ل – عقد دروس للمصطلحات الدعوية باللغة الإنجليزية.

6- أن تكون هناك مرجعية شرعية ولجان دعوية مرابطة في المستشفى والكلية تعين الطلبة والأطباء على ترجمة أفكارهم لواقع .. و تعينهم في الوصول إلى الحكم الشرعي في مسألة بأسرع وأسهل الطرق فتكون كحلقة الوصل بينهم وبين العلماء.. و تأخذ على عاتقها التوعية الدينية للمرضى والزوار بل والطلبة والطالبات.

7- الإفادة من مرحلة التطبيق العملي والتي تبدأ في السنة الثالثة ، حيث يبدأ الاتصال المباشر بالمرضى و أروقة المستشفيات الجامعية، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الفضيلة والخير، من عناية بطهارة وصلاة المرضى، وحجاب المريضات والزائرات والزميلات بالحكمة والموعظة الحسنة، و عناية خاصة بنشر المطويات والشريط الإسلامي واللوحات الإرشادية التوعوية بعد موافقة اللجان المختصّة ، فسنين الدراسة مرحلة ذهبية للإفادة من كل خير.

8- الحرص على أن لا يشغلكم شيء عن تلبية النداء والصلاة جماعة و تذكير من تقابلون بالصلاة.

طالبات الطب

ينطبق عليهنّ ما ذُكِر أعلاه وزيادة.. فهنّ على ثغرٍ عظيم و مطالبات أكثر من غيرهنّ بالحفاظ على حيائهنّ وحشمتهنّ ، وهنّ مطالبات بتصحيح وضع الطبيبة المسلمة وأن يكنّ طبيبات داعيات بأخلاقهنّ وتعاملاتهنّ.. ، وكم من طالبة طب بخلقها وحيائها و علمها و ذكائها سحرت الألباب ، فكانت داعية مسدّدة تنشر الخير أينما حلّت و أينما ذهبت في المجامع الدعوية النسائية ، و هذه بعض التوجيهات:

1- الحفاظ على الحجاب الشرعي الكامل والتمسّك به في مختلف الظروف، فهو بحدّ ذاته دعوة ، فلتستشعر الطالبة أنها في حالة عبادة ما دامت ترتديه ، بل و بعض الطالبات تذكر أن حجابها الشرعي الكامل كان ومازال أداة دعوية صامتة للمريضات والزميلات.

2- التمسّك بخلق الحياء المحمود وعدم تعريض النّفس لما يخدشه بل ينبغي لطالبة الطب أن تبتعد عن كل جارح وناقص للإيمان، فتتجنّب الاختلاط في أروقة المستشفى والأجنحة بدون غرض تعليمي، وأن تغضّ بصرها وتحافظ على الأدب و عدم الخضوع بالقول في خطابها أستاذها.

3- الصبر والاحتساب واستشعار عظَم الأجر والمسئولية فيما تواجهه من صعاب أو تلاقيه من مواقف.

4- الرّفع للمسؤولين في كل أمرٍ منكر تتعرّض له ، وتكون قويّة في الحق، لا تقدّم التنازلات في دينها مهما كان، فهي تتعبّد لله بطلبها هذا العلم ، وغيرتها في الحق و امتناعها عن كل منكر دين تدين الله به ، وأمر محمود .

5- أن تُعنَى عناية خاصة في إتقان ما يتعلّق بطبّ النساء ، ليس طب النساء والولادة فحسب، بل كل ما يصيب النّساء من أمراض وكيفية التعامل معها، فهي لم تدخل هذا المجال إلا للقيام بفرض كفاية وسدّ حاجة النساء الشرعية للطبيبات المسلمات.

6- العناية عناية خاصة في دعوة الزميلات ،خاصة في مسألة الحجاب الشرعي و مخاطبة الرجال والتعامل معهم، ودعوة المريضات ونصحهنّ عن رؤية بعض المخالفات الشرعية منهنّ، بل وتوعية العاملات في المستشفى بشأن الحجاب ودعوتهنّ إلى الدين الصحيح في أماكن وأوقات تجمعهنّ، وقت الغداء مثلاً.

7- الحرص على الاتصال بالداعيات والإفادة منهنّ دعوياً في عقد دروس في مصلى النساء والطالبات في المستشفى، و دعوة الزميلات إليها.

8- مصاحبة الخيّرات من داخل وخارج الحقل الطبّي ، والاستفادة من خبرات من سبقنهنّ من الطبيبات الملتزمات واستشارتهنّ في كل ما يعرض لهنّ .

حديث قلب إلى طالبة طب

تستصعبين الطريق..؟!! لن يريد الأمر أكثر من حماسٍ للخير.. ! ونفسٍ معطاءة تحمل همّ الدين والدعوة إليه..! و جنّان متّقد بحبّ العقيدة ونشر الفضيلة..! تهتمّ بمعالي الأمور! و تترفّع عن رذائلها! نفس تتوق للسموّ ..! للعلياء..! تعانق بعطائها السماء..! لن يحتاج الأمر أكثر من نفسٍ ترين في عينيها سحر المُستقبل المشرق للطبّ الإسلامي..! وتلتمسين من كلماتها عُمق الحماس والاعتزاز بالإسلام والغيرة على شعائر الدّين..!من ملامحها يختطّ الطموح سبيله..! و بصدقها وإخلاصها تفعل المستحيــــــل..!اهتمّي ببناء ذاتك..! و املئيها بالإيمان والرضا..! زوّديها بالعلم والحكمة..! فإذا تكلّمتِ أسمعتِ..! وإذا أعطيتِ وجدتِ..!حينها سينعكسُ غنى نفسكِ..! وجمال ذاتكِ..! وسعة أفقكِ..! ورغبتكِ الصادقة في الإصلاح ..! على من حولك..! في مجتمعكِ..! وستجدين آثارها يوماً بعد يوم..! فتسعدين بها وتسعد بكِ..! وتتمتمين حينها لك الحمد ربنا حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمدُ بعد الرضى..! تأمّلي هذا الهدف.. الطبيبة الداعيـــــة..! اغرسيه في ذهنك.. ! وازرعيه في قلبك..! امتثليه في حياتك..! و قوّمي من أجله نهجك..! و لتصدّقه كلماتكِ ومظهركِ..! وستُفلِحِين بإذن الله..! وما أعذَبَ العُقبَى وإنْ نلنا في الدّرب ما نلنا من معوّقات وعقبات! أخيّتي المباركة..! لا يؤخّر سيركِ في هذا الدرب كثرةُ الهلكى..! انظري لمن نجى .. كيف نجى..! تأملي أسباب النجاة واعتصمي بها..! وتذكري أن لا نجاة لنا إلا بـ ( إن هذا الدين يهدي للتي هي أقوم).. و ( عضّوا عليها بالنواجذ)..!تأمّلي (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) نعم أخية.. كيف ينجح في الامتحان من لم يدخله أصلاً؟!!!أسأل الله لي ولكِ الثبات حتى الممات.. كم تنشرح النفس وتسعد وتطمئن برؤية أمثالكِ وسط هذا الغثاء! أحيي فيكِ هذه الحماسة، وأسأل الله أن نلتقي على دروب العزّة حاملاتٍ للواء ومدافعاتٍ عن حقّ أمّـتنا في طبٍّ إسلامي لا امتهانَ فيه للعورات، ولا استهتار فيه بالمحرّمات! طبّ إسلامي يكون فتحاً في العالمين بإذن الله ..!

زملاؤك الأطبـــاء.. كيف تدعوهـــــم..؟(17)

نفوس الأطباء من أيسر النفوس لتقبل الدعوة ، كما هو مشاهد فـي كلـيـات الطب من كثرة الصالحين عند مقارنتها على سبيل المثال بكليات أخرى مثل الآداب أو الاقـتصاد أو غيرها ، فالطب وعلومه يدعو إلى التأمل في خلق الإنسان: مـرضـه وصـحـته، حياته موته.. كما أنهم - أي الأطباء - أعلم الـنـاس بـقـدرة الله علـى تـحـريـك أي خـلـيـة تسبب مرضاً سرطانياً، أو انقباضاً شريانياً يودي بحياة الإنسان، أو فيروساً يضع المريض في موقف القائل :
وحسب المنايا أن يكن أمانياً *** كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً
و دعوتهم مـن أوجـب الواجبات لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( الدين النصيحة)) ، وهم أولى الناس بها لأنهم زملاء العمل ورفاق الـمـهـنـة ، يـعـيـش الإنسان بينهم أكثر مما يعيش مع أهله أو أقاربه ، ومن الغريب أن تجد بعض الصالحـيـن مـن الأطـبـاء شــعـلـة من النشاط مع عامة الناس خارج المستشفى وفي ذات الوقت ليس عندهم ما يقدمونه داخـل المستشفى، فـتـظـهـر الازدواجية بكل معانيها وما يترتب عليها من سلبيات.كـمـا أن فـي دعـوة هؤلاء الزملاء إقامة للحجة ، كما قال الله عز وجل : (( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) (الأعراف:164) .ولا شـك أن فـي الـتـعـاون على البر والتقوى مع هؤلاء الزملاء خيراً كبيراً في نشر المعروف وإزالة المنكرات التي تعج بها المستشفيات.

ومن وسائل دعوتهم:
1- أن يخصص الطبيب المسلم لهؤلاء وقتاً يجلس لهم فيه، يـراعـي فـيه أن يكون مناسـباً للجميع، ولا يتعارض مع وقت العمل ، حتى لا يكون هناك تضييع لحق المرضى، وكلمة فيها من الجدية الشيء الكثير.
2- السعي في حاجاتهم الدنيوية : من مساعدة في العمل ، وبالذات ما يتعلق بالمناوبات وحل للمشاكل ، وعطف ومشاركة فـي الهموم .
3- القدوة الحسنة في أمور الدنيا والدين.
4- الزيارة المنزلية لما فيها من التحبب ورفع الكلفة.
5- الهدايا الحسية مثل : الأشرطة والكتيبات بل قد تكون كتباً طبية أو حتى قلماً الخ..
6- الهدايا المعنوية : من ذكرهم بالخير ، والإشادة بالمبرزين في حقول اختصاصهم بالحق.
7- الاحترام ، الابتعاد عن التفاهات ، الترفع عن التكالب على أمور المعاش ، الابتعاد عن تصيد الأخطاء.. هذه وغيرها أمور ينبغي أن يتحلى بها الداعية عند دعوته لزملائه.

لماذا يجب أن نتفاءل بنجاح الدعوة في المستشفيات..؟

الدعوة في المستشفيات يمكن أن تنجح أكثر من أي مكان آخر، فعلى العاملين في المجال الطبي التفاؤل بنجاح دعوتهم – بإذن الله – وذلك للأمور التالية(18) :
1- أن الشريحة التي تدخل المستشفيات ليست بالعموم هي التي تحضر المحاضرات والدروس أو صلاة الجماعة.
2- أن المريض يكون في حالة ضعف ، و له أذنٌ صاغية لكل ما يمليه عليه الطبيب.
3- تعلّق المرضى بالأطباء فهم يرون فيهم المنقِذ.
4- كثرة الأطباء فلا يوجد في المملكة أكثر من 200 داعية مسجّلين في وزارة الشئون الإسلامية في حين أنه يوجد عدد لا محدود من الأطباء فلو أصبحوا أطباءً دعاة لرأينا النتيجة.
5- أن هناك من النّاس من يعيش في الحضر أو البادية، منهم من يستوحش الحضور للمساجد، ويجلبه المرض للمستشفى.
6- أن المستشفيات غير مهيأة للدعوة وإنما للتطبيب فيحسُن بالمطبب أن يكون داعية يقوم بواجبه تجاه دينه.
7- إطلاع الطبيب على أسرار المريض ، وأمور من فسادٍ ومعاصٍ لا يصرّح بها المريض غالباً إلا للأطباء.
8- أن سهم الدعوة الذي يتهرّب منه المريض فيبتعد عن المساجد ومواطن الدعوة ؛ قد يصيبه من طبيب ماهر وداعية موفّق.
9- كثرة الأطباء الذين تظهر عليهم سيما الخير والصلاح والمظهر الصامت بحد ذاته دعوة، فكيف إذا تكلم فأحسن ووعظ فأدّب وقال فأجاد..؟!، فالقدوة الصالحة أعظم وسيلة صامتة ومتحدثة، قائمة وقاعدة، ساكنة ومتحرّكة.

مرضـــــاك .. كيف تدعوهم..؟

• احتسب الأجر عند الله وحده عند علاجهم لقول الله تعالى : (( وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )) (المائدة:32) ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- : "من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة". وإن أصابك من وراء علاجهم شهرة أو كسب مادّي فهو فضل من الله ، لا تغترّ به .
• الصبر عليهم عند علاجهم ، وبالذات على كبار السن توقيراً لهم ، وعلى الأطفال رحمة بهم ، وعلى الملهوفين في الحالات الطارئة ، لقوله -صلى الله عليه وسلم- : "في كل ذات كبد رطبة أجر" (19) .
• ادع لهم ، و اطلب الدعاء منهم : وبالذات من الضعفاء منهم الذين لا يملكون إلا الدعاء ، وقد يكون فيهم من لو أقسم على الله لأبره (20).
• انصحهم، وبالذات في قضايا العقيدة من رقى وتمائم وأحجبة وغيرها ، والمريض يكون عادة في حالة من الضعف يتقبل فيها ما يشير عليه الطبيب ، ثم حضهم على الصلاة والحجاب وغير ذلك ، ويجب ترتيب الأولويات في الدعوة ، فمثلاً قد يبدأ الطبيب بِحَثِّ المريض على عدم التدخين على الرغم من مقارفة المريض لشركيات وكبائر ينبغي البدء بها أولاً (21).
• تفقد أحوال المرضى مع الطهارة وأداء الصلاة.
• تذكيرهم بالله ، وذلك عن طريق رد النتائج إلى الله عز وجل ، وأن الطبيب ما هو إلا أحد الأسباب التي تجري عليها أقدار الله (22).
• السؤال عن أحوالهم في البيت وعن أولادهم أو آبائهم ، والتلطف معهم مما يؤدي إلى تكوين علاقة شخصية ودية ليس فيها طابع الرسمية ، بشرط البعد عن المبالغة في رفع الكلفة ، الأمر الذي قد يؤدي إلى الابتذال المذموم (23).
• إعداد بعض الأشرطة أو الكتيبات وإهدائها إلى هؤلاء المرضى. فيمكن للطبيب أن يحمل مطويات تتعلق بالمرض ، ويمكنه أن يدلّ المريض إلى كتب تناسبه في حال مرضه ، لأن المريض عنده وقت فراغ كبير(24).
• احترام المريض والمحافظة على حقوقه , ومن ذلك : الاهتمام بفهم المريض لمرضه وخطة علاجه مع تقدير رأي مريضه وإشعاره بالاهتمام به , وشرح النواحي الطبية بأسلوب مفهوم ومبسط حتى لا يكون هناك مجال للقلق أو سوء الفهم لبعض الفحوصات المطلوبة أو طريقة العلاج مع أخذ إذن المريض قبل الإجراءات الطبية , ومراعاة الضوابط الشرعية في الكشف على المرأة عند الضرورة , وعدم كشف العورة للرجل أو المرأة إلا عند الضرورة , وكذلك حفظ وقت المريض وتقدير ظروفه والتزاماته الأسرية وعمله ودراسته , والاهتمام بحفظ سر المريض وفق الضوابط الشرعية , مع الاهتمام بالدعاء والرقية الشرعية للمريض , فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول : " اللهم رب الناس أذهب البأس , اشف أنت الشافي لا لشفاء إلا شفاؤك , شفاء لا يغادر سقماً " [متفق عليه]. وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه شكا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسمه , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل : بسم الله – ثلاثاً – وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر "[رواه مسلم] (25) .
• تذكيرهم بقراءة القرآن والرقية الشرعية و الأذكار.
• إذا قدر أن أحد المرضى حضر أجله فيجب أن تلقنه شهادة أن لا إله إلا الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ))، ولكن التلقين يكون برفق، فلا تقول له يا فلان قل لا إله إلا الله لأن أجلك قد حضر، ولكن يمكن أن تذكر الله عنده ، فإذا ذكرت الله عنده تذكر. و إن كان كافراً تقول له قل لا إله إلا الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب حين حضرته الوفاة: (( يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله )) ، وقال للغلام اليهودي في المدينة وقد عاده النبي صلى الله عليه وسلم وقد حضر أجل الغلام فعرض عليه الإسلام فالتفت الغلام إلى أبيه كأنه يستأذنه فقال له:( أطع أبا القاسم)، فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( الحمد لله الذي أنقذه من النار))(26)
• احتسب الأجر في زيارة المريض ،فقد كان الصحابة يذكر بعضهم بعضاً بهذا. جاء في حديث ثوير عن أبيه أخذ علي بيدي فقال انطلق بنا إلى الحسن بن علي نعوده فوجدنا عنده أبا موسى الأشعري، فقال علي لأبي موسى عائداً جئت أو زائراً؟، فقال علي: إن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ما من مسلم يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ولا يعوده مساء إلا صلى عليه سبعون ملك حتى يصبح وكان له خريف في الجنة )) (27).
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ عَادَ مَرِيضًا مَشَى فِي خِرَافِ الْجَنَّةِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِي الرَّحْمَةِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وُكِّلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ ذَلِكَ الْيَوْم)) رواه مسلم.
• تذكّر في كل زيارة للمريض في سريره قوله صلى الله عليه وسلم : ((ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي)) ، وما أجمل أن تُوضَع في لوحة صغيرة وتعمّم على جميع غُرَف المرضى.
• يمكنك تشغيل بعض الأشرطة النافعة في العيادة ليسمعها من ينتظر دوره في الكشف، على أن تُراعي أن يكون المتحدّث ذا أسلوب حَسَن سلس ، مع التنويع في مادة الأشرطة ومراعاة أحوال المرضى؛ فلا ترفع الصوت عالياً ، و تعمل على إيقاف التشغيل إذا كان الصوت يضايقهم. و يمكنك أن تضع بعض الكتيبات صغيرة الحجم، مركّزة ، ومنوّعة ، عن الصلاة.. التوبة.. حب الله.. فضل الذكر.. ، وبعض المطويّات والمجلات النافعة. كما يمكنك أن تضع لوحة في حجرة الاستقبال يُوضَع عليها كل يوم آية أو حديث يحضّ على سلوك معيّن (28).
• احرص على تطييب خاطر المرضى بالكلمات الطيبة كـ (( لا بأس طهور إن شاء الله ))، وتذكيرهم بفائدة المرض وأنّه كفّارة وطهور لهم.

دعوة أقارب المريض:

وينطبق عليهم ما ذكر آنفاً ، إضافة إلى وجوب حرص الطبيب على الجلوس معهم ومقابلتهم لشرح حالة المريض لهم ، وبالتالي التأثير عليهم من خلال مناصحتهم (29).

كيف تدعو العاملين في المستشفى..؟

والمقصود غير الأطباء من ممرضين وفنيين وإداريين وسائقين وغيرهم ، وهناك أمور منها(30) :
• مراعاة التركيز على كل الطبقات ، فلا ينبغي استصغار أحد لجنسه أو وظيفته أو غير ذلك.
• الاهتمام برؤساء الأقسام ممن فيهم سيما الصلاح ، لأنهم أهل الحل والربط ، وقد ينفع الله بهم من خلال تعميم لا يكلف بضع دقائق مما يوفر الجهد والوقت.
• الاهتمام بغير المسلمين بدعوتهم وتقديم الكتب والأشرطة إليهم ، ومعاملتهم معاملة تقربهم إلى الإسلام ، ولا تنفرهم منه بضوابطها الشرعية ، وقد أثمرت هذه الجهود في كثير من المستشفيات ، ورأينا أن الكثير من هؤلاء العاملين قد دخلوا في الدين الله أفواجاً ، ويكفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) (*).
• الحذر عند التعامل مع النساء ، من المبالغة في التحادث بحجة الدعوة أو حتى العمل الطبي ، مما قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من معاصٍ وفتن أو سوء فهم.

دعوة الإدارة

وهم كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (( إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)) وبيدهم - بعد الله - الإصلاح أو التسبب في الفساد العريض ، لذا كان من الواجب الاهتمام بدعوتهم من خلال الكتابة لهم ونصحهم مع استخدام أسلوب مناسب مع المترددين منهم ، وينبغي أن يشارك في هذا الأمر كل غيور على دينه حريص على دنياه وآخرته ، مع استخدام أسلوب التخويف بالله والترغيب فيما عنده ، أما الصالحون من الإداريين فينبغي التحبب إليهم ومساعدتهم والوقوف بجانبهم ودعمهم معنوياً (31). والحرص على شكرهم وتشجيعهم عند إصدارهم أي ق

قبل ان نتحدث عن القاعدة فلنتعرف عن القواعد




تنتشر القواعد العسكرية الأميركية في 130 بلدا، ويزيد عددها على الألف وفق بعض المصادر العسكرية، وتتراوح مهماتها بين القيام بالعمليات العسكرية والتدريب المشترك مع قوات الدول المستضيفة.استخدمت تلك القواعد في فرض الأمن والقيام بعمليات نوعية في إطار حرب «الإرهاب» وخصوصا في فترة ما بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وما تمخضت عنه من احتلال الأراضي الأفغانية والعراقية عامي 2001 و2003 على التوالي.ويصل عمر بعض هذه القواعد إلى نحو 50 عاما، مثل تلك الموجودة في اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، في حين أنشئت قواعد حديثة نسبيا، كتلك التي شاركت في غزو العراق

هكذا قاتلت بغداد



القواعد الأمريكية في الوطن العربي التي أسهمت في تدمير العراق

شبكة البصرة

الدكتور سهيل حسين الفتلاوي

يعتقد البعض ان بغداد لم تقاتل الجيش الأمريكي عند الهجوم عليها. وذهبوا إلى ان الجيش العراقي لم يدافع عن بغداد سوى يومين. واتضح من خلال الدراسات الميدانية والاتصال بالعديد من كبار الضباط والجنود: ان الدفاع عن بغداد كان عملا أسطوريا خالدا ويحق لكل عربي ان يفتخر إن الأمة العربية قادرة على مواجهة أقوى الجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة. فقد قاومت بغداد مدة ثلاث عشر سنة متواصلة منذ ان فرض الحصار عليها عام 1990، وكانت بغداد ومدن العراق تتعرض للقصف الوحشي اليومي، وحرمان الجيش العراقي من الأسلحة المتطورة والموارد الاقتصادية. وخلال فترة الحصار لم يكن للعراق أية موارد يستطيع بها تقوية دفاعية وان بيع النفط أنيطت بلجنة 661، إضافة إلى منع التصنيع العسكري العراقي من إنتاج أسلحة متطورة وتحديده بنوع بسيط منها التي لا تمكنه من الدفاع عن نفسه أمام الجيوش العادية. فقد دمر المفتشون الدوليون جميع الأسلحة المتطورة التي كان العراق اشتراها وصنعها.

ويخطأ من قال ان البصرة قاتلت (20) يوما وان بغداد لم تقاتل سوى يومين. فعندما بدأ الهجوم على البصرة في 19/3/2003 بدأ بالوقت نفسه الهجوم على بغداد عن طريق آلاف الطائرات الأمريكية والبريطانية وصواريخ كروز المتوسطة المدى والبعيدة المدى والمجهزة باليورانيوم المنضب. وعند وصول القوات الأمريكية إلى بغداد كانت الدفاعات الجوية والدبابات قد دمرت بالكامل. وبدخول القوات الأمريكية المطار الدولي حصلت مقابلة فريدة من نوعها، حيث أبيدت القوات الأمريكية التي دخلت المطار في يوم السادس من نيسان/أبرل عن بكرة أبيها. وفي اليوم السابع أبيدت أيضا القوة الأمريكية التي جاءت لتعزيز القوة في المطار. وقد كان للفدائيين الدور الكبير في إبادة هذه القوة. وتباع الآن في بغداد أقراص ليزرية التي صورت المعركة والتي تبين كيف يذبح الجنود الأمريكيين في المطار من قبل الفدائيين بصورة مشابهة لما تذبح به الخرفان.

وفي مساء اليوم السابع من نيسان/أبرل عام 2003 قامت القوات الأمريكية باستخدام قذائف نترونية لضرب القوات العراقية في المطار بواسطة الطائرات وصواريخ كروز التي تذيب الحديد وتزيله من الوجود، مما أدى إلى قتل العديد من الجنود العراقيين في هذه المعركة والتي انتهت لصالح القوات الأمريكية. فكانت الدبابات الأمريكية تسير على جثث العراقيين. ونتيجة للعفونة من جثث شهداء العرقيين جثث القوات الأمريكية فقد قامت القوات الأمريكية بإبدال تراب المطار وتحويلة إلى مناطق أخرى بحجة انه يحتوي على مادة اليورانيوم المنضب.

ولابد من القول ان العراق مهما امتلك من قوة عسكرية متطورة فأنه سوف يقاوم لفترة محدودة أزاء التفوق العسكري الامريكي. وليس بقدرة العراق مهما بلغت قوة ان يحقق النصر على القوات الأمريكية. بل ان أوربا كلها لن تتمكن من تحقيق مثل هذا النصر. إضافة الى ما عاه العراق من الحصار الاقتصادي والعسكري وعلمي مدة (13) سنة قاتل أقوى قوتين في العالم، امريكا وبريطانيا. فالعراقيون لم يستسلموا كما أستسلم الحكام العرب واحتلت أرضهم دون ان يقدموا جنديا واحدا يدافع عن أرضهم. وكان من الممكن ان يكون النصر العسكري للعراق لو لم ينضم حكام الخليج العربي وبعض حكام الدول العربية الأخرى بوضع أراضيهم تحت خدمة القوات الأمريكية. فقد انطلقت القوات الأمريكية من الأراضي العربية. ففي الكويت انطلقت القوات الأمريكية من قاعدة أحمد الجابر الجوية ومعسكر الدوحة وجزيرة فيليكا ومطار الكويت الجوي وميناء الاحمدي، وقاعدة علي السالم ومعسكر أريفجان، ومن السعودية انطلق القوات الأمريكية من الدمام والهفوف والخبر وتبوك وينبع وقاعدة الملك عبد العزيز بالظهران وقاعدة الملك فهد البحرية بجدة وقاعدة الملك خالد الجوية بأبها، وقاعدة الرياض العسكرية، وقاعدة الطائف العسكرية، وقاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض. ومن البحرين انطلقت القوات الأمريكية من ميناء سلمان ومطار المحرق وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، وقاعدة الجفير العسكرية، القريبة من المنامة، ومن قطر انطلقت القوات الأمريكية من قواعد السيلية والعذيب ومطار الدوحة الدولي ومنطقة أم سعيد. وتحولت قاعدة العديد العسكرية إلى واحدة من أهم القواعد العسكرية الأميركية في الخليج، خاصة بعد نقل مقر القيادة المركزية من فلوريدا إليها. ومن عمان انطلقت القوات الأمريكية من قواعد ميناء قابوس بمسقط وميناء صلالة ومطار السيب الدولي والمثنى الجوية وقاعدة تيمور الجوية، وتمثل قاعدة مصيرة العسكرية واحدة من أقوى مواقع التمركز العسكري الأميركي- البريطاني في الخليج. ومن الإمارات انطلقت القوات الأمريكية من قواعد الظافرة الجوية في أبو ظبي ومطار الفجيرة الدولي، وعدد من الموانئ البحرية كميناء زايد ومينائي رشيد وجبل علي بدبي وميناء الفجيرة. إضافة إلى استخدام القوات الأمريكية لمياه الخليج العربي.

وتتمتع القوات الأمريكية بشبكة من القواعد العسكرية المساندة لقواعدها الرئيسة منها قاعدة عدن في اليمن حيث أستخدمت ضد العراق بحجة مكافحة الإرهاب منها قاعدة المنير في جيبوتي . وتسهيلات في بور سعيد والسويس والغردقة والتي تكتسب أهميتها في ظل المرور المكثف بقناة السويس، وتسهيلات خاصة بعمليات تدريب النجم الساطع الدورية المشتركة التي أصبحت متعددة الأطراف في بعض المواقع العسكرية في الساحل الشمالي. لكن أهم التسهيلات المقدمة للقوات الجوية الأميركية في مصر من قاعدة تقع غرب القاهرة الجوية، ومن الإردن انطلقت القوات الأمريكية من قاعدة الشهيد موفق الجوية بالزرقاء، وميناء العقبة والرويشد وكذلك وادي المربع الجوية وبهما العديد من المقاتلات الأميركية، وكلتاهما قريبتان من الحدود العراقية. إضافة إلى القواعد المنتشرة في المنطقة والتي بلغ عددها (63) قاعدة. فماذا لو لم تشترك هذه الدول بمنح قواعدها لضرب العراق. ماذا تكون النتيجة لو وقفت هذه القوات العربية إلى جانب العراق. ألم يعد هذا العمل عدوانا طبقا لقرار الأمم المتحدة المرقم 3314/1974 ومناقضا للمادة الرابعة والسادسة من ميثاق جامعة الدول العربية ولقواعد القانون الدولي. كل هذه القواعد شاركت في قتل شعب العراق وما يتعرض له اليوم من قتل وتدمير وسجن وانتهاك للقيم والمبادئ الإنسانية معلق في ذمة الحكام العرب الذين وقفوا ضد شعب العراق.

والى جانب القواعد العسكرية التي قدمتها دول الخليج العربي لضرب بلد عربي شقيق شارك عدد كبير من الجنود الخليجيين في احتلال العراق. وقد شاهدنا عدد من الجنود للبعض الدول العربية فوق الدبابات والمدرعات الأمريكية يقومون بإرشاد الأمريكيين إلى المواقع المهمة ويطالبون الناس بسرقة مؤسسات الدولة وقاموا بعمليات التخريب والحرق.

كما وقف الإعلام الخليجي والمصري والدول المجاورة قبيل الاحتلال يطالب شعب العراق التخلص من الحكم الدكتاتوري في العراق!. وكأن الخليج العربي ينعم برفاه الديمقراطية وحقوق الإنسان. وما عرف الحكام العرب بان أرضهم احتلت قبل ان يحتل العراق.

وقد قيل الكثير حول خيانة العديد من كبار ضباط الجيش وخاصة كبار الحرس الجمهوري. وكنا مع هذا الاعتقاد. وقد صدرت قوائم وذكرت العديد من الأسماء وقيل عن دفع الأموال لبعضهم لقاء خيانتهم. ولكن مصدر هذه المعلومات المخابرات الأمريكية.

وعندما أعلن الرئيس الأمريكي في 20مايس بانتهاء العمليات العسكرية فهو كذب على العالم. فلا تزال العمليات العسكرية مستمرة وبشكل اختلف كثيرا عن الأيام الأولى للحرب. فالعدد التصاعدي للقتلى الأمريكيين يتصاعد بشكل لم تألفه القوات الأمريكية في حروبها. وكل ما نقوله أن الإدارة الأمريكية وباعترافها لم تتوقع حالة ما بعد الحرب في العراق. وهذا الجهل جعلها تتسرع بالحرب. ولو كانت بحث هذا قبل الاحتلال لعدلت عن الحرب وتجنب الكارثة.

ان ما قدمه شعب العراق من تضحيات في مقاومة الاحتلال لم يقدمه اي شعب آخر. فمنذ دخول القوات الأمريكية الى ألمانيا واليابان عام 1945 وكوريا عام 1952 لم يقتل جندي أمريكي حتى هذا اليوم، رغم حالات الإذلال والاغتصاب المعروفة. أما في العراق فعلى الرغم من الهمجية والوحشية التي استخدمها الجيش الأمريكي فقد بدأت المقاومة لقوات الاحتلال الأمريكي منذ اليوم الاول الذي دخلت فيه وهي في زخم متصاعد يوما بعد يوم.

هكذا قاتلت بغداد وستقاتل الطغاة بكل حزم وإيمان رغم تعاون الأشقاء والأصدقاء مع المحتلين، وبعد هذا نقول هل ان بغداد قلب العروبة النابض سقطت؟ أما انها انتخت بنفسها ولوحدها مع أصوات الشرفاء في العالم لتعلن للعالم بداية سقوط الدولة العظمى أمريكا…

شبكة البصرة

الجمعة 13 جماد الثاني 1425 / 30 تموز 2004
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...